أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر كتاب - - إضاءات في العقل والأخلاق -














المزيد.....

- إضاءات في العقل والأخلاق -


شاكر كتاب
أستاذ جامعي وناشط سياسي

(Shakir Kitab)


الحوار المتمدن-العدد: 7615 - 2023 / 5 / 18 - 19:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أثمن ما في الإنسان أمران اثنان: العقل والأخلاق. العقل هو القوة الإدراكية لدى المرء. ندرك به ونعلم ونتعلم ونتأمل العالم بدقائقه التي نمر بها وتحيط بنا وغير قليلٍ منها في دواخلنا. والعقل سيد المواقف ومحرك جبّار للسلوك. والعقل هبة طيبة من الكون وخالقه للإنسان. لكن وفي حدود الصراع مع الطبيعة وتأريخ هذا الصراع تكونت لدى البشرية أعداد هائلة من قوانين الوجود الطبيعي والتعامل معها ومع تقلبات الواقع المادي والمعنوي. هذه القوانين في الحقيقة هي ملك لكل البشر دونما استثناء جغرافي او عرقي او ديني. لنلاحظ هنا انه يمكن التعاليم الدينية ان تتقاطع مع القوانين الطبيعية او تحاول إلغاءها لكن الكنز الأكبر والمقدس وأعني به العقل هو الذي سيحسم هذا الصراع سواء لدى الفكر البشري جميعاً او لدى الفرد المعني.
ان العقل وقوانينه إنما هو حقيقة أزلية راسخة من جهة إلا أنها متطورة باستمرار ومتجددة بإضافات التحولات الجزئية والنوعية الجارية على صفحات التاريخ وحركته الرائدة. ونصل هنا الى نتيجة ؛ وهي إن الإنسان هو الابن الشرعي للطبيعة الخالدة الأزلية وهو لذلك يكون وجهها الأكثر نوراً وبهاءً. ما يجري فيها او عليها وما تتعرض له ينعكس فوراً وبعمق على الإنسان وسلوكه. وهنا تطل علينا الحالة الثمينة الثانية التي أشرنا إليها في مطلع مقالتنا هذه وهي الأخلاق. صحيح جدا أن الأخلاق هي انعكاس للعلاقات الاجتماعية القائمة وهي نتاجها ، لكننا نرفض الصيغة المدرسية لهذا الترابط غير الجدلي بين الطرفين. الحقيقة ان كل سلوكية البشر وعلى مر تاريخه الطويل جدا انما كانت وهي كائنة الان استجابةً لأحكام تطور الطبيعة وشروطها القاسية والرحيمة من جهة والجميلة والقبيحة من جهة اخرى. سلوكية البشر طوع للواقع. ويخطئ من يظن ان الواقع هو العلاقات الاجتماعية وحسب. انه الطبيعة كلها : المادة والمجتمع في آن واحد. سيقول أحدهم ما السبب إذن في تباين الأخلاق بين المجتمعات والشعوب والثقافات. الجواب ببساطة: ان التنوع في أجزاء الطبيعة الممتدة على طول الكون ومنه الكرة الأرضية يجعل استجابات المجتمعات المختلفة مختلفة هي الاخرى مما ينعكس على سلوكية أعضائها التي ستختلف عن سلوكية الاخريات من المجتمعات البشرية.
لكن هناك حقيقتان. وهما ان هناك مشتركات بين هذه المجتمعات تأتي نتيجة وحدة الطبيعة رغم تنوعها والحقيقة الاخرى ان هذه المشتركات تجعل من السهولة بمكان ان تتعلم المجتمعات البشرية من بعضها البعض حين تلاقحها بهذا الشكل او ذاك. وهذا ما تثبته وتؤكده ظاهرة التثاقف وليدة التواصل بين المجتمعات ثقافيا وسلوكياً. هل توجد حالات شاذة خارج هذه القوانين: نعم. فلكل قاعدة شواذ. ولكل شواذ علّة بما انه ظاهرة أيضا. ويبدو لي ان الانفلات خارج دورة قوانين الترابط الصميمي بين الطبيعة والمجتمع ممكنة جدا ومحتملة وهي علة العلل في السلوك غير الإنساني وغير الطبيعي لدى البعض سواء أكانوا أفراداً او جماعات.
يعود هنا العقل ليؤدي دوره في الصراع للتغلب على حالات الشواذ والسلوك غير الطبيعي لدى البشر فيضع الحلول:
1- مجموعة إجراءات تحمي المجتمع وأفراده من الوقوع ضحايا هذا السلوك الشاذ فتوضع القوانين الصارمة التي تنطوي على عقوبات حادة ضد الأشخاص ذوي السلوك المضر والمؤذي. لنلاحظ أن الإجراءات الصارمة المقصودة هنا تنتمي إلى فلسفة القانون حيث أن عقوبة السجن مثلا ستعني وينبغي لها أن تنحصر في هذه الأطر من المعاني: معاقبة الجاني وفق قناعة أن لكلِّ فعلٍ ردّ فعلٍ ، استرداد حق المجنى عليه هذ الحق المكفول من الدولة ، حماية المجتمع من شرور الجاني وميوله التي تستفحل ما لم يعاقب ويعزل عن المجتمع ، كي يكون الجاني عبرةً ودرسا لمن يعتبر ، إعادة تأهيل وتربية الجاني وفق مناهج تعليمية وتثقيفية وتربوية داخل السجون وإيجاد إمكانيات فتح مدارس تعليمية داخلية ودورات تثقيفية ، تحقيق مبدأ العدالة القانونية كونها جزءاً من العدالة الاجتماعية المنشودة ، فرض هيبة الدولة باعتبارها مؤسسة عقد اجتماعي ملزمة بحماية حياة وأمن المواطنين وأملاكهم ومستقبله ، بث روح الطمأنينة لدى المواطنين بإدراكهم عمليا وجود قانون ومؤسسات الدولة.
2- مجموعة إجراءات سياسية وإدارية من شأنها التطوير السلوكي والأخلاقي للأفراد إلى جانب القوانين الرادعة من مثل الثقافة العامة والخاصة وهنا تدخل في الحسابات التربية والتعليم والفن ولاسيما المسرح والأدب من شعر ورواية وقصة وشتى الحلول الثقافية الأخرى. من المفيد الإشارة إلى ضرورة شن حملات متوالية للقضاء على الأمية بكل أشكالها ‘ إصدار قوانين إلزامية التعلية الى مرحلة نهاية المرحلة الإبتدائية على الأقل ودعم الدراسات المتوسطة والثانوية والجامعية وجعلها مجانية للجميع ،تشجيع ودعم الراغبين في إكمال الدراسات العليا على أن تكن وفق مخطط الحاجة الواقعية في الجامعات ، دعم وتشجيع التأليف والنشر والقراءة وما اجمل ان تكون في كل بيت مكتبة ، الدفاع عن حقوق التأليف والنشر واعتبار التجاوز عليها من الجنح التي يعاقب عليها القانون ، تطوير عمل المنتديات الفكرية والثقافية والسياسية للإسهام في برنامج توعوي عام.
هكذا حسب ما أظن سيكون التداخل بين الدولة والمجتمع عقليا وأخلاقيا. وأظن أن هذه الساحة هي المجال الأرحب للتثاقف بين العقل والأخلاق.



#شاكر_كتاب (هاشتاغ)       Shakir_Kitab#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الهدايا المسلحة-
- إضاءات عن الإنسان في الطبيعة
- إضاءات في الفكر والسياسة 1
- زلازل عراقية
- المسؤول
- الأكراد.
- السلاح – أفكار بسيطة.
- الفضائية في بلادنا.
- العشوائية في بلادنا.
- صوت من أجل الوطن
- -الأصنام-.
- السلاح
- - التغيير-
- أطالب بإلغاء المفوضية مع الانتخابات كلها
- التحالفات في العراق
- المشهد السياسي المعارض في العراق
- مات الأخضر وما ماتت مشاغله!
- قدس الأقداس
- سفر الفقراء
- عقدكم السياسي مرفوض أيها السادة!!!.


المزيد.....




- بريكس منصة لتشكيل عالم متعدد الأقطاب
- رئيس الأركان الأوكراني يقر بأن الوضع على الجبهة -تدهور- مع ت ...
- ?? مباشر: وفد حركة حماس يزور القاهرة الاثنين لمحادثات -وقف ...
- منظمة المطبخ المركزي العالمي تستأنف عملها في غزة بعد مقتل سب ...
- استمرار الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأميركية ...
- بلينكن ناقش محادثات السلام مع زعيمي أرمينيا وأذربيجان
- الجيش الأميركي -يشتبك- مع 5 طائرات مسيرة فوق البحر الأحمر
- ضرب الأميركيات ودعم الإيرانيات.. بايدن في نسختين وظهور نبوءة ...
- وفد من حماس إلى القاهرة وترقب لنتائج المحادثات بشأن صفقة الت ...
- السعودية.. مطار الملك خالد الدولي يصدر بيانا بشأن حادث طائرة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر كتاب - - إضاءات في العقل والأخلاق -