أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكريا كردي - - فاوستْ - Faust - الرجلُ الذي باعَ روحَهُ للشيطانِ-














المزيد.....

- فاوستْ - Faust - الرجلُ الذي باعَ روحَهُ للشيطانِ-


زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)


الحوار المتمدن-العدد: 7583 - 2023 / 4 / 16 - 03:39
المحور: الادب والفن
    


- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
هوَ الرجلُ المخضرمُ ، الذي خَبرَ الحياة ، وعاشَ مختلف خطوبها وشغف بمسرّاتها ، لكنهُ - رغم ذلك - أبى أنْ يكتفيَ بما ذاق وعرفَ أوْ رأى و أدركَ . .
حدثنا عنهُ الأديبُ المبدعُ " يوهانْ غوتهُ " في عملهِ المسرحيِ الدراميِ البديعِ، والمُؤلف منْ جزأينِ كتبهما بفارقِ 26 عاما ، مستلهماً شخصيتة الرئيسة فاوستْ Faust منْ حكاية أسطورية في الفولكلورِ الألمانيِ ، تحدثت عنْ ساحرٍ غريبٍ الأطوارِ وكيميائيٍ متمردٍ ، يبيعَ روحهُ للشيطانِ ، منْ أجلِ المزيدِ منْ أسبابِ المعرفةِ والقوةِ ، واستكشافَ المزيدِ منْ آفاقِ اللذائذِ ومرابضُ المتعةِ .
في هذهِ المسرحيةِ استخدمَ جوتهْ شخصيةَ فاوستْ ، كنقطةِ انطلاقٍ للإنسانِ نحوَ استكشافهِ الخاصِ للطموحِ البشريِ ، وأسلوبهُ في البحثِ عنْ المعرفةِ والمعنى . وذلك منْ خلالِ تعابيرَ لغويةٍ غنيةٍ ومؤثرة ، ركزتْ على التأكيدِ على العواطفِ والتجربةِ الفرديةِ ، وأظهرتْ مقدرة المؤلف المذهلةُ ، في تصويرِ دقائقِ التقلباتِ النفسيةِ في أحوالِ الإنسانِ .
منْ خلالِ توالي أحداثٍ كثيرةٍ ، تنوسْ بينَ شطحاتِ الخيالِ ودهشاتِ اللاعقلانيةِ ، قدمَ لنا غوتهُ بطلَ مسرحيتهِ " فاوستْ " Faust ، على هيئةِ رجلٍ ناضجٍ ، ذكي وغنيٍ ، قلق ومتسائلٍ ، يشعرَ بالإحباطِ منْ الحياةِ وعدمِ الرضى ، ويتساءلَ عنْ حقيقةِ معرفتهِ و قيمة وجودهِ ، ومقدارَ فهمهِ للعالمِ .
ثم بسببِ هذا القلقِ الوجوديِ العارمِ ، والاضطرابُ الذهنيُ العنيفُ المتعاظمُ ، يقررَ هذا الرجلِ الناضجِ ، أنْ يعقدَ صفقةً معَ الشيطانِ المُسمى Mephistopheles ، على أملِ مساعدتهِ على إيجادِ السعادةِ الحقيقيةِ والوفاءِ المطلقِ ، وإشباعَ رغبتهِ في استكشافِ آفاقٍ جديدةٍ منْ المعارفِ وارتيادِ صنوفٍ غيرِ معلومةٍ منْ المتعةِ . في المقابلِ ، يعدْ بأنْ يعطيَ روحهُ للشيطانِ عندَ وفاتهِ .
بعدُ أنْ يلتقيا في الجزءِ الأولِ منْ المسرحيةِ ، يقومَ فاوستْ برفقةَ الشيطانِ مفيستوفيليسْ ، بالعديدِ منْ الرحلاتِ والمغامراتِ ، التي تأخذهمْ عبرَ الزمانِ والمكانِ ، حيثُ يلتقيانِ فيها بالعديدِ منْ الشخصياتِ ويواجهانِ كثيرٌ منْ المواقفِ والتجاربِ الغريبةِ المختلفةِ ، بما في ذلكَ إغواءُ فتاةٍ صغيرةٍ بريئةٍ وجميلةٍ تدعى جريتشينْ ، وبعدَ الإيقاعِ بها ، والتخلي عنها بعدَ ذلكَ ، تحاولَ أنْ تخفيَ آثارُ علاقتها معَ فاوستْ ، لكنَ للأسفِ ، يفتضحَ أمرها ، ويحكمَ عليها بالإعدامِ لقتلِ طفلها الوليدِ . عندئذٍ تنتصرَ لبرهة مشاعرَ الخيرِ والحبِ في نفسِ فاوستْ ، رغمَ شروطِ صفقتهِ معَ الشيطانِ ، ويهرعَ بالفعلِ لإنقاذها ، لكنها ترفضُ مساعدتهُ بعدَ فواتِ الأوانِ ، وتمضي لمواجهةِ قدرها .
في الجزءِ الثاني منْ مسرحيةِ الخيالِ المبدع هذه ، يسافرَ فاوستْ عبرَ عوالمَ تاريخيةٍ وأسطوريةٍ مختلفةٍ معَ ميفيستوفيليسْ ، بما في ذلكَ إلى بلاد اليونانُ القديمةُ ، حيثُ يقعُ في حبِ الفاتنة هيلينا ، أجملَ امرأةٍ على الإطلاقِ . ويصبح لديهِ ابنا منها أيضاً ، لكنهُ سرعانَ ما يموتُ في حربٍ ..
أخيراً و رغم قيامه بكلِ رحلاتِ الخيالِ هذهِ ، ومشاركته في العديدِ منْ المشاريعِ السياسيةِ والمغامرات العمليةِ ، يظلّ فاوست غيرَ راضٍ عن نفسه . حتى الرمق الأخير من حياته ، يتمنى أنْ يتمكنَ منْ التقاطِ ولو لحظةٍ واحدة ، يشعرُ فيها بسعادةٍ تامةٍ . لكنْ في تلكَ اللحظةِ الحاسمةِ ، يظهرَ مفيستوفيليسْ ليطالب بروحهِ حسبِ الاتفاقِ المبرم بينهما.
بعدئذٍ ، تأتي الخاتمة التي أرادها " غوته" أن تمضي نحو حسنِ الحظِ ، عندما جعل الملائكةَ تتدخل في اللحظة الأخيرة لتهزم قوة الشيطان ، وتنقذ روح فاوستْ ، بحجة أنّ أعماقه كانَت تتطلعُ دائما إلى المثال المُطلق من الفضيلة ، وتهفو إلى شيءِ أسمى من الخير . .
ليتمّ بعدَ ذلكَ ، أخذهُ إلى الفردوسِ الأعلى، كي يلتقي بحبهِ الوحيد الحقيقيِ " جريتشنْ "، التي بدورها تصفحُ عنهُ ، وتسعدَ جداً بلقائهِ مجدداً في دارِ الخلودِ.
في تقديري ، هناكَ عدةُ أسبابٍ تدفعنا لاعتبارِ كتابِ جوتهْ " فاوستْ " كتابا مهما في تاريخِ الأدبِ العالميِ أهمها :
1 - الأسلوبُ الأدبيُ المبتكرُ : الذي ركزَ على العواطفِ والخيالِ بدلاً منْ النمطِ الكلاسيكيِ الجديدِ . . بما في ذلكَ البنيةُ المميزةُ للدراما المكونةِ منْ جزأينِ واللغةُ المعقدةُ واللغةُ الغنيةُ المستخدمةُ .
2 - البراعةُ في استكشافِ الحالةِ النفسيةِ للإنسانِ : على مستوى عميقٍ ، بما في ذلكَ البحثِ عنْ المعنى والمعرفةِ ، وطبيعةُ التجربةِ والخطيئةِ ، والعلاقاتُ والعواطفُ البشريةُ . لكونهِ يقدمُ استكشافا عميقا للتجربةِ الإنسانيةِ التي لا تزالُ ذاتَ صلةٍ حية بالوعي والثقافةِ المعاصرينَ .
3 - مدى التأثيرِ الثقافيِ الواسعِ والعميقِ : على إبداعِ الفنانينَ والكتابِ حولَ العالمِ ، الأمرُ الذي ساعدَ على تطويرِ الحركةِ الرومانسيةِ في الأدبِ العالميِ .
قصارى القولِ :
في زعمي ، يُعتبر كتاب " فاوستْ " لجوتهْ منْ الأعمالِ الإبداعيةِ المعقدةِ والمؤثرةِ عالمياً ، لكونهِ يتناولُ بعمقٍ مهيبٍ ، مجاهل أعماقُ الإنسانِ ، ويقاربُ صراعاتها وتناقضاتها في موضوعاتٍ عديدةٍ ، مثلٌ الحريةِ والأخلاقِ والحبِ والدينِ والطبيعةِ البشريةِ.
وهو بلا أدنى شك ، يُعتبر عملاً استكشافياً هاماً وعميقاً للطبيعةِ البشريةِ والرغبةِ في المعرفةِ والمعنى، وكذلكَ نقداً خفياً لعقلانيةِ العلمِ المسرفةِ ، وإنذارا واضحاً منْ مخاطرِ اتفاقِ المرءِ الذهنيِ والنفسيِ معَ غياهبِ الشرِ المطلقِ . التي رُمّزِ لها في هذهِ المسرحيةِ بالجشعِ والطمعِ وشرِ الجهلِ تارةً ، أوْ بوهمِ المعرفةِ والأملِ الكاذبِ تارةً أخرى . . .



#زكريا_كردي (هاشتاغ)       Zakaria_Kurdi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البَحثُ في إيمانُ - هيغلْ -
- ليسَ بعيداً عنْ خدرِ العَواطفِ . .
- كتابُ ال لفياثانْ Leviathan
- الفنان التشكيليِ السوري - محمودْ الساجرْ -
- حوارٌ معَ صَديقي المُتَديّنِ . .
- أفكارٌ حولَ مثَالية الفيلسوف -هيغل - ..
- مِمَّا تَتَأتَّى أَهَميَّة اَلمبْدِع - وِلْيم شِكْسبِير -... ...
- قصّة كهفِ أفلاطونْ ..
- عبرةُ - تَاجِرُ اَلْبُنْدُقِيَّةِ - ..
- المِهنْ الآيلة للزوال بسبب ثورة الذكاء الاصطناعي القادمة
- العِلْم الحَقيقي وَالعِلم الزَّائف ..!
- تَوضِيح حَوْل مَعنَى - النَّظريَّة العلْميَّة -
- لِلنَّاسِ فِيمَا يُفكِّرون مَذاهِبْ..
- أَحزان الشّاب - فارتر- .. ل غوته
- حَدِيثُ اَلدِّيمُقْرَاطِيَّةِ . . ( 2 )
- دِينُ اَلطَّبِيعَةِ عِنْد - جَانْ جَاكْ رُوسُّو -
- سؤالٌ أكْبر مِنْ إجابَتهِ ..
- كتاب - هَكذَا تَكلَّم زرادشْتْ -
- كِتَاب - تَطوُّر مَفهُوم الإله -
- لَسنَا وحْدنَا فِي هذَا الكوْن 2


المزيد.....




- قوارب تراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي ال ...
- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...
- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكريا كردي - - فاوستْ - Faust - الرجلُ الذي باعَ روحَهُ للشيطانِ-