أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد احمد الغريب عبدربه - الوعي والاستعمالية بين فوكو وكانط وماركس ومدرسة فرانكفورت















المزيد.....

الوعي والاستعمالية بين فوكو وكانط وماركس ومدرسة فرانكفورت


محمد احمد الغريب عبدربه

الحوار المتمدن-العدد: 7152 - 2022 / 2 / 3 - 21:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ركز كارل ماركس على استخدام فكرة الاستعمالية علىي السلع المختلفة حيث تكون هناك رغبة في استعمال هذه الأشياء من قبل الإنسان، فيعي الإنسان أنه يستعمل الأشياء في الإطار الاقتصادي، حيث يكون الجانب الإستعمالي هنا في سياق علاقة الانسان بالاشياء وعلى أن الانسان يكون في علاقة سلطوية واستعمالية ضد الشئ، وينتقل الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو من هذا الخط ويجعل هذه الاستعمالية علي الانسان نفسه فالذات هنا تحمل قيمة تم الالتفات اليها واستعمالها فأصبح الانسان سلعة يتم استخدام تقنيات الاستعمال عليها بخلاف تفسير ماركس حول قيمة العمل والبعد الاستغلالي للعمال، ولكنها استعمالية منتشرة واستراتيجية ومعقدة ومتعددة وعلي كافة المستويات والاطارات فوفقا لفوكو تأتي هذه الاستعمالية في سياق المراقبة والعقاب والتوظيف والاعداد والترقية الاخلاقية والضبط والتحسين والمتابعة وكل هذه الاستعمالية من قبل سلطة منظمة لديها استراتيجيات وتكتيكات، بقوة وأراده المعرفة ضد الانسان. هنا الماركسية تنضح اصطلاحيا لدي فوكو حيث تاتي فكره السلطة البيولوجية او بيولوجيا الجسد التي تعني قيام السلطة بتوظيف الجسد وادارته وهندسته وذلك من اجل تحقيق مصالح عليا دون أهمية الانسان نفسه هذا الانطلاق الماركسي في خطابات فوكو نحو استعمال الانسان توحي بعدم بقاء شيء اخلاقي في السلطة ولذا مقولة موت الانسان تنسب له.
ويمكن الاشارة هنا إلي أن استغلال قيمة السلع والمنتجات عند ماركس عن طريق مفهوم الاستعمالية يأتي في سياق أن تطورات وظروف الثورة الصناعية ، فكان الواقع يسمح بوعي الانسان لهذه القيمة الاستعمالية، وذلك كان وعي ثوري دون اعلان موت الطبيعة والاشياء، ويمكننا القول أنه ثوري منقوص، فهو ثوري في اطار خطاب ماركس الثوري، حيث ماركس اشار الي وجود صراع بين طبقات وعمل علي تثوير ذلك، ولكنه لم يشير الي وجود صراع بين الانسان والبيئة والطبيعة صراحة، ولكنه اشار الي الاستعمالية للاشياء ولم يذكر ان الانسان يفعل ذلك، وهو تشريح للفهم، وهو اشار الي استعمالية الانسان للانسان وذلك عبر الاستغلال لشئ اقتصادي. وتأتي الاستعمالية عند الفيلسوف الالماني كانط مرتبطة بفترة عصر التنوير، حيث ذروة أهمية العقل والأفكار، والعقلانية، فكان ذلك خطابا بتوضيح مساحات العلاقة مع العقل، حيث يتم استعمال العقل، فكان بداية موت الانسان او استعمال الانسان، ولكن بدون اعلان من قبل كانط حيث الاشارة الي تضخم في استخدام العقل والذي تحول عقل أداتي ميكانيكي وفقا لانتقادات مدرسة فرانكفورت للمشروع الحداثي والتنويري وتزامن فترة التنوير الثورة الصناعية والافراط في استخدام الطبيعة والأشياء، فكان الوعي للإنسان وفقا لأشارة كانط لمساحات استعمال العقل، وعي تشريحي مثل وعي هيدجر لمفهوم الاستعمالية في الكينونة والوجود، وذلك يتضج في مقالة كانط للتنوير، حيث حدد دور العقل في التحديث والتنوير والتقدم، فكان مساهما من الناحية الفكرية والمعرفية في استعمالية العقل، لذا يكون الانسان وفقا لافكار كانط لديه وعي للفهم واستعمال العقل في مساحاته العمومية والخصوصية، وذلك بالاختلاف مع الوعي الثوري ايضا لدي ماركس ولدي فوكو حول وعي الانسان لاستعمالية السلطة لجسد الانسان في مستويات متعددة.
وذلك يعني ان التقدم التكنولوجي والتقني منذ بدايته في عصر الثورة الصناعية كان خطاب يتضمن نواحي استعمالية ضد كل شئ، كان خطاب متعدد متطور إلي الأمام، من اجل الاستعمال وذلك للأنتاج والتحديث، ولكنه لم يعطي اهمية للحفاظ علي القيمة الحقيقية للانسان أو الطبيعة، فكان تدريجيا يريد الافراط في الاستعمالية، فبدأ باستعمال البيئة والاشياء وذلك عبر توظيف واستعمال قيمة السلع والمنتجات بالتزامن مع استعمال العقل وذلك عن طريق الاعتماد علي العقل في المعرفة والتنوير واستعمال الانسان للانسان في قيمة العمل والنواحي الاقتصادية عن طريق الرأسمالية وذلك في عصر التنوير والثورة الصناعية، ثم انتقل الي الافراط في استعمال كل شئ، فكانت الطبيعة والبيئة في قمة الانهيار والتدهور، وهو ما يشهده عصرنا الحالي ومنذ ستين عاما حتي الآن وهو ما تم الاشارة إليه عبر فلاسفة ما بعد الحداثة اللذين اكدوا اننا في عصر الوحشية والبربرية، فرغم التقدم والحضارة المزدهرة واالتطور الرهيب في العلم، وانتشار الثقافات والفنون والاداب في كل ارجاء العالم، وايضا الثورة المعلوماتية التي عبرت عن سرعة انتقال المعلومات والافكار إلا إن الانسان المعاصر يعيش حياة بربرية اكثر بؤساً ولاخلاقية عن الانسانية السحيقة البدائية.
ويلاحظ أن شروحات فوكو حول استعمالية الجسد والإنسان وضبطه كما ذكرنا طبقه فوكو علي فترات التصنيع والثورة الصناعية في أوربا، والتي تمثلت في خطابات السلطة في ضبط الجسد واستعماله، والسؤال هنا لماذا ماركس لم يلتفت إلي هذه الملاحظة الفوكونية حول استعمالية الانسان بشكل كامل، هل ذلك اذا تم الوعي به يؤدي الي نسبية الفهم والنظرة العدمية والسويلة في الوعي، والي عدم التثوير كما يريد ماركس، حيث وفقا لشروحات ماركس تسعي طبقة البروليتاريا الي الانتصار علي الطبقة المستغلة لطاقة العمل ووسائل الانتاج، وذلك في خطاب تطبيقي كما ذكره ماركس في البيان الشيوعي، فوعي الانسان الي مفهوم الاستعمالية وفقا لفوكو سيكون عكس ذلك، فليس هناك انسان لا يعتبر مستعمل اذا كان من البروليتاريا او من الطبقة الرأسمالية، ومواجهة هذه الاستعمالية التي تستخدمها السلطة والنظام لا يعني التثوير والتغير وفقا ما يريده ماركس، بل سيكون ما حدث مع افكار فوكو عند تم تطبيقها في الواقع وذلك عبر تحسين اوضاع الانسان في مواجهة هذه الاستعمالية في أماكن وأبعاد متفرقة مثل السجن والعيادة والتعليم، وهو ما يؤدي الي ترسيخ الطبقة الرأسمالية، وذلك في سياقات ما يطلق عليه الليبرالية الجديدة .
وهل يكون هذا التحليل الفوكوني لاستعمالية الانسان بشكل كامل من قبل انظمة عقابية ورقابية خفي عن ماركس ولم يلفت انتباه، فلم يلاحظها، أو أن بالأساس شروحات فوكو أعتمدت علي مناحي أنطولوجية هيدجرية في فهم السلطة والاستعمال، وهذه الافكار لم تكن موجوده في وقت ظهور ماركس، فالخطاب الفلسفي وافكاره لها دور في وعي الواقع، وحتي وإذا كانت فلسفة هيدجر كانت موجودة اثناء ماركس واطلع عليها ، هناك علامات استفهام كثيرة حول برجوزاية فلسفة هيدجر لأنها لا على تثوير الوعي، فالانطولوجي وفقا لهيدجر لا يستخدم الديالكتيك، ويسعي إلي المصالحة مع كل شئ، وفهمه في كينونته، فالتأويل هنا تأويل انطولوجي منفتح، وليس صراعي، وهو ما يعني وعي مسالم وصوفي بدرجة ما تجاه الذات والوجود والعالم والاشياء.
وكانت هناك شروحات لدي مدرسة فرانكفورت حول العقل الأداتي، ودور التقنية في سلب الحياة، ومفاهيم مثل التشيؤ وتسليع الثقافة وهذا النقد الفرانفكورتي هو وعي ماركسي، ولكنه ايضا وعي في تطوره العميق ذهب الي نظرة عدمية، ما يسميه بعض النقاد انه النظرة النيتشوية في كلية الفكر لدي مدرسة فرانكفورت، حيث تم توسيع مساحات الوعي لدي الانسان بخلاف الصراعي الطبقي الماركسي.
وهذه التساؤلات حول تفسيرات فوكو وشروحات مدرسة فرانكفورت حول مدي استعمالية الانسان والطبيعة، قد تغلب الكفة لصالح تفسيرات ماركس الطبقية، وذلك من حيث القدرة علي التغيير والتثوير، ومواجهة الرأسمالية والنظام الذي يسعي للهمينة والسيطرة، حيث الوعي لدي ماركس يظل ثوريا محددا هدفه نحو التغير والصراع الطبقي مع طبقة مهيمنة تمارس الاستغلال، وذلك يعني ان توسيع الوعي نحو استعمالية فوكونية وفرانكفورتية يؤدي الي نظرة عدمية غير ثورية، رغم انها تساعد في فهم تعقيدات الصراع والاستغلال والتوظيف ضد الانسان والطبيعة والعالم، إلا انها معرفة وفهم قد يتم توظفيه لمزيد من الاستغلال والصراع، ولكن ما الذي جعل افكار فوكو وفرانكفورت تظهر كمعرفة وشروحات، قد يكون السبب أن الواقع اصبح مفرطا في الاستغلال والسلطة والتوظيف تجاه الانسان والعالم والاشياء الي حد لم يكن موجوداً في عصر ماركس، وعصر التنوير والحداثة، فالعقل الانساني في هذه اللحظة يريد ان يقول شيئاً كان مستمراً في كبته لزمن، وطاقة الصبر علي كبته قدت تفجرت ، فالمكبوت لابد ان يجد مساحة لكي يفرغ وينطلق ويتكلم.
وهناك سؤال يجب طرحه، هل كان علي فوكو وفرانكفورت ان يصمتوا حيال وصول الواقع الي سلطات وانظمة تقوم بشكل مفرط بالسيطرة والهمينة واستعمال واستغلال الانسان والطبيعة بكل الاشكال والمستويات؟، ولكن ما حدث هو اعلانهم وتصريحهم بتشريح وفهم هذا الوضع المتطور. ورغم ان جذور هذا الوضع كانت قديمة وقبل ظهورهم، ولكن تطور هذه الوضع وافراطه جعل التصريح به امر يتعلق بتفريغ الكبت الانساني، وازاحة هذه المعاناة من داخل الانسان وعالمه النفسي إلي الخارج عن طريق الكلام والفهم والتصريح به.



#محمد_احمد_الغريب_عبدربه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقهي ماركس : شاعرية حكي أنثي الخفة الباحثة عن عزلة البهجة ال ...
- عوالم نفسية وثقافية تخيلية تحلق في روح الكاتبة اريج جمال
- في كنائس لا تسقط في الحرب بحث دائم عن أطياف الموت والحياة بأ ...
- علامات سردية وجمالية في فيلم الاب الروحي
- ايديولوجيا الخطاب الثقافي والسينمائي والادبي المعاصر
- ابعاد متعددة في خطاب جماليات السينما
- أبعاد تشكيلية للصورة السينمائية فى أفلام طلبه رضوان
- قراءة سيمولوجية أولية في فيلم - الآزرق هو أدفئ الألوان: حياة ...
- ملامح ودلالات للتذوق الفني في السينما
- دلالات لجدلية الروح الهيجلية في السينما
- قراءات لاكانية في سينما المخرج الفرنسي روبير بريسون
- توماس كون في السينما
- أبعاد العلامات في افلام البولندي اندرية زلاوسكي
- ست تأويلات في فيلم المحاكمة لأورسن ويلز
- العمل الفني والتكشف الجمالي الصوفي اللامحدود لدي فيلسوف علم ...
- مداخل هامشية لرولان بارت الفرنسي حول بينيوية الادب
- خمسة إرهاصات حول النقد الثقافي في السينما
- لا تولد قبيحا : عوالم رجاء عليش المرعبة المختبئة في جحور بعي ...
- عالم التشابه في النظم المعرفية الغربية في القرن السادس عشر
- دراما أبسن في السينما


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد احمد الغريب عبدربه - الوعي والاستعمالية بين فوكو وكانط وماركس ومدرسة فرانكفورت