أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كامل الدلفي - لحظة أخيرة














المزيد.....

لحظة أخيرة


كامل الدلفي

الحوار المتمدن-العدد: 7749 - 2023 / 9 / 29 - 10:29
المحور: الادب والفن
    


لحظةٌ أخيرةٌ
قصة قصيرة

لم يَعلم أحدٌ بقصة حبِّنا ، أنا واِبنت صاحب القصر المنيف، الرجل الغريب الذي نزل مؤخرًا في محلّتِنا، ولم يخالط أهلَها إلّا لِمَاماً .. ارتأيتُ أن تكون قصتُنا طي الكتمان لم يُحِط أحدٌ بها خُبرًا . وهكذا مضت الأيامُ بيننا في طمأنينة ووئام . حتى كسفت شمسُ محبتِنا . و لم أُفصِحْ لصديقٍ أو أخ ٍ عن لوعتي، وحزني حين قرر أبوها أن يزوّجَها لأبن أخيه العائدِ من معسكرات الأسر في ايران .. كنتُ هائمًا بضياءِ وجهها، و سحر عينيها، وعذوبة طبعها ، بادلتني شغف الحبّ والهيام بعينيها ، ولأن فرصتَنا باللقاءِ و الإنفراد ببعضنا ، لا تتهيأ دائمًا ..تعلّمنا لغة العيون بدقةٍ تعبيرية هائلة .. فلم تترك لغتُنا الجديدةُ إشارةً أو معنًى لم تتضمّنه ..
وفي يوم زفافها هربتُ من المحلّة نحو مرقد مولاي الحسين ، فقضيتُ ثلاثةَ أيّامٍ في كربلاء، أطوفُ حولَ مقامه، وأصلي لله، و أدعوه بحق صاحبِ المقام أن يمنحنى الصّبرَ والسلوانَ، و يُلّهمُني نسيانَ عشقِها
و يطفئُ في قلبي جمرَ الحنين إليها ..
ثُمَّ عدتُ أدراجي ، ومرَّت اَلْأَيَّامُ ، وَكتَبتْ عن خيْبتي اَلْأَشعارَ وَالْخواطرَ ودوَّنتُ الذكرياتِ وَاتسعتِ اَلشِقَّةُ بيْننا .. و ارتبطتُ بسيدةٍ أخرى زوجةً ، و صار لزامًا أن ينشغل كلّ منّا بتفاصيل حياته و شؤونه، وصرت بالكاد أسمع عنها، لكنّ قلبي لم يُلغِِ منزلتَها فيه .. وظلّ يؤثثُ رمزية حبّها ويديمُ من سرّيّته، ويضفي عليه مسوحَ القداسة .. فلا أحدَ بين ناسنا على علمٍ بتلك القصّة ، اللهُ وحدَهُ مَن يعلمُ ..
وبعد أربعين عامًا خلت، و في ذاتِ مساءٍ خريفيٍّ كنتُ أعَالجُ مرضايَ في صالة الطّوارئ ..
جاءوا بمريضةٍ في نَفسٍ أخيرٍ يحملُها أبنائُها الثلاثةُ ورابعتُهم أُختُهم ، يتبعُهم قومٌ ٱخرون وقفوا عند باب الصالة .. أخذتني معالمُ اِبنتِها إلى عالمٍ نفيسٍ تسرّبت من بين يديّ فرصةُ أن أكون منه وفيه ، فأنا أراها هي التي تقف الساعة أمامي ..
هل حقا أن القدر يحطّم قوة العادات و يلغي أحكامها و يجمع قلبين إلى بعضهما بعد فراق طويل ؟
هل هو رقيق ورؤوف إلى هذا الحدّ ، ام أنّه أحمق و بليد مثل بقية الخطوب ،فهو لم يسأل نفسه ما نفع قلبين من أن يجتمعا في لحظة يفترقا فيها إلى أبد ..؟
في هذه اللحظة وضعوها على السرير فدنوّت منهم .. و كان زميلي أقرب مني إليها، فباشر في فحصها، و اسعافها .. نظرتُ في وجهها و شعرتُ من ضياءِ مُحيّاها بأنّها تُحَيّيني فقد رأتني بعينِ قلبها، وإن كانت غائبةً عن الوعي . شاركت زميلي في اسعافها، غير أن قلبها توقف عن النبض، ولم تعد اسعافاتنا تنفع لعودة الحياة إليه ... باشر زميلي في إعداد تقرير الوفاة وكتب في حقل سبب الوفاة "جلطة قلبية" .. فمسكت يده .. تفاجأ من حركتي،. و عيناه تسألاني ماذا هناك ؟ قلت : الأمر ليس جلطة .. لكنّ قلمه سبق وكتب، ثم أمضى وختم .. دنا مني ابنها الأكبر وقد فطن لما قلت قبل قليل ، فقال و ماهو برأيك سبب الوفاة يا دكتور ؟ فقلت : العمر لك يا ابني .. قلب حواء له من الأسرار ،
و الخفايا ما لا يحيط به ٱدم ..



#كامل_الدلفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احاديث أم حمزة- قصة قصيرة
- العراق ، محو الوطن والغاء المواطنة هدف عالمي يديره وكلاء الن ...
- ملامح تنويرية في الفكر الديني المعاصر
- 50 مليار دولار فائض صادرات النفط العراقي - الشحمة والبزون -
- التمييز في الرؤية والاستبصار قي الرؤيا ، اجراء لافكاك عنه.
- القناعة بالمقسوم وحاجتها الى التدقيق والمراجعة
- احاديث العام الجديد - الوباء واللقاح في ثنائية الفقر والغنى.
- صراع الأضداد أم وحدتهم في المؤسسة الاميركية..
- اللغة العربية سلاح للوحدة العراقية.
- العام الجديد : قيح وأورام في رئتي العراق
- ما اعتقده في العملية السياسية
- الثعلب الماكر
- نبوءة السياب : يا خليج يا واهب المحار والردى
- النظام الأكبر هجنة في التاريخ ..محنة الإنسان في العراق
- ملاحظات عن ضرورة انبثاق مدرسة عراقية في كتابة تاريخ العراق.
- الحقيقة في زمن الكورونا لن تقبل شكاً.
- ثمة ما يقال في تصحيح سرديات الهوية العراقية.
- خيارات المجاز .. باب الفقه الوطني
- شعب يفرط بهدوءه..و يخزن فوق طاقته حذر الموت..
- ما قبل وما بعد كورونا، فرصة إثبات الذات الوطنية.


المزيد.....




- السفارة الروسية في بكين تشهد إزاحة الستار عن تمثالي الكاتبين ...
- الخارجية الروسية: القوات المسلحة الأوكرانية تستخدم المنشآت ا ...
- تولى التأليف والإخراج والإنتاج والتصوير.. هل نجح زاك سنايدر ...
- كيف تحمي أعمالك الفنية من الذكاء الاصطناعي
- المخرج الأمريكي كوبولا يطمح إلى الظفر بسعفة ذهبية ثالثة عبر ...
- دور النشر العربية بالمهجر.. حضور ثقافي وحضاري في العالم
- شاومينج بيغشش .. تسريب امتحان اللغة العربية الصف الثالث الاع ...
- مترو موسكو يقيم حفل باليه بمناسبة الذكرى الـ89 لتأسيسه (فيدي ...
- وفاة المخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد عن 70 عاما
- بسررعة.. شاومينج ينشر إجابة امتحان اللغة العربية الشهادة الا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كامل الدلفي - لحظة أخيرة