أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد احمد الغريب عبدربه - دراما أبسن في السينما














المزيد.....

دراما أبسن في السينما


محمد احمد الغريب عبدربه

الحوار المتمدن-العدد: 4896 - 2015 / 8 / 14 - 17:55
المحور: الادب والفن
    


نحاول هنا ملاحظة العلاقة بين الدراما المسرحية، والسينما، بمعني عندما تنتقل قواعد الاولي للافلام السينمائية، فالدراما في اساسها مسرحية، وهي ظهرت خلال الحقبة اليونانية، ونظر لها فلاسفة اليونان، ومن طبيعة الدراما أنها تعتمد علي الحركة التي هي جوهر النشاط الإنساني وتعيد خلق الأوضاع والعلاقات الإنسانية و تقدم بصيغة الحاضر الأبدية أي هنا والان.
العلاقة بين الدراما المسرحية والسينما علاقة تجاوز، حيث تجاوزت السينما ابعاد الدراما المسرحية، وذلك رغم انها في بدايتها اعتمدت علي ركائز المسرح الدرامية، وكانت تنقل الاعمال المسرحية كما هي، ومع مرور الوقت اصبحت السينما لها لغتها الخاصة في معالجة الزمان والمكان والحكاية، ولكن تظل الفروق بينهم ففي السينما هناك الاتساع في تنويعات اللقطات القريبة والبعيدة، وهذا يدل علي الاشباع البصري بشكل كبير مقارنة بالدراما المسرحية التي تتميز بالاشباع اللغوي والتفاعلي، وملاحظة أخيرة هو اننا يمكن تحويل العمل الدرامي المسرحي الي فيلم، ولكن العكس صعبا، حيث يستطيع الفيلم تفكيك الدراما المسرحية حسب لغته السينمائية المرنة والغنية.
وقد تطورت الدراما كثيرا عبر التاريخ علي يد كثير من الادباء العباقرة، ونخص هنا بالذكر الاديب المسرحي النرويجي هنريك ابسن، الذي اهتم بشاعرية النفس البشرية والقدرة علي خلق تتابع أحداث تسبب تغييرات درامية في شخصياته، بجانب اهتمامه الكثير بالتغيرات الداخلية للشخصيات وجعلها قوة هائلة لقلب الاحداث، وانعكاس الظروف النفسية والاجتماعية للفرد علي الشخصيات.

وننتقل لرصد أوجه شبه بين دراما هذا الاديب وفيلم سينمائي، ليس حكاية عن الفيلم او قصته، هو رصد ملامح البعد الدرامي المهول، والبعد الصراعي الواقعي الاشبه بخيوط العنكبوت للشخصيات والتفاصيل، هو فيلم عن مفاصل عالم الدراما الواقعية، لدي المسرحي والاديب النرويجي هنريك ابسن.
فيلم اصابع سميث ، المنتج عام 2005، ليس الا ملحمة درامية صراعية مكثفة للغاية، المشاهد مرسومة بحنكة ابسنية عالية، حيث الربط بين التكنيك ومضمون المشكلة التي يعالجها الفيلم، وهي صراع بين حرية امرأة في عالم معقد من السيطرة الذكورية، عن طريق الهروب لعالم اخر ملئ بالمؤمرات والفخاخ، والنصب، فالتكنيك السردي والبصري، يشتم رائحته المشاهد من خلال صراع هذه المرأة بين هذين العالمين البائسين. والتحليل الرجعي والقاء الضوء علي ماضي الشخصيات
وستجد الدراما في الفيلم ترجع لظروف المجتمع، والنزاع بين التقاليد المجتمعية وسعي البطلة لنيل الحرية، واستقلالها نهائياً عن القيود والمغارة التي تقبع بها، فهي فماضيها كانت في مستشفي المجانين، ثم انتقلت الي بيت خالها، والذي كان عالما منعزلاً يملك السيطرة العلمية الثقافية الذكورية علي كل شئ، فجعلها دمية في يده، وسكرتيرته العلمية لمكتبه، دون اي خيارات لها، لتجد صديقة ومعلم رجل يصنعان مؤامرة عليها وانتزاعها من هذا العالم المقيد الي عالم اخر ليس اقل شرا وبؤسا.
ثم ينقلب الفيلم في نصفه الثاني بعكس الاحداث، حيث تعلم البطلة مصيرها جيداً، وهي تصنع المؤامرة علي صديقتها وخادمتها، هذا الانقلاب السردي وبشكل مكثف ايضا، يضع المشاهد والذهنية التأملية والمستقبل البصري امام ذهول دائم، وقدرة مستقبلية علي تقبل الدراما الجديدة المكثفة ايضا، ليتحدي المشاهد نفسه بشكل جيد، ويعاود التأمل في الفيلم، والتمتع بالجماليات السردية والبصرية دون ملل، فالملل والتوقف يأتي من الاجهاد الدرامي والتأملي وليس من ذات الفيلم نفسه، وهذا يعطي للفيلم تأمل ومشاهدة خصبة دائمة له، حيث كل عدة مشاهد يمكن فصلها وتأملها.
وشخصية الخادمة وكاتمة الاسرار في هذا الفيلم تقابل، تكنيك شخصية كاتم الاسرار لدي الدراما الابسنية وهو تكنيك جديد قدمه ابسن في فكره الدرامي المكثف والكلاسيكي، حتي تصبح هذه الشخصية دورا مهما ورئيسيا في احداث الفيلم، ولديها فعالية درامية ليست بالقليلة، حتي تصبح محور الصراع مع الشخصيات الاخري والبطلة، وتساهم في الوصول الي ذروة الصراع والتكثيف الدرامي .
إذا أردنا أن نتعرف على الموضوع الأساسي الذي يشغل "إبسن" وتكنيك مسرحياته نجده يتمثل في تأكيد الحرية الفردية لتمييز الذات الإنسانية واستقلالها؛ ثم أنه أعاد خلق الحياة في مسرحياته الواقعية. بل أيضًا المُثُل التي تجاهلت سعادة الفرد وحقه فيها، وقد اعتبر "إبسن" أعظم مدافع ومناصر للحقوق الفردية في القرن التاسع عشر، ويدافع عن حرية الفرد إزاء مواصفات المجتمع وتقاليده وأخلاقياته الجائرة وقوالبه المعقدة.



#محمد_احمد_الغريب_عبدربه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رباعية الذات والسعادة والعالم والخارجي والوجود
- مشكلة تشتت وتفتت العلوم الانسانية والاجتماعية
- فلسفة السينما بين : جودار وبريسون و بيرتولوتشي
- المقهي
- مقال في الافكار التي تكتب
- مناهجية التحليل لاركيولوجيا المعرفة في كتاب الكلمات والاشياء ...
- الخروج الي الحديقة
- حب تحت المطر واغتيال الجسد والواقع
- بورخيس يغازل فوكو في نقد الحقيقة لدي الغرب
- الارادة ضد السعادة والحيوية في ميلاد التراجيديا لنيتشة
- المادية البيولوجية والثقافية الرومانسية في الانسان
- العلاقات الاجتماعية والاستمرارية
- مقدمة في علم صراع الاهتمام
- الحدود التركية السورية بين الوضع الانساني وخطر التصعيد
- تسعة مقالات في نقد نيتشة
- شيوعية الانثي
- ( فوكو الابن والاب نيتشة) واستمرارية التفلسف
- الانتخابات البرلمانية وثقافة الرموز
- مقال عن جينالوجيا الاخلاق لدي نيتشة
- سؤال التنوير


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد احمد الغريب عبدربه - دراما أبسن في السينما