أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد احمد الغريب عبدربه - ماركس وفوكو في جدليات الذات المتفردة ودورها في الصراع















المزيد.....

ماركس وفوكو في جدليات الذات المتفردة ودورها في الصراع


محمد احمد الغريب عبدربه

الحوار المتمدن-العدد: 7161 - 2022 / 2 / 13 - 16:27
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يبرز كارل ماركس وتحليلاته الاقتصادية والاجتماعية في ثنايا التحليل الفوكوني، فهناك حضور هائل لمصطلحات ماركسية تقليدية مثل الاقتصاد السياسي الانتاج، رأس المال، سلطة العمل، الصراع، في كتابات الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو، فالحضور الماركسي اصطلاحيا معرفيا، فالعلاقات التي تكون هذه الاشياء وصيرورة تطورها وشرحها لم تكن ماركسية كلاسيكية، وهنا غابت روح ماركس الكاملة في البعد الماركسي لتحليلات ميشال فوكو، فهناك شرحا وتحليلا جديدا للصراع بين الاشياء وبعضها في صراعاتها المختلفة او بين الانسان والسلطات التي تقيده، وهو الكلاسيكي الماركسي المتمثل الصراع بين الرأسمالية والبروليتاريا. ففوكو في تحليلاته للصراع وضح ان هناك صراع بين السلطة والمعرفة، ونتائج هذه الصراع وتخريجاته تعيش عليها الذات الانسانية، فالانسان لا يشارك في الصراع المباشر للاشياء، في ثنائية محددة، فهناك حالة نقل للانسان من الطرف الثاني والمباشر في الصراع الي حالة هامشية غير مشاركة ولكنها تتفاعل مع النتائج التي تصدر من الصراع بين السلطة والمعرفة، وهنا يغيب التحليل النفسي في الامر فالصراع هنا بين شيئين ماديين ليس فيهم تعقيد نفسي، وهي عادة فوكو برفض التحليل النفسي في التحليلات والتشريح، فمثال الحقد التي تحدث عنها نيتشة في تحليل الانسان للصراع بين الاسياد والعبيد وهي حالة نفسية تحلل وتوضح الصراع بين هذين الطرفين، متمثلة في الاسياد هم الرأسماليين والعبيد الطبقة العاملة التي تخضع للسلطة الاقوي، ففوكو يزيح هذا الثنائية ويضع بدلا منها ثنائية اخري.
فالاولي منها المعرفة التي تعني المعرفة الكلية للاشياء والكلمات والخطابات واللغة والتفاعلات والتحولات الاصطلاحيه لظهور العلوم الانسانية، والمعرفة الجزئية مثل الثقافة السياسية، والمعارف المتنوعة، وهو يجرد هذا الطرف الثاني من الصراع في كلمة معرفة، والطرف الاخر هو السلطة، التي لم تعد وفقا لفوكو سلطة من الاعلي تقوم بممارسة ادوارها السلطوية علي الافراد، انما تقنيات من اسفل تمارس علي كافة المستويات والافراد، موزعة في شبكة علاقات معقدة ومتعددة، ومرتبطة بالصراع مع الابعاد المعرفية لكل شئ، فهي موجودة في الرعاية الصحية، والسياسات السكانية كمثال وتمارس وفقا لقيم ومبادئ محددة طبقا لمستويات متعددة في المؤسسات والانظمة والعلاقات،
ازاحه فوكو للذات من ثنائية الصراع المباشر وتهميشه وانه يخضع بشكل دائم لسياسات ضبط سلطوي متنوعه في حالة صراع مع المعرفة، جعل الامر ابعد من الدعوة للتغيير من اجل الانسان المثالي المتعالي، وهنا تم اغفال وازاحة اللحظة الجمالية العاطفية الصادقة التي اسسها ماركس، وهي عندما تتنصر الجماهير والطبقة العاملة علي السلطة الرأسمالية الحاكمة، في الصراع الثنائي الكلاسيكي الماركسي، فليس هناك دعوة للعمل والتغيير من اجل الانسان ذاته كذات موجوده بكل تناقضاتها وجدلياتها ونضجها وسذاجتها، انما هناك محاولات للتغيير بكشل علمي منظم ومنطبط رغم انه اقرب الي الصحة والتحليل العلمي حيث توصل فوكو لتعقيد الصراع وحلله بشكل غير ايديولوجي من الناحية الماركسية، فكان باستمرار يزيح الجانب الايديولوجي الماركسي من التحليل والدراسة للصراع بين الرأسمالية والطبقة العاملة، والاكتفاء بالنزعه الماركسية العلمية شديدة الفوكونية، فهناك ارواح ماركسية اصطلاحيه علمية شديدة الخصوصية بالحقل الفوكوني المعرفي، وهو ما يفسر مفهوم الانسان لدي التحليل الفوكوني باستمرار، هو موت وازاحة الجمالي المتعالي الانساني، الذي يريد الوصول بالأنا الي اعلي باستمرار، والتمسك بكل جنونها وكبريائها واحلامها وكل تناقضاتها الي اقصي مدي.
وقد ازاح فوكو الاجتماعي المعتاد والكلاسيكي في الصراع في شكله الماركسي، فلم يتحدث عن ابعاد التغيير الاجتماعي، فقصد إللي نزع الناحية الانسانية المتفردة للبعد الاجتماعي في الصراع التي تتحدد بابعاد زمانية ومكانية في شكل تراتبي معين وواضح، انما اشار الي اشكال اجتماعية تنفصل وتنقطع باستمرار ولها خطاباتها الزمانية والمكانية الخاصة، فالانسان بذاتيته الدائمة والخاصة يستبعد في هذه التحليلات الاجتماعية، ويؤكد ذلك تشارلز ليمرت في كتاب "ميشيل فوكو: النظرية الاجتماعية بوصفها انتهاكاً"، " فوكو يرفض ميتافيزيقا الزمن الإنساني السرية ويسمح لطبقات التشكل الاجتماعي كلها بتكوين أزمنتها الخاصة . وبذا ، يمكن أن يحصل تكرار وعودة وانفصال تماما مثل امكانية وجود اتصال . ولهذا السبب لا يتحدث فوكو عن التغيير الاجتماعي ، بل عن التحول . وما عاد التاريخ يمثل قضية تقدم ، بل إعادة ترتيب للعلاقات بين قوى عدة مادية ، اقتصادية اجتماعية تتوسط عملية التشكل الاجتماعي".
والنقطة السابقة توضح الازاحة المستمرة للذاتيه الانسانية المتفردة باستمرار من ابعاد الصراع، وهذه الذاتية تعمل تعمل في حالة هامشية وتراتبية اخري تخضع في الحضور للصراع السلطة والمعرفة في المجتمع، فتخلص فوكو من المفاهيم الكلاسيكية للذات، والاجتماعي والسياسي والسلطوي والاقتصادي واطراف الصراع، هذه الازاحة الدائمة والتحولات في تحليل ابعاد واطراف وعلاقات الصراع، تثير اسئلة هل يمكن للانسان الاستغناء عن الايديولوجيا، عن الصفات المتفردة له، عن الأحلام الإنسانية، عن الذات المتعالية المثالية، عن وجودها في ابعاد كرنفالية في الخطاب الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، هل يمكن ان نستغني عن الصورة التقليدية للصراع بين رأسمالية متوحشة وطبقة عمالية تكافح من اجل حقوقها العادلة، يمكن مجازا ان الانسان سيقول لنفسه انا دائما في الامام، في الصورة، انا المحرك الاهم والاول للامور، حتي ولم يكون ذلك حقيقي بشكل كامل، حتي يشعر بذاته ويستمر بمثالية إنسانية متفردة، والانسان يريد ان يعيش بجمالياته وأوهامه في فهمه لمشكلته وكيفية تحقيقها، اذا تطلب الامر لذلك، لا يريد القول ما يلغي وجوده .
وهذه التحليلات الاجتماعية والاقتصادية الفوكونية، بعد هذه الازاحات المستمرة للذات المتفردة للانسان، قد توحي بتعديلات عملية وعلمية محددة للسياسات الاجتماعية علي كافة المستويات في الواقع، وهذا ما حدث باشكال مختلفة في سياسات السجون والصحة والاسكان في فرنسا، ولكن قد هذه التحولات تدور في فلك صراع السلطة والمعرفة الذي اشار اليه فوكو، فسيتم تدوير الامر في عجلة مستمرة لصالح هذه الصراع، والعوائد التي تحققت ستذوب مع الوقت وهذه العوائد كانت تشير وتهدف الي تحرر الانسان من هذه الصراعات وتحسين شروط وجوده، وهذه نقطة اخري تنقد المنهج الفوكوني من حيث جدوي الدفاع عن الانسان وتحرره.



#محمد_احمد_الغريب_عبدربه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رمزية السلطة والخوف.. -في غرفة العنكبوت-
- الوعي والاستعمالية بين فوكو وكانط وماركس ومدرسة فرانكفورت
- مقهي ماركس : شاعرية حكي أنثي الخفة الباحثة عن عزلة البهجة ال ...
- عوالم نفسية وثقافية تخيلية تحلق في روح الكاتبة اريج جمال
- في كنائس لا تسقط في الحرب بحث دائم عن أطياف الموت والحياة بأ ...
- علامات سردية وجمالية في فيلم الاب الروحي
- ايديولوجيا الخطاب الثقافي والسينمائي والادبي المعاصر
- ابعاد متعددة في خطاب جماليات السينما
- أبعاد تشكيلية للصورة السينمائية فى أفلام طلبه رضوان
- قراءة سيمولوجية أولية في فيلم - الآزرق هو أدفئ الألوان: حياة ...
- ملامح ودلالات للتذوق الفني في السينما
- دلالات لجدلية الروح الهيجلية في السينما
- قراءات لاكانية في سينما المخرج الفرنسي روبير بريسون
- توماس كون في السينما
- أبعاد العلامات في افلام البولندي اندرية زلاوسكي
- ست تأويلات في فيلم المحاكمة لأورسن ويلز
- العمل الفني والتكشف الجمالي الصوفي اللامحدود لدي فيلسوف علم ...
- مداخل هامشية لرولان بارت الفرنسي حول بينيوية الادب
- خمسة إرهاصات حول النقد الثقافي في السينما
- لا تولد قبيحا : عوالم رجاء عليش المرعبة المختبئة في جحور بعي ...


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد احمد الغريب عبدربه - ماركس وفوكو في جدليات الذات المتفردة ودورها في الصراع