|
كان يا ما كان .. وِسامُ عِرفان
إبراهيم رمزي
الحوار المتمدن-العدد: 7620 - 2023 / 5 / 23 - 04:47
المحور:
الادب والفن
تُلقَى عليك التحية، فتردّ بعفوية وتلقائية عليها، كما جرَتِ العادة، فيشفع محدِّثُك تحيتَه بـ: "أستاذي الفاضل"! تنحّي الجريدة، ترفع بصرك، تضغط بسبابتك على نظارتك، ترحب بالمتحدث، وأنت تقرأ على وجهه تأثير السنين، .. التجاعيد تخطو به نحو الخمسين، وللصلع بداية زحْف ملحوظ على مقدمة الرأس، أما الشيب فبدأ غزوه من الأعلى لينزل إلى الشارب واللحية .. تتفرس ملامحه، ولا تسعفك الذاكرة بأي معلومة عنه. فرغم تجاوزك السبعين لم يجد النسيان والخرَف محجّةً واضحة إلى عقلك. تبتسم، وتعتذر، وتطلب منه أن يعرِّف بنفسه. فيعود بك إلى عقودٍ خلتْ، حينما كان فتى على عتبة المراهقة، يتتلمذ على يديك. أنذاك قد تتذكره لآنه كان شعلة من نشاط واجتهاد، أو لا تتذكره لأنه كان من فئة "النشطاء العرضيين". وربما كان من فئة الناقمين عليك، كذاك الشبح الذي "أمسك بخناقك" ـ على منصة للتواصل الاجتماعي ـ، .. هي واحدة استعارت اسما للتمويه، وادعت أنها كانت تلميذتك وظَلَمْتَها (لطْمٌ، وتوقيفٌ عن الدراسية لبضعة أيام، لأنها لم تحفظ قطعة شعرية، وأنت تعلم أن النص المقصود مقرّر لمستوىً أعلى، غير مستواها). تدفع باحتمال الالتباس، وتبيّن تهافت جانب من هذا الادعاء بتوضيحات تربوية وإدارية، ولكنها تفرّ إلى الميتافيزيقا: سنلتقي يوم القيامة، وسأقتص منك، وسأصفعُك. فتردّ: لن نلتقي أبدا، لأنني سأكون مع الصادقين، وليس مع الكذّابين. ينطلق محدِّثك في سرد بعض الذكريات التي قد تستحضرها لأنها مميزة وحيّة بأحداثها وشخوصها، أو تكون نسيتها فسقطتْ في موقع حُدوثها حين ولادتها .. وهناك محطاتُ ذكرياتٍ غيرُ مشتركة، طالما انتابَك فيها الحرج، وودِدتَ/ توَدّ الاعتذار عنها، حينما كنتَ تتحول لآلة تلقينٍ وحشوٍ لما لست مقتنِعا به، ولكنه "المقرر"، ولا بد من تبليغه كما "أنزل إليك"، وإن كنت تنبّه بحذَرٍ ـ من حين لآخر ـ للألغام المزروعة في ثنايا حقوله.
قد يعرِّفك "بمواقع" عمله وعمل بعض زملائه في الدراسة .. ملمحا إلى إسداء أي خدمة قد تتوقف عليها في "قطاعات" نشاطهم .. فتعلن ـ شاكرا ـ استغناءك وعدم حاجتك .. وتتمنى للجميع مزيدا من التوفيق والتقدم. يَسعَد كثيرا وأنت تستعيد معه إحدى الذكريات الماضية، التي يَعتبرها من "عصره الذهبي" في مدة الدراسة والتحصيل، .. فيبالغ في التنويه بك وبزملاء تلك المرحلة من عمره .. ويُردِف: نذْكُر بكل خير جميع الأساتذة، والإدريين، والتلاميذ، .. تحس أن تمجيده صادقٌ بعيدٌ عن الرياء والإشادة بالتفاهة .. فتشعّ في عروقك نشوة ارتياح خفية وأنت تتلقى اعترافا وتقديرا لجهود بذلتها صادقا ـ بمشاركة آخرين ـ في أداء واجبك. اعتراف كالوسام، نابض بالصدق والحياة، أفضل ألف مرة من الجملة الإدارية المتخشِّبة التي طلّقتْك بها الوزارة طلاق بينونة. وعلى ذكر الوسام، تتذكر سؤال زميل لآخر: لماذا لا تعبيء طلبَ الحصولِ على وسام من الدولة؟ فكان رده: كيف يُعقل أن أرشح نفسي، وأبتذل في مدح جهودي؟ .. المنطقي أن ترشحني الإدارة التي أشتغل بها ـ إن كانت مقتنعة بخدماتي ومعترفة بجدواها ـ ليكون الاستحقاق نزيها وصائبا. يودّعك .. متمنيا أن يتجدد اللقاء مرة أخرى .. ولكنك تدرك في أعماقك أنها فرصة قد لا تجود بها الظروف، أو لا يجود بها العمر .. فمشاغل الحياة تبتلع الأقارب، قبل "الأباعد" .. وتبقى الصدف هي القمينة بخلق بهجة اللقاء والانتشاء بالذكريات.
16/03/2023
#إبراهيم_رمزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تجميل الدعارة
-
نضال عَفِن
-
مهمة سريّة
-
نادي المرتشين
-
حراس المعبد يزْحَرون
-
رشيدة ... التي كانت ..
-
حرب النجوم
-
لحظة حميمية
-
«مَدَام Madam»
-
الإجهاض
-
حرق
-
سنذهب جميعا إلى الجنة
-
تفاهة
-
تشاؤم وتفاؤل
-
لحظات شاردة
-
مصور فوتوغرافي
-
سورة الطيران
-
تذكر المواطن
-
حزن وضحك
-
إجهاض دجاجة
المزيد.....
-
افتتاح معرض للأعمال الفنية المنتجة في محترفات موسم أصيلة ال4
...
-
روسيا.. مجمع -خيرسونيسوس تاورايد- التاريخي يستعد لاستقبال ال
...
-
نجل ممثل سوري معروف يكشف أسرارا عن والده الراحل وعن موقف نبي
...
-
فنان الراب -كادوريم- يعلن الترشح لانتخابات الرئاسة في تونس (
...
-
أغنية ثورية بأسلوب موسيقى -الميتال- في حفل افتتاح الأولمبياد
...
-
مصر.. مخطوطة عمرها 500 عام تعرض بجناح الأزهر بمعرض الإسكندري
...
-
المؤشرات بتبشر بالخير.. موعد تنسيق الدبلومات الفنية 2024 الج
...
-
مصر.. حملة مقاطعة كبيرة لفيلم -الملحد- على مواقع التواصل الا
...
-
-يزرعون الأرض شعرا- في نادي أدب قصر ثقافة الزقازيق
-
عبر الموقع الرسمي azhar.eg طريقة الإستعلام عن نتيجة الثانوية
...
المزيد.....
-
Diary Book كتاب المفكرة
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
مختارات هنري دي رينييه الشعرية
/ أكد الجبوري
-
الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة
/ محمد الهلالي
-
أسواق الحقيقة
/ محمد الهلالي
-
نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح
...
/ روباش عليمة
-
خواطر الشيطان
/ عدنان رضوان
-
إتقان الذات
/ عدنان رضوان
-
الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد
...
/ الويزة جبابلية
-
تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً
/ عبدالستار عبد ثابت البيضاني
-
الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم
...
/ محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
المزيد.....
|