|
هل تساعد تقنية التحرير الجيني* في حل لغز عمره 100 عام حول السرطان؟
بهجت عباس
الحوار المتمدن-العدد: 7668 - 2023 / 7 / 10 - 04:48
المحور:
الطب , والعلوم
عن جريدة الواشنطن بوست –الخميس 6 تموز 2023 د. بهجت عباس براناف كانديكوبا ، عالم في مختبر جيسون شيلتزر في كلية الطب بجامعة ييل ، هو عضو في الفريق الذي استخدم التحرير الجيني للتحقيق في دور الكروموسومات الإضافية في قيادة السرطان. (مات برادبري / جامعة ييل) اكتشف الباحثون الذين يستخدمون أدوات تعديل (تحرير) الجينات الحديثة أن حدس العلماء منذ أكثر من قرن كان صحيحًا: الخلايا التي تحتوي على عدد غير عادي من الكروموسومات هي محركات للسرطان. فالدراسة ، التي نُشرت يوم الخميس (6 تموز2023) في مجلة Science ، أعادت الاهتمام العلمي بفكرة قديمة الطراز يمكن أن تشير إلى طرق جديدة لاستهداف الخلايا السرطانية بالأدوية. لاحظ العلماء هذه الظاهرة لأول مرة عند فحص الخلايا السرطانية تحت المجهر في أوائل القرن العشرين. لاحظوا أنه مع تكاثر الخلايا السرطانية ، انتهى الأمر ببعضها بالكثير من الكروموسومات التي تحمل الجينات وانتهى الأمر بالبعض الآخر إلى القليل منها.
قادت الملاحظة المتناقضة عالم أجنة ألماني إلى اقتراح أن الأعداد الشاذة من الكروموسومات لم تكن مجرد سمة مميزة للسرطان - ربما كانت مسبِّباً له. لم تحظ الفكرة بالاهتمام إلى حد كبير حيث بدأ العلماء في اكتشاف عشرات الجينات الفردية التي تسببت في الإصابة بالسرطان وأنتجوا أدوية لاستهدافها. لكن اختلال الكروموسومات في الخلايا السرطانية ظل شيئاً مستَغرَباً ، فهو موجود في 90% من السرطانات، عرفه الجميع ولكن لم يعرف أيّ واحد منهم لِمَ هذا وماذا يعني. وقد تمّ تجاهلها لصعوبة حلّ لغزها! ولكن في الدراسة الجديدة ، اكتشف العلماء كيفية معالجة هذا اللغز باستخدام تقنية CRISPR. فقد أظهر عملهم أنه بدون كروموسومات إضافية ، لن تتمكن خلايا سرطانية معينة من زرع الأورام في الحيوانات. سائق السرطان أو مع التيّار؟ يمتلك الانسان 23 زوجين (46) من الكروموسومات ، وهي هياكل طويلة تشبه الخيوط تتكون من الحمض النووي والبروتينات التي تحمل جيناتنا. عندما تنقسم الخلايا ، تصنع الكروموسومات نسخًا من نفسها ثم تنفصل بشكل مرتب ومتناسق إلى خلايا جديدة. لكن في السرطان ، فإن هذا التصميم لا يحدث، حيث ينتهي الأمر بالخلايا أن تحمل أعداداً غير طبيعية من الكروموسومات؛ ظاهرة بقيت غير معروفة عقوداً من الزمن.: هل كانت الانحرافات هي سبب السرطان ، أم مجرد علامة على أن الأشياء قد ذهبت شذر مذر في الخلية؟ لم يكن من السهل إضافة الكروموسومات أو إزالتها ، لذلك كان على العلماء الباحثين عن إجابات الاعتماد إلى حد كبير على الارتباطات المثيرة للاهتمام وكانت غير مقنِعة. عرّضت إحدى الدراسات خلايا الورم الميلانيني إلى مادة كيميائية زادت من تشويه كروموسوماتها ؛ كانت هذه الخلايا أسرع في تطوير مقاومة لعقار مستهدِف ، مما يشير إلى أن تشوهات الكروموسومات قد تلعب دورًا في قدرة السرطان على إبطال فعل الأدوية. وجدت دراسة أخرى أنه كلما زاد عدم استقرار خلايا الورم لدى المريض من حيث الكروموسومات ، زادت احتمالية عدوانيّة السرطان وضعف التكهّن أو التنبؤ بمصيره. وهنا تلوح مسألة السبب والتأثير مرة أخرى: هل يمكن أن يكون ذلك الاختلال الكروموسومي لعب دورًا في تلك السرطانات ، أم أنه مجرد (مع مجرى التيّار؟) مع اختراع تقنية تحرير الجينات CRISPR قبل عقد من الزمن ، اكتسب العلماء القدرة على إضافة الجينات أو حذفها أو تعديلها. لكن حذف كروموسوم كامل أمر مختلف. للقيام بهندسة كروموسوم واسعة النطاق ، كان على جيسون شيلتزر ، عالم بيولوجيا السرطان في كلية الطب بجامعة ييل ، وفريقه أن ينشروا تقنية اختراق CRISPR. أولاً ، أدخلوا جينًا من فيروس الهربس في الكروموسومات الإضافية للخلية السرطانية. في البداية ، اختاروا الكروموسوم 1q ، وهو واحد من أوائل الجينات التي اكتسبت أو فقدت نسخًا إضافية أثناء نشوء سرطان الثدي. ثم استخدموا علاج الهربس ، ganciclovir ، لاستهداف الكروموسومات المعدلة. وجدوا هذه التقنية قتلت الخلايا ذات النسخ الاضافية ، تاركة وراءها خلايا سرطانية ذات أعداد طبيعية من الكروموسومات. عندما حاولوا زراعة أورام من هذه المجموعة الأخيرة من الخلايا السرطانية ، وجدوا أن الخلايا لم تعد قادرة على زرع الأورام في طبق بتري أو في الفئران الحية. كان هذا دليلاً واضحاً لـ Sheltzer على أن الكروموسومات الإضافية لم تكن مجرد تأثير ، بل كانت محركًا (سائقاً) للمرض "فلها دور مركزي" يقول شيلتزر. طرق جديدة لمهاجمة السرطان في الوقت الراهن تعتبر هذه التقنية أداة وليست علاجًا. إذ ليس من الممكن حتى الآن التفكير في استعادة الأعداد الطبيعية للكروموسومات في الخلايا السرطانية كوسيلة لدرء المرض. لكنها قد تشير إلى طريقة مختلفة لاستهداف السرطان في المستقبل. فقد أدّى الفهم الجيني للسرطان إلى علاجات تستهدف طفرات معينة تدفع تطوره أو استفحاله. لكن السرطان عدو ماكر وغالبًا ما يطور مقاومة لأي نهج علاجي .
فالدليل على أن الكروموسومات الزائدة ضرورية لـ(قيادة السرطان) يعني أن الباحثين يمكنهم الهجوم من اتجاه جديد: العثور على الخلايا التي تحتوي على كروموسومات إضافية وقتلها. ولأن الكروموسومات تحتوي على مئات أو آلاف الجينات ، فإن مثل هذا النهج يمكن أن يوسع عدد الأهداف. حتى لو أصبح السرطان في النهاية "مقاومًا" لمثل هذا الدواء بفقدان كروموسوماته الزائدة ، فإن الدراسة تشير إلى أن القيام بذلك قد يؤدي أيضًا إلى القضاء على قدرته على التسبب في السرطان. يقول شيلتزر: "في الأساس ، يصبح الكروموسوم الإضافي نقطة ضعف علاجية جديدة. نظرًا لأن الخلايا تحتوي على كل هذه المواد الجينية الأخرى ، فقد تصبح هذه الخلايا حساسة تجاه الأدوية التي تستهدف الجين ، حتى لو لم يكن لها علاقة بالسرطان". ----------------------------------------------------- *للاطلاع على هذه التقنية يرجى النقر على الرابط أدناه بهجت عباس - تحرير الجينوم – جراحة جينيّة لأمراض عصيّة (ahewar.org)
#بهجت_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصيدتان من (أوراق عشب)- للشاعر الأمريكي والت ويتمان (1819-18
...
-
Do not stand by my grave, and weep - ترجمة شعريّة
-
دمٌ شابٌّ لأدمغةٍ شائخةٍ –أهـوَ أملٌ لعلاج الألزهايمر؟
-
أغنية حائكة سيليزية* Lied Einer Schlesichen Weberin
-
الموسيقيّة العمياء – بثلاث لغات
-
ترجمتان؛ إنجليزية وألمانية لقصيدة الشاعر علي محمود طه - فارو
...
-
فاروس الثاني – للشاعر علي محمود طه (1902-1949) مترجمة إلى ال
...
-
وردة أثينا البيضاء The White Rose of Athens - ترجمة شعرية -
-
ورود بيضاء من أثينا - إغنية ألمانية مترجمة شعراً
-
وردة من سانتا مونيكا - أغنية ألمانية - مُترجمة شعراً مُقفّى
-
الأرض للطُّوفان مشتاقة - قصيدة بثلاث لغات
-
الولادة الأبدية - للشاعر عقيل العبود - مترجمة إلى الانكليزية
-
موت مؤجّل - قصيدة بثلاث لغات – للشاعر العراقي يحيى السّماوي
...
-
إعادة كتابة الحياة؟
-
سفينة العبيد – للشاعر الألماني هاينريش هاينه (1797-1856)
-
تحرير الجينوم – جراحة جينيّة لأمراض عصيّة
-
تأثير البيئة على فعّالية الجينات
-
ترجمتان: إنكليزية وألمانية لمثنويات ورباعيات الشاعر كريم الأ
...
-
أمّ الحواسم - مقطوعة شعريّة بثلاث لغات
-
خميـرة تُطيل العمـر وقد تسبّب السّرطان
المزيد.....
-
لماذا تسبب قلة النوم فى سن الأربعين خطورة على صحتك؟
-
مرضى السرطان يعانون في غزة
-
بأحدث اصدار لها.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 batoot Kids على
...
-
“مين اللي سرق جزمة لولو”.. ثـبت الان تردد قناة وناسة Wanasah
...
-
“لولو ضاعت يا شرطة”.. تردد قناة وناسة بيبي كيدز الجديد 2024
...
-
الجزائر تقاطع جلسة تصويت في مجلس الأمن على قرار أمريكي بشأن
...
-
غوغل تطلق من دبي أكبر مبادراتها للذكاء الاصطناعي في المنطقة
...
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية توضح سبب تسرب المياه في أحد مف
...
-
التوقيت الشتوي.. 6 طرق لتعديل جدول نومك مع تأخير الساعة
-
فى الهالوين.. كيف تؤثر مشاهدة أفلام الرعب على نفسيتك؟
المزيد.....
-
هل سيتفوق الذكاء الاصطناعي على البشر في يوم ما؟
/ جواد بشارة
-
المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
-
-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط
...
/ هيثم الفقى
-
بعض الحقائق العلمية الحديثة
/ جواد بشارة
-
هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟
/ مصعب قاسم عزاوي
-
المادة البيضاء والمرض
/ عاهد جمعة الخطيب
-
بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت
...
/ عاهد جمعة الخطيب
-
المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض
/ عاهد جمعة الخطيب
-
الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين
/ عاهد جمعة الخطيب
-
دور المايكروبات في المناعة الذاتية
/ عاهد جمعة الخطيب
المزيد.....
|