أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسعد عبدالله عبدعلي - شبح الرقيب وقلق الكاتب














المزيد.....

شبح الرقيب وقلق الكاتب


اسعد عبدالله عبدعلي

الحوار المتمدن-العدد: 7591 - 2023 / 4 / 24 - 18:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عانت الكتابة الابداعية في العراق ازمة حقيقية في زمن حكم القوميين عام 1963, ثم عندما سيطر البعثيين على الحكم عام 1963 ولغاية 2003, وما خاضه البلد من حروب عبثية مرهقة ومتعبة, وقد ادرك النظام خطر الكتابة, لذلك اهتم بمنصب الرقيب, الذي يتابع ما يكتب ويدرك ما يهدف له الكاتب من كلماته, لذلك تكون جيش من الأدباء المقربين للسلطة الذين يمارسون دور الرقيب على باقي ادباء البلد لتمحيص نتاجهم وشرح بواطن ما يقصدون من رسائلهم الادبية, فكان خير اسلوب للتضييق على الادباء, بل انهم استغلوا قربهم من الأدباء الوشاية بهم, حتى دفع بالعديد الى مقصلة البعث.
فكان الرقيب الاديب المقرب من السلطة يجتهد في كشف دلالات النص, في سعي لحماية النظام من أي معارضة ممكنة حتى لو كانت مجرد نص أدبي.
مع هذا فإن هنالك العديد من نصوص نشرت خارج العراق, ولم يكن للرقيب اي سلطة, ولم يكن في مقدرته إصدار احكام بحقها, لأنه إذا فعل ذلك اصبح مكشوفا من دون قناع, وتلصق به تهمة (شرطي الثقافة).

• شبح الرقيب المخيف
كان شبح الرقيب يلاحق الادباء, لذلك كانوا يقومون بمراجعة نصوصهم مرارا خوفا أن يفهم من كلمة ما انها ضد سلطة صدام! ويذهب بالاديب الى السجون السرية حيث التعذيب الذي لم يعرفه تاريخ الاجرام يبدأ بخلع الأظافر والأسنان وتنتهي باغتصاب الأدباء ليقضوا على فحولتهم ويتحولون الى شيء نكرة لا معنى من وجوده.
وقد سعى بعض الكتاب للتحايل على الرقيب بما يملكونه من شجاعة وفطنة, فنشرت ومرت من دون أن ينتبه لها الرقيب.
اتذكر احد الكتاب كنت قصة قصيرة عن الديناصور وعائلته القذرة بسرد أدبي ممتع, ونشرت في الصحف الرسمية للسلطة, وفاتها ان الكاتب كان يقصد راس السلطة وعائلته القذرة, لكنه التحايل والاسقاطات التي جعلت النقد ممكن ويمر وينشر, لكنها كانت مجازفة قد تدفع بالكاتب الى حبل المشنقة, وليس وحده بل هو وعائلته وكل من يعرفه بتهمة محاولة قلب النظام.

• البعث وثقافة الرعب
يمكن القول أنه لم يكن هناك كيان رقابي واضح المعالم كمؤسسة , لكن كان هنالك امور تجري بالخفاء, واخبار الاعتقالات والاعدامات لا تتوقف بحق كل من يكتب ضد السلطة, حتى أصبح الكاتب هو الرقيب على نفسه من شدة الهلع الذي يعيشه البلد تحت سطوة الطاغية صدام وزبانيته.
بل حتى التحايل الذي كان يظنه الكاتب نوع من المجازفة, أصبح أسلوبا يخدم النظام, حتى اختفى النقد الواضح والحديث عن مشاكل الامة, فتحول بعض الكاتب الى مسخ, لان اهم مهام الكاتب ان يعبر عن مجتمعه وهموم الناس لا ان يكتب عن عوالم خيالية وعن مناطق بعيد هربا من ملاحقة الرقيب!

• الكتابة الحرة
كان بعض الكتاب يمارسون العمل السري, حيث تتم طباعة نصوصهم بشكل محدود وبمطابع بدائية وعن طريق استنساخ الكتابة, ويتم توزيعه بالسر على أهل الثقة, كان عملا بطوليا في زمن الحديد والنار, القلة من الكتاب من فعلها, مع ان الهلع من الرقيب كان يطاردهم, لكنهم ينشرون خارج نطاق مؤسسات الدولة من صحف ومجلات, أي نتاجهم في نطاق محدود.
وقد يسأل سائل: في ظل نظام قمعي رهيب ما جدوى الكتابة؟ والجواب أن الكتابة نوع من المقاومة, وبث روح الشجاعة في الامة, وتوثيق جرائم الطغاة, وكشف أساليبهم في تقييد الأمة ومنع الحرية.
ويجب ان نوثق لكل كاتب ضحى بروحه في سبيل ايصال الحقيقة للامة, ان يتم تكريم الكتاب الشهداء, الذين لم يسكتوا وحاولوا فضح النظام بكتابات واضحة وصريحة, ولم يرهبهم الرقيب ولا اجهزة النظام القمعية, بل كان كل همهم ان تصل رسائلهم للجماهير.

• محنة الكاتب المهاجر
الكثير من الكتاب المهاجرين في زمن النظام البعثي كانوا يخشون الرقيب! مع انهم بعدين عن اسوار الوطن, لان الكاتب يخاف أن يكتب نقدا للنظام الحاكم, ليكون السبب في اذى اهله واقاربه واصدقائه, لذلك يلتزم الكاتب المهاجر في عدم المساس بالنظام الدكتاتوري لحماية احبته داخل اسوار الوطن, فهنا شبح الرقيب يلاحق الكاتب حتى وهو بعيد عن الوطن.
بالاضافة الى ان النظام اشترى عديد المؤسسات الاعلامية العربية ووضع لائحة الممنوعين من النشر, فلا يجد الكاتب المهاجر من ينشر له او يهتم به.
فاصبح الكاتب المهاجر وهو في أرض الغربة ويعاني من الرقيب الحكومي.

• شبح الرقيب ما بعد 2003
الان هاجس الرقيب مازال يلاحق الكتاب, والرقيب اليوم يمثل الديناصورات التي نمت وكبرت وتحولت إلى اله تعبد, فأي مساس بها يعتبر من الذنوب الكبيرة, و مصير من يتجاوز اي خط احمر القتل, لذلك الكاتب عاد لمحاولات التحايل على الرقيب, والكتابة عن اي شيء بعيد عن جنة الديناصورات, لذلك مازال الكاتب العراقي (داخل الوطن وخارجه) يعيش نفس المحنة, ولا يمكنه الخروج من الشرنقة, الرقيب الذي يتابع ما يكتب, والجيوش التي تلاحق كل متجاوز على ذات الالة المصطنعة.
ولا نعلم متى يتحرر الكاتب العراقي من شبح الرقيب ليكتب كل شيء بحرية تامة بعيدا من الخوف والقلق الذي يعيشه.



#اسعد_عبدالله_عبدعلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اكذوبة عداء نظام العفالقة لامريكا
- دروس من فتنة دولة الخرافة الداعشية
- المغزى من حفلات توقيع الكتب
- شهادات عليا مضروبة من بيروت
- الصلح السياسي بين إيران والسعودية
- فوضى الشوارع ومحنة صعود الباص
- اسباب الفشل العراقي في تصفيات موسكو 1980
- اسبوع المعارض الفنية في بغداد
- الدكتاتورية والسرد الروائي
- قراءة لفيلم : الشيطان يرتدي برادا
- شارع الموت بين الكمالية – حي النصر
- كلاسيكو العراق ومطب المدرب المحلي
- جحيم ارتفاع اسعار المواد الغذائية
- العراق بحاجة لخط مترو بين بغداد والبصرة
- قصة الكاتبة الفرنسية كليرا غالوا مع العاطلين
- لماذا الايفادات ممنوعة عن موظفي الجامعات؟
- ارتفاع اسعار المواد الغذائية والصمت الحكومي
- عجلة التكتوك بوابة الشر
- منتخب العراق وانتكاسة تصفيات كاس العالم 1990
- حصل ذات مرة في باص شارع فلسطين


المزيد.....




- شي وبوتين يتفقان على أولوية وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائ ...
- وول ستريت جورنال: تكلفة خيالية تتكبدها إسرائيل لاعتراض صاروخ ...
- سحب عشرات الطائرات العسكرية من قاعدة أميركية في قطر
- صفارات الإنذار تدوي بشكل مستمر في منطقة البحر الميت بسبب هجو ...
- مستشار وزير الخارجية الإيراني يكشف عن فشل -مؤامرة إسرائيلية ...
- صحافية أمريكية: استخدام سلاح نووي تكتيكي لضرب موقع فوردو الإ ...
- -الخلايا النائمة- المرتبطة بـ-حزب الله- والمدعومة من إيران ت ...
- مخاطر الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في علاج المشاكل النفسية ...
- سحب مكملات فيتامين شهيرة من الأسواق الأمريكية بسبب خطر يهدد ...
- اكتشاف آلية جينية تساعد على استعادة الأطراف المفقودة بالكامل ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسعد عبدالله عبدعلي - شبح الرقيب وقلق الكاتب