أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عثمان عبدالله مرزوك - التفكير العلمي والتفكير الخرافي















المزيد.....

التفكير العلمي والتفكير الخرافي


عثمان عبدالله مرزوك
ناقد و باحث و اكاديمي

(Othman A. Marzoog)


الحوار المتمدن-العدد: 7679 - 2023 / 7 / 21 - 16:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


البداية دائما بتحديد المعاني ، ما هو العلم، ما هي الخرافة، ما هو الفكر، من هو المفكر، اين يقع التفكير الخرافي من التفكير العلمي؟ لماذا لم ينجح التفكير العلمي في العراق ونجح التفكير الخرافي، متى بدأ العلم، ما هي سمات التي يتسم بها العلم.
الإجابات محاولة لتأسيس فكر علمي او ادامة الفكر العلمي الذي صار الى زوال مع سيادة التفكير الخرافي في العراق. ربما الوضع السياسي له أثر كبير لكن الحاجة النقدية يمكن ان تغير في الواقع الحالي.
التفكير هو التصورات العلمية القائمة على أساس علمي، او هو التحليل القائم على أسباب علمية، قابلة للتوسع من نطاق التجربة الى قواعد عامة، تخضع للمبادئ الأساسية للعلم، بدءا بالفرضية ثم التجريب ثم النظرية ثم قواعد رياضية. هذا التفكير يتسم بصفات معينة يمكن ان تكون كالاتي:
1- التنظيم: هو السمة الأولى للعلم لان أي محاولة تفسر لظاهرة معينة يجب ان تخضع لتسلسل الملاحظة ثم التجريب يتبعها النظرية بعد القواعد التي نتجت عن النظرية.
2- التراكم: العلم بناء يقوم على أساس بناء سابق، بمعنى يقوم على المعارف السابقة، فهو لا يقوم لوحدة بدون أسس معرفية سابقة قد يعدل عليها او يلغيها لكن سياتي بما هو ادق منها.
3- البحث عن الأسباب: هذه هي السمة الثالثة للعلم لأنه يبحث في أسباب حدوث الظاهرة وليس في غاياتها، الحقيقة هي ان التساؤل هو ما يميز الانسان عند الولادة واليقين هو ما يقتل التفكير العلمي عند البلوغ، لان اليقين هو قطع الشك، والتفكير بالغايات بدلا من الأسباب مثل وضع العربة امام الحصان لجرها.
4-السمة الرابعة للعلم هي الشمولية: بمعنى ان حدوث التجربة اليوم يؤكد حدوثها غدا وبعد غد ولا يتحدث عن ظاهرة فردية بل تتحول الظاهرة الى قانون عام تخضع له جميع الظواهر المشابهة، مثلا سقوط جسم بسبب الجاذبية هو قانون تخضع له جميع الاجسام.
5- السمة الخامسة هي الدقة والتجويد: يتسم الحديث العلمي بالدقة اللغوية والمصطلحات العلمية مثلا يقول احد الفقراء معرفيا " فلان صاحب كرامات" هذه جملة لا تحوي أي معنى علمي وغير خاضعة لقواعد العلم لا يمكن تجريبها لا يمكن فرض فرضية ولا يمكن ان نفهم بالتحديد معنى الكرامات، فهي أفعال غير واضحة تؤدي الى نتائج غير محددة، لا يمكن وضع قانون رياضي لها.
لماذا لا يزهر التفكير العملي في العراق او العالم العربي، بل انه يموت شر ميته بدون تعاطف حتى، بعيد عن الأسباب السياسية، الإجابة تكمن في النقاط ادناه:
1- الأسطورة والخرافة، ان الشعور بالعجز امام القوى الأخرى يولد خرافات واساطير، والحقيقة هي ان البشرية لم تعرف التفكير العلمي كما نعرفه الان الا في عهد قريب جدا قياسا بالعمر الطويل لها. الفرق بين التفكير الخرافي والتفكير الأسطوري هو ان التفكير الأسطوري يتحدث عن الفترة التي لم يكن قد ظهر بها العلم بعد، بمعنى انه التفكير السابق للعلم، بينما التفكير الخرافي هو الذي ينكر العلم اثناء وجود. اليوم يغزو العالم التفكير الخرافي وليس الأسطوري، اضف الى ان الفرق الاخر هو ان الأسطورة تحاول إعطاء تفسير متكامل للعالم بينما الخرافة تفسر الجزئيات في داخل الأسطورة. الأسطورة نظام العالم والخرافة تفاصيل ذلك النظام. السحر خرافة وليس اسطورة لان السحر لا يخضع لقواعد العلم لكن يتبع قواعد التفكير الخرافي فلا نظرية ولا تجربة ولا برهان ولا قواعد غير السحر التعاطفي وسحر العدوى كما يصنفه جورج فريزر في الغصن الذهبي.
التفكير الخرافي الان هو العدو الأساس للعلم، حيث انه جزء من المنظومة التعليمية العراقية، مثلا تعليم السحر او الموتى المؤثرون لانهم أصحاب حظوة عند الله، والأكثر تدميرا هو اطلاء هذا التفكير الخرافي بعلم مزيف او ادعاء عدم قدرة العقل على استيعاب او فهم كل شيء لهذا يجب الاعتقاد بالخرافات.
2- الخضوع للسلطة: من المعوقات التي تجعل الخرافة منتشرة بقوة في العراق هو السلطة التي يتحلى بها أصحاب الخرافات عند العوام حيث لا سلطة تعلو على سلطة الدجالين والمشعوذين الذين يستمدون معرفتهم من الخرافة. والكارثة هو الخروج على هؤلاء بدون سلطة قانون او سلطة مجتمع تؤدي الى نبذ على الأقل او نهاية مسيرة لفرد ما على الاغلب. ربما كان ارسطو هو السلطة المعرفية عند الغربيين لمدة تزيد على اربع قرون ففي النهاية انتفض غاليليو على الكثير من اراء ارسطو واثبت خطاها. اما بالنسبة للعراقي فالفكر الديني الخرافي البعيد عن الأصل الديني الحقيقي هو ما يسيطر او هو رمز السلطة خصوصا انتشار قصص تأثير الموتى بالأحياء، وتأثير سن الذئب، وهناك عظم لا يبيعه القصابين لأنه يستعمل في صناعة خرافة السحر، الهدهد، الافعى، الكثير من الحيوانات لديها اجزاء سحرية .
3- القِدم: هنا علة أخرى تجعل الراي القديم اكثر حصانة و رجاحة وصحة من الراي الجديد، لان الحكمة تكمن في الماضي، لذلك دائما ما استخدم الروايات السابقة لإقناع الطلبة بأمر ما لان الماضي هو مصدر المعرفة، لكن هذا هو الحنين للماضي والواقع ان الماضي مصدر الجهل اكثر مما هو مصدر المعرفة فالعلم يتقدم بسرعة تتضاعف مع الوقت.
4- الانتشار: كلما كان الراي المعروض امامك اكثر انتشارا كلما كان يعتبر الاصح بين الجهلة المركبين، مثلا لا تجتمع الامة على خطا، وهذه كارثة علمية حيث اجمع العالم على ان الأرض مركز الكون وفي النهاية يقف كوبرنيكوس لقول ان الأرض مجرد كوكب صغير ولا هي مركز الكون ولا هي اهم ما موجود في الكون. ومن بعده داروين لقول نحن لسنا اهم كائن حي في هذا الكوكب انما نحن مجرد كائنات متطورة، بهذا فقد الانسان ذلك الفخر والاعتزاز بنفسه.
5- الشهرة: الراي يكون ذا سلطة اكبر اذا ما جاء من فرد مشهور، الكارثة التي تحصل اليوم هي المعرفة السطحية في ضل موقع التواصل والشهرة على حساب المعرفة، وإلغاء التدرج المعرفي الموجود في الواقع، الرتب المعرفية في الواقع تجعل من يقف على المنصة هو معلم ومن يقف تحتها فهو طالب واذا ما وقف طالب على المنصة يصير الشك بما يقول مضاعف بينما في مواقع التواصل تُلغى المنصة ويصبح المعلم مجرد راي اذا ما خالف الشائع فهو منبوذ
6- الرغبة او التمني: wishful thinking
حيث يميل الناس الى تصديق ما يرغبون فيه، او ما يتمنون ان يحدث وعلى العكس من ذلك فهم يحاربون ما يحبط امانيهم، فالشمس تدور حول الأرض رغبة منا بتصديق اهميتنا على الأرض القول العكس يُرفض بشدة لانه يهين اهميتنا المفترضة.
7- انكار قدرة العقل: التصديق بالحدس والذي لا يعني غير التخمين او التكهن بطريقة لغوية جميلة او الخيال او الوهم هذه القوى غير عقلية لكن الكثير من الأشخاص يعتبرونها مرشدا لهم.
8- التعصب هو الاعتقاد بامتلاك القدرة العقلية وعدم وجودها عند الاخرين، فهو على صواب والأخرين على خطا في كل الأحوال.
9- الاعلام المضلل: هذا الاعلام لا يهتم الا لما يؤيد الايدلوجيا التي يتبعها لذلك يعطي نصف الحقيقة او الحقيقة التي تقف الى صفه فقط ويلغي الحقائق الأخرى.
ما هي علاقة المجتمع بالعلم والعلماء؟
غالبا ما يقدس المجتمع او يميل الى من يبقى داخل منظومة تفكيره ولا يخرج عن عقل المجتمع. أضف الى ان التخصص الدقيق الذي يتجه اليه العلم يجعل الوعي الاجتماعي يسير باتجاه الانحسار، فلا يفهم الانسان البسيط معنى فيزياء الكم، الواقع ان المجتمع يصنع البيئة والقبول لاختلاف للعالم بينما العالم يصنع التطور، التقدم هو تظافر عامل الحاجة المجتمعية مع الذهنية الثاقبة للعالم. في العراق الذهنية الاجتماعية غير متقبلة والعالم لا يخرج عن ان يكون انعكاس مجتمعه لذا يكون أداة مجتمعه ضد العالم الحقيقي والباحث العلمي.
وما يميز العالم عن الاخرين، أولا الحس الإنساني، ثم الروح النقدية التي تنقد افكارها بحق لأجل تطويرها ولا تربط افكارها بتقديرها الذاتي، أضف لها النزاهة حيث يبغي الاشتغال في العلم الابتعاد عن الاقناع باستعمال اللغة المبهرجة او البحث عن المال على حساب الحقيقة العلمية. ربما الميزة الأخرى التي على العالم التحلي بها هي الحياد، وهذا يعني عدم الانسياق وراء العواطف وهذا ربما اصعب ما يمر به العالم اذا ما وجد كشف يتناقض مع ايمانه الأولى، اضف الى ان الحقيقة لا شان لها بالأخلاق والقيم المجتمعية بذلك هذا المخاض الأصعب لولود عالم من رحم مجتمع غير صحي.
الان نحن بحاجة الى انتاج علماء حقيقيين وليس جهلاء مركبين ما يخرج من جامعات العراق هم جهلاء مركبين بامتياز ولا يملكون أدنى معايير البحث العلمي وغالبا اساتذتهم لا يبتعدون عنهم في مدى ادعاء المعرفة وهم يرفضون ما يتوصل له العلم بدون تمحيص اعتمادا على نصوص تقف على أساس قبولها الاجتماعي وليس منهاجها العلمي الرصين. ربما إعادة انتاج مجتمع يتقبل العلم سيكون في الامارات التي تخوض صراع ضد الجهل المركب بجذب افضل النخب مع مبادرات ممتازة تحصل منذ عدة أعوام يبقى السؤال هل يدوم هذا المنهج ام ينتهي بزوال حاكم الامارات الحالي؟



#عثمان_عبدالله_مرزوك (هاشتاغ)       Othman_A._Marzoog#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهوية والعنف
- الاخلاق
- النساء بين الاهانة والتكريم في الاسلام
- نظرية في تكون الاديان الابراهيمية
- السحر والدين
- اصنعوا سلاما
- لماذا نتزوج
- العقل الغربي في الفلسفة
- العقلانية والاعجاز في العقل العربي الاسلامي
- كيف تطبخ كونا
- الاكتأب
- رحلة الجهل
- انا ظل لظلِ
- الجهل المركب
- شيكسبير يكتب السونيتة الثامنة عشر من جديد
- اشكالية النهضة العربية
- اشكالية العقل العربي
- رجال الدين والتقدم
- التخلف بنية اجتماعية
- الى حبيبتي


المزيد.....




- مصير الرئيس التنفيذي بعد كشفه بفيديو يعانق موظفة بحفل كولدبل ...
- إصابة عدة أشخاص بدرجات متفاوتة بعدما صدمت -سيارة مجهولة- حشد ...
- فضيحة العناق خلال حفل كولدبلاي.. شاهد كيف سخرت مواقع التواصل ...
- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي على قطاع غزة معظمهم من منتظري ا ...
- بدء انتشار القوات الأمنية.. الشرع: نتبرأ من جميع المجازر وال ...
- تطمينات أمريكية وإسرائيلية قبل بدء العمليات.. هكذا خدعت واشن ...
- وسط خلافات داخل الحكومة.. استطلاعات الرأي تظهر تأييد الإسرائ ...
- استطلاع: لهذا يرفض غالبية الألمان حظر حزب -البديل-!
- رسالة واتساب تساهم في إفشال انتقال نيكو وليامس إلى برشلونة
- مروحيات إسرائيلية تهبط بخان يونس وتجلي جنودا مصابين


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عثمان عبدالله مرزوك - التفكير العلمي والتفكير الخرافي