أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد احمد الغريب عبدربه - فوكو وبورديار وإيديولوجيا التاريخ














المزيد.....

فوكو وبورديار وإيديولوجيا التاريخ


محمد احمد الغريب عبدربه

الحوار المتمدن-العدد: 7751 - 2023 / 10 / 1 - 15:41
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ارتكز الفيلسوف الفرنسى ميشال فوكو ونظيره بورديار، إلى المنهج والبعد التاريخ بشكل حفرى ومعرفي لتفسير مفاهيم وقيم تخص العالم والمجتمع، وسعى فوكو لتفسير السلطة والمعرفة عن طريق التاريخ وذلك لفهم اساليب ومظاهر الحداثة الغربية ومعاييرها، وبورديار الذي حلل العلامات والرموز في التاريخ الاوروبي، لرؤية ما يحدث في الواقع المعاصر، فهناك إرتباط منهجى بين الاثنين فمثلا بورديار خلال مقالتين، الاولة معنونة بـ " نظم المحاكاة الزائفة"، ومقالة ثانية بعنوان " المحاكاة السيمائية"، حاول تشريح العلامة وعملياتها، ويتتبع المقال الاول التحولات المرجعية للعلامة منذ تحررها من العالم الرمزى في القرون الوسطي من عصر النهضة، مروراً بالعصر الصناعي، إلي عصرنا " المحكوم بالشفرة"، وتوليده لأشكال من نموذجها المتصورة وفقاً للاستنساخ في حد ذاته، ويمكن هذا الحفر التاريخى لبورديار، من رسم خارطة لتتبع التشكيلات الإجتماعية والأقتصادية من عصر النهضة مروراً بالحداثة إلي ما بعد الحداثة، وبهذا يتتبع بورديار جينالوجيا مستوحاه من فوكو، لدراسة الاشكال السائدة للعلامة في كل عصر، والإنتاج المحاكاتي للواقعي.
ويشير بورديار الي الواقع المرجعى نفسه بإعتباره منتج تاريخي، وأنه كنتاج للمحاكاة، نتاج العلامات المنتجة بكل عصر وتأثيراتها المعرفية، وذلك فإن المحاكاة ليست ظاهرة ما بعد حداثة ولكنه مفهوم لاهوتي قديم، ويشير إلي ان المحاكاة في عصرنا المحاضر منتجات سيموطيقية، تتولد وتعمل وفقا لنماذجها المسبقة، باستبدال علامات الواقع محل الواقع، لانتاج واقعنا من تداولها وتحولها، وذلك يؤدي إلي أن تمحو المحاكاة إمكانية التمييز بين الحقيقة والزيف، مبتعدة عن أي أساس أو مرجعية موضوعية من الخارج أو قيمة مرجعية تكن لها بمثابة واقعها المؤثر فيها، وايضا يصبح الواقع مفرط في واقعيته.
وقد كتب بورديار كتابا حول فوكو، معنون "انسي فوكو"، وصاغ فيه بورديار السميوطيقي باعتباره نظاما لانتاج مهد له السبيل للثورة علي انتقاده لصورة المجتمع الغربي والتأكيد علي إنتاج وتجسيد ما هو واقعي، وبالتالي يفترض بورديار أن الانتاج الصناعي جزء من عملية تاريخية واسعة يمتاز بها الغرب، فاليوم كما يقول تصبح التكنولوجيات الإخبارية والاتصالية المصدر الأساسي لهذا الدافع وراء البحث عما هو واقعي، وفي كتابه المجتمع الاستهلاكي للجسد والموضة والنشاط الجنسي حيث التأكيد علي الانتقال من الرمزي الي السيميوطيقي وزيادة الرقابة الاجتماعية، فالجسد علي سبيل المثال، يغدو مجردا كشئ يتطلب الاستثمار المستمر والتشغيل السيميوطيقي لكي يصقل إلي شئ سلس وأكثر كمالاً، أكثر وظيفية للعالم الخارجي، وحال القيام بالتحكم فيه من أجل بناء الشخصية والتميز وإضفاء الهيبة، ينخرط الجسد في الاستهلاك باعتبار كون أرقي شئ استهلاكي، حيث يعمق ذلك عملية الضبط الاجتماعي.
وبالنسبة لفوكو إعاد صياغة مفهوم الثقافة إلي الابعاد التاريخية والمجتمعية التى تتجاهلها النماذج التى تدرس الواقع الاجتماعي وتنقطع عن قراءة الثقافة وفق البني الأعمق، فتتطلع إلي مجالات مثل الطب والنشاط الجنسي، والرفاه، والأنانية والقانون، والجماعات الأجتماعية المهمشة، والسياسة المحلية ومستويات الثقافة الدنيا، في هذه الدراسات وجد الطبقات التحتية الاجتماعية والخطابية والتاريخية التي تتضحفيها علاقات همينة لا يمكن اختزالها ببساطةً إلي انماط الاستغلال الاقتصادي.
ويستخدم فوكو أدواته المنهجية لتعطيل التاريخ في نفس الوقت الذي يعطيه إعادة تكوين علي مستوي السلطة والمعرفة، وهذا يجعل مقاربته مميزة جداً وذات صلة بالنظرية الاجتماعية والتحليل الثقافي، ففي كتابه أركيولوجيا المعرفة، يناقش فوكو الأركيولوجيا باعتبارها وسيلة لتحليل العبارة الواردة بالأرشيف التاريخي.

وقد تحصن بورديار وفوكو بحصن التاريخ، للهروب من الانطلاق من الواقع لتفسير الأشكاليات والاشياء، ففوكو استمد البعد القيمي الجينالوجي من التاريخ لتفسير مفهومي السلطة والمعرفة، وبورديار لا يعترف بأن الاحداث تحدث، وأن الواقع يسير وفق خططه المنطقية المعتادة، فهو يشك في وجود واقع يتم الاعتداد به، فهو يرجع وعي الذات إلي الماضي والتاريخ، واعتمد أيضا علي تفسيرات تاريخية للعلامات لقراءة الاشياء والواقع، وهذا يمثل أيديولوجية من نوع أخر، فقد تكون أقرب للإيديولوجية العلمية، وايضا هناك مشروع دفاعى عن الانسان رغم رفض الاتجاه الذي ينتمي لها هذين الفيلسوفين، وهو تيار ما بعد الحداثة او المدرسة البنيوية وما بعد البنيوية، للبعد الأنسانوي والحضور الأنساني في التحليل، فهناك تركيب واضح لتحديد الايديولوجا سواء كانت تاريخية ام انسانية، فهي تتماس مع خط العلمية والتحديد، وذلك لملامح فكره، فهذه الاتجاه الفكري ايضا في صلبه اللساني يسعي لمتابعة فاعلية الدال المتواصلة في تشكيل سلاسل وتيارات متقاطعة من المعنى مع دوال أخرى، إليس هذا المنحي دعوة نحو التواصل مع الأخر ومع الاشياء، ودعوة نحو الاختلاف والتفاعل بشكل مكثف ومتعدد، اليس هذا ارقي معاني الأنسنة، فهذه العملية اللسانية لما بعد البنيوية تبدو علمية وخطابية ونصية الي حد كبير، الا انها تتنبي حضورا انسانية مخفياً شديد الوضوح، فهي ترفض النظرية السياسية في المجمل، ترفض ما هو سياسي، وسلطوي، فتزيح النظرية السياسية ولا تعطيها فرصة حتي للنقد، فالسياسي دائما مخادع ويحمل شهوة نحو الافتراس والتملك والسيطرة، فالامر يبدو بالزئبقية في هذه المدرسة العجيبة التي سعت ولاهتث دائما للحفاظ علي الانسان بشكل صوفي هذياني شديد اللاعقلانية.



#محمد_احمد_الغريب_عبدربه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحليلات الفلسفية والجمالية للفيلم وموقعها من سينما الحدث ا ...
- دريدا بين تصوف التأمل وروحانية التفكيك
- مبدأ السلطة في العلم والمعرفة بين توماس كون وميشال فوكو
- اطياف كانط في الفلسفة الحديثة والمعاصرة
- الاتجاه الفينومينولوجي في فيلم البحث عن سيد مرزوق
- المدرك الحسي والمجاز في السينما
- -قرن الماعز- البلغاري بين الصورة الواقعية الاشتراكية والروح ...
- جاك دريدا يقابل السيد نمش واشرف يوسف ويمنحهما قبلة - رؤية مت ...
- الوجودية
- إمكانات النقد في فلسفة ميشيل فوكو الكاتب: محمد الغريب
- مهاب ناجي ينتظر موتاه عند الترزي الاخير
- ثلاثة إضاءات فلسفية في سينما لوك جودار الفرنسي
- في فلسفة جماليات السينما: دلالات وملامح
- ملاحظات تشكيلية وجمالية حول لوحات عصام معروف
- اعترافات الجسد وكوابيس الكلمة عند -أن سكستون-
- جماليات الصورة التشكيلية والنقد الاقتحامي في نصوص الزعيم احم ...
- شربل داغر يقابل شارلي شابلن المريوطية ويفرض عليه طفولته وحبا ...
- الديناصوري يحاور عاملون الليل الظالم ويمنحهم رسائله المشفرة ...
- ماركس وفوكو في جدليات الذات المتفردة ودورها في الصراع
- رمزية السلطة والخوف.. -في غرفة العنكبوت-


المزيد.....




- شاهد كيف بدت خوذة جندي روماني عمرها 2000 عام بعد ترميمها
- بكل هدوء.. كاميرا توثق لحظة انتحار رجل أعمال باكستاني (فيديو ...
- -حماس- ترد على اتهامات بلينكن بتعطيل اتفاق وقف إطلاق النار
- اشتباكات بين الطلاب المؤيدين لفلسطين والمؤيدين لإسرائيل في ج ...
- من مصر إلى غزة.. قافلة بيت الزكاة والصدقات السابعة تدخل معبر ...
- أكاديمية علوم روسية تعد برنامجا لاستصلاح القمر
- وزيرة إسرائيلية: صفقة الرهائن تلقي بأهداف الحرب في -سلة المه ...
- لابيد: لا أعذار سياسية لنتنياهو تبرر رفضه صفقة الرهائن
- أوكرانيا.. محاكمة 10 أطباء زوروا مصدّقات طبية لأشخاص للتهرب ...
- جنرال إسرائيلي: مصر ضاعفت قوتها المدرعة وتسعى لتقزيم قدرات إ ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد احمد الغريب عبدربه - فوكو وبورديار وإيديولوجيا التاريخ