أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - فلسفة سقراط عبر ثلاث مراحل (الجزء الأول)















المزيد.....

فلسفة سقراط عبر ثلاث مراحل (الجزء الأول)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 7712 - 2023 / 8 / 23 - 04:37
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


منذ سنة 2020، ظهر على بوابة "openedition" الفلسفية مقال بالفرنسية بقلم جورج رودبوش
اهتم فيه بالتمييز في فلسفة سقراط بين ثلاث مراحل. ونظرا لأهميته الفلسفية والتاريخية، اقترح ترجمته في حلقات.
المقال:
بحسب وصف أفلاطون، اشتهر سقراط بعد "تغيير اتجاهه وفحص كلام الإله"، أي بعد اختبار كاهنة هيكل الوحي التي رأت أنه لا يوجد رجل أعظم حكمة منه. مثل هذا الوصف يثير أكثر من سؤال. في الواقع، ما هو الاتجاه الذي اتخذه سقراط قبل اختبار كاهنة دلفي؟ ما الذي فعله لحث شيرفون على سؤال الكاهنة عما إذا كان هناك رجل أكثر حكمة منه؟
مما لا شك فيه، حتى قبل استشارة الكاهنة، لا بد أن شيريفون كان مقتنعا بالشخصية الاستثنائية لسقراط. ومع ذلك، وفقا لشهادة سقراط في "المرافعة"، فقط بعد أن أصبح على علم بكلمات الكاهنة، حقق أخيرا السمعة السيئة التي نعرفها عنه. وبالتالي فإن الشهادة الواردة في مرافعته تبدو متناقضة. أقترح حلاً لهذا اللغز من خلال التمييز بين ثلاث لحظات في حياة سقراط الفلسفية. أولا، سأبين كيف أدار سقراط، خلال المرحلة الأولى من حياته، محاورات، أعطت، بسبب فشلها في جعله مشهورا، شيريفون سببا كافيا لاستشارة كاهنة دلفي. ثم أتوقف عند مرحلتين لاحقتين، تتميزتا بأعمال مختلفة: الفترة التي حاول فيها سقراط حل اللغز، والفترة التي تمكن فيها من إيجاد حل للغز.
عند وصوله إلى معبد دلفي، استجوب شيريفون الكاهنة ليسألها عما إذا كان هناك رجل أكثر حكمة من سقراط. أجابت بيثيا أنه لا يوجد رجل أكثر حكمة منه. رد فعل سقراط على جواب بيثيا، الموصوف في "دفاع" أفلاطون عن سقراط، يسمح بتقسيم رحلته الفكرية إلى ثلاث مراحل متميزة .. تتعلق المرحلة الأولى بالحياة التي عاشها سقراط قبل أن يعلم بجواب بيثيا. تبدأ المرحلة الثانية من جانبها عندما ينقل شيريفون جواب الكاهنة إليه.
بعد أن اعترف سقراط بجهله، حاول فهم مقصد الكاهنة، حتى أنه أخضع الأخيرة للاختبار من خلال استجواب العديد من الشخصيات العامة في مدينته. وأخيرا، تبدأ المرحلة الثالثة عندما تمكن سقراط من حل اللغز الذي طرحته الكاهنة . هذه المرحلة الأخيرة من حياته، سيقضيها سقراط في الدفاع عن الكاهنة، وفي إفناع أي شخص بالفلسفة، وهو يتقوى بتلك المهمة الروحية.
. لكن، ينبغي طرح بعض الأسئلة حول هذه الخطوات الثلاث. للقيام بذلك، سيكون من المفيد تقديم كل خطوة من الخطوات بترتيب عكسي.
تتعلق المرحلة الأخيرة من حياة سقراط بمهمته في العالم. وكما وصف سقراط نفسه في المرافعة - بعد حل لغز الكاهنة مباشرة - تمثل نشاطه الفكري في ممارسة "التفلسف"، أي في التساؤل أو طرح الأسئلة. لا يتعلق الأمر هنا بالتباهي، على طريقة السفسطائي، بخبرته في تعليم الفضيلة أو التميز، بل بالأحرى إظهار الرغبة في امتلاك مثل هذه الحكمة. وبالتالي فإن "التفلسف" يتكون من "الدفاع والتفكير"، كما يوضح المثال التالي:
"ماذا ! صديقي العزيز، أنت مواطن أثيني، مواطن في مدينة أكبر، وأكثر شهرة من أي مدينة أخرى بعلمها وقوتها، ولا تخجل من الاهتمام بثروتك، وزيادتها قدر الإمكان. وكذلك بسمعتك وشرفك؛ لكن في ما يخص عقلك، والحقيقة، وروحك، وهو ما ينبغي تحسينه باستمرار، نجد انك لا تهتم به، ولا تفكر فيه!"
تهدف مثل هذه الموعظة إلى إثارة رد فعل احتجاجي ("نعم، أنا أهتم!"). يمكن أن يبدأ الفحص بعد ذلك، في شكل استجواب أو تفنيد، وربما سينتهي بالاعتراف بالجهل والقرار المشترك لإعطاء الأولوية الكاملة لاكتشاف الحكمة. ومن ناحية أخرى قال سقراط:
"لذا، إذا بدا لي يقينًا أنه لا يمتلك الفضيلة، مهما قال عنها، فإنني سألومه لأنه أعطى قيمة ضئيلة لما هو أكثر قيمة، وقيمة كبيرة لما هو أقل قيمة".
تفسر مثل هذه الملامات السبب وراء اعتبار سقراط لعقود من الزمن مصدراً للاضطراب العام. كما أنها تشرح لماذا صنع سقراط أعداء وتم إعدامه في النهاية.
تتعلق المرحلة الثانية من حياة سقراط الفلسفية باختبار كاهنة دلفي. يبدأ سقراط هذه المرحلة التي تتوسط حياته عندما سمع وهو يتحدث عن الكاهنة ووجد نفسه في حيرة من أمره.
"عندما عرفت هذه الكاهنة، قلت في نفسي: لنر، ما معنى كلام الإله؟ ما هو المعنى المختفي فيه؟ وأنا أعي بأني لست عالما لا بالقليل ولا بالكثير. فماذا يقصد عندما يقول أنا الأعلم؟ ومع ذلك فهو لا يتكلم ضد الحق. لا يمكن له ذلك. وبقيت لفترة طويلة دون أن أفهم شيئا من ذلك."
وبعد أن شعر سقراط بالارتباك خلال "فترة طويلة من الزمن"، اتخذ قرارًا بالغ الأهمية: "قررت تغيير الاتجاه وفحص كلمات الإله".
ثم قرر سقراط إجراء بحث منهجي بين سكان أثينا. استراتيجيته هي "دحض الكاهنة"، أي العثور على فرد يتمتع بحكمة عظيمة. بحث في ثلاثة أنواع معينة من المواطنين الأثينيين: السياسيين والشعراء والفنانين. وإذا وجد شخصا ذا حكمة عظيمة، يخبر العرافة ويقول لها: هذا أعلم مني، وأنت أعلنت عن كوني أكثر علما".
قام سقراط باستجواب مواطنيه عدة مرات، وظل غير قادر على العثور على شخص يمتلك الحكمة الحقيقية حول الفضيلة، وتمكن أخيرًا من حل لغز الكاهنة:
"(...) ومن خلال هذه الكاهنة أراد [الإله] أن يعلن أن العلم البشري قليل أو حتى لا شيء . ومن الواضح أنه إذا ذكر سقراط، فذلك لأنه كان يستخدم اسمي ليأخذني كمثال. وكان ذلك بمثابة القول: “أيها الناس، إن هذا الشخص الذي يعيش بينكم هو أكبر عالم يعلم، مثل سقراط، أن علمه في النهاية منعدم".
نتهي المرحلة المتوسطة من حياة سقراط الفلسفية بمجرد أن يجد هذا الحل.
إن موضوع وشكل ونتائج المناقشات التي تتم في المرحلة المتوسطة تكون بشكل عام مشابهة لتلك الخاصة بالمرحلة النهائية. وفي كلتا الحالتين، تتعلق المواضيع الرئيسية بالفضيلة في حياة الإنسان وخبرتنا في إنتاج هذه الفضيلة. وأما الشكل كما تقدم فهو شكل المحاورة.
تتمثل مهمة سقراط في المرحلة الأخيرة من حياته في استجواب محاوريه ومحاولة إظهار جهلهم وافتقارهم إلى الخبرة. يتم إجراء نفس الفحص في المرحلة المتوسطة. مع الشخصيات العامة، "فحص" سقراط من خلال "التحاور" و"حاول إثبات" جهل محاوريه.
في ما يتعلق بالشعراء، يأخذ سقراط "قصائدهم التي يبدو أنهم عملوا عليها أكثر من غيرها" ويطلب منهم أن يفسروها له. لا يقدم لنا سقراط أي تفاصيل عن مناقشاته مع الفنانين - باستثناء الإشارة إلى أنه "ذهب عندهم" - لكن لا شك أن المحادثات "التي أجراها معهم أخذت شكلًا مشابها". وأخيرًا، النتيجة واحدة: الأشخاص الذين يستجوبهم سقراط وأولئك الذين يحضرون المحاورات ينتهي بهم الأمر إلى كرهه.
المصدر: https://journals.openedition.org/philosant/3663
(يتبع)



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشكلة الصحراء ترخي بظلالها على قمة البريكس
- لتعديل الوزاري في المغرب.. ملهاة وسيناريوهات
- عبد الرحيم بوعيدة ينطلق في معارضة الحكومة من قاعدة الأغلبية ...
- نبذة تاريخية عن التوسع العمراني لمدينة المحمدية خلال المائة ...
- هزة الجماع حسب وليام رايخ (الجزء الثاني)
- وظيفة هزة الجماع حسب ويليام رايخ
- -غياب- دي ميستورا ومحاولات الجزائر لحمل أمريكا على التراجع ع ...
- وظيفة هزة الجماع حسب ويليام رايش (الجزء الأول)
- ساركوزي: انتحاء ماكرون على الجزائر -يأخذنا بعيدا عن المغرب، ...
- إبراهيم غالي يدعو من مدينة بومرداس الجزائرية إلى -حرب شاملة- ...
- شذرات من سجل الشهداء
- الأمم المتحدة تكشف عن حصيلة مقلقة للقتلى الفلسطينيين
- المقاربة النظرية والبيروقراطية لمطلب التربية على القيم باءت ...
- الكذب حقيقة لا بد من ظهورها
- هل يمثل صعود المتدينين المتشددين إلى السلطة في إسرائيل مقدمة ...
- خمسة قتلى وأربعة جرحى حصيلة هجوم مسلحين بأيعاز من فرنسا على ...
- موقع ابن رشد الفيلسوف والقاضي والفقيه بين الإسلام والمسيحية ...
- موقع ابن رشد الفيلسوف والقاضي والفقيه بين الإسلام والمسيحية ...
- بوح الذاكرة: عبرات معلم مقبل على الانتحار شنقا
- مالي تلغي 11 اتفاقية استعمارية فرضتها فرنسا على دول إفريقية ...


المزيد.....




- ردا على بايدن.. نتنياهو: مستعدون لوقوف بمفردنا.. وغانتس: شرا ...
- بوتين يحذر الغرب ويؤكد أن بلاده في حالة تأهب نووي دائم
- أول جامعة أوروبية تستجيب للحراك الطلابي وتعلق شراكتها مع مؤ ...
- إعلام عبري يكشف: إسرائيل أنهت بناء 4 قواعد عسكرية تتيح إقامة ...
- رئيس مؤتمر حاخامات أوروبا يتسلم جائزة شارلمان لعام 2024
- -أعمارهم تزيد عن 40 عاما-..الجيش الإسرائيلي ينشئ كتيبة احتيا ...
- دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية تكشف عن عدد السكان
- مغنيات عربيات.. لماذا اخترن الراب؟
- خبير عسكري: توغل الاحتلال برفح هدفه الحصول على موطئ قدم للتو ...
- صحيفة روسية: هل حقا تشتبه إيران في تواطؤ الأسد مع الغرب؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - فلسفة سقراط عبر ثلاث مراحل (الجزء الأول)