أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - البشير عبيد - الناقد العراقي نبيل جميل يكتب عن الشاعر التونسي البشير عبيد














المزيد.....

الناقد العراقي نبيل جميل يكتب عن الشاعر التونسي البشير عبيد


البشير عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 7717 - 2023 / 8 / 28 - 04:47
المحور: الادب والفن
    


بلاغة اللغة و كثافة المعنى في قصيدة (ورقات الغيم) للشاعر التونسي البشير عبيد
الأستاذ نبيل جميل / العراق

بالمفهوم العام يقال ان الشاعر هو الناقد الأول لقصيدته، طيّب هذا كلام سليم، وبما ان الشعر تغلب عليه الخصّيصة الذاتية النابعة من الوجدان والأحاسيس والآلام تجاه الآخر، لذا فأنه ارتبط بقارئ أول وناقد أول. ولولا اقتناع الشاعر بقصيدته لما تجرّأ ونشرها، اذن سلطة القارئ تولد مع القصيدة، فسلطة القراءة لا يمكن نكرانها ودحضها أبداً. وان تلقف القصيدة قارئ ما ولم يتمكن من فك رموزها، فهذا خلل يولّد شرخاً ما بين الشاعر والقارئ، والسبب فقر أدوات الشاعر الذي لم يستطع ايصال قصيدته. أردت أن أصل الى مفهوم هل ان الشاعر يكتب لنفسه؟ وحسب المقولة الشهيرة المعنى بقلب الشاعر، أم اننا تجاوزنا تلك المقولة ونجحنا باشراك القارئ في فهم المعنى.
من المقدمة أعلاه افتتح قراءتي لقصيدة الشاعر البشير عبيد من تونس (ورقات الغيم) التي وجدتها تسمو مع القارئ وتحيله الى مشارك مع خلجات الشاعر الذي أراد من قصيدته أن تحلّق في أفق الشعر العالمي، لما حملته من حقائق جوهرية يطيل فيها التأمل من قبل قارئ حسّاس لا يمر عليها مرور الكرام، لأن ما يطرحه الشاعر من أسئلة يعد مسلكاً أراده للوصول الى مبتغاه، وهو كيف تتفرد قصيدة دون غيرها في بحر الشعر الذي فاض في زمننا الحالي بفضل الفيس بوك ودكاكين النشر التي لا تراجع ما ينشر. نعم هكذا هي حياتنا اليوم، صورة غير واضحة بسبب الدخلاء على الشعر، وهنا يأتي القارئ الواعي الذي يفرز الجيد من الرديء ليصطدم بأن الجيد يكاد يضيع بين آلاف القصائد التي تنشر يومياً في مواقع الانترنت، لكن بالتأكيد سيبقى الجيد يشع كالنور وسط كل هذا الظلام، وها هي قصيدة الشاعر البشير عبيد (ورقات الغيم) تضع بصمتها وبقوة في عالم الشعر وبحضور متميز لتصنع تاريخاً مشرفاً لشاعر حقيقي يرصد وبدقة ما يراه أمامه، لأنه يؤمن بأن الشعر حياة تعطي دروساً تنويرية ولا تهتم بما فاض من زبد. فحينما نستخدم الشعر كوسيلة للتعبير عن مشاعرنا يصبح بمثابة المنقذ لذواتنا الانسانية الغارقة بالهموم، فها هو البشير عبيد يجذبنا بالحب والأحاسيس لينقلنا الى عالمه المليء بالمسرات والأوجاع عبر ما سطّره من خلجات نابعة من قدرته على مسك زمام النص والمسير به نحو البحث عن حقيقة الاختلاف في واقعنا وما نعيشه من أزمات.
هكذا يدعونا الشاعر لنتأمل معه رؤيته في منطقة يتداخل فيها الشعر بالنقد، فنراه الشاعر والناقد معاً، وهذا أتى من حرصه في انجاز قصيدته، فعملية الابداع تشتغل لديه، لأنه يعرف سر ما يخفيه النص فقام بوعي وقدرة على تقويم القصيدة ليقدمها للقارئ ويشركه معه، ليكون التفاعل مع تجربته الابداعية بمستوى عال يتمثل في سحب القارئ الى منطقته التي تمثل بعداً انسانياً ومعرفياً يجعل من القصيدة مساحة تأويلة خصبة لعدة قرّاء، وطبعاً كل هذا نابع من تجربة غنية ووعي لحركة الشعر، فالبشير عبيد لا يريد لشعلة قصيدته أن تنطفئ ويخف وميضها في بستان الشعر. وبهذا يؤكد قدرته في بناء قصيدة مشحونة بفيض دلالي متماسك لا يمكن اهمال أي مقطع منها.
..........................................................................
ورقات الغيم
ربما غاب عن العيون صهيل الخيول
و نام الرجل الشريد على رصيف
الحكاية
لم تكن البلاد التي اسمها الخضراء
تبحث عن الينابيع في عز الظهيرة
بل كانت القوافل الآتية من أقاصي
الشمال...
ترمم أخر ما تبقى من القلاع
أسراب من حمام حضرموت
يحلق بعيداً
و الأجنحة لا تخاف من رايات الجنوب
المتاخم للأنين
هذا بريق المعركة أم لهيب الحساب
الأخير؟
هذا طريق الفاتحين باتجاه الغروب
أم درب الخارجين عن حياض
القبيلة؟
واقفاً على أرض ثابتة
وعيناه باتجاه الأقاليم البعيدة
يباغت خصوم الوردة قبل اعلان
الرحيل
وانفتاح المرء على مرايا الكلام الفصيح
ها هنا جدار قديم
وولد جريح
وارتماء الجسد العليل في المياه
أصوات العنادل غابت عن المشهد
و صار بإمكان الأصابع أن ترفع الرايات
قريباً من التخوم
بعيداً عن صمت القرى
وانحناء الجباه
هنا كيان وسيرورة حذو الغياب
وأولاد لا يخافون من ديمومة
الأشياء
ربما لم يكن في الحسبان هروب الفتى
من صدى الأمنيات
وانفتاح الرؤى على المكان القصي
اقلام تكتب النشيد المشاكس
وأصوات الغرباء تباغت الأجساد
ليس في السفينة ربان ولا مسافرون
ليس في المدينة الهاربة من الأضواء
عشاق للزمن القديم
بل مازال في الوقت متسع لإغراق
المراكب
واقتراب الضفاف من الينابيع
الأنهار هي البوصلة
والأقمار هي المفاتيح
والأزهار هي الروح المسافرة إلى الدهاليز
سماء القرى تضيء الدروب
وزفرات الجريح الأخير
تربك ورقات الغيم
حين تكون وحيداً جالساً على رصيف
المتاهة
يباغتك الفتى بالصراخ
أنت الآن خارج الاسوار
ولا أحد يسألك عن جراح البلاد
التي سافرت إلى ملكوت الغياب
هنا يداي تسأل العالم
عن خطاي كيف أخذتني إلى السراب.
شاعر وكاتب تونسي
فيفري/فبراير 2022



#البشير_عبيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكتابة الإبداعية..و التحليق خارج السرب!
- الجدار القديم
- إتحاد ادباء ميسان العراقية يرد على مؤتمر طنجة المغربية
- الواهمون و السفهاء و الحلقة المفقودة !
- البلاغة و كثافة المعنى في قصيدة ورقات الغيم للشاعر التونسي ا ...
- الواهمون و الحالمون بالتغيير الراديكالي
- جنين و اللحظة الفارقة
- محمود القرني و الرحيل الأبدي
- التشكيلي التونسي الطيب زيود و جدارية فسيفساء محمود درويش
- الدريبة بالقلعة الكبرى .. بحث علمي دقيق حول الهوية المحلية
- تونس المثخنة بالجراح و إدارة الأزمة
- ذاكرة الرؤى
- اقاليم الدهشة
- الكتابة و بهاء التخييل و التاويل
- لا مكان هنا لاصوات الأنين
- الكتابة الإبداعية بين الخيال و التاويل
- نصر الدين العسالي أو اللوحة في مواجهة الواقع
- الرحيل إلى بهاء المكان
- مرايا الحكواتي الأخير
- حفريات في جسد المدى


المزيد.....




- إلغاء حفل النجمة الروسية -السوبرانو- آنا نيتريبكو بسبب -مؤتم ...
- الغاوون.قصيدة مهداة الى الشعب الفلسطينى بعنوان (مصاصين الدم) ...
- حضور وازن للتراث الموسيقي الإفريقي والعربي في مهرجان -كناوة- ...
- رواية -سماء القدس السابعة-.. المكان بوصفه حكايات متوالدة بلا ...
- فنانون إسرائيليون يرفضون جنون القتل في غزة
- “شاهد قبل أي حد أهم الأحداث المثيرة” من مسلسل طائر الرفراف ا ...
- تطهير المصطلحات.. في قاموس الشأن الفلسطيني!
- رحيل -الترجمان الثقافي-.. أبرز إصدارات الناشر السعودي يوسف ا ...
- “فرح عيالك ونزلها خليهم يزقططوا” .. تردد قناة طيور الجنة بيب ...
- إنتفاضة طلاب جامعات-أمريكا والعالم-تهدم الرواية الإسرائيلية ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - البشير عبيد - الناقد العراقي نبيل جميل يكتب عن الشاعر التونسي البشير عبيد