أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - إبراهيم رمزي - شكز














المزيد.....

شكز


إبراهيم رمزي

الحوار المتمدن-العدد: 7644 - 2023 / 6 / 16 - 07:41
المحور: العلاقات الجنسية والاسرية
    


شكز*‏

لم يكن زبونا مخلصا لحافلات النقل الحضري إلا لماما، وعند الضرورة القصوى .. فما دام الجو صحوا، فمعتمَدُه السيْرُ على ‏الأقدام ـ في المسافات المتوسطة ـ لتوفير دُريْهِمات التنقل، حتى ينفقها في وجوه أخرى .. ويجْبِره البُعدُ على ارتفاق الحافلة ‏‏(الأوتوبيس)، فلها عيوبها المتمثلة أساسا في النشالين، ولها "مزاياها" التي تسمح بالاحتكاك والتحرش "الصامت"، الذي قد ينتهي ‏أحيانا بتأنيب وفضْح على رؤوس الأَشهاد من أنثى جريئة "وماجنة شرّيرة"، ونادرا ما يؤول الأمر إلى بضع صفعات ولعنات ‏يشارك فيها حتى متحرشون آخرون، يغتنمون الفرصة لّلحاق بركْب الفضيلة والالتحاف بالاستقامة..‏

هل حدث احتكاك نهديها بيده المتمسّكة بعمود بالحافلة صدفة، أم "جاء" جوابا على مكره الذي يقصده من وضْع يده في مستوىً ‏مُوازٍ لعُلوّ النهود؟ أبعد يده هنيهة .. ثم أعادها إلى حيث كانت .. فتكرر التلامس .. وعندها "انهزم وأسلم" يده لعسل النعومة ‏ولشهوة أنثوية تقضم أصابعه، استسلمت حواسه لخُمار صعقات شبقية كاسحة .. تُسْكِرها وتستعبدها، .. فتستكين في خضوع ‏لجبروت ذاك المفلَّك النافر، المكتنز اللدْن ..‏

كانت واقفة أمامه، معصِرٌ يافعة، في مثل سنّه. عبق شعرها يملأ خياشيمه ويستلِبه. تعمَّدَ بحركة "بريئة" من يده المحررة ـ لَمْسَ ‏‏"كنْزَها" الجذّاب المغري بنعومته ورجرجته. تقدم بضع سنتيمترات حتى التصق بكفلها الوثير .. وسرعان ما استجاب "اللعين" .. ‏
لم تغير مكانها .. لم تزْوَرّ أو تبتعد .. يبدو أنها اختارت أن تتواطأ مع "الوضع" الناجم عن اهتزاز أجسام الرّكاب الواقفين داخل ‏الحافلة، وتساير تمايلهم في كل الاتجاهات، تبَعا للسرعة والفرملة، والتوقف والانطلاق .. وملئهم للفراغات التي يتركها المغادرون ‏‏.. يغطّي على ذلك غبش المساء، وضعف الإنارة، وازدحام الرائحين لبيوتهم، وأغلبهم يودون لو كانوا متلفِّعين في ملابس غليظة ‏لتقِيَهم من طلائع هجوم برد المساء، ..‏
ازداد اشتعال "نار الانتشاءً" لما عاد فتلمّس بيده عجيزتها المتمرمرة ... ثم لم يتردد فضغط أكثر .. فدفعتْ أكثر .. وما لبث ـ إلا ‏قليلا ـ حتى أفرغ في تُبّانه .. تسللتْ يدُها إلى فخذه .. قرصتْه قرصة خفيفة، ثم شقتْ طريقَها نحو باب النزول .. بقي متسمّرا في ‏مكانه .. فما زالت المسافة طويلة نحو مقصِده .. ‏

عندما لفظه دفءُ الحافلة، صفعهُ البرْد، وسرَى "الصقيع" إلى تُبّانه، الغارق في "أطلال" الانتشاء الذي أمتعَتْه به تلك المجهولة ‏ذات الردف الوثير. فاستعان بالمنديل ـ الذي يتمخط فيه ـ ووضَعه حيثُ يَحُول بينه وبين البلل .. ثم أخذ يسترجع بنشوة وفحولة ‏وشوق ... كل ومضات النسخة الفريدة العَجْلى لتلك الدقائق القصيرة المتلاحقة الممتعة التي تسرّبت من جيب الزمن.‏
كم نحن عاجزون عن استبقاء ما يمتعنا من أحاسيس جياشة أو إدامتها .. عمرها كعمْر عود كبريت حين يشتعل .. تغمر النفس لذة ‏قصيرة كالشعاع اللامع .. ثم تنسلُّ في خُفوت .. مخلِّفة وراءها بلًتاً وحيرة وحسرة ..‏

حتى الابتسامة الحائرة ـ التي ترصِّع محياه بين الحين والآخر ـ عاجزة عن تفسير "غرقه" في دفقةُ عاطفية حالمة، .. ترسمُها ‏لوحةً غامضةً ـ في كل جسده ـ فرشاةُ حنانٍ ورقّة .. امتنانا لمن أشعلتْ نيران خياله وأخصبت تهيُّؤاته.‏
ويجول بدواخله فيض من الكلام الذي يموت قبل النطق به .. فيرتد إلى منابعه، ويبقى حبيسا في غياهب أعماقه .. ولا يطفو ‏على السطح إلا فقاعات الاستفهامات الكثيرة ـ التي لا حدود لها ـ عن مشاعر "شريكته" وقرصتها "الساحرة، المبهمة" التي ـ ربّما ‏ـ سجّلت بها "احتجاجا صامتا" أو إيذانا بـ"وداع أبدي لصدْفةٍ عابرة لن يُكرِّراها"!!! ... وربما كانت التوقيع الجريء على "شكْرٍ ‏متبادَلٍ مكتوم".‏

‏19/02/2022‏

‏* الشَّكَّاز: المُجامِع من وراء الثوب. أو الذي إذا حَدَّثَ المرأةَ، أَنْزَلَ قَبْلَ أن يُخالِطَها، .. وبالهاءِ [= شكازة]: مَنْ إذا رَأى مَليحاً، ‏وقَفَ تُجاهَهُ، فَجَلَدَ عُمَيْرَة. (انظر: لسان العرب والقاموس المحيط)‏



#إبراهيم_رمزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسماء
- كان يا ما كان .. وِسامُ عِرفان
- تجميل الدعارة
- نضال عَفِن
- مهمة سريّة
- نادي المرتشين
- حراس المعبد يزْحَرون
- رشيدة ... التي كانت ..‏
- حرب النجوم
- لحظة حميمية
- ‏«مَدَام ‏Madam‏»‏
- الإجهاض
- حرق
- سنذهب جميعا إلى الجنة
- تفاهة
- تشاؤم وتفاؤل
- لحظات شاردة
- مصور فوتوغرافي
- سورة الطيران
- تذكر المواطن


المزيد.....




- “فرح العيال”.. استقبل ترددات قنوات الاطفال 2024 Kids Channel ...
- رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل بالجزائر 2024 ...
- هل هناك مستقبل لمساحات العمل المخصصة للنساء فقط؟
- لأنها من أقارب ديكتاتور أحد الدول.. حرمان امرأة من الحصول عل ...
- الحكومة الأسترالية تخصص أموالاً لمساعدة النساء المعنفات والأ ...
- السعودية.. القبض على مواطن قتل امرأة بالرصاص في نجران
- هل أسهمت حالة الطوارئ في سيراليون بالحدّ من العنف الجنسي؟
- ملكة جمال ألمانيا من أصل إيراني تتعرض لحملة تنمر على مواقع ا ...
- مقتل امرأة وإصابة أخرى بقصف أوكراني استهدف قرية في مقاطعة كو ...
- استمرار الاعتقال التعسفي بحق الناشطة هدى عبد المنعم


المزيد.....

- الجندر والجنسانية - جوديث بتلر / حسين القطان
- بول ريكور: الجنس والمقدّس / فتحي المسكيني
- المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم / رشيد جرموني
- الحب والزواج.. / ايما جولدمان
- جدلية الجنس - (الفصل الأوّل) / شولاميث فايرستون
- حول الاجهاض / منصور حكمت
- حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية / صفاء طميش
- ملوك الدعارة / إدريس ولد القابلة
- الجنس الحضاري / المنصور جعفر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - إبراهيم رمزي - شكز