|
شجرة الزيتون
طلال حسن عبد الرحمن
الحوار المتمدن-العدد: 7678 - 2023 / 7 / 20 - 02:47
المحور:
الادب والفن
شخصيات الرواية ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ الأب جوماري
2 ـ الأم
3 ـ الفتى فيديريجو
4 ـ الفتاة تريسا
5 ـ الرجل العجوز بابلو
6 ـ الغجرية العجوز
" 1 " ـــــــــــــــــــ
قبيل الغروب ، وبعد أن انتهيتُ ، من إعداد طعام العشاء ، منذ العصر تقريباً ، جاء ابني فيديريجو فرحاً ، متحمساً ، وقال : أمي . ورغم إنني شعرتُ ، أن وراء " أمي " هذه ، طلباً خاصاً لم أخمنه ، إلا أنني نظرت إليه ، وقلت : تأخرت اليوم ، لابد أن العمل في البستان كثير . وردّ فيديريجو قائلاً ، دون أن يفتر فرحه وحماسه : لا ، انتهينا من العمل ، في حدود العصر . وابتسمت له ، وقلت بصوت هادىء محب : لكن الشمس تكاد تغرب ، يا بنيّ . وقال فيديريجو ثانية : أمي .. فقاطعته قائلة : مهما يكن ، العشاء جاهز ، دعنا نأكل ، لابد أنك جائع الآن . واستدرت عنه ، أعد سفرة طعام العشاء ، فاقترب مني فيديريجو ، وقال : الغجر جاءوا صباح اليوم ، ونصبوا خيامهم خارج القرية . ولذت بالصمت لحظة ، وقد خفق قلبي ، ثم قلتُ : أعرف ، وقد يبقون عدة أيام ، ويرحلون إلى مكان آخر ، هذه عادتهم ، يا بنيّ منذ أن وجدوا . وبعد أن انتهيت من إعداد السفرة ، جلست في مكاني المعتاد ، وقلتُ لفيديريجو : هيا ، اجلس قبالتي ، ودعنا نأكل ، فالطعام مازال دافئاً . وجلس فيديريجو أمامي ، ووضع لقمة في فمه ، ولاكها بتلذذ ، وقال : عاشت يداكِ ، يا أمي العزيزة ، الطعام لذيذ اليوم . وابتسمت ، فطعام اليوم لا يختلف عن طعام معظم الأيام ، لكنه يريد شيئاً ، حسن فلأنتظر ، ولم يطل انتظاري ، فقد نظر إليّ فيديريجو ، وقال : أمي .. وقاطعته قائلة : كل الآن . ولم يلتفت فيديريجو إلى مقاطعتي ، واستطرد قائلاً : أصدقائي سيذهبون اليوم ، بعد المساء ، إلى مخيم الغجر ، القريب من القرية . ونظرت إليه ، لكني قبل أن أتكلم ، قال : لن أتأخر ، يا أمي ، أريد أن أذهب معهم . ولذت بالصمت ، فقد مرّ في مخيلتي ، كالبرق الحارق ، ما جرى لأبيه جوماري ، فهززتُ رأسي ، وقلتُ : لا يا بنيّ ، هذا أمر غير مناسب ، الغجر خطرون ، وأنا لا أريدك أن تختلط بهم . ونظر فيديريجو إليّ ، وقال : أمي ، قلتُ لأصدقائي ، بأني سأذهب معهم إلى الغجر ، لم أعد صغيراً ، ولا أريد أن يظن أحد ، أنكِ تتحكمين بي . ووضعت اللقمة التي كانت في يدي جانباً ، وقلت : أنا لا أتحكم بك ، وأنت تعرف ذلك . ونهض فيديريجو ، وقال بحزم ، ذكرني بحزم أبيه جوماري : سأذهب مع أصدقائي ، يا أمي . ونهضت بدوري ، وبدأت ألملم ما تبقى من طعام العشاء ، وإن كان ما بقي هو أكثر من نصف الطعام ، الذي أعددته . وطوال فترة ترتيبي للكوخ ، وإعادة الصحاف إلى مكانها ، ظل فيديريجو يقف قرب النافذة الصغيرة ، المطلة على الخارج . وقبل أن أنتهي من عملي ، وكانت الشمس قد غابت وراء أشجار بساتين القرية ، اتجه فيديريجو إلى الخارج ، وقبل أن يغلق الباب قال : لن أتأخر ، اطمئني .
" 2 " ــــــــــــــــــ
لم أحبذ أن يذهب فيديريجو ، مع أصدقائه الشباب ، إلى مخيم الغجر ، الذي أقيم خارج القرية ، فقلبي الجريح ، لا يحتمل جرحاً آخر ، وأنا في هذا العمر ، لكن ما العمل ؟ حاولت جهدي أن أتحايل عليه ، وأصرفه عن هذه الفكرة ، لكنه قال لي : لم أعد صغيراً ، يا أمي ، أصدقائي كلهم سيذهبون ، وسأذهب أنا معهم . ولذت بالصمت ، فأنا نفسي لم أشأ أن أشعره ، بأنه مازال صغيراً ، وهو في الحقيقة صغير ، عندي على الأقل ، أنا أمه . وبعد ذهابه ، شعرت أن الكوخ يضيق بي ، وكأن جدرانه ستأكلني ، فكرت أن أتمدد في فراشي ، لعلي أنام ، وأرتاح قليلاً ، لكني لم أستطع . وهربت من الكوخ ، ولذت بالخارج ، آه الجو هنا ، على ما يبدو ، مريح ، إنها ليلة من ليالي الربيع ، لكني مع ذلك ، خفت عليه من البرد ، وإن خفت عليه أكثر ، مما كان يخيفني على أبيه جوماري . وقفلتُ عائدة إلى الكوخ ، ربما لأهرب من أفكاري ، ولكن أين المهرب ؟ فأفكاري معي ، أحملها في داخلي دائماً ، تذكرني بالماضي ، آه من الماضي . وحاولت عبثاً ، أن أقنع نفسي ، بأن فيديريجو ليس كأبيه ، فهو طفل في السادسة عشرة من عمره ، صحيح أن أباه تزوج مني ، وكان في مثل هذا العمر ، لكن .. لكن ماذا ؟ يا إلهي ، آه . ومرت الساعات ، وأنا أتقلب واقفة ، على جمر متقد ، لن أهدأ وأرتاح ، حتى أراه عائداً ، وأطمئن إلى أنه بقي طفلاً كما ذهب ، لكن .. آه .. من يدري . ومرة ثانية ، فتحت باب الكوخ ، ومضيت إلى الخارج ، وسرعان ما اختفى القمر وراء الغيوم ، هل انتصف الليل ؟ هذا ما يبدو ، إن لم تخني أحاسيسي . أوه أن الدقائق والساعات ، تمر عليّ ثقيلة ، أما هو ، ابني فيريريجو ، ومعه أصدقاؤه الشباب ، ولا أدري من معهم أيضاً من الغجر ، فلا أظن أنهم يشعرون بمرور الوقت ، كما أشعر به أنا . وأخيراً ، وربما بعد منتصف الليل ، والقمر يطل من بين الغيوم ، لاح فيديريجو من خلال الظلام ، كأنه شبح ، وحين انتهى إليّ ، قال بصوت هادىء ، لا يكاد يُسمع : الوقت متأخر ، حسبتك نائمة . فقلت له بنبرة عتاب : لم أستطع أن أنام ، وأرتاح ، وأنت غائب . ودخل فيديريجو الكوخ ، وهو يقول : تعالي ننم . ولبثت في الخارج برهة ، تتقاذفني أفكار شتى متضاربة ، وحاولت أن أتمالك نفسي ، وأهدأ ، دون جدوى ، وحين دخلتُ الكوخ ، وجدته راقداً في فراشه ، وعيناه مفتوحتان ثابتتان ، فقال : أطفئي القنديل . وأطفأتُ القنديل ، وأويت إلى فراشي ، وأغمضت عينيّ المتعبتين ، لعلي أنام ، وأرتاح قليلاً ، وتراءى لي جوماري ، ولم أنم حتى ساعة متأخرة من الليل .
" 3 " ــــــــــــــــــ
ازداد خوفي وقلقي ، في اليوم التالي ، عندما لم يعد فيديريجو ، قبيل غروب الشمس ، كما هي عادته كلّ يوم ، وتراءى لي جوماري . وتشاغلت بتهيئة بعض لوازم السفرة ، على أرض الكوخ ، فقط لأبعد جوماري عن ذهني ، لكن جوماري لم يبتعد ، فقد حلّ المساء وفيديريجو لم يعد . آه جوماري ، لقد تعزيت حين رحلت مبكراً ، فقد تركت لي فيدريجو ، والآن أخشى ما أخشاه ، أنك تركت لي جوماري صغيراً ، يسير على خطاك . وحلّ الليل ، وبدأت النجوم تتغامز في عباءة الليل السوداء ، ولا أثر لفيديريجو ، هذا أمر لم يعد يحتمل ، لابد أن أفعل شيئاً . وخرجت من الكوخ ، وأغلقت الباب ، فلأسأل عنه صديقه ابن العجوز بابلو ، إنهما يعملان معاً في البستان ، ولابد أنه يعرف أين هو . وطرقت باب الكوخ ، وبدل الابن ، أطل أبوه بابلو من الباب ، وقال : أهلاً أم فيديريجو ، تفضلي ، زوجتي في الداخل ، تستعد للنوم مثل الدجاج . ولم أضحك على قوله ، كما كنت أضحك دائما ، فنظر إليّ ، وقال : أراك مهمومة ، أنت تحمّلين الأمور دائماً ، أكثر مما تحتمل ، ما الأمر هذه المرة ؟ لم أردّ عليه ، بل نظرت إليه ملياً ، وقلتُ : بابلو ، نادِ لي ابنك . فقال بابلو : ابني ليس في البيت . تساءلت : أين هو ؟ وردّ بابلو بنبرة مزاح : حيث يجب أن أكون ، لو كنتُ في عمره ، عند الغجر ، إنه شاب . ولذت بالصمت ، وقد تراءى لي جوماري ، فتساءل ثانية : ما الأمر ؟ فاستدرت ، وسرت مبتعة ، وأنا أقول بصوت مختنق : ابني فيديريجو لم يعد بعد . ولاحقني صوته الشائخ قائلاً : لا تقلقي ، لابد أنه مع أصدقائه ، في مخيم الغجر . لا تقلقي ، آه جوماري ، الغجر ، هذا ما يقلقني بالضبط ، والآن ما العمل ؟ لا أريد أن يغرق فيديريجو ، كما غرق جوماري . وتوقفت وسط عتمة الليل ، وتطلعت إلى البعيد ، حيث مخيم الغجر ، وما فعلته مع جوماري ، أردت أن أفعله مع فيديريجو ، إنها حياتي ، ولي أن أدافع عنها ، ولا أدعها تتسرب من بين يدي . وهممت أن أتجه إلى مخيم الغجر ، وانتزع فيديريجو منه ، وأعود به إلى البيت ، وتراءى لي جوماري ، وبدل أن أذهب إلى مخيم الغجر ، قفلتُ عائدة ، بخطى متعبة قلقة ، إلى الكوخ .
" 4 " ـــــــــــــــــــ
عند منتصف الليل ، وربما بعده بقليل ، لاح فيديريجو ، كما في الليلة السابقة ، وكنت أنتظره أيضاً ، قرب باب الكوخ . واقترب فيديريجو ببطء وتردد ، وتوقف على مقربة مني ، وتطلع إليّ صامتاً ، فقلت بصوت هادىء : فيديريجو . ولم يردّ فيديريجو بكلمة واحدة ، ودخل الكوخ ، وهو يقول : إنني جائع ، يا أمي . وكتمت مشاعري المتضاربة ، وعلى الفور دخلت الكوخ وراءه ، وقلتُ بصوت هادىء : لم أنم حتى الآن يا فيديريجو ، بل لم أتعشَ ، انتظرتك . وفرّ فيديريجو بعينيه من عينيّ ، وقال : لا يا أمي ، لا تنتظريني إذا تأخرت ثانية ، تعشي ونامي . لم أردّ عليه ، فأعددت سفرة الطعام ، ولبثت واقفة ، وجلس فيديريجو أمام سفرة الطعام ، وقال : مادمتِ لم تتعشي ، تعالي نأكل معاً . وبدل أن أجلس قبالته ، وأتعشى معه ، أويت إلى فراشي ، وقلت : كل أنت ، فأنا لم أتعود أن أتعشى ، بعد منتصف الليل . وتمددت مغمضة العينين ، ويبدو أن فيديريجو ، لم يتعشَ هو الآخر ، فقد سمعته ينهض بعد قليل ، ويلملم صحاف الطعام ، ويعيدها إلى مكانها . نمت ، لا أدري متى ، وجاءني جوماري في منامي ، ربما قبل الفجر بقليل ، فأفقت هاربة منه ، وكأني لا أريد أن أرى فيه فيديريجو . ونهضت ، كما انهض كلّ يوم ، قبل شروق الشمس ، وأعددت طعام الفطور ، وأفاق فيديريجو ، وقال دون أن يتطلع إليّ : صباح الخير . وأجبته بنبرة هادئة : صباح النور . ووضعت الطعام على السفرة ، وقلت : هيا ، فطورك جاهز . وجلس فيديريجو أمام الطعام ، وقال : لن آكل إذا لم تجلسي قبالتي ، وتأكلي أنتِ أيضاً . وعلى الفور ، أجبته : ولماذا لا آكل ؟ وجلست قبالته ، وبدأت آكل ، وأخذ هو الآخر يأكل ، فنظرت إليه ، وقلت : ماذا تحبّ أن أعدّ لك اليوم ، على العشاء ؟ فقال فيديريجو : ما تحبيه . وقلت : سأعد دجاجة ، ونأكلها معاً . لم يحر فيديريجو جواباً ، وسرعان ما نهض ، وتهيأ للذهاب إلى العمل في البستان ، فقلتُ له : دعني آتي معك ، وأساعدك في العمل بالبستان . فقال فيديريجو قبل أن يخرج من الكوخ ، ويغلق الباب ، ذاهباً إلى البستان : لا ، ابقي هنا ، يا أمي ، وأعدي الدجاجة ، سنتعشى معاً . وجاء فيديريجو عند الغروب ، لكنه ما إن تناول عشاءه معي ، حتى نهض ، ومضى إلى نفس الطريق ، الذي سار عليه أبوه .. جوماري .
" 5 " ـــــــــــــــــــ
مرت عدة أيام ، وفيديريجو على نفس النهج ، يأتي قبيل الغروب ، ويتناول عشاءه ، ثم يغير ملابسه ، ويمضي مع أصدقائه ، إلى مخيم الغجر . وتناهى إليّ ، يوماً بعد يوم ، أن بعض الآباء والأمهات ، منعوا أبناءها ، وخاصة الشباب ، من التردد على المخيم ، فالغجر ، في رأيهم ، هم الغجر ولن يتغيروا ، مهما كان الأمر . وتمنيتُ أن يأتي اليوم ، آجلاً وليس عاجلاً ، الذي أرى فيه الغجر ، يرفعون خيامهم من خارج القرية ـ وهذا ما يفعلونه عادة ـ ويمضون بعيداً عن القرية ، فيعود كلّ شيء إلى ما كان عليه . وذات صباح ، وقد ذهب فيديريجو ، للعمل في البستان ، طُرق الباب ، وحين فتحته ، وجدت أمامي العجوز بابلو ، فرحبت به قائلة : أهلاً بابلو . وردّ الرجل العجوز : أهلاً بكِ . ونظرت إليه ملياً ، ثم قلتُ : لديك على ما يبدو ، شيء تريد أن تقوله لي . وهزّ بابلو رأسه ، وقال : نعم . تساءلتُ : فيديريجو ؟ وهزّ بابلو رأسه ثانية ، وهو ينظر إليّ ، ففتحتُ له الباب ، وقلتُ : تفضل أدخل . ودخل بابلو ، فأغلقت الباب وراءه ، وقلت : أعرف عما ستحدثني ، لكني أعرف أيضا ، أنّ ابنك أيضاً ، يرتاد مخيم الغجر . وقال بابلو : نعم ، ابني وغيره ، يرتادون المخيم ، ولكن في حدود لا يتخطونها . ونظرت إليه صامتة ، آه جوماري ، وتابع بابلو قائلاً : ابنك فيديريجو لم يكتفِ ، بنزوات الشباب العابرة وألاعيبهم ، إنه يحب غجرية شابة . ولذت بالصمت لحظة ، ثم قلتُ : أخشى أن يكون هذا ما أخبرك به ابنك . فردّ بابلو قائلاً : ابني وغيره أيضاً . وصمتَ لحظة ، ثم قال : ابني يحب فيديريجو ، ويخاف عليه من ألاعيب هذه الغجرية الشابة . وأطرقت لحظة ، بابلو صادق العواطف ، حتى لو كان في كلامه بعض المبالغة ، ورفعتُ عينيّ إليه ، وقلت : أشكرك ، يا بابلو . تململ الرجل العجوز ، ثم اتجه ببطء نحو الباب ، فمشيت إلى جانبه ، وقلت : أرجو أن يبقى هذا الكلام بيني وبينك . وتوقف الرجل العجوز ، والتفت إليّ ، وقال : فيديريجو بمثابة ابني ، وتهمني راحته وسلامته . ومدّ يده إلى الباب ، وفتحه بهدوء ، وقبل أن يخرج ، ويمضي مبتعداً ، قال : عزيزتي ، خذي الأمر بمنتهى الجدية ، لا أحب أن يتكرر ، ما حدث في السابق ، لأبيه .. جوماري .
" 6 " ـــــــــــــــــــ
والآن ، ما العمل ؟ يبدو أن التاريخ يعيد نفسه ، يا ويلي ، إذا كان هذا ما يحدث ، أنا لا أريد أن أفقد فيديريجو ، كما فقدت من قبل جوماري ، عليّ أن أدافع ليس عني فقط ، بل عن ابني فيديريجو أيضاً . في الماضي ، حين علمتُ أن جوماري ، تعلق بغجرية شابة ، وكان لنا طفل هو فيديريجو ، لم أتردد ، ذهبت إلى مخيم الغجر سراً ، وتعرفت عليها . تفهمت الغجرية الشابة موقفي ، ووعدتني أن تعالج الأمر بما يرضيني ، وطلبت منها أن لا تخبر جوماري بلقائي بها ، وقد وعدتني بذلك . وفي اليوم التالي ، فوجىء جوماري باختفاء الغجرية الشابة وأهلها ، وعرف أنهم تركوا المخيم وحدهم ، ومضوا إلى جهة مجهولة . ولأيام عديدة ، حاول جوماري جهده ، أن يعرف أين مضوا ، ولماذا مضوا وحدهم ، لكن دون جدوى ، ورأيته ينعزل يوماً بعد يوم ، ويوماً بعد يوم ، بدأ يذوب ، ويذبل ، حتى انطفأ . كلا ، لن أدع فيديريجو يذبل ، ويذوي ، وينطفىء مثل أبيه جوماري ، لكن ماذا ؟ هل أدعه بإرادتي للغجرية الشابة اللعينة ؟ آه أمران أحلاهما مرّ . وأعددت طعام العشاء مبكراً ، وقد عزمت أن أتحدث إلى فيديريجو ، صحيح أنني لا أعرف ما الذي سأتحدث به إليه ، لكن فليأتِ ، وسأتحدث لعلّ وعسى . وأتى المساء ، لكن فيديريجو لم يأتِ ، وخيم الليل ، وراحت أضواء النجوم تتغامز ، في العباءة السوداء ، فعرفت أنه لن يأتي على العشاء . ورحت أتقلب متنقلة ، بين داخل الكوخ وخارجه ، وأقلب الأحاديث ، التي أريد أن أتبادلها معه ، لكني لم أستقر على رأي . وعند منتصف الليل تقريباً ، وكما يحدث كلّ يوم ، لاح فيدييريجو ، ينبثق ببطء من الظلام ، مطرق الرأس ، وتوقف على مقربة مني ، ثم قال بنبرة منهارة حزينة : أمي .. ورغماً عني ، مددت يديّ إليه ، وضممته إلى صدري ، وقلت : فيدييريجو ، بنيّ . وقال بنبرة حزينة دامعة : أبوها لا يوافق ، يا أمي ، فأنا لستُ .. غجرياً . ولذت بالصمت لحظة ، ثم قلتُ : لم تسألني رأيي . ونظر فيديريجو إليّ ، وقال : أمي ، أعرف رأيك ، أنتِ تحبينني . فقلت : نعم ، ولهذا فإني لا أريد أن أفقدك . ونظر فيديريجو إليّ صامتاً ، فتابعت قائلة : إذا أخذتها ، وهي غجرية ، والغجر يحبون التجوال ، فإنها لن تعيش معنا ، بل ستأخذك حيثما تذهب ، وأنا لا أريد أن أفقدك ، كما فقدت أباك . وقال فيديريجو ، وكأنه لم يسمعني : أريدها ، أريدها يا أمي ، بأي ثمن . وصمت ، وقد مال جسده عليّ ، فتحسستُ وجهه ، وقلت : يا ويلي ، بنيّ ، أنت مريض . وسمعته يئن متألماً ، فأسندته ، وأخذته إلى الداخل ، وأرقدته في فراشه ، آه أهو التاريخ يعيد نفسه ، لا .. لا .. فلم يعد لي في الحياة سوى .. فيديريجو .
" 7 " ـــــــــــــــــــ
لم تفارق الحمى فيديريجو ، طول الليل ، وارتفعت درجة حرارته كثيراً ، وراح يهذي حتى الفجر : تريسا .. تريسا .. تريسا . هذه الغجرية الشابة ، الساحرة اللعينة ، اسمها إذن تريسا ، ترى ماذا كان اسم تلك الغجرية الشابة ، التي تعلق بها جوماري ؟ لم أسألها ، حين لقيتها في المخيم ، صحيح أنها كانت طيبة ، ورحلت عن حياته ، لكنها كانت السبب في رحيله إلى العالم الآخر . أغفى فيديريجو قبيل الفجر ، ويبدو أنني أغفيت معه أيضاً ، وأنا جالسة إلى جانب فراشه ، وأفقت عليه يعتدل مترنحاً ، ويهم بالنهوض من فراشه متمتماً : تريسا .. تريسا .. تريسا . تشبثتُ به ، لأمنعه من النهوض ، والعودة إلى الرقاد ، وقلت بصوت متعب : فيديريجو ، عزيزي ، ابقَ في فراشك ، أنت محموم . وتمدد فيدريجو في فراشه ثانية ، وهو يتململ متمتماً : دعيني .. يا أمي ..تريسا .. تنتظرني .. لابد أن أذهب إليها الآن . ومددت يدي إلى وجهه ، كانت حرارته مازالت مرتفعة ، فقلت له مهدئة : حرارتك مازالت مرتفع ، أنت مريض ، اشفَ أولاً ، واذهب إليها . وتطلع فيديريجو إليّ بعينين محمومتين ، وقال : أمي .. أبوها لا يوافق .. لأني لست غجرياً .. أريدها يا أمي .. سأكون ما يريد .. سأكون غجرياً . وطوال أيام ، لم تزايله الحمى ، حتى خشيت عليه أن ينتهي ، كما انتهى جوماري ، وحالما خفت حرارته ، ربما في اليوم السابع من مرضه ، اعتدل مشدوه العينين ، وقال : تريسا . وملت عليه ، وقلت بصوت هادىء متعب : حمداً لله ، يا فيديريجو ، أنت اليوم بخير ، وقد خفت حرارتك ، وستشفى تماماً خلال أيام . ونظر فيديريجو إليّ بعينيه المشدوهتين ، وتمتم : تريسا .. تريسا .. تريسا . ونهض مترنحاً ، واتجه نحو الباب ، فتشبثت به ، وأنا أقول : لا تخرج ، يا فيديريجو ، لا تخرج ، أنت ما تزال مريضاً . وحاول فيديريجو أن يتملص مني قائلا : لم أرَ تريسا .. منذ أن مرضت .. لابد أنها قلقة عليّ .. دعيني .. سأذهب وأراها . وعبثاً حاولت أن أعيده إلى فراشه ، فقد تملص مني بشي من العنف ، حتى كدت أتهاوى على الأرض ، وفتح الباب ، ومضى مبتعداً ، وهو يتمتم هاذياً : تريسا .. تريسا .. تريسا . تهاويت منهارة قرب شجرة الزيتون ، ووجدتني أمدّ يدي الشائختين ، وأحضن جذعها الخشن متمتمة : جوماري .. أهي لعنة .. يا جوماري ؟ أهي لعنة .. دع فيدريجو لي .. دعه لي .. يا جوماري .
" 8 " ــــــــــــــــــــــ
كاد النهار أن ينتصف ، وفيديريجو لم يعد إليّ ، إنّ مخيم الغجر ، خارج القرية ، لكنه ليس بعيداً جداً ، لا بأس ، فلأنتظر ، إن عمري كله انتظار . وتحاملت على نفسي ، ونهضت ببطء ، والألم يضج في ظهري ، أهي السنين فقط ، آه جوماري ، تمددتَ وارتحت ، وتركت الآلام والانتظار لي . ودخلتُ الكوخ ، ورحت أعد طعام الغداء ، فيديريجو لم يفطر ، فلأعد له وجبة دسمة ، لعله يأكل جيداً ، ويبدأ باستعادة بعض قواه . وحلّ منتصف النهار ، وسطعت الشمس في قبة السماء ، لكن فيديريجو لم يعد ، وخفتت النار تحت قدر الطعام ، حتى انطفأت ، سيأتي فيديريجو بعد قليل ، وسنأكل معاً ، ككل مرة ، فأنا لا أحب أن آكل وحدي . لكن فيديريجو لم يأتِ ، لا بعد قليل ، ولا حتى بعد العصر ، وحين حلّ المساء ، وغربت الشمس ، لم أعد أقوى على الانتظار ، فخرجت من الكوخ ، حتى فاتني أن أغلق الباب ، ومضيت إلى مخيم الغجر . وصلت المخيم ، وقد خيم الليل ، ورحت أتجول متعثرة بين الخيام الرثة ، المتناثرة ، وأنا أتمتم ، كمن يهذي تحت تأثير حمى : تريسا .. تريسا .. تريسا . واعترضتني ، بين الخيام ، امرأة متقدمة في العمر ، وقالت : أيتها العجوز ،اهدئي قليلاً ، وتعالي ارتاحي في خيمتي القريبة . ونظرت إليها بعينين غائمتين ، وقلت : أريد الغجرية الشلبة .. تريسا . ومدت المرأة العجوز يدها ، وأمسكت يدي برفق وتعاطف ، وقالت بصوت طيب متفهم : أنت تريدين فيديريجو . وهززتُ رأسي المتعب ، وقلت بنفس النبرة الهاذية : أريد تريسا . ونظرت المرأة العجوز إليّ ، وقالت : مسكينة أنت ، يا أم فيديريجو . وتمتمت مرة أخرى : أريد تريسا . وتابعت المرأة العجوز قائلة : ما نواجهه ، نحن الغجر ، في تجوالنا بين القرى ، كثير وحزين ، لكن أشدها حزناً ، أن يتعلق شاب ، أو حتى رجل متزوج ولديه أطفال ، بغجرية شابة من قومنا . وتمتمت مرة أخرى ، بنبرة محمومة : أريد تريسا .. أريد تريسا .. أريد تريسا . ونظرت الغجرية العجوز إليّ ، نظرة عطف حزينة ، وقالت : تريسا رحلت . وتملكني ضيق شديد في صدري وكأني أختنق ، وشهقت قائلة : رحلت ! وهزت الغجرية العجوز رأسها ، ثم قالت : أخذها أبوها ، ورحل بها بعيداً . وخفق قلبي بشدة ، كأنه يريد أن ينفلت من صدري ، وتمتمت بحرقة : جوماري . واستدرت ببطء ، ثم تمتمت : لقد رحل فيديريجو . ومالت عليّ الغجرية العجوز ، وقالت بصوت متعاطف حزين : عودي إلى حياتك ، وانتظري ابنك فيديريجو ، لعله يعود يوماً . ومشيت متعثرة ، مبتعدة عن مخيم الغجر ، متجهة نحو القرية ، جوماري ، رحل فيديريجو ، قالتها الغجرية العجوز ، انتظري .. وسأنتظر .
" 9 " ـــــــــــــــــــ
كما وقع فيديريجو مريضاً ، بعد عودته من مخيم الغجر ، ولقائه بتريسا وأبيها ، وقعت أنا أيضاً مريضة ، عقب لقائي بالغجرية العجوز ، في المخيم . وبقيت في فراشي ، داخل الكوخ ، والحمى تشويني بحرارتها ، ويبدو أن بعض الجيران ، انتبهوا إلى غيابي ، فجاءوا إلى كوخي ، وخاصة كبيرات السن من النساء ، وقدموا لي يد المساعدة ، حتى تعافيت . لكن هل تعافيت ؟ وهل يمكن أن أتعافى تماماً ، وفيديريجو غائب عني ، ولا أدري أين هو ؟ وما إذا كان سيأتي ، في يوم ما ، أم سأبقى ـ كما قالت الغجرية العجوز ـ أنتظر . وأكثر من تردد عليّ ، وأولاني اهتمامه ورعايته ، الرجل العجوز بابلو ، وقلما غاب عني لسبب من الأسباب ، وهذا ما كان يخفف عني . وغالباً ما كان بابلو يأتي مساء ، ليجدني أجلس على مقربة من شجرة الزيتون ، فيجلس إلى جانبي ، ويتحدث إليّ . ورغم أنه لم يذكر فيديريجو مرة ، إلا أنني أعرف أنه كان يتابع أخباره ، ويستقصي عنه ، لعله يقع له على أثر ، يمكن أ يطمئنني به . وعلى غير عادته ، جاءني هذا اليوم ، قبل شروق الشمس ، ورآني أقف في باب الكوخ منتظرة ، فتقدم مني ، وحياني قائلاً : طاب صباحكِ . وأجبته بصوت متعب : طاب صباحك ، يا بابلو . وتململ بابلو ، وقال : ابني وأصدقاؤه ، سيذهبون اليوم إلى بستانكم ، ويعملون فيه ، إن فيديريجو أخوهم ، وسأذهب معهم . وأطرقت رأسي ، ثم قلتُ بمرارة : آه لم يبقَ من فيدريجو غير البستان . لم يتفوه بابلو بكلمة ، فأومأت برأسي إلى شجرة الزيتون ، وأضفت قائلة : وهذه الشجرة . ونظر بابلو إلى الشجرة ، ولم يتفوه بكلمة ، فقلتُ : أوراقها ، التي كانت خضراء ، بدأت تصفر . فنظر إليّ ، وقال وكأنه يطمئنني : لعلها عطشانة ، فالمطر لم يهطل منذ فترة . وهززتُ رأسي ، وقلت : لا ، فأنا أسقيها باستمرار ، ومع ذلك فإن أوراقها تصفرّ . واختنق صوتي بالدموع ، ولذتُ بالصمت ، فقال بابلو : أنت امرأة ، صلبة ، وصبورة ، لا تدعي اليأس أبداً يتغلب عليك . وبصوت تغرقه الدموع ، قلتُ : سأموت إذا ماتت شجرة الزيتون هذه ، إنها فيديريجو . وتلفت بابلو حوله ، وقال : بدأ الشباب والشابات يتجهون نحو البساتين ، عن إذنك ، لا أريد أن أتأخر عنهم ، وإلا قالوا عني عجوزاً . ومضى بابلو بخطوات نشيطة ، رغم أنه في عمري ، إن لم يكن أكبر مني بقليل ، فكفكفت دموعي ، وهتفت به : رافقتك السلامة ، يا بابلو .
" 10 " ـــــــــــــــــــــ
يوماً بعد يوم ، ورغم عنايتي الشديدة بها ، راحت شجرة الزيتون تذبل ، ومعها رحتُ أذبل يوماً بعد يوم ، ما الذي يجري ؟ وتراءى لي فيديريجو ، وهو يتحدث إليّ ، منذ سنوات عديدة ، أمي ، شجيرة الزيتون هذه ، هي أنا ابنك فيديريجو ، إذا سافرت ذات يوم ، ورأيتها تذبل وتنطفىء ، فهذا يعني .. وقاطعته وقتها متطيرة : لا تكمل ، يا بنيّ ، لن أدعك تسافر ، وستبقى شجرة الزيتون . وها هو فيديريجو قد رحل ، لا أدري إلى أين ، بل وبدأت شجرة الزيتون تذبل ، وتكاد تنطفىء ، و .. لا .. لا .. تنطفئي .. دعيني أنطفىء أنا أولاً ، إنني لا أقوى ، بعد أن انطفأ جوماري ، أن أراك تنطفئين ، قبل أن أنطفىء . وذات مساء ، جاءني بابلو ، وجلس كالعادة إلى جانبي قرب شجرة الزيتون ، فنظرت إليه ، وقلتُ : بابلو ، انظر إلى الشجرة . وبدل أن ينظر بابلو إلى الشجرة ، نظر إليّ بعينين حزينتين ، وقال : لا تفكري كثيراً ، ستكون الشجرة بخير ، وسيعود ابنك فيديريجو . وحدقتُ فيه ، وقلتُ : أتعرف ، يا بابلو .. ونظر إليّ صامتاً ، حتى دون استفهام ، فتابعتُ قائلة : حتى هذا اليوم ، تمنيته أن يعود ، مهما كان الثمن ، لكن الآن ، في هذه اللحظة ، لا أتمنى إلا أن يكون حياً ، أينما كان ، ومع من كان . ولاذ بابلو بالصمت ، وقد بدا متأثراً ، فنهضتُ والدموع تغرق عينيّ ، ودخلت الكوخ مسرعة ، حتى دون أن أحيي بابلو . وتمددتُ في فراشي ، وأغمضتُ عينيّ ، هل غفوتُ ؟ لا أدري ، لكنني رأيت شجرة الزيتون ، شمعة شاحبة الضوء ، تذبل .. تذبل .. وتذبل .. واعتدلت في فراشي مفزوعة ، أصيح : لا .. وصمت منصتة ، الباب يُطرق ، أهذا حلم ؟ وطرق الباب ثانية ، آه إنه ليس حلماً إذن ، وتحاملت على نفسي ، وفتحتُ الباب ، يا لله ، من ؟ سأجن ، إنني أحلم وأنا مستيقظة ، فيدريجو ! ومددتُ يديّ ، اللتين لم تعودا شائختين ، وشعرت بفيدريجو يعانقني قائلاً : أمي . وهتفت فرحة ، باكية : فيديريجو .. وقبلني فيدريجو على وجنتي ، ثم قال : أمي ، جئتُ لك بمفاجأة سارة . وتنحى قليلاً مشيراً برأسه إلى فتاة شابة ، جميلة ، وقال : هذه تريسا . اتسعت عيناي فرحاً ، ودهشة ، وتمتمت : تريسا ! وتقدمت تريسا مني مبتسمة ، وقالت : لقد سرقني فيدريجو ، بموافقة أبي طبعاً ، ما رأيك ، أتريديني في هذا الكوخ ؟ تساءلت مبتسمة : طول العمر ؟ فابتسمت تريسا ، وقالت : طول العمر . فتنحيت قليلاً ، وقلت : أدخلا إذن ، وسأغلق الباب . وأدخلتُ تريسا وفيدريجو ، وأغلقت الباب ، دون أن ألقي نظرة على شجرة الزيتون ، فأنا الآن مطمئنة إلى أنها ستنمو ، وتتكاثر ، حتى تصير لنا بستاناً من .. أشجار الزيتون .
15 / 5 / 2013
#طلال_حسن_عبد_الرحمن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رواية للفتيان فتاة الحلم طلال حسن
-
رواية للفتيان طيف الاهوار
-
اللبوة الجريحة
-
رواية للأطفال حي ابن الإنسان
...
-
رواية للفتيان جزيرة القمر
...
-
رواية للفتيان الجوهرة المفقودة طلال
...
-
رواية للفتيان كوخ في أعلى الجبل
-
رواية للفتيان إله الدمار
...
-
جايا الغزالة
-
رواية للفتيان شترا و ريشيا
...
-
رواية للفتيان النمر طلال حسن
-
الهدنة
-
رواية للفتيان وادي الافاعي
...
-
رواية للفتيان الفتاة الغزالة طلال
...
-
رواية للفتيان غابة الذئاب
...
-
رواية للفتيان الحوت الصغير طلال حسن
-
رواية للفتيان قمر من سماء عالية
...
-
روايةللفتيان الزنبقة
...
-
رواية للفتيان عينان في الماء طلال
...
-
رواية للفتيان يوهيرو الأمل
...
المزيد.....
-
التمثيل الدبلوماسي العربي في فلسطين... أهلا وسهلا بالكويت
-
معرض الدوحة الدولي للكتاب.. أجنحة ومخطوطات تحتفي بثقافات عُم
...
-
أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب
...
-
-نغم يمني في الدوحة-.. 12 مقطوعة تراثية بأسلوب أوركسترالي
-
من حارات جدة إلى قمم الأعمال.. رحلة محمد يوسف ناغي في -شاي ب
...
-
أم كلثوم بتقنية الهولوغرام في مهرجان موازين بمشاركة نجوم الغ
...
-
انطلاق احتفالية شوشا عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي 2024
-
أمسية -الارتحال والوداع في الشعر العربي- بمعرض الدوحة للكتاب
...
-
“استمتع بمشاهدة كل جديد وحصري” تردد قناة روتانا سينما الجديد
...
-
“بطوط هيطير العقول” نزل دلوقتي تردد قناة بطوط الجديد 2024 لم
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|