العنصرية بريطانية وشهيرة مثل كوب الشاي الإنكليزي ،كيهيند أندروز

محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث
(Mohammad Abdul-karem Yousef)

الحوار المتمدن-العدد: 7739 - 2023 / 9 / 19 - 11:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

العنصرية بريطانية وشهيرة مثل كوب الشاي الإنكليزي
بقلم كيهيند أندروز
تم النشر في 19 نيسان 2018
ترجمة محمد عبد الكريم يوسف
ملاحظة المحرر: كيهيند أندروز أستاذ مشارك في علم الاجتماع بجامعة برمنغهام سيتي ومؤلف الكتاب القادم "الراديكالية السوداء". الآراء الواردة في هذه المقالة تنتمي إلى المؤلف.
سي إن إن
من المفترض أن تحتفل بريطانيا بمرور 70 عاما على وصول السفينة البخارية ويند رش Windrush، التي جلبت معها 500 شخص من منطقة البحر الكاريبي وكانت بمثابة بداية الهجرة الجماعية إلى المملكة المتحدة من الإمبراطورية البريطانية.
لكن المزاج الاحتفالي تحطم عندما أدرك أن عددا من أبناء جيل ويندراش - الذين هاجروا وهم أطفال وأمضوا عقودا في بريطانيا - تم تصنيفهم على أنهم مهاجرون غير شرعيين، وبالتالي يفقدون وظائفهم، ويتم احتجازهم في مراكز الهجرة بل ويواجهون خطرا كبيرا. الترحيل إلى بلدان التي لا ذاكرة لهم فيها.
وأجبرت الضغوط العامة والسياسية رئيسة الوزراء تيريزا ماي على الاعتذار. لكن سياسات حزبها المحافظ هي التي خلقت الفضيحة في المقام الأول.
تم الترحيب بجيل ويندراش للمساعدة في إعادة بناء الأمة بعد الحرب العالمية الثانية، قبل أن تفرض بريطانيا قيودا على الهجرة بدءا من الستينيات.
والمشكلة هي أنه على الرغم من أن أي شخص هاجر قبل عام 1973 ينبغي أن يكون له الحق التلقائي في البقاء، إلا أنه كان أطفالا في ذلك الوقت وربما لا يملك وثائق تثبت وضعه.
والآن أصبح الناس محاصرين في "البيئة العدائية للمهاجرين غير الشرعيين" التي أنشأها شهر أيار، والتي عززت من واجب أماكن العمل في إجراء عمليات فحص الهجرة. ومن خلال هذا النوع من الشيكات يتم إعلان أن المقيمين منذ فترة طويلة غير قانونيين.
ولكي نفهم الأزمة والسياق السياسي الذي تعيش فيه، فيتعين علينا أن نعود إلى تصويت بريطانيا لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2016. حتى أن بعض القادة الذين شاركوا في الحملة من أجل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فوجئوا بتصويت الجمهور بفارق ضئيل لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي.
وكانت الهجرة مصدر قلق بالغ، وكان التعهد بـ "استعادة حدودنا" لوقف الهجرة غير الخاضعة للرقابة هو الفائز بالتصويت. وكانت المشاعر العامة ضد الهجرة قبل التصويت قد أدت إلى تحويل سياسات كل الأحزاب الرئيسية نحو اليمين.
خلال فترة ماي كوزيرة للداخلية، وضعت وزارة الداخلية البريطانية بعضا من أكثر سياسات الهجرة قسوة في تاريخ بريطانيا، والتي تضمنت إرسال شاحنات صغيرة لإخبار المهاجرين غير الشرعيين "بالعودة إلى ديارهم"، وإجراء عمليات ترحيل منتظمة والسماح للأفارقة بالغرق في البحر الأبيض المتوسط. ويجل أن تكون رادعا للمهاجرين المحتملين.
وفي مناشدتهم للناخبين من الأقليات، وعد أولئك الذين يدفعون لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بأن الحد من الهجرة من أوروبا يعني أن بريطانيا يمكن أن تعيد التعامل مع إمبراطوريتها السابقة، المعروفة الآن باسم الكومنولث.
كان لكراهية الأجانب ضد الأوروبيين الشرقيين جاذبية معينة في بريطانيا السوداء، بالنظر إلى أنه في نفس الوقت الذي كانت فيه الهجرة غير المحدودة من الاتحاد الأوروبي، كانت القيود المتزايدة المفروضة على الحركة من الكومنولث تُفرض.
كانت سياسة الهجرة البريطانية تشتمل دائما على مسار واحد للمهاجرين البيض ومسار آخر أكثر تقييدا للأغلبية العالمية ــ وكانت الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي مجرد أحدث مثال. لكن خطاب السياسيين اليمينيين كان عنصريا بشكل واضح لدرجة أن قلة قليلة من الناس صدقوه.
وكما لاحظ ديفيد لامي، عضو البرلمان من حزب العمال، "عندما تكذب مع الكلاب فإنك تصاب بالبراغيث"، وقد رفضت الغالبية العظمى من السود في بريطانيا مبادرات التصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ونظرا للمساهمة التاريخية التي قدمتها المستعمرات لبريطانيا، كان استياء مجتمعات السود من قضية الهجرة أمرا مفهوما.
غالبا ما يُنظر إلى الهجرة من منطقة البحر الكاريبي إلى المملكة المتحدة على أنها طوعية، ولكن هذا هو الحال فقط إذا تجاهلت حقيقة أن أسلافنا تم نقلهم إلى الجزر مقيدين بالسلاسل.
تعتبر عمالة العبيد أساس التقدم البريطاني، حيث كانت الأرباح الناتجة عن سلع مثل القطن والسكر والتبغ هي المحرك للثورة الصناعية. لقد نمت مدن الموانئ الإنجليزية مثل ليفربول وبريستول بالكامل تقريبًا من تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي، وكانت الأرباح عميقة في جميع أنحاء المجتمع.

بعد انتهاء العبودية، ظلت منطقة البحر الكاريبي في علاقة استعمارية، حيث كانت توفر العمالة والموارد ورأس المال للبلد الأم. وفي كلتا الحربين العالميتين، قدمت المستعمرات أغلى الموارد البشرية، وأراقت دماءها دفاعا عن الإمبراطورية.
لذا، عندما انطلقت الدعوة لإعادة بناء بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية، لم يكن من المستغرب أن يقوم كثيرون بهذه الرحلة للمساعدة في بناء دولة الرفاهية. قبل الاستقلال، كانت جامايكا - التي أتت منها الأغلبية في ويندراش - جزءا لا يتجزأ من بريطانيا مثل لندن، وكان المهاجرون ينتقلون من جزء من الإمبراطورية إلى آخر.
لسوء الحظ، نظرت بريطانيا إلى سكانها المستعمرين على أنهم ليسوا مواطنين، بل رعايا يمكن استغلالهم وإساءة معاملتهم بما يتناسب مع إرادة البلد الأم.
إن إنكار مركزية المستعمرات في تقدم بريطانيا يكاد يكون هواية وطنية.
قبل أن يهاجر أي شخص من منطقة البحر الكاريبي، كنا بالفعل جزءا من بريطانيا: فدمائنا وكدحنا محفوران حرفيا في أساس الأمة. إن معاملة جيل ويندراش Windrush مروعة، ولكنها للأسف ليست مفاجئة. العنصرية بريطانية مثل كوب الشاي الانكليزي.

المصدر:
=====
Racism is as British as a cup of tea,By Kehinde Andrews, Published Thu April 19, 2018
https://edition.cnn.com/2018/04/19/opinions/racism-as-british-as-a-cup-of-tea-opinion-intl/index.html

#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات