أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سليم يونس الزريعي - الصهيونية الدينية من الأطراف للسلطة (دراسة) الجزء السابع













المزيد.....

الصهيونية الدينية من الأطراف للسلطة (دراسة) الجزء السابع


سليم يونس الزريعي

الحوار المتمدن-العدد: 7720 - 2023 / 8 / 31 - 10:50
المحور: القضية الفلسطينية
    


الفصل السادس
حكومة الصهيونية الدينية تفجر التناقضات الداخلية

عندما يهدد أفراد من قوات احتياط الجيش الصهيوني بأنهم لن يلتزموا باستدعاء الجيش لهم إذا ما استمرت إجراءات حكومة نتنياهو- سموتريتس – بن غفير بتعديل صلاحيات المحكمة العليا، فهذا مؤشر على عمق الأزمة التي فجرتها مساعي حكومة أحزاب الصهيونية الدينية لدى تجمع المستجلبين الصهاينة في كيان الاحتلال.
وهي لا تعدو عن كونها أحد تمظهرات أزمة الكيان الصهيوني البنيوية الممتدة، التي طفت على السطح يسبب توجهات الحكومة الفاشية الجديدة مما أحدث انقساما على صعيد النخب الفكرية والسياسية والإعلامية وصلت إلى الجيش ( المقدس) كونه كان دائما فوق الخلافات وإلى الشارع المنقسم والمشتبك ، حتى بلغ الأمر حد شارع في مواجهة شارع.

الانقسام في المسلمات السوسيولوجية
الكاتب عاموس ايلون رأى أن كيانهم تحول إلى بلد شديد الانقسام على نفسه فيما يتعلق بالمسلمات الأساسية بحياته السوسيولوجية-السياسية وخصوصاً بعد احتلال الضفة الغربية وقطاع غزه، الأمر الذي يمكن تبسيطه بالقول إن "إسرائيل" في حرب عام 1967 “ألحقت هزيمة نكراء بالعالم العربي ولكنها في الوقت ذاته تسببت لنفسها ببداية أزمة سياسية وثقافية واجتماعية لا تزال تأخذ مجراها قدما من التصاعد والتعقيد”. (1) وعناصر هذه الأزمة كثيرة من أبرزها: قضية الهوية اليهودية (من هو اليهودي؟) وتطبيع الشخصية اليهودية، ومشكلة اليهود الشرقيين، وهوية الدولة اليهودية، والأزمة السكانية السوسيولوجية المقترنة بالأزمة الاستيطانية والديموغرافية والاثنية، وسائر الشؤون المتعلقة بحدود الدولة.
وهذه العناصر ما هي في الواقع سوى تجليات لحقيقة انفراط العقد السوسيولوجي السياسي الإسرائيلي أو على الأقل تآكله بنسبة كبيرة، الأمر الذي يتجلى أيضا في تزايد حدة التنافر والشرذمة والاستقطاب السياسي والاجتماعي، وإلى نشوء أزمات سلطة وحكم، وفي قصر عمر الحكومات وتهاوي العديد من الزعامات والقيادات خلال فترات وجيزة. ولكن مع كل هذا التداعي والتآكل فإنه يظل هناك إجماع يهودي-صهيوني شبه كلي لم يتعرض للتآكل، ويتمحور حول رفض الاعتراف بحقوق الفلسطينيين الإنسانية والسياسية وخصوصاً حقهم الشرعي والتاريخي في أرضهم المغتصبة.(2)
ورأى الكاتب أن الأحزاب الدينية وفّرت للكيان الصهيوني مستلزمات جموحه الإمبريالي في حين كان الآباء المؤسسون لهذا الكيان كلهم تقريبا ملحدين غير مبالين بالدين، مع أن تشريعهم للمشروع الصهيوني برمته أتى من الحكايات والأساطير والمدونات التوراتية التي وجدت لها صدى لدى ما “يسمى الصهيونية المسيحية” المتمثلة في المذهب البروتستانتي الانكليكاني. ومنذ العام 1967 حولت الصهيونية الدينية، التي غالبا ما توصف بالنزعة المسيحانية الخلاصية والأصولية، الخطابة الصهيونية الهرتسلية من الطموح العلماني لإنشاء “دولة اليهود” ذات السيادة، إلى استعادة “أرض ‘إسرائيل الكاملة” بحسب سفر الرؤيا. وتطورت الأصولية اليهودية ورافقت نجاحات الصهيونية في حروبها واعتداءاتها على الدول العربية، وتحولت إلى قوة سياسية وثقافية رئيسية على الساحة الإسرائيلية لها بالغ التأثير في مواقف والتزامات الكثيرين من القادة الإسرائيليين من سياسيين وعسكريين في شتى المناسبات.(3)
وذكَّر الكاتب عاموس ايلون بأن دعاة وأنصار الصهيونية الدينية كانوا قد شرعوا منذ بداية الثمانينات ومطلع السبعينات في المطالبة بفك عرى التحالف مع الدولة العلمانية. وأدت سياسات حزب العمل المتعلقة بعملية التسوية مع العرب إلى تبديل حلفائه من المعسكر الديني. فحزب شاس صار حليفا له في ائتلاف عام 1992 وأيد سياساته تلك في مقابل استمرار تدفق المساعدات المالية على مؤسسات شاس وهو الهدف الأول لهذا الحزب باستمرار.(4)

أما موضوع التسوية مع العرب فيرى شاس أن التنازل عن أجزاء من الأراضي المحتلة عام 1967 هو أمر يحدده جنرالات الجيش الذين في استطاعتهم تحديد ما يحقق امن الدولة ويحافظ على أرواح اليهود. وبالنسبة لحزب المفدال الحليف التاريخي لحزب مباي، فقد عارض بشدة عملية التسوية وانضم إلى دعاة الحفاظ على كامل الأراضي المحتلة في الضفة والقطاع والجولان، وهكذا صار حليف الأمس معارضاً اليوم، ولم تقتصر المعارضة الدينية لسياسة حزب العمل بزعامة إسحق رابين على هذه الحدود، بل إن الصراع الديني العلماني تقاطع مع صراع دعاة التسوية مع العرب ودعاة “إسرائيل الكبرى” من اليهود، الأمر الذي تصاعد بصورة دراماتيكية وأدى إلى هدر دم رئيس الحكومة إسحق رابين بفتوى شرعية من قبل الأصولية اليهودية وذلك في أعقاب حملة مسعورة من الشحن والتحريض ساهم فيها أيضا اليمين الشوفيني المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو المعروف بقدراته الديماغوجية الإعلامية المميزة.(5)
أما بالنسبة للأحزاب والحركات ذات الطابع اليهودي الرسمي مثل حزب شاس وحزب يهدوت هاتوراه فرأت أن الصهيونية السياسية والدينية على حد سواء قد انحرفتا عن طريق اليهودية الحقة، وأن فريضة “استيطان أرض الميعاد” ليست سوى فريضة واحدة من أصل 613 فريضة. وبالتالي فمركزية أرض إسرائيل ليست هدفا بحد ذاته ولا هي غاية الوجود اليهودي برغم أنها تشكل شرطا للمحافظة على وجود الشعب اليهودي والتوراة. ومن هنا فإن هذه الأحزاب توجه جلّ اهتمامها في الأساس إلى شؤون العلاقة بين الدين والدولة أكثر من اهتمامها بشؤون الدولة والسياسة الخارجية، فهي تسعى إلى تعزيز الطابع الديني للدولة، ولو في حدوده الرمزية الشكلية، وفرض تعاليم التوراة على المجتمع حسب رؤيتها الخاصة (فرض الطعام الحلال - كاشير - ومنع تجنيد الفتيات في الجيش...) وإذا أيدت هذه الأحزاب الانسحاب من جزء من الأراضي المحتلة فهذا يكون انطلاقاً من نص توراتي يقول: “من أنقذ روحا من شعب إسرائيل أنقذ عالما بأكمله”. ومن هنا أيد زعيم حزب شاس يتسحاق بيرتس التفاوض مع منظمة التحرير الفلسطينية واعتبر أن الدين مفضل على الديمقراطية. (6)

الجدير بالذكر أن اليهود الأميركيين المعارضين للتسوية ساهموا في تقوية وتأييد اليهود المتطرفين، وقد قال عنهم رابين “كلامهم كثير ومساعداتهم قليلة” كما وأن اليمين المتطرف تمكن من اختراق أجهزة الاستخبارات (الشاباك) التي غطت على أعمال التحريض ضد رابين وضد اتفاق أوسلو، وعمل على تقديم عدة خدمات للمنظمة المتطرفة “ايال” التي خرج منها يغال عمير قاتل رابين.(7) أما "يوفال ديسكين" الرئيس السابق لجهاز الأمن العام الصهيوني فقد نشر مقالة في صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، قبل أيام من الانتخابات الأخيرة تحت عنوان "نحن على شفا حرب أهلية"، قال فيها: إن الصراعات والتناقضات الخفية داخل "المجتمع" الصهيوني التي بدأت تظهر على السطح وتأخذ أشكالا عنيفة وخطيرة، قد تؤدي إلى تفكك هذا المجتمع، وربما تصل إلى حرب أهلية، وأن الصراع العربي الإسرائيلي هو ما يمنع تطور هذه التناقضات الحادة إلى حرب أهلية.(8)
وأساس هذه التناقضات تعود إلى أن "المجتمع" الصهيوني - لا يجوز تسميته بالمجتمع – كونه عبارة عن تركيبة ديمغرافية متناقضة، وخليط غير متجانس من الجماعات، ذات الأصول المتباعدة عرقيا وثقافيا وفكريا، مع أنها جميعها تشترك في أيديولوجية واحدة هي الأيديولوجية الصهيونية العنصرية، إذا استثنينا حزب ميرتس الإسرائيلي الذي خرج من الكنيست، والمصنف إسرائيليا على أنه "يساري" صهيوني يؤمن بالصهيونية، ولكنه يرفض يهودية الدولة وقوانينها العنصرية، وينادي بالمساواة للعرب الفلسطينيين داخل مناطق ال ٤٨ ومبدأ حل الدولتين.(9)
هذا التناقض الذي أشار له "ديسكين"، وغيره من القادة الصهاينة، ينمو ويتصاعد وقد يصل إلى الانزلاق في سلسلة من الصراعات الداخلية العنيفة، التي قد تؤدي في النهاية إلى تفكك داخلي، وربما إلى حرب أهلية داخلية، كما أشار في وقت سابق عدد من الزعماء الإسرائيليين، ومنهم زعيم حزب العمل الأسبق أيهود باراك، وجابي ايزنكوت عضو الكنيست عن قائمة معسكر الدولة بزعامة بيني غانتس، ويوسي بيلين وبعض الكتاب والصحفيين "الإسرائيليين"، منهم الكاتب اليساري جدعون ليفي وعاموس هرئيل وآخرين. وجاءت انتخابات الكنيست الخامسة والعشرين لتعزز هذا التناقض وتكشف عن التنامي المضطرد، لأحزاب الصهيونية الدينية المتطرفة والأحزاب اليمينية العنصرية المتشددة قوميا ودينيا، كحزب الصهيونية الدينية بزعامة الثلاثى الكاهانى: بتسلئيل سموتريتش زعيم حزب الصهيونية الدينية، وايتمار بن غفير زعيم حزب العظمة اليهودية، وآفي ماعوز زعيم حزب نوعام المتشدد، إضافة لحزب اليهود المتدينين الشرقيين "شاس" بزعامة آرييه درعي، وحزب اليهود الغربيين يهودوت هتوراة بزعامة يتسحاق جولد كنوبف، التي حصلت ثلاثتها (الصهيونية الدينية وشاس ويهدوت هتوراة) على ٣٢ مقعدا، متساوية بذلك مع حزب الليكود، وأعتقد أنها لن تقبل بأقل من نصف عدد وزراء حكومة نتنياهو، لتتمكن من تنفيذ مبادئها وبرامجها الدينية المتشددة، وسيرضخ الثعلب نتنياهو لتلك المطالب، لأنه لا يوجد لديه خيارات أخرى، بعد أن رفضت باقي الكتل الدخول معه في الائتلاف.

إن التقارب والتزاوج بين الأيديولوجية الصهيونية القومية والفكر الديني المتطرف، أعطى قوة للصهيونية الدينية، التي يشكل المستوطنون نواتها الرئيسية وأصبحت الصهيونية الدينية تجمع بين التطرف القومي والتطرف الديني الحريدي، وهذا يشكل خطرا كبيرا على باقي مكونات الجمهور الصهيوني العلماني، خاصة في ظل النمو المضطرد لحركة الصهيونية الدينية والأحزاب الدينية التي حصلت على ٣٢ مقعدا في الانتخابات الأخيرة، أي بزيادة ١٢ مقعدا عن الانتخابات السابقة، وهنا يكمن جوهر الخطورة، لأن تلك الأحزاب، ستطالب بحقها الكمي في فرض قوانين تتلاءم مع جوهر أفكارها الدينية التوراتية المتطرفة، وبالتالي سيشكل ذلك بداية للتصادم الحتمي مع باقي مكونات "المجتمع" الصهيوني من علمانيين ويمين ليبرالي ويسار الوسط من الطبقة الوسطى ومجتمع المثليين الذين لن يقبلوا التعايش مع قوانين دينية متشددة، تكبح من حريتها في اختيار منهج حياتها العلمانية، فوفقا لإحصائيات رسمية، فإن ٤٤% من اليهود هم علمانيون واليهود التقليديون ٣٤% فيما يشكل اليهود المتدينون نسبة لا تزيد عن ٢٠% في الوقت الحاضر.(10)

إن تنامي حزب الصهيونية الدينية المتطرف هو نتاج لأزمة بنيوية لدولة الاحتلال التي باتت تقف على أعتاب "ثورة" دينية استبدادية، لا تستطيع منع أهدافها في تدمير أسس "الديمقراطية" وعلمانية الدولة، وبناء أسس دينية صهيوقومية، وللتوضيح أكثر سأعرض بعض المبادئ والقوانين التي ستحاول الصهيونية الدينية تمريرها، من خلال سيطرتها العددية القادمة على الكنيست ومفاصل الدوائر الحكومية.(11)

ستشهد الساحة السياسية الإسرائيلية، تعزيزاً لقوة تيارات اليمين المتطرف خاصة الدينية منها، وزيادة نفوذها ودعم مؤسساتها الاجتماعية والتعليمية، كما قد يشهد تشديد الإجراءات بحق المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل وزيادة مصادرة أراضيهم في الجليل والنقب، خاصة بعد تولي بن غفير لوزارة الأمن الداخلي، بالإضافة إلى إقرار قوانين جديدة أكثر انسجاماً مع الشريعة اليهودية، فيما يتعلق بالنساء والمثليين، وهو ما سيعمق من حالة الشرخ الاجتماعي في إسرائيل ما بين العلمانيين والمتدينين.(12)

الاستيطان في فكر أحزاب الصهيونية الدينية

إنه لمن خطل التفكير مجرد تخيل عقد تسوية سياسية مع تجمع المستجلبين الصهاينة اليهود في فلسطين، فيما هم يعتبرون أن خلاصهم الإلهي هو في الاستيطان ، لأن السؤال عندئذ هو: كيف يمكن بحث تفكيك المستوطنات وإخلائها من قطعان المستوطنين على طاولة المفاوضات فيها هم يعتبرون موضوع الاستيطان ربانيا؟ فهم يؤمنون بأن "الخلاص الإلهي" يتجسد في الاستيطان، وأن اليهودي لا يستطيع أن يرى الخلاص بإشارات إلهية إلا إذا أنشأ استيطانًا واسعا.(13)
إن التصريحات والدعوات والتحريض السياسي والديني بشأن وجوب أن يستمر الشعب الاسرائيلي في المعارك التوراتية القديمة لاستيطان “أرض إسرائيل” التي يمكن اكتسابها بالجمع ما بين الإيمان الديني والقوة العسكرية تحت شعار:
“أرض إسرائيل لشعب إسرائيل بحسب توراة إسرائيل” بقوة جيش إسرائيل. لذلك اعتبر أتباع الحاخام كوك أن متابعة التوسع الإقليمي مشفوعة بإقامة السيادة اليهودية على كامل “أرض إسرائيل” المذكورة في التوراة وبناء الهيكل في القدس، تشكّل كلها جزءاً من تطبيق الاسترداد المشياحي (نسبة إلى المشياح وهو في عقيدتهم المسيح المنتظر) المقدر إلهياً. واعتبر الحاخام شلومو آفنير، حاخام مدرسة “عطيريت كوهانيم” الدينية أنه “حتى بوجود سلام، يجب علينا إثارة حروب تحرير من أجل الاستيلاء على أجزاء إضافية من أرض إسرائيل.(14)

وهذه الدعوة باستمرار عملية السطو باسم خرافات التوارة لا يقتصر على الضفة الغربية، بل يشمل كل فلسطين، كونهم يعتبرون أن أي مساحة من الأرض لا يوجد فوقها حضور يهودي كأنها ليست لهم، حتى لو كان هذا الحضور رمزيًا. مثال ذلك مدينة سخنين في الجليل، أقيمت فيها خمس مستوطنات، وفي مستوطنتين منها، يسكن أربعة أشخاص فقط في كل واحدة.(15)

وذلك يعني أنه لا مجال لخداع النفس بأن هناك فرق بين الصهيونية الدينية والصهيونية العلمانية التي أسست المشروع الصهيوني وتسببت في نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948، وكارثة 1967، فيما المعطيات تقول إن جزءًا كبيرًا من مفكري ومثقفي الصهيونية العلمانية أصبحوا مؤخرا يتماهون مع الخطاب الديني، وهذا دليل على أن الهوية اليهودية العلمانية هي هوية ليست مقنعة بما فيه الكفاية، وأنها عندما تربط نفسها بالتوراة وبنتاج آلاف السنين تصبح مقنعة أكثر.(16)

ويمكن والحال هذه توقع ما يمكن أن تقدم علية حكومة اليمين الديني الصهيوني الفاشي إذا ما فككنا تفخيخ رؤية بتسلئيل سموتريتش، التي نشرت عام 2017 لحل الصراع "الإسرائيلي" الفلسطيني بعنوان "أمل واحد - خطة القرار الإسرائيلي"، في مجلة هاشيلوه التي وزعت كملحق منفصل، التي جاء فيها أن الوضع الحالي غير مقبول كتسوية طويلة الأمد: خطة القرار قبل أن لا تكون هناك إدارة مستمرة للنزاع بكثافة متغيرة، ولكن بحسم "". وبحسب سموتريتش، فإن الواقع يجب أن يتغير جذريًا: "لن يكون هناك سلام هنا طالما أن مفهوم المنشأ المقدر لهذا البلد لاحتواء مجموعتين متعارضتين مع تطلعاتهما الوطنية بقي على حاله".

ولا يعتقد سموتريتش أن الفلسطينيين لديهم حركة وطنية أصيلة: "بدون النضال ضد إسرائيل، لا توجد قومية فلسطينية"، وعلى أي حال لا يحق للفلسطينيين تقرير المصير ككيان سياسي ذي سيادة. لذا فإن المهمة هي "الحرق في وعي العرب والعالم أجمع أنه لا توجد فرصة لإقامة دولة عربية على أرض إسرائيل"، من خلال تقديم ثلاثة خيارات أمام الفلسطينيين:
1- الهجرة: "أولئك الذين لا يستطيعون البقاء هنا بصفتهم شخصًا عاديًا يراودهم حلم تحقيق طموحاتهم الوطنية - مدعوون للذهاب وتحقيقها في إحدى الدول العربية المحيطة العديدة"، أو، كما كتب، إلى العيش في أوروبا.
2- النضال: "هؤلاء الإرهابيون [أي أولئك الذين يرفضون قبول إملاءات سموتريتش] سيتم التعامل معهم بحزم من قبل قوات الأمن، بقوة أكبر مما نفعل اليوم".
3- الاستسلام: سيتمكن الفلسطينيون الذين يتخلون عن تطلعاتهم الوطنية من العيش تحت الحكم الإسرائيلي في كانتونات مستقلة، كمقيمين (ليس مواطنين)، دون أن يكون لهم الحق في الانتخاب والترشح.

ويعترف سموتريتش بأن هذا الخيار الأخير يشكل "عجزًا في الأهمية الديمقراطية"، لأن دولة "إسرائيل" ستسيطر على الرعايا الذين لا يتمتعون بحق التصويت. لكنه يوضح أن "نظام الحرية لا يبدأ وينتهي بحق الانتخاب" " اتضح أنه عندما، يمكنك تذكر أهمية الحقوق الفردية و "الديمقراطية الأساسية".
وهكذا، في خطاب ألقاه في مؤتمر القدس ، في فبراير 2016، قبل أكثر من عام بقليل من النشر في شيلوه، بنى سموتريش خطته على مدراش معروف جيدًا يتعلق باستيلاء يهوشوا بن نون على الأرض [المدراش هي سلسلة مجموعة من التعليقات القديمة على كل أجزاء التناخ بتنظيم وتقسيم مختلفين من مجموعة إلى أخرى فكل جزء من كتاب في المدراش يمكن أن يكون قصيرا جدا وبعضه يصل في القصر إلى كلمات قليلة أو جملة واحدة ويوجد بعض من اجزاء من المدراش في التلمود]: "حان وقت القرار! أرسل يهوشوا بن نون ثلاث رسائل إلى سكان البلد التي كان على وشك الدخول إليها: أولئك الذين يريدون إكماله، والذين يريدون الذهاب سيذهبون والذين يريدون القتال سيفعلون قتال. [...] لن يكون من السهل إقناع العرب بأننا جادون وأنه لا توجد فرصة حقيقية لأملهم في إقامة دولة هنا، ولن يكون من السهل إقناع العالم. [.. .] [هذه المرحلة المتوسطة] قد تكون مصحوبة بتفشي عنيف يجب أن نتعامل معه بعزم وقوة، ولكن بعد هذه الموجة ستأتي المصالحة مع الوضع ثم تفتح الأبواب لأمل جديد في الروح. من الرسائل التي أرسلها يهوشوع بن نون ".

يروي المدراش عن يهوشوا بن نون، الذي يظهر في أدب سيج في مكانين مختلفين مع تغييرات طفيفة، عن ثلاث رسائل أرسلها فاتح الأرض إلى سكانها الأصليين. والخيارات التي وُضعت أمامهم هي نفسها تلك الموجودة في "خطة القرار" الخاصة بسموتريتش، على الرغم من أننا نعلم من الكتاب المقدس أن الإسرائيليين أمروا بتدميرهم تمامًا ("لا لتحيا كل نفس. بالنسبة للحثيين والأموريين والكنعانيين والفارسيين والأحياء واليبوسيين حرام كما أمر الرب إلهك "ـ تثنية 26). وبالفعل، فإن وزيرًا مهمًا في الحكومة يبني خطته السياسية بالكامل على تحقيق المدراش، وهو لا يخفيها، وفي نفس الخطاب يؤكد: "هناك حقيقة واحدة مطلقة وصحيحة، وهي الأساس وليس هناك استثناء، والمطلوب من الجميع التوافق معها. وهذا كما ذكرنا هو أساس مقاربة يهوشوع بن نون عند دخوله الأرض. التي أسعى إلى تبنيها حتى اليوم. أساس حقائقنا المطلقة هو الإيمان بالتوراة من السماء. [...] توراة موسى - التي لن يتم استبدالها ولن تكون هناك توراة أخرى من الخالق، -..- هي وحدها التي يجب أن تؤمن بصلاح الطريق والروح القتالية لجنود جيش الدفاع الإسرائيلي وقادتهم. حقيقة أنه في دوائر "هآرتس" وفي القيادة العامة هناك من يعتقد خلاف ذلك لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يشكل تبريراً لإزالة فرع من الوعي اليهودي من الحاخامية العسكرية. ببساطة لأننا على حق وهم على خطأ. نقطة".

يجب أن يكون مفهوماً: أن مقاربة سموتريتش للواقع ليست دوغمائية فحسب، ولا تتعرض للنقد ولا هوادة فيها. إنها تتعلق بالأصولية التي تبني تصورها للواقع كليًا على ما هو مكتوب في المدراش. المدراش هي الحقيقة التاريخية، فهي لا تخضع للنقد، وهي ذات صلة بطريقة النسخ واللصق اليوم، وإذا كان "في دوائر هآرتس والقيادة العامة للجيش الإسرائيلي" يعتقدون أن الواقع مختلف أو ذاك. هناك اعتبارات إضافية يجب أخذها في الاعتبار، "نحن على حق وهم على خطأ. نقطة".(17) مقاربة سموتربتس الذي يستحضر فيها العازي يوشع بن نون تكشف الذهنية التي يواجهها الشعب الفلسطيني الذي يمثّل حزبه وحزب بن غفير أحدث نسخة وصلت إليها الصهيونية الدينية، وفيها من التشدّد القديم الكثير، ومن الجديد ما لا يُحصر: فهو يطالب بترحيل الفلسطينيّين من الأراضي المحتلّة؛ ويدعو إلى منْع لمّ شمل العائلات الفلسطينية وإنْ حازت على الجنسية الإسرائيلية؛ ورفْض «حلّ الدولتين» وأيّ تنازل عن أيّ شبر محتلّ؛ الحضّ على فرْط عقْد السلطة الفلسطينية وإنهاء وجودها؛ رفْض التعامل مع حاملي الجنسية الإسرائيلية من فلسطينيّي عام 48 كمواطنين؛ الحثّ على إبعاد مَن يُشكّ في أمرهم أمنياً من الفلسطينيين وعائلاتهم إلى قطاع غزة؛ الاعتقاد بأهمية الحدّ من المعونات الاقتصادية لفلسطينيّي الداخل والاستيلاء الكامل على الحرم القدسي وجواره وإباحة ساحاته لليهود للتعبّد والصلاة والزيارة؛ الدعوة إلى تشديد الحصار على غزة وتفضيل الحلول العسكرية؛ الإيمان بضرورة العودة إلى سياسات القتل والتهجير والاغتيالات وتوسيع الاستيطان في الضفة والقدس؛ المطالبة بمنع إجازات البناء وتصاريح التوظيف والعمل للفلسطينيين؛ وإلغاء «اتفاقيات أوسلو» وما تبعها بالمطلق واعتماد حُكم ذاتي غير موحّد في الضفة الغربية للأماكن المدينية الفلسطينية؛ الحضّ على الامتناع عن الاستماع إلى مطالب الأميركيين والخارج في ما يتعلّق بالاستيطان و«استرداد الأرض»، وكذلك البحث عن قضايا أو إيجادها لتكون موضوعاً للمزايدة في التطرّف.(18)

إن أحزاب الصهيونية الدينية ستستغل صعودها وتنامي نفوذها الى الشروع في تنفيد أجندتها الأيدلوجية ضد الشعب الفلسطيني في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة ومناطق العام 1948، وذلك عبر تغيير الأطر البنيوية والعملياتية للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية العاملة في الضفة الغربية خاصة على صعيد الجيش والإدارة المدنية، من خلال بناء جيش وجهاز شرطة جديدان مرتبطان هرميا بزعيم حزب القوة اليهودية (بن غفير) بعد توليه في حكومة نتنياهو الجديدة وزارة الأمن الداخلي أو وزارة الأمن الوطني وفق تعريفها الجديد.(19)

ومن جهة أخرى يبين أن الشعب الفلسطيني على أرض فلسطين الإنتدابية الممتدة من النهر للبحر الذي ترى فيه أحزاب الصهيونية الدينية أنه ليس أكثر من عبيد قد تمردوا على أسيادهم اليهود، وأنه قد آن أوان توظيف مزيد من القوة ضدهم وتكرار تجربة نكبة العام 1948، لحسم الصراع على الأرض والمقدسات وكذلك على الإنسان، الأمر الذي يفرض على الشعب الفلسطيني الاستعداد ليس فقط لمواجهة خطط إسرائيل بوجهها الصهيوني الديني الجديد، بل للانتصار على هذه الخطط بمزيد من الصمود والوحدة والحكمة والشجاعة والجرأة.(20)
ووفق المقاربة الصهيونية ـ الدينية، لن تكون أمام الفلسطينيين سوى ثلاثة خيارات: أن يتركوا البلاد، أو أن يعيشوا في إسرائيل كرعايا، ويكونون بحسب الشرائع اليهودية أقل مكانة من اليهود، أو أن يقاوموا، وهذا الخيار الأخير سيرد عليه بالقوة. .. لقد انتهى زمن اليسار واليمين التقليديين، لصالح يمين فاشي شعبوي، سيكون فيه حزب الليكود المعتدل الذي يحاول التخفيف من اندفاعة الصهيونية الدينية، على الأقل في القضايا المتعلقة بالدولة والمجتمع، وهذه إحدى معالم أو آخر حلقات الانزياح اليميني المتطرّف الحاصلة في إسرائيل.(21)

حكومة نتنياهو- سموتريتش -بن غفير والقضية الفلسطينية

إنه لمن الخفة الفكرية والسياسية والحال هذه ممارسة فصل تعسفي بين فكر أحزاب الصهيونية الدينية وسياسة الحكومة التي يشاركون فيها برئاسة نتنياهو ، هذا لو جاز التمييز بين سياسة وفكر نتنياهو في الموضوع الفلسطيني، وفكر أحزاب الصهيونية الدينية ، وأنها قد تختلف في الجوهر عن فكر وسلوك سموتنريتس وبن غفير وماعوز، لكن المعطيات وشروط لحظة نتنياهو تقول إن وجود أحزاب التطرف الديني في الحكومة ليس ديكورا وإنما هم حسب رئيس الحكومة السابق المنتهية ولايته "يائير لابيد"، بأن حكومة نتنياهو لن تكون مجرد حكومة يجلس فيها المتشددون دينيًا، بل ستكون حكومة يحكمها هؤلاء المتشددون بشكل كامل".(22) وهذا يعني أنه لا يمكن الفصل بين سياسية الحكومة وفكر وسياسة أحزاب الصهيونية الدينية بالنسبة للشعب الفلسطيني وقضيته التي جوهرها الأرض.
ويبدو من تقاسم الحقائب الوزارية والتعديلات التي أجريت على مهامها من قبل نتنياهو وشركائه من ـأحزاب الصهيونية الدينية، أنها أيضا قد استفزت اليمين الصهيوني العلماني، بعد أن تمخضت اتفاقيات نتنياهو الائتلافية مع زعماء "الصهيونية الدينية"، عن تسليمهم ملفَي القدس والضفة الغربية، ومع أنه امتنع عن منحهم حقيبة الأمن (الدفاع)،إلا أنه أفرغ هذه الحقيبة من الصلاحيات الحساسة المتصلة بالضفة الغربية، ووضعها في حرز سموتريتش الذي سيكون وفقها سيد الموقف في الضفة الغربية من دون منازع، في وقت اتفق فيه مع بن غفير على توسيع صلاحيات وزارة الأمن الداخلي، بما فيها الأمن في القدس والمسجد الأقصى.
ونص اتفاق نتنياهو وسموتريتش على تسليم الأخير أهم وحدتين عسكريتين في الضفة الغربية، وهما "نسيق أعمال الحكومة في المناطق" و"الإدارة المدنية"، عبر إخراجهما من النيابة العسكرية، وتشكيل دائرة قانونية خاصة بهما، بحيث يُعَيّن فيها خبراء قانون موالون لسموتريتش، مع تعيين أوريت ستروك وزيرة للمهمات القومية، وهي أول وزارة بهذا الشكل والمضمون، وسيكون جانب من صلاحياتها على حساب وزارة الأمن، وستكون مسؤولة عن "دائرة الاستيطان" و"النوى التوراتية".
ويعني تفتيت صلاحيات وزارة "الجيش" خروج الضفة الغربية عن دائرة الحكم العسكري، لمصلحة هيئات مدنية من قبل الحكومة، خصوصاً عندما يتولى زمام هذه الهيئات مسؤولون من غير ضباط "الجيش" كما هو قائم، بما يعني غياب أولوية وذريعة البعد الأمني في الضفة، لمصلحة السيطرة اليهودية على حساب المواطن الفلسطيني العادي.
تأتي هذه التعديلات الجوهرية مع تعزيز نفوذ بن غفير، الذي تتبع لوزارته "وحدة حرس الحدود"، ومنها قوات اليمّام الخاصة التي تنشط في الضفة الغربية، نحو السيطرة المطلقة، لحزب "الصهيونية الدينية"، الذي ينادي بالموت للعرب وتهجيرهم من ديارهم، وقد تسلّح بقوانين دستورية تحرسها فرق أمنية تتبع له.
أمام هذا التطور الجذري، في عقر دار السلطة الفلسطينية، والمسافة بين "بيت إيل"، مقر قيادة "الإدارة المدنية"، ومقر رئاسة السلطة في رام الله، ضربة حجر، تنعدم وفقها كل خيارات إدارة الحياة اليومية، فضلاً عن الخيارات السياسية، خصوصاً إذا علمنا أن سموتريتش نفسه سيتولى وزارة المال، وهي المسؤولة المباشرة عن تحويل أموال الضريبة "المقاصّة" إلى السلطة، بما يضع هيكلها كله أمام هذا الاستحقاق المصيري.(23) وستمكن تلك التعديلات التي سلمت الشأن الفلسطيني والأرض الفلسطينية للمتطرفين بن غفير وسموتريتش وماعوز الذين سيعمدون مع القوى الدينية التقليدية الأخرى إلى استغلال الصلاحيات الموسعة التي منحتهم إياها الاتفاقية الائتلافية في وزارة الأمن القومي وتطوير الجليل والنقب ووزارة المالية والداخلية لتنفيذ سلسلة من الخطوات المدروسة وهي:
أولا: شرعنة البؤر الاستيطانية العشوائية والاستيلاء على المزيد من الأرض الفلسطينية. وستعمل الصهيونية الدينية ومن خلال موقعها على شرعنة البؤر الاستيطانية العشوائية، مثل: حومش وأفيتار وحوالي ١٤٠ مستوطنة عشوائية غير معترف ببعضها من الحكومة السابقة وتخصيص ميزانيات ضخمة للبناء في هذه المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية (غير المصادرة) حتى اللحظة، وتشجيع المجموعات الاستيطانية وفتية التلال للاستيلاء على المزيد من أراضي الضفة الغربية أو ما يسمونها (يهودا والسامرة) وتخصيص ميزانيات ضخمة لهذا الغرض على حساب باقي مؤسسات الدولة.
ولهذا الغرض، تعمل الأحزاب الدينية المتشددة على الاستفادة من وزارة المالية ووزارة تطوير النقب والجليل، لتسهيل مصادرة، المزيد من الأراضي والتضييق علي العرب الفلسطينيين، داخل المناطق المحتلة عام ٤٨، في الجليل والمثلث والنقب والمدن الساحلية المختلطة لدفعهم للهجرة.
وفي سياق هذا التوجه أنشأت الصهيونية الدينية جمعية خاصة لمراقبة البناء الفلسطيني (غير المرخص كما يدعون) في القدس ومناطق عديدة في الضفة والمناطق المحتلة عام ٤٨ والإبلاغ عنه للجهات الحكومية، وحتى التصدي له بالقوة، لمنع الفلسطيني من التوسع الطبيعي في أرضه ودفعه إلى اليأس والعمل على تهجير أكبر عدد من الفلسطينيين من الضفة الغربية وفلسطين المحتلة عام ٤٨، لإحداث تغيير في الواقع الديموغرافي لصالح المستوطنين الصهاينة وعزل باقي السكان الأصليين في (كانتونات منعزلة)، لقطع الطريق على أية تنازلات سياسية، يمكن أن تقدم عليها الحكومات الإسرائيلية مستقبلا.
إن منح بن غفير حقيبة الأمن الداخلي، وتوسيعها لتشمل الأمن الداخلي والاقتصاد والصحة والتعليم والعلاقات الدولية، ومنح بن غفير وسموتريتش وماعوز صلاحية تشكيل جيش خاص، وسلطة على حراسة الحدود مع الضفة، التي هي شكل من أشكال طمس الحدود بين الضفة المحتلة و"إسرائيل"، وهذا يعني فيما يعنيه ضم الضفة الغربية لدولة الاحتلال خلافا للقرارات الدولية، والمحاولات المستمرة والمتصاعدة لتهويد الأقصى، وتقسيمه زمانيا ومكانيا، فإن هذه السياسة الخطرة لحكومة اليمين الديني، ستشكل خطرا على الاحتلال ذاته، من خلال قيام تلك المليشيا بممارسة القوة العسكرية المفرطة، وبالتالي ارتكاب أخطاء أمنية قاتلة ستجعل إسرائيل أمام ضغوط دولية وعربية كبيرة، وأمام انتفاضة فلسطينية شاملة لن تستطيع دولة الاحتلال السيطرة عليها
ثانيا: رفض أية حلول سياسية مع السلطة الفلسطينية وعدم التنازل عن متر واحد من الأراضي المحتلة عام ٦٧، وتحديدا في القدس و الخليل ونابلس وباقي مدن الضفة المحتلة، لأنها بنظرهم (وليس فقط مناطق الساحل والمثلث والنقب والجليل)، تشكل أرض إسرائيل التوراتية، ويعتبرون أن التنازل عن متر واحد (تم تحريره في عام ٦٧) هو خيانة كبرى لا تسامح معها، وقد سبق أن وصفوا رابين بالخائن لأنه أراد إبرام تسوية مع السلطة الفلسطينية يتم بموجبها التنازل عن بعض الأراضي، وقد أدى التحريض ضده من الجماعات الدينية المتطرفة الى اغتياله لاحقا.
ثالثا: العمل على سن قوانين متشددة ضد المقاومة الفلسطينية وإطلاق يد الجيش والمستوطنين بملاحقة وقتل الفلسطينيين وحماية الجنود من أية ملاحقات قانونية، ولهذا السبب طالب بن غفير بوزارة الأمن القومي بصلاحيات موسعة لتحقيق هذا الهدف، وهي مقدمة لتشكيل ميليشيات مسلحة على غرار كتيبة (نيتسح يهودا) في الضفة والمليشيات الإرهابية التي أنشأتها العصابات الصهيونية قبل نكبة عام ٤٨، لملاحقة وتهجير الفلسطينيين والاستيلاء على ممتلكاتهم. وكذلك سن قانون الإعدام للمناضلين الفلسطينيين، ونفي عائلاتهم خارج فلسطين، والتضييق على الأسرى داخل السجون الصهيونية كما صرح بن غفير وسموتريتش، وهذا الأمر وما سبقه سيؤدي إلى مواجهة حتمية داخل وخارج السجون، ويمكن أن يعجل بانتفاضة فلسطينية شاملة وتغييرات جوهرية في المنطقة.(24)
وضمن سياسته الثابته تقويض أوهام السلام وحل الدولتين أعلن التحالف الجديد أنه سيواصل توسيع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية، وهو ما عناه بيان الحكومة بعبارة "الحقوق القومية اليهودية" التي تشمل "جميع أنحاء أرض إسرائيل". (25)

إن تشكيل هذه الحكومة يمثل الحلقة الأخيرة في تحوّل إسرائيل من الصهيونية العلمانية إلى الصهيونية الدينية، وهو مسار يعكس أزمة المشروع الصهيوني، وتراجع روايته، فيما برنامج الحكومة الإسرائيلية وشخوصها يؤذنان باشتعال حرب دينية، وثمّة مشروع حقيقي اليوم قائم على أفكار مترّسخة في عقول وزراء حكومة بن غفير، وليس أفكاراً لمعارضين "مزاودين". هذا المشروع يتمثّل في هدم الأقصى وإقامة هيكل متخيّل في أذهانهم، وكذلك توحيد الضفة الغربية والقدس الشرقية التي يعتبروها "حقوقاً قومية يهوية"، وهي مقاربة تعني عدم الاعتراف بالفلسطينيين، ونزع الشرعية أصلاً حتى عن وجودهم كشعب.(26)

الهوامش
1- إحسان مرتضى مصدر سبق ذكره
2-إحسان مرتضى، المصدر السايق
3- إحسان مرتضى، المصدر السابق.
4- إحسان مرتضى، المصدر السابق.
5- إحسان مرتضى المصدر السابق
6- إحسان مرتضى، المصدر السابق
7- إحسان مرتضى، المصدر السابق
8- إحسان مرتضى، المصدر السابق
9- إحسان مرتضى، المصدر السابق
10إحسان مرتضى، المصدر السابق
11- إحسان مرتضى، المصدر السابق
12- حيدر العيلة، مصجر سبق ذكره
13- - حيدر العيلة، المصدر السابق.
14-- حيدر العيلة، المصدر السابق
15-- حيدر العيلة، المصدر السابق.
16- ستراتيجيكس، الصهيونية الدينية.. أين يتجه المشهد في إسرائيل؟ 25/11/2022، https://strategiecs.com/ar/analyses
17- د. نبيه بشير، حوار حول كتاب "الثورة الثالثة" ليائير نهورئي، عرب 48
18- إحسان مرتضى، مصدر سبق ذكره
19- د. نبيه بشير، مثدر سبق ذكره.
20- تيسير محيسن، صعودُ اليمينِ المتطرّفِ في إسرائيل: في نشأةِ "الصهيونيّةِ الدينيّة" وتحوّلاتها وتأثيرات فوزها الانتخابيّ! 12/1/2023، https://assafirarabi.com/ar/
21- عالم يحيى دبوق ، صعود «الصهيونية الدينية»: الفاشية تزدهر، 3 /11/ 2022، https://al-akhbar.com/World/348472
22- العميد أحمد عيسى، دلالات صعود الصهيونية الدينية وتراجع الثقة بالجيش، 27/11/2022 ، https://www.maannews.net/ -
23- العميد أحمد عيسى، المصدر السابق.
24- أحمد صطفى الغر، تحالف الصهيونية الدينية.. وراء الأَكَمةِ ما وراءها،https://www.albayan.co.uk/ ،
25- محمد جرادات، خيارات السلطة الفلسطينية في مواجهة قبضة "الصهيونية الدينية"، 10/12/2022، https://www.manar.com/)l
26- محمد أمين، الصهيونية الدينية إذ تحكم في إسرائيل،06 يناير 2023، https://www.alaraby.co.uk/



#سليم_يونس_الزريعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصهيونية الدينية من الأطراف للسلطة (دراسة) الجزء السادس
- الصهيونية الدينية من الأطراف للسلطة (دراسة) الجزء الخامس
- الصهيونية الدينية من الأطراف للسلطة (دراسة) الجزء الرابع
- الصهيونية الدينية من الأطراف للسلطة (دراسة) الجزء الثالث
- الص الصهيونية الدينية من الأطراف للسلطة (دراسة) الجزء الثاني
- تخفيض المنحة القطرية لحماس.. رسالة أمريكية لسوريا
- الصهيونية الدينية من الأطراف للسلطة ( دراسة) جزء أول
- وعيد الفصائل الفلسطينية.. والجعجعة دون طحن
- مشروع الحركة الصهيونية في فلسطين..نهاية الخرافة
- مشاكسات الاستجداء بالكذب..صهينة فلسطينية إسلامية!!
- مشاكسات... إسلام صهيوني.. قلق على التطبيع
- صدقية حماس .. بين أبو مرزوق والسنوار
- خطاب حماس والجهاد.. عندما تفارق الأقوال الأفعال
- الكيان الصهيوني.. مقولة التفكك.. كتظهير لأزمته البنيوية
- الاتفاق الثلاثي.. والتمهيد لتعدد الأقطاب
- لا ديمقراطية مع الاحتلال.. ونهاية مرحلة الوهم
- مع عودة جريمة التنسيق الأمني.. من تُمثل سلطة رام الله؟!!
- مشاكسات .. احتلال خمسة نجوم..! حلال علي..حرام عليهم..
- نتنياهو.. عندما يتبجح -اللص-!
- بوصلة كنس الاحتلال.. فلسطينية


المزيد.....




- حدث جوي نادر سمح للناس برؤية الأضواء الشمالية في أمريكا؟! هل ...
- الكويت.. تداول مقاطع فيديو للحضور الأمني حول مجلس الأمة بعد ...
- واشنطن تمنح كييف حزمة مساعدات عسكرية جديدة بقيمة 400 مليون د ...
- فيديو لمعلمة تصفع طفلاً من ذوي الإعاقة يثير موجة استياء في ا ...
- كوريا الشمالية تعتزم نشر راجمات صواريخ جديدة ستحدث -تغييرا ن ...
- أوكرانيا باتت وسيلة إيضاح لأصدقاء روسيا
- فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية يحمل خطرًا جديدا ...
- طلاب أمريكيون يغامرون بمستقبلهم من أجل العدالة في غزة
- هجوم شرس على بايدن بعبارة -من تظن نفسك بحق الجحيم؟-
- السلطات الأوكرانية تجلي مئات السكان غداة هجوم برّي روسي على ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سليم يونس الزريعي - الصهيونية الدينية من الأطراف للسلطة (دراسة) الجزء السابع