أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ملاك أشرف - بالدّخان يمحو نفسه














المزيد.....

بالدّخان يمحو نفسه


ملاك أشرف
كاتبة ادبية


الحوار المتمدن-العدد: 7648 - 2023 / 6 / 20 - 09:31
المحور: الادب والفن
    


كلماتي لا تنتشر في هذا المكان المُفرغ من المحبّةِ
وإن تجاوزَ صوتي المُتهَدّج جغرافيته فإنه لا يتعدى
باب منزلي الصّغير الحزين
تترقرقُ الدّموع في عينيَّ كشرارةِ النّار
أو مثلما تساورني طفولتي
كي تسألَ عن الأُغنيات العتيقة،
وتتأكدَ من توسّدها الأشعار المُعتمة
من استمرار رنينها في ذهني الفاني
أو خلال الأصوات المنزليّة المُفزعة
حبستُ نفسي في روائع الماضيّ
لعلَّها تعود لأركضَ في حدائقها وأنتظر الحنان!
أتخلّصُ من الحقيقة الثّابتة أمامَ عينيَّ
حقيقة أن الآخرين يكرهونني
الموت هو ما يناسبني
ولن يحبَّني أحدٌ أو ينتظرَني غيره.

كلماتي بحاجةٍ إلى الخروج من حجرتِها
لكنها لا تصل إلى المدفأةِ في الغرفةِ المُجاورة
كطائرٍ صغيرٍ فقدَ قدرته وصوته المُنطلق
بعدَ إبعادهِ عن حجرهِ الجميل
وإذا وصلت الكلماتُ في يومٍ من الأيّام
فإن الحمقى يتجنبونها
كما تتجنبني الشّمسُ عندما تشرق على الجميع
يتطلّعُ صوتي إلى مَن يتعاطف معهُ!
أريدُ محو الأصوات النّشاز الأعلى منهُ
أمحوها من ذاكرتي، من البيت، من الحي
وتحديدًا من ضيق أَسرّتي.

رُبَّما سأرميها في البحار، في العواصف القادمة الهوجاء
في الغابات البريّة المُماثلة لها ورُبَّما في المُستنقعات
لا يهمّ كيف أنتزعها من أيَّامي
بل كيف أتخلّص من الآلام المُقدّسة الّتي تُسببها
حيث أسيرُ في المدن وأنا مُجرّدةٌ من آثارها
راغبةً أن أكونَ وحيدةً مُشردةً
بلا أصواتهم، بلا رنين الصّاعقات الغريبات
ولا أتعرف على ملامحَ منزلي بعدَ ذلكَ
مثل مَن يمشي، يمشي ويدخِّنُ
يدخِّن بحجمِ العشرين سنة، الرّاحلات من العُمرِ
هذهِ هي الطريقة الّتي يدخّن بها
لا أدري إلى متى يمكن أن تدومَ سيجارتهُ
لكن هذهِ هي الطّريقة التي سيدخّن بِها، أيّ بعددِ اغترابه
ثُمَّ بالدّخان يمحو نفسه.

من أنا؟
أنا لا شيء، رغوة البحر تمسحني عندما تضربني
على طرقاتٍ شاحبة هادئة
يمكن أن يقتلني انزلاقٌ خفيفٌ وأصبح سرابًا.
أقفُ على أرضٍ مُمتدّة نصفها أخضر ونصفها الآخر رمل
شَعريّ المُذهب النّاعم على كتفيَّ صامتٌ لا يتحرك
ورائي السّماء المُمزوجة، الّتي بدا أسفلها أصفرَ وأعلاها أزرق
مع شُجيراتٍ عاريّة بكماء، أعمدةٍ للإنارة خافتة
أتلفتها الشّموسُ والدّهور الرّتيبة
أرتدي بنطالًا حريريًا عريضًا وأسودَ
وبلوزة أرجوانيّة غامقة، يطوق عنقها وشاحٌ مُكْتَئِبٌ
تشبثت الأزهار الورديّة بهِ
تواسيني ريثما أتمكن من الجلوسِ باِبتسامةٍ غامضة
أنظرُ إلى اِمتزاج البحر بالاصفرار
قد أتريث أكثر وأُشاهد القمر المُكتمل ينزل على سطحِ الماء
مَن يدري ماذا يحدث في حياتي المُتيّبسة؟
لا أحدَ على الإطلاق
إذن دعوني أروض نفسي بالسّكوت والمُقاومة ولو قليلًا
لأكونَ كما الطّبيعة
لي أشياءٌ عميقة ورَحبة تختلطُ فيها أجزائي
أخشى على الورود القريبة أن يلمسها وشاحي
فتنزف
أو تندو لِتلمسني فابكي
ثُمَّ تنأى عنّي وتنساني، تنساني..

يُلازمني القلق، حذارِ من تكلّيمه
يصنعني كماهيتهِ كي أستبدلهُ بالوجوم
اعتادهُ تلقائيًّا واِلتقيه بينَ فينةٍ وثانية
هذا هو أقصى ما يطمحُ إليهِ
وأدنى ما أرنو لهُ هو الاستقرار، النّافر من معدن الطّموح الحثيث
أبيعُ نصفهُ عربونًا من أجلِ إقصاء الفزع!
ما زلتُ أدير ظهري للغسق
أنتظرُ اللّحظةَ الّتي أغتنم فيها الرّمال كفرصةٍ
لأجلسَ مُبتسمةً ويداي تلتقي بالوشاح
أقضي اللّيلَ أتلوّى وأتأمّل
كانَ لدي إحساسٌ حارق
لَمْ اندفع إلى الموتِ كُلّيًا، لَمْ أتبدّد نهائيًا
أيَّتُها الرّوحُ المنهوبة الهامدة
لن يدّعكِ القلقُ تحلمين
يا موسم الجفاف
لِمَّ تمنحني خريفًا كُلّما أردتُ ربيعًا؟
ولِمَّ تتأخر النّجوم الذّكية لِتسطعَ فوقي؟

قد أموت قريبًا مع أزهارٍ هشّة عالقة بوشاحي
لا تزال تطفو على صدري
لَمْ أمت حتّى هذهِ اللّحظة
ولَمْ تقل الزّهور الزنبقيّة: أُحبّكِ يا مليكتي المُحتَضرة.
فالأزهار لن تبقى أزهارًا كما الملاك المشوّه
الّذي لن يبقى ملاكًا في أبديتهِ الأخيرة،
أكثر ما يُهدد وجودي الحلم بالحُبّ
أكثر ما يُبهج العدم التّطبع بهِ
وحسبي أنني أبتَدِعُ من تعبي شِعرًا
كي أظنّهُ في لحظاتٍ شحيحة أُغنيةً
تتفوّه بالخلاص وتبتلع حتمًا المُناورات
كمَن يصنع ذاكرةً رطبةً لئلّا تستولي عليهِ الشّيخوخة
أو كمَن يفكرُ بصدقٍ مُضاعفٍ
كيلا "يضيع بريق خواتم الأزواج النّادرة"
ولأنّهُ لا يبدو أكثر وفاءً للون العزلة المُخاتِل
سوف يرتدي الصّباح مُتظاهرًا بالرّونق اللّازورديّ
"في حين نظره يركض أسرع منهُ"
ولا ينتبه إلى الخوف الّذي نبتَ من داخلهِ..



#ملاك_أشرف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بِعْتُ حياتي
- أوراق الزَّهر جرفها النَّهر
- زُهوركِ وحدها الحقيقيَّة
- سيّد المَنْفَى
- هذه الدُّنيا خديعةٌ
- قطيعُ الذّئابِ
- لماذا تواجد الفنّ وأصبحَ جُزءًا مِن كُلِّ إنسانٍ؟
- لماذا تواجد الفنّ وأصبحَ جُزءًا مِن كُلِّ إنسانٍ؟
- خلفَ كُلِّ امرئٍ شَّخْص ما
- الشّوارعُ تُطفئُ الأضواءَ
- الشاعر الذي لم يتوسل شعره صحيفة
- بعتُ حياتي
- أوْرَاق الزَّهْر جَرفها النَّهْر
- زمنُ الذئابِ
- أين تُخَلد قصائدي؟
- يجب أن أعودَ وأغلقُ البابَ
- خلفَ كُلَّ امرئٍ شَّخْص ما
- لماذا تواجد الفنّ وأصبحَ جُزءٌ مِن كُلِ إنسانٍ؟


المزيد.....




- قصة الحملات البريطانية ضد القواسم في الخليج
- أفراح وأتراح رحلة الحج المصرية بالقرن الـ19 كما دونها الرحال ...
- بسام كوسا يبوح لـRT بما يحزنه في سوريا اليوم ويرد على من خون ...
- السعودية تعلن ترجمة خطبة عرفة لـ20 لغة عالمية والوصول لـ621 ...
- ما نصيب الإعلام الأمازيغي من دسترة اللغة الأمازيغية في المغر ...
- أمسية ثقافية عن العلاّمة حسين علي محفوظ
- ثبتها الآن.. تردد قناة روتانا سينما 2024 على نايل سات واستمت ...
- عروض لأفلام سوفيتية وروسية في بوينس آيرس
- -مصر القديمة.. فن الخلود-.. معرض لقطع أثرية مصرية في سيبيريا ...
- آخر ما نشره -نعم.. الموت حلو يا أولاد-.. كتاب وفنانون ينعون ...


المزيد.....

- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ملاك أشرف - بالدّخان يمحو نفسه