أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - أبو الحسن سلام - السخصية المسرحية بين النموذج الصراعي والنموذج المقاوم















المزيد.....

السخصية المسرحية بين النموذج الصراعي والنموذج المقاوم


أبو الحسن سلام

الحوار المتمدن-العدد: 7640 - 2023 / 6 / 12 - 07:38
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


ا

* سؤال التقنية في مناهج الإخراج

من المعارف المسرحية المستقرة أن الشخصية الدرامية لابد أن تكون شخصية صراعية في تكوينها الثقافي وفي فكرها وفي فعلها (سلوكها) محمولا على علاقاتها وعلى دوافعها . وقد يتخذ صراعها منحي التحويل التوتري على النحو الذي حدده فرويد بما أطلقت عليه ( النموذج الصراعي) نظريته "حيث يرى السلوك على أنه نتاج لسلسلة متتابعة من الصراعات "

وفي المسرحية الشكسبيرية الشهيرة ( عطيل) للشاعر المسرحي الإنجليزي الشهير " وليم شكسبير " نموذج للصراع يختلف عن النموذج الصراعي الذي حدده فرويد الذي يرى فيه إنه عندما " يستثار حافز ما فإن ذلك ينتج عنه توتر في نظام الشخصية ، حيث أن الفرد حينئذ يعمل على إشباع هذا الحافز بطريقة ما حتى يقضي على هذا التوتر . "ومع تكرار ذلك التوتر فإن نشاط تلك الحوافز ينتج عنه صراع بين الدوافع الداخلية والدوافع الاجتماعية "

فعطليل نموذج صراعي ثلاثي الأبعاد ؛ فهو في حالة غرامه الملتهب بديدمونة تلك الفتاة البيضاء إبنة عضو مجلس الشيوخ بإمارة البندقية يتشكل في هيئة الـ (هو) العاشقة لـ ( هوالآخر / ديدمونة) وهو مع نفسه يعيش حالة الـ (أنا / المكانة الاجتماعية والسياسية) بوصفه القائد العسكري لجيش البلاد وصاحب الانتصارات الحربية على أعداء البندقية ، هو الذي أحبته (ديدمونة) أجمل فتيات الإمارة وأكثرهن غنى وعراقة ؛ هو الذي اختارته هي ؛ دون غيره زوجا ، وبدون علم أبيها حتى أنها هربت معه من قصر أبيها ليلا وتزوجته سرا . وهذا الاختيار والتمييز على الرجال البيض من بني جلدتها ؛ وكانت قصدية اختيارها له دون غيره - وهو الأسود العنيف من أصول مغربية قبلية - قد ـحذت تنقر في رأس الأنا العرقية الأعلى عنده ؛ منذ أن تزوجته ؛ وتصاعد نقر بحثه في دوافع اختيارها له – دون سواه - ما بين وقت وآخر ؛ خاصة في كل مرة تصطدم فيها كل من الـ (أنا) العرقية - خاصته – بالــ (هو) العرقية البيضاء – خاصتها - عندما يفكر في كونه مغربي الأصول ، أسود اللون ، فيقارن ما بين : الـ (أنا) المغربية ، والـ (هو) الأوروبية لديدمونة ؛ على إثر مثير خارجي من الآخر الأبيض (ياجو) – ذلك المحرك الدرامي للصراع في الحدث المسرحي - هنا تقفز الغيرة من داخل عرقية تلك الـ (أنا الأعلى) فيتحول إلى كائن بدائي يشتعل بالغيرة التي تحرق في لحظة وبشكل فجائي كلا من الـ (أنا ) الرومنسية، والـ (هو) الساكنة بداخله ، وتظهر ( أناه العليا ) قناعا يواجه به كل ما تمثله ديدمونة بالنسبة له الـ ( هو/ الأنثي /المحبوبة) ، والـ (هو/الزوجة) فلا يرى منها سوى الـ (الأنا/ الأنثى/ البيضاء ، الاختيار الخطأ ) ، وعبثا يستطيع أن يخرج من الأنا الأعلى / العرقية ، تلك إلا بعد حالة صراع نفسي عنيف ؛ ما ينفك يعود إليها ؛ بإثارة جديدة من (ياجو/ ياوره السابق المعزول) الذي ينقم عليه بسبب عزله له وتعيين (كاسيو/ أحد المحاسبين ياورا بديلا عنه ) فضلا على شك ( ياجو ) نفسه ، أن ثمّة علاقة جنسية بين قائده المغربي (عطيل) وزوجة ياجو ( إميليا) : فكان بثه لروح الشك في نفس عطيل نحو إمرأته ديدمونة سبيله للإنتقام منه ؛ وهذا الشك كان المثير الذي يحول الأنا عند عطيل عن ال " هو" الخاصة به نحو انفراد الأنا الأعلى عنده بالفعل العرقي ؛ لتلك الأنا العليا القبيلية ؛ بحيث لا ترى أناه العرقية من حبيبته / زوجته _ الأنا التي أحبها فيها ، ولا ترى فيها الـ (هو / نموذج النبل الطبقي والعرقي) بل ترى فيها (الأنا الأنثى البيضاء) الأنا الاختيار الخطأ ، الأنا الإستثناء ، لأن الأصل أن تتوحد الأنا /البيضاء مع الأنا الذكر الأبيض ، فالـ :"هو" الطبقية العرقية عند ديدمونة كسرت القاعدة - قانون الطبقة - بهروبها معه والزواج به من وراء ظهر أبيها: هو الطبقة ؛ وتلك سقطة أوصلتها إليها رغبة دفينة في لاوعيها بالخيانة ، وجدت متنفسا في معاشرة قرين من جنسها (كاسيو) تصديقا لمثير خارجي _ بذرة الشك التي بذرها في نفسه ياجو – وقد توافقت نع رغبة مكبوتة في لاوعيه الطفولي – فغيرت سلوكه نحو ديدمونه من حبيبة إلى أنثى خائنة .

نحن إذن بإزاء نموذجين صراعيين The conflict Model عطيل الأنا – الـ"هو" الأنا الأعلى في مواجهة مثير تشكيك ياجو (الأنا – الـ " هو" : الصفة الوظيفية المنزوعة عنه ) تشكيكه في إخلاص زوحته ديدمونة له ، بحيث تمكن من تغيير سلوك الأنا عطيل ، والـ " هو" عطيل ، ليتصدر الأنا العليا العرقية عطيل المعربي القبلي قناعا في مواجهة الأنا ديدمونة الأنثقى البيضاء الاختيار الخاطئ الاستثنائي عن سوء نية مبيتة تنفيسا عن رغبة مكبوتة منذ الطفولة في الخيانة – وذلك تفسير الأنا العليا (العرقية) عنده ، الأمر الذي دفعه إلى قتلها ردا لشرفه ، بعد أن ظهر له دليل هو ( منديل أمه ) الذي سبق وأهداه لديدمونة ؛ فوجده مع (كاسيو) البرئ ، الذي لم يكن يعلم أن ياجو قد دسه في جيب سترته ، بعد أن سرقه من وراء إميليا زوجته وثيفة ديدمونة .

تتحول الأنا العرقية العليا لعطيل إلى الأنا عطيل بعد أن عرف بحقيقة خطيئة قتله لزوجه ديدمونة حبيبته البريئة الوفية المخلصة من إمليا وصيفتها ، لكن بعد فوات الأوان ، بعد أن أزهق روحها خنقا ، وهنا تنتفض الأنا العليا ( الضمير) عنده فيطعن نفسه بسيفه ، تطهيرا لروحه التي ارتكبت ذنبا لا يعتفر نتيجة مثير خارجي باعثه الحقد تاذي أصاب الأنا العليا لعطيل بحالة ارتباك متكررة ؛ نتيجة لتكرار المثير المربك (الشكوك التي يبذرها الشرير ياجو ردا على عزل عطيل له من وظيفته ياورا للقائد الأعلى لحيش البندقية / فينيسيا ، من ناحية ، وشكه في أن عطيل قد وطأ زوجته إميليا.

ومن الأمثلة الأخرى للنموذج الصراعي في المسرح ، شخصية العروس في مسرحية (لوركا) : ( عرس الدم) فالعروس تسلك مسلكا مرتبكا في ليلة عرسها ، نتيجة إثارة حبيبها السابق ( ليوناردو) الذي هجرها وتزوج بإبنة عمها وأنجب منها ، فلما خطبت لشاب من قبيلة لها ثأر عند قبيلته - قبيلة فيلكس ، ظل يحوم بحصانه ليلة بعد الأخرى حول بيت العروس الواقع في أحضان الجبل منعزلا عن عمران القرية ؛ موهما إيّاها بأن اهيب أشواق حبه القديم لها باتت تعاوده وتدفعه دفعا لمعاودة الإرتباط بها . !

وهذا الارتباك يحرك رغبة مكبوتة لديها في الهروب نحو حضن حبها الأول ( ليوناردو) تعويضا عن إحساس الأنا الأعلى عندها بالفقد ، خاصة وأنها فقدت أمها ، التي سبق وأن هربت من بيت زوحها : (أبيها ) إلى غير رجعة ، وهي حالة الفقد نفسها التي شعرت بها ديدمونة الفاقدة لأمها ، والتي كانت تعيش وحيدة مع أبيها الكونت ، تماما مثلما تعيش تلك العروس وحيدة مع أبيها منعزلة . فحالة هروب الأنا/ الذات متقنعة بقناع الأنا العليا (الأنا المكبوتة رغبتها في اللاوعي) عند كل من الأنا ديدمونة و الأنا ( العروس) في الزفاف الدامي / عرس الدم ) من الـ "هو" ابنة الكونت في ( عطيل) والـ "هو" ( العروس ) في ( عرس الدم) الأمر الذي ينتهي بمقتل كل من المرأتين ؛ الأولى قتلا ماديا حقيقيا والثانية قتلا معنويا بعد قتل كل من الحبيب القديم ليوناردو ، والخطيب ، كل منهما بيد الآخر . هكذا مع أنهما ( عروس الدم ، و ديدمونة بريئتان ، فلا ديدمونة خانت زوجها ، ولا كان هروب عروس الدم هروبا حقيقيا ، بل كان حالة هروب مراوغة استثنائيا هروب للأنا العليا (اللاواعية) من الـ "هو" العروس ، الواعية ، في ليلة الزفاف ، لبعض الوقت ؛ ظاهريا خارج البيت للترويح و وداخل الذات للتأمل المتروى في ما ستقدم عليه في حياتها الزوجية أو العشقية الشقية .

لقد مرت الشخصيتان ( ديدمونة وعروس الدم بسلسلة متعاقبة من حلقات صراع ، الذات ؛ انتهت بالأولى إلى موقف الدفاع عن نفسها ، دفاعا عن نقائها وطهارتها عبثا أمام ارتباك الأنا العليا /البدائية لزوجها الذي أخلصت في حبه من قبل هروبها معه من قصر ألبها الدوق فجرا - وانتهت يالثانية إلي موات العزلة المنقطعة عن ما هو الآخر خارح ذاتها .

وفي سؤال تقنية العرض .. هل يمكن معالجة نص عطيل أو نص عرس الدم من منظور منهج الإخراج .. وفق نظرية التغريب الملحمي ، علي نحو ما خطط له بريخت نظريا في مشروع إخراجه للمسرحية العبثية الشهيرة : ( في إنتظار جودو) ؟! - دون عرضها -

مع ملاحظة أن البنية الدرامية للنموذج الصراعي والنموذج المقاوم في كلتا المسرحيتين مسرحية عطيل شكسبير ومسرحية عريزالدم للوركا بنية إيهامية في الأساس !!



#أبو_الحسن_سلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرجعيات التمسرح في فنون التأليف رالإخراج
- عرض مسرحي ( العيال زهقت). لطلاب المعهد العالي للفنون المسرحي ...
- مرجعيات سايكودراما مورينو المسرحانية
- الحوار الدراني والحكي
- مناهج التمثيل التشاركي
- المسرح بين الفاعل الفلسفي وجماليات التشويه
- السياسة والفواعل المسرحية والإعلامية
- د. جمال ياقوت المخرج المسرحي مبدعا وأكاديميا باحثا
- غواية الرؤية في الإخراج المسرحي
- العبال زهقت - عرض مسرحي طلابي
- قصيدة التثر وتعادلية النوع
- تقنيات دراماتوجيا العرض المسرحي التفكيكي - عرض في قلبي -؟للم ...
- منهج التمثيل التشاركي في نظرية المسرح البديل
- تقنيات الرائع والمشوة في إخراج المسرحية الطبيعية
- تدريبات إخراج مسرحي - للمبتدئين -
- التمسرح وغواية الرؤبة في فن المخرج المسرحي
- ميثولوجيا الأحلام في المسرح - قراءة في كتاب جديد -
- طلاب البحث العلمي-وتدريبهم
- هل الإخراج المسرجي علم ؟
- إشكالية توظيف عناصر شكل عربي بين التنظير والتطبيق للمسرح :(ع ...


المزيد.....




- بالأسماء.. أبرز 12 جامعة أمريكية تشهد مظاهرات مؤيدة للفلسطين ...
- ارتدت عن المدرج بقوة.. فيديو يُظهر محاولة طيار فاشلة في الهب ...
- لضمان عدم تكرارها مرة أخرى..محكمة توجه لائحة اتهامات ضد ناخب ...
- جرد حساب: ما نجاعة العقوبات ضد إيران وروسيا؟
- مسؤول صيني يرد على تهديدات واشنطن المستمرة بالعقوبات
- الولايات المتحدة.. حريق ضخم إثر انحراف قطار محمل بالبنزين وا ...
- هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأ ...
- هوغربيتس يحذر من زلزال قوي خلال 48 ساعة.. ويكشف عن مكانه
- Polestar تعلن عن أول هواتفها الذكية
- اكتشاف تأثير صحي مزدوج لتلوث الهواء على البالغين في منتصف ال ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - أبو الحسن سلام - السخصية المسرحية بين النموذج الصراعي والنموذج المقاوم