أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضي السماك - لا ليست هذه الهند التي عرفناها















المزيد.....

لا ليست هذه الهند التي عرفناها


رضي السماك

الحوار المتمدن-العدد: 7728 - 2023 / 9 / 8 - 20:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


للهند موقع أثير في نفوس العرب منذ القِدم، وعلى الأخص لدى سكان منطقة الخليج والجزيرة والعراق، ولا أظنني بحاجة لتذكير القراء بأشكال العلاقات العريقة المتعددة التي تربط شعوب هذه المنطقة من العالم العربي بالهند في شتى المجالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، والضاربة بجذورها الحضارية إلى أعماق التاريخ . والهند أيضاً من الروافد الحضارية العالمية القديمة التي نهلت منها حضارتنا العربية -الإسلامية، بل ومعظم الحضارات العالمية الكبرى المهمة.
ولقد تفتحت مدارك أبناء جيلي على تاريخ الهند السياسي الحديث، وعرفنا كيف استلهمت طريقها النضالي الخاص للتحرر من ربقة الاستعمار البريطاني، بقيادة زعيمها الأسطوري المهاتما غاندي، بالوسائل السلمية، وهو الطريق الذي نجحت فيها وتكلل بالنصر 1947، ثم اختطت الهند طريقها لبناء الدولة الحديثة من خلال الحكم الديمقراطي القائم على التعددية السياسية، وفصل السلطات الثلاث، و ضمان استقلالية القضاء، والمواطنة الواحدة في المساواة بين المواطنين كافة، أياً تكن دياناتهم وطوائفهم وأعراقهم، وكذلك ضمان الحريات العامة، سيما حرية الصحافة وحق التظاهر . وهذا الأسلوب في الحكم هو الذي حفظ للهند سلمها الاجتماعي لعقود طويلة بعد الاستقلال، لا بل كان حكمها الديمقراطي مبعث إعجاب العالم، كواحدة من دول العالم الثالث التي يقطنها أوسع موزاييك في العالم من التعدديات العرقية والدينية والمذهبية واللغوية والحزبية.وكان لحكم حزب المؤتمر الوطني-الطويل نسبياً في الحكم- بقيادة جواهر لال نهروا دور في تعزيز ديمقراطية وعلمانية الدولة، مما ساعد على تحقيق أكبر قدر ممكن من العدالة بين فئات الشعب، وبفضل ديمقراطية وعلمانية الدولة أمكن تفادي تفجر التناقضات الطبقية الخطيرة،ومن ثم قطع الطريق على تجار تأجيج النزعات الدينية والقومية الذين برعوا بعدئذ لتحويل تلك التناقضات الطبقية إلى صراعات عرقية أو دينية. وكان الرمز الوطني الكبير نهرو أيضاً يُنظر إليه أيضاً ليس باعتباره واحداً من أبطال الإستقلال فحسب، بل وواحداً من الرموز الكبرى الراعية لمؤتمر باندونج التاريخي 1955 الذي وضع اللبنة الأولى لسياسة عدم الانحياز بين المعسكرين الرأسمالي والإشتراكي الغربي التي تبنتها الدول حديثة الاستقلال، وهي سياسة كانت معادية للأحلاف الدولية، ومنعت -إلى حدما- حلف الأطلسي من جر هذه الدول الفتية إلى تحت مظلته الأمبريالية.
لكن بعد وفاة لا نهرو آل الحكم في زعامة الحزب والدولة لابنته أنديرا غاندي والتي اكتسبت شعبية معقولة لسنوات، لكن سرعان ما أخذت هذه الشعبية تضمحل تدريجيا؛ لأخطاء قاتلة في تفهم الثقافة الشعبية السائدة، وبخاصة عندما أتبعت سياسة فرضها التعقيم الأجباري على المواطنين بمختلف فئاتهم، وهو ما أفضى لاحقاً إلى تنامي التيارات اليمينية الشعبوية ، وخاصة الهندوسية منها ، والتي عرفت كيف تستغل تلك الأخطاء لتحقيق شعبيتها، حتى وصلت ذروة قوة هذه التيارات خلال العقدين الماضيين،ثم تتوجت بفوز حزب "بهاراتيا جاناتا" اليميني الشعبوي الهندوسي بزعامة رئيس الوزراء الحالي ناريندرا دامودارداس مودي ووصوله إلى السلطة2014، وبدت سبحة النسيج الاجتماعي بخرزاتها الجميلة متعددة الألوان على وشك الانفراط؛ جراء سياسة الحزب المنافية لحقوق الأقليات، وعلى الأخص تجاه الأقلية المسلمة حيث تفاقمت الاعتداءات الوحشية عليهم من قِبل العنصريين الهندوس.
وكان لإقدام الحكومة الحالية على تعديل قانون الجنسية الذي يمنح حق التجنيس للأقليات الدينية الوافدة من باكستان وبنغلاديس وأفغانستان، ما عدا المسلمين من هذه الدول ، أعطى مؤشراً خطيراً على تبنيها سياسات منافية لمبدأ المواطنة الواحدة دون تفرقة أو تمييز في التشريعات،وهذا ما شجع بدوره العنصريين الهندوس على التمادي في استفزازاتهم واعتداءاتهم على المسلمين الهنود الآمنين في بيوتهم وفي الأسواق وعلى مساجدهم. وكان واحداً من أخطر الأعتداءات تلك التي جرت في دلهي العام الماضي وراح ضحيتها أكثر من 50 مواطنا جلهم من المسلمين،ومنذاك استمر حثيثاً مسلسل هذه الاعتداءات التي يقوم متطرفون هندوس دون أن تحرك الحكومة ساكنا، اللهم تصريحات أحيانا خجولة لطمئنة المسلمين.
ومؤخراً أمرت معلمة هندوسية في "أوتار براديش" جميع طلبة فصلها الأطفال بأن يتناوبوا على صفع زميل مسلم لهم بكل قوة؛ لأنه لم يحل جدول الضرب ففعلوا ذلك! واستنكرت منظمات حقوق الإنسان العالمية هذه البشاعة التي هزت الضمير العالمي، فيما بررت المعلمة توكيل تلاميذها لمعاقبته بدلاً منها لكونها مقعدة!. أكثر من ذلك قامت الرئيسة الهندية دروبادي مورمو، وبمناسبة احتضان الهند قمة العشرين بتوجيه دعوات لحضور مأدبة عشاء إلى رؤووس الوفود والضيوف الذين سيحضرون المؤتمر باسم" رئيسة بهارات"، ومع أن هذا الاسم هو فعلاً مسمى أرض الهند التاريخية القديم، ومستمد أيضاً من اللغة السنسكريتية القديمة ، لكن هذا الأجراء غير خافي الدلالات فيما يرمي إليه الحزب الحاكم من تأكيد وشحن النزعة القومية الهندوسية لدى الجماهير الهندوسية وهي السياسة التي يتبناها الحزب الشعبوي القومي الحاكم.
ولعل واحداً من المثالب الخطيرة المزمنة التي تهدد النظام الديمقراطي، ويهدد بتقويضه وزعزعة الاستقرار السياسي في أي دولة تتبناه، عدم وجود آليات صارمة تمنع الأحزاب الشعبوية ذات الشعارات العنصرية من حق الترشح للانتخابات ما يسمح لها الوصول إلى البرلمان والوصول إلى السلطة .
وإذا كان هذا ينطبق على الدول الديمقراطية العريقة الغربية، فمن باب أولى أن ينطبق على دول الديمقراطيات الفتية كما في العالم الثالث. وصفوة القول أنه مالم تأتلف كل القوى الهندية التي يعز عليها نظامها الديمقراطي الحالي المهدد بالزوال والذي قدمت في سبيله تضحيات هائلة، فإنه لا يُستبعد أن يؤول هذا النظام إلى نظام شبيه بالنظام النازي الألماني، والذي وصل هو الآخر بالمناسبة إلى السلطة عن طريق صناديق الانتخابات! وعندها لربما تنزلق البلاد إلى هاوية سحيقة غير مأمونة العواقب، لتغدو بذلك الهند ليست الهند التي عرفناها وتباهينا بديمقراطيتها العتيدة مقارنة بجاراتها ذات الأنظمة المستبدة التي تسببتىفي الصراعات والحروب الداخلية المدمرة في بلدانها !



#رضي_السماك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياسة والأسماء والهويات الطائفية
- السياسة والأسماء والهويات الطائفية
- منى عبد الناصر والإشتراكية على الطريقة الناصرية
- جنين بين النكبة والصمود
- صولتان لإعصار ضواحي باريس
- الحديث الأخير مع ناظم ( 3- 3)
- الحديث الأخير مع ناظم (2- 3 )
- الحديث الأخير مع ناظم( 1- 2)
- كوارث قوارب الموت.. من يتحمل المسؤولية؟
- ستون عاماً على رحيل ناظم حكمت
- صراع العسكر ومستقبل السودان
- أما زالت القضايا القومية ذات راهنية؟
- الرأسمالية والإنفاق على أسلحة الدمار الشامل
- الحرب الروسية الأوكرانية وحروب الأستدراج
- أي مصير لنفائس الكتب النادرة؟
- لماذا فشلت الثورة المضادة في البرازيل ؟
- ثلاث فضائح عالمية بجلاجل
- سقي الله دار الساقي
- السيناريست نجيب محفوظ
- السينارست نجيب محفوظ


المزيد.....




- الأردن.. عيد ميلاد الأميرة رجوة وكم بلغت من العمر يثير تفاعل ...
- ضجة كاريكاتور -أردوغان على السرير- نشره وزير خارجية إسرائيل ...
- مصر.. فيديو طفل -عاد من الموت- في شبرا يشعل تفاعلا والداخلية ...
- الهولنديون يحتفلون بعيد ميلاد ملكهم عبر الإبحار في قنوات أمس ...
- البابا فرنسيس يزور البندقية بعد 7 أشهر من تجنب السفر
- قادة حماس.. بين بذل المهج وحملات التشهير!
- لواء فاطميون بأفغانستان.. مقاتلون ولاؤهم لإيران ويثيرون حفيظ ...
- -يعلم ما يقوله-.. إيلون ماسك يعلق على -تصريح قوي- لوزير خارج ...
- ما الذي سيحدث بعد حظر الولايات المتحدة تطبيق -تيك توك-؟
- السودان يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن للبحث في -عدوان الإم ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضي السماك - لا ليست هذه الهند التي عرفناها