أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - الأغنام تعوّض الأسماك وطيور البط البرّي في «ضاية عَـوّا»














المزيد.....

الأغنام تعوّض الأسماك وطيور البط البرّي في «ضاية عَـوّا»


ادريس الواغيش

الحوار المتمدن-العدد: 7584 - 2023 / 4 / 17 - 10:23
المحور: الادب والفن
    


بقلم: إدريس الواغيش

جبال الأطلس المتوسط بغاباتها وجريان مياه الجداول فيها وزُرقة المياه في بحيراتها، كانت دائما من أكثر الأماكن التي يمكن للإنسان أن يجد فيها قسطا من الراحة والسكينة على مدار السنة خصوصا في أيام العطل، وتحديدا في فصل الصيف. يبحث فيها الزّوار عن الهدوء والهواء "البيُو" تحت ظلال أشجارها الوارفة. نهاية هذا الأسبوع، قصدناها بحثا عن تحقيق هذه الأهداف كلها في يوم رمضاني، ولكن رغم ما وفره لنا محيطها ممّا جئنا من فاس نبحث عنه، إلا أن مشهد الضّاية كان أمامنا مؤلما، ونحن نراها تئنُّ من جفاف في مياهها، وكأن قدرها وضعنا بين اختيار زرقة مياهها أو خضرة أشجار التفاح من حولها.
تعمّدت ألا ألتقط صورا لصُفرة رمالها، حفاظا على سمعة البُحيرة ونقاء عيون محبّيها، بعد أن جفت ينابيعها، ولكن الغرابة، هي أن وجدنا الأغنام قد عوّضت الطيور في ضاية تبكي جنائزيتها في صمت للأشجار الواقفة من حولها، هل نلصق كل التهم بشح التساقطات وسنوات الجفاف الفائتة، أم أن الغابة المحيطة بها كانت مذنبة، حين اتهموها ظلما بامتصاص مياهها، كما اتهم إخوة يوسف الذئب بأكل أخيهم يوسف؟ أم هو جشع الإنسان وطمعه في استنزاف مياه البحيرة إلى آخر قطرة فيها؟
البحيرات التي تجاور «ضاية عوّا» مثل «ضاية يفرح» ومعها «ضاية أحشلاف» وغير بعيد عنها «بحيرة ويوان» في خنيفرة، والعيون المشهورة بالأطلس المتوسط ليست بأحسن منها، هي الأخرى مهدّدة بنضوب مياهها، لم تسلم من وطأة الجفاف الكلي أو الجزئي، ونقصان منسوب المياه فيها مثل «عين السلطان»، وغير بعيد عنها «عين الشفاء» التي لم تعد قادة على شفاء نفسها، وعيون أخرى صغيرة قريبة من إفران لم تعد موجودة على خارطة مياه الأطلس المتوسط، ولكن من يحاسب من؟ من يراقب من؟ ومن يحدّد المسؤوليات، ويتخذ الإجراءات اللازمة، بعيدا عن منطق الإرضاء والولاءات والفرضيات والاحتمالات هنا أو هاك، والقيام بدراسات على المقاس إرضاء لأباطرة مالكي الضيعات، وكما هي عادة حليمة، غالبا ما تبقى هذه الدراسات شكلية وغير ذي جدوى، تظل في الأرشيف دون تتبعها أجرأة جادة، تظل تناطح بعضها البعض في غياب أي منطق أو تفسير علمي ونتائج علنية وواضحة.
بعض الإحصائيات تقول إنه إلى حدود 2015 كان يعيش في «ضاية عوّا» وحدها حوالي 142 نوعا من الطيور على رأسها طيور البط البري واللقلاق، وبعض هذه الطيور نادر، أما اليوم فلا أثر لألوان ريشها، ولا للقوارب على ضفافها. صحيح أن الهواء على ضفاف البحيرة «الجافة تماما» لم يتغيّر كليا، فقد بقي رطبا ومنعشا كما عهدناه وكما كان من قبل، رغم أجواء حرارة فصل صيف استعجلت الحلول بين ظهراننا مبكرا هذه السنة، نظرا لتأخر التساقطات المطرية، بعد كل الآمال التي عشنا عليها مع التساقطات الثلجية والمطرية الاستثنائية التي عرفها المغرب هذه السنة.
أشجار الصفصاف المتراصة على جوانب البحيرة هجر الماء عروقها، وهجرت هي الأخرى الحياة بدورها إلى الأبد، وعلى الجانب الآخر، مظهر موجع من مظاهر حقيقية للتصحُّر، أعمدة خشبية ورمال اتخذها أطفال الدواوير المجاورة ملعبا لكرة القدم.
في زيارتنا الأخيرة، كنا ثلاثة ورابعنا سيارتنا، وجدنا ركودا في السياحة وشح في الطبيعة، لا أثر للماء في البحيرة، ولا أحد هناك غيرنا، وهو أكبر مؤشر على حالة البحيرة، ولو كانت كما في سابق عهدها، لزارها الناس ومعهم عائلاتهم لتناول فطورهم الرمضاني على ضفافها. عند وصولنا، قصدنا طفلان يجرّان فرسين مسرّجين بما أمكن من زينة أطلسية، سألونا إن كنا نريد الركوب، كنا صائمين، وأيضا لأن أصغرنا تجاوز الخمسين بسنوات، من يركب من؟ سألناهم عن أساتذتهم، تبين لنا أن الأمر يتعلق بتلميذين يتابعان دراستهما في إعدادية قريبة من الضّاية، أرضونا بكلام جميل وطيّب، وأرضيناهم بما استطعنا، ثم أوصيناهم بالاهتمام بدراستهم.
اليوم وقد حصل ما حصل، وأمام دهشة الواقع ومرارته، أصبحت أخاف على نضارة شجر البلوط والأرز بنواحي إيموزار كندر وإفران، وعلى «ضاية إيفّر»" صُغرى بحيرات الأطلس المتوسط المنزوية بعيدا وسط الغابة، أصبح خوفي عليها أكثر من أي وقت مضى من أن يطالها شجع مصّاصي المياه وملاك ضيعات التفاح وفواكه الإجاص وحب الملوك التي تشتهر بها المنطقة، وطمع ملاكها الذي لا ينتهي، في غياب مراقبة صارمة من الجهات المسؤولة عن القطاع.



#ادريس_الواغيش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد بوهلال في سيرَة روائية جديدة
- مبارك ربيع: أعمل على أن أتواضع كثيرا، لأنني أخشى على نفسي
- كأي غصن مثقل بالأمنيات
- بين تقاطعات التنوير ونوازع التغيير في الإعلام والسوسيولوجيا
- «حربُ الـگـوم» وأسئلة التأريخ لما بعدَ الكولونيالية
- راكع بين يديك..!!
- المغاربة قادمون...!!
- الرّاشدي يُحاضر بفاس حول آفاق مُحاربة الفسَاد بالمغرب
- عبارات عنصرية ودعوة إلى الانفصال في افتتاح الشّان بالجزائر
- با إدريس الخوري، المنشطر المستفز الساحر...!!
- هل خرج المغرب عن نصّ الفيفا في «مونديال» قطر...؟
- نصف نهاية مونديال قطر: معركة شمال- جنوب
- هل تتعدى أحلامنا ما تحقق كرويا في مونديال قطر...؟
- عبد الله ساعف يتحدث عن -الحاضرية- في الصحافة المغربية
- كتيبة الأسود تتزعّم -مجموعة الموت-
- متلاشيات الكون تحاصرني
- ولاعة الغريب
- ساكن في صمتي
- يتناسخُ الكَونُ في جُرحي
- «اللغة والمَعرفيّة» جديد البروفيسور أحرشاو


المزيد.....




- مغنية تسقط بحفرة في المسرح فجأة خلال حفل موسيقي.. شاهد رد فع ...
- أحاط وضعه الصحي بالغموض.. جيمي فوكس يعود إلى المسرح بعد غياب ...
- مصر.. تحقيق في -إذاعة آيات من القرآن على أنغام الموسيقى-
- الفيلسوف برنارد هنري: ألا تعلمون أن الحرب العالمية الثالثة ق ...
- وثائقي لبي بي سي حول حرب جعلت الإنسان -مجرد رقم-
- بين أزيز الرصاص.. الشاب -أبو نحل- يبدع في خيمته
- مصر.. قرار جديد بشأن إذاعة القرآن على أنغام الموسيقى
- بسبب -آيات قرآنية على أنغام الموسيقى-.. النيابة المصرية تتحر ...
- مكتبة قطر الوطنية.. رؤية عالمية أعمق لتاريخ وثقافة منطقة الخ ...
- نجمة أمريكية تختفي من المسرح فجأة وسط ذهول الجمهور (فيديو)


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - الأغنام تعوّض الأسماك وطيور البط البرّي في «ضاية عَـوّا»