أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طلال حسن عبد الرحمن - قصة للأطفال اليمامة البيضاء والجرافة قصة : طلال حسن














المزيد.....

قصة للأطفال اليمامة البيضاء والجرافة قصة : طلال حسن


طلال حسن عبد الرحمن

الحوار المتمدن-العدد: 7759 - 2023 / 10 / 9 - 00:41
المحور: الادب والفن
    


قصة للأطفال

اليمامة البيضاء والجرافة

قصة : طلال حسن

لم يشفع لها اسمها
لم تشفع لها جنسيتها
وحتى زيها البرتقالي ، لم يشفع لها .
اسمها راشيل ، هذا الاسم أعطته لها جدتها ، ثم رحلت ، وفي قلبها بغداد .
هاجرت الجدة من العراق ، بل ـ كما تقول أمها ـ أجبرت على الهجرة ، وبدل أن تذهب إلى إسرائيل ، جاءت إلى امريكا ، حاملة معها العراق ، وظل العراق معها حتى رحلت .
ويبدو أن في راشيل ـ كما تقول أمها ـ شيء من جدتها الراحلة ، فهي تثور وتغضب للحق ، وتدافع عنه ، مهما كان الثمن .
وهذا ما كانت أمها تحاول التخفيف منه ، كلما قرأت مقالة في جريدة أو مجلة ، عما يعانيه الفلسطينيون ، أو حين ترى على شاشات التلفاز ما يجري على الأرض الفلسطينية ، من هدم للمنازل ، وقلع للأشجار ، وطرد الأسر من بيوتها ، لكي تبني إسرائيل المزيد من المستوطنات .
وفقدت راشيل السيطرة على أعصابها مرة بحضور أمها فصاحت : ماما ، كيف نسمح للعالم أن يكون بتلك البشاعة ؟
وعلقت أمها قائلة : من يسمعك ، يا راشيل ، يظن أنك تدافعين عن الفلسطينيين .
فقالت راشيل منفعلة : نعم ، أنا أدافع عنهم .
وقال الأم : لكنك يهودية .
فغادرت راشي الغرفة ، وهي تقول : أنا إنسانة .
وطالما تمنت راشيل ، أن تزور الفلسطينيين ، في قراهم ومخيماتهم ، وتقول لهم ، أنا راشيل ، يهودية من أمريكا ، لكني معكم ، وسأبقى معكم ، ما دمتم على حق .
وجاءت الفرصة ، عندما تم اختيارها لتكون عضواً في وفد " التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني " الذي سيزور رفح الفلسطينية .
وجاءت راشيل إلى رفح ، وتجولت في الشوارع والأزقة ، وعاشت في بيوت الفلسطينيين البسطاء ، وتقاسمت معهم الخبز والماء ، وصحبت الأطفال ، بنين وبنات ، وصورتهم وهم يرجمون بالحجارة جند الاحتلال ، فكتبت إلى أمها :
" لا أدري كم من الأطفال هنا عاشوا في بيوت لا تمزق جدرانها شظايا القنابل ، ومن غير أبراج مراقبة على مرمى البصر ، يراقبهم من خلالها جيش احتلال " .
واستمرت راشيل ، في معايشة الفلسطينيين ، وخاصة الأطفال ، وبدأت أوضاعهم تنعكس على نفسيتها ، فكتبت إلى أمها تقول : " أرى في كوابيسي دبابات وبلدوزرات حول منزلنا ، وأنا وأنت في الداخل " .
وفي حديثها مع الأطفال ، همست لها فتاة صغيرة ، وهي تشير إلى صورة طفل في حدود الثامنة من عمره ، ملصقة على الجدار : علي .
وسألتها راشيل بكلماتها العربية المضطربة : علي ، إنه طفل صغير جميل ، ما به .
فقالت الفتاة بصوت حزين : قتلته دبابة إسرائيلية قبل عدة أيام .
وبدا الانفعال والغضب على راشيل ، وقالت للفتاة الصغيرة : خذيني إلى بيتهم .
وذهبت راشيل ، مرتدية الزي البرتقالي ، زي وفد التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني ، بصحبة الفتاة الصغيرة إلى بيت علي ، وعلى مقربة من البيت ، رأت راشيل امرأة شابة ، متشحة بالسواد والغضب ، وتوقفت الفتاة الصغيرة ، وأشارت إلى المرأة ، وقالت : تلك هي أم علي .
وتقدمت راشيل منها ، وقالت بلكنتها الامريكية : مرحباً أم علي .
وحدقت أم علي فيها ، وقالت بجفاء : انكليزية ؟
أجابت راشيل : أمريكية ..
وتراجعت أم علي خطوة ، فأضافت راشيل قائلة : يهودية .
وفوجئت راشيل بأم علي تصيح بها : أنتم قتلتم .. ابني الصغير .. علي .
وقالت راشيل ، وكأنها تفسر موقفا : أنا عضو في وفد التضامن مع الشعب الفلسطيني .
وتوقفت أم علي ، وقد جحظت عيناها ، وتمتمت بغضب وانفعال : الجرافة .
والتفتت راشيل ، وإذا جرافة ضخمة تقبل نحوهم ، كأنها وحش كاسر ، وأسرعت راشيل ، منفعلة غاضبة ، تعترض الجرافة ، وصاحت أم علي ، وكأنها تحذرها : راشيل .
وحملق سائق الجرافة فيها ، دون أن يتوقف ، وصاح : أيتها الحمقاء ، ابتعدي .
لكن راشيل لم تبتعد ، فالسائق يعرف أنها يهودية ، أمريكية ، وزيها البرتقالي يقول ، إنها عضو في وفد التضامن مع الشعب الفلسطيني ، لم يلتفت السائق إلى كلّ هذا ، وداست الجرافة فوقها ، فصاحت راشيل : إن عظامي تتكسر .
وقبل أن تنهي راشيل كلامها ، رجع السائق بالجرافة قليلاً ، ثم داسها مرة أخرى .
لم يشفع لها اسمها
لم تشفع لها جنسيتها .
وحتى زيها البرتقالي ، لم يشفع لها .
فسحقتها تماماً جرافة صهيونية ، على أرض رفح الفلسطينية .

تنويه :
راشيل كوري
شاعرة ورسامة يهودية أمريكية ، قتلتها جرافة صهيونية في رفح الفلسطينية ، عام " 2003 " ، وماتت عن عمر يناهز الثالثة والعشرين ، سماها الشاعر الفلسطيني هارون هاشم رشيد .. اليمامة البيضاء .



#طلال_حسن_عبد_الرحمن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دموع رينيت كتاب جديد للفتيان
- رواية للفتيان الرحلة الثامنة ...
- رواية للفتيان المعجزة ...
- رواية للفتيان الغيوم السوداء طلال ...
- رواية للفتيان صخرة آي طلال حسن
- مسرحية للفتيان اورنينا ...
- رواية للفتيان الغزالة ...
- رواية للفتيان السندباد البحري طلال ...
- رواية للفتيان دروفا ـ نارانا ...
- رواية للفتيان سامو وسومو ...
- رواية للفتيان النمر ...
- رواية للفتيان البديل طلال حسن
- رواية للفتيان الزواج المقدس ...
- رواية للفتيان رجل النار ...
- شجرة الزيتون
- رواية للفتيان فتاة الحلم طلال حسن
- رواية للفتيان طيف الاهوار
- اللبوة الجريحة
- رواية للأطفال حي ابن الإنسان ...
- رواية للفتيان جزيرة القمر ...


المزيد.....




- قرنان من نهب الآثار التونسية على يد دبلوماسيين برتبة لصوص
- صراع الحب والمال يحسمه الصمت في فيلم -الماديون-
- كيف يبدو واقع السينما ومنصات البث في روسيا تحت سيف العقوبات؟ ...
- الممثل عادل درويش ضيف حكايتي مع السويد
- صاحب موسيقى فيلم -مهمة مستحيلة- لالو شيفرين : جسد يغيب وإبدا ...
- دينيس فيلنوف يُخرج فيلم -جيمس بوند- القادم
- افتتاح معرض -قفطان الأمس، نظرة اليوم- في -ليلة المتاحف- بالر ...
- -نملة تحفر في الصخر-ـ مسرحية تعيد ملف المفقودين اللبنانيين إ ...
- ذاكرة الألم والإبداع في أدب -أفريقيا المدهشة- بعين كتّابها
- “361” فيلم وثائقي من طلاب إعلام المنوفية يغير نظرتنا للحياة ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طلال حسن عبد الرحمن - قصة للأطفال اليمامة البيضاء والجرافة قصة : طلال حسن