أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد أغ أبو اليسر - الطارقي الذي تزوج بناقة














المزيد.....

الطارقي الذي تزوج بناقة


أحمد أغ أبو اليسر
(Ahmed Ag Aboulyousri)


الحوار المتمدن-العدد: 7578 - 2023 / 4 / 11 - 21:57
المحور: الادب والفن
    


مسرحية قصيرة
المسرح: كثيب رملي أبيض بين أربعة سهول خاوية، عليه أشجار الأكاسيا، وتبرك فوقه ناقة يقودها صاحبها الذي بدأ يتمسد جسدها الخشن بيديه وهي مبروكة وتجتر طعامها أمامه.. ينظر إلى عينيها وقد دمعت قليلا وهناك ذباب يحط لتوه على دموعها قبل أن يرفع اِيفَنْكَوْ يده طاردا الذباب على عيني ناقته ثم يجلس القرفصاء على الرمل أمامها كأي حكيم طارقي أمام امرأة حسناء.. يجمع أطراف جلبابه المبعثرة على الرمل، ويرفع لثامه إلى ما دون العينين بقليل.. يتنحنح بوقار، ثم يبصق لعاب التبغ الأسود على يساره قبل أن يبدأ في التودد إلى الحسناء:
-- هل تعرفين أني لا أعرف أين أبدأ الكلام في كل مرة أكون فيها أمامك؟ أنت وحدك القادرة على تشتيت ذهني حتى أرتبك كليا وأفقد القدرة على الكلام حينما أقابل مهابة عيونك..؟
تجيبه الناقة بحشرجة واحدة وهي تجتر العشب اليابس، قبل أن يواصل كلامه:
-- ولكني أردت أن أخبرك أني اليوم سعيد باقتراحك البارحة.. سعيد بأن نعْقِد اتحادنا إلى الأبد، وسعيد أكثر بأن نبدأ الاتحاد الأبدي بتوحيد أسمائنا.. يتململ ألَقٌ غامض في عيون الناقة ثم تجيبه بحشرجة خفيضة يفهم معناها جيدا.. يبتسم اينفكو من وراء لثامه فيقول:
-- من الليلة أنا اِيفَنْكَوْ وأنتِ تيفنكوت.. (اينفكو اد تفنكوت) هكذا سيتحدث الناس عنا حينما نعلن عقد قراننا أمام الملأ غدا، فهل أنت سعيدة الآن يا حبيبتي؟ تُمدد الناقة رقبتها الطويلة هابطة بها باتجاه رأسه حتى تضع فكها السفلي على كتفه الأيمن فيتمسد حواجبها.. يسكت قليلا ليستمتع باللحظة ثم يواصل:
-- هل تعرفين؟ أنا نادم على ما ضيعته من عمري في الزواج بالبَشَريات.. لقد دفعت الكثير من النوق لكي أتزوج الطارقيات، لكن من الآن يا حبيبتي سوف أدفع الكثير من الطارقيات لكي أتزوج بالنوق.. سأكون أول طارقي يفعلها، ثم يقهقه حتى يستلقي بظهره على الرمل.. تهب رياح شمالية ساخنة رغم اقتراب منتصف الليل فتنفخ كمَّ جلبابه.. تنفخه وتنفخه حتى تكاد ترفعه على الأرض قبل أن تهدأ فيعود اينفكو إلى سكينته ووقاره أمام الناقة الحسناء التي رفعت فكها السفلي لتوها عن كتفه.. يعود لجسلته المتزنة.. يمضغ قليلا من التنباك فيخلطه برماد أسود حتى يمتلئ فمه بالبصاق فيبصق لعابا كريها على الرمل ثم يواصل الكلام:
-- أنا لا أعرف مقدار مهرك يا حبيبتي فهل يمكن أن تساعديني؟
يسكت قليلا لعله يجد جوابا ولكن تيفنكوت لم تصدر منها حركة، أو صوت، فيعود إلى الكلام منتشيا لأنه تذكر شيئا:
-- امممم تذكرت شيئا يا حبيبتي.. تذكرت أني حينما كنتُ بشريا كنت أنا مالكك، لكن ها أنا الآن أصبحت جملا.. أصبحتُ مثلك تماما فما المانع أن أكون أنا الجمل ولي أمرك الذي يحدد مهرك؟
تعود الناقة لحشرجتها الخفيضة فيطير اينفكو من الفرح، ثم يقفز إليها فيحتضنها ودموع السرور تنهمر من عينيه:
-- ها أنت موافقة إذن.. شكرا لك حبيبتي.. شكرا لك من كل قلبي وأعدك أنك لن تجدي جملا يعشقك من أعماقه مثلي.. أحبك يا زوجتي العزيزة..
يحرر رقبة الناقة من أحضانه ثم يعود إلى القرفصة في مكانه الأول حيث يكون مقابلا لها، فيعود لإكمال حديثه:
-- غدا حينما نذهب إلى مضاربنا سأحسب عدد خالاتي وعماتي وبناتهما وسأدفع لك مهرك عشرا منهمن كما كنت أدفع سابقا عشر نوق من عماتك وخالاتك وقريباتك للزواج بإحدى نساء مضاربنا فهل هذا يرضيك؟
-- نعم نعم.. أعرف أنه يرضيك.. وأعرف أنك موافقة فلماذا لا تقولين نعم..؟ يصدر صوت من بطن الناقة فينهض اينفكو إلى تقبيل شفتيها الشبيهتين بجلد القنفذ.. يقبلهما حبا دون شهوة لدقائق، ثم يمتطي سنامها قافلا إلى المضارب المنتشرة وراء السهل الغربي.. يتأرجح على ظهرها كالشبح في ليل غير مقمر، وهو يغني ويضحك كالمجنون ويترجاها:
-- أريد أن تقدمي لي خدمة يا حبيبتي حينما نصل إلى الخيم فجرا.. أريد أن تساعديني في تشجيع الشباب على أن يتحولوا إلى جمال مثلي، ويتزوجون بالنوق كما فعلنا أتا وأنت حتى نقضي على هذا البؤس الأسود الفظيع الذي لا تتخلص منه مضاربنا طول تاريخها.. أريد أن يتزوجوا بالنوق حتى نقطع هذا النسل الجاهل الضعيف المريض عن التوالد في الأجرام البشرية الواعية لبؤسها مدى الأبد..!



#أحمد_أغ_أبو_اليسر (هاشتاغ)       Ahmed_Ag_Aboulyousri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مَنَّا / الجفاف.. قصة قصيرة
- انتماء
- الموتى - الأحياء - الحب:
- العدمية وسواد الحياة:
- إبراهيم الكوني في فخ التقليد
- لعبة البقاء / قصة قصيرة
- سرد الصحراء بين وحشة الفضاء، وأُلفة الرمز
- الثقافة الإسفيرية وتشتيت وعي الطوارق:
- الثاقة الإسفيرية وتشتيت وعي الطوارق
- أهازيج في رثاء توماست / قصة قصيرة
- إلى أين يتجه الموت البشري؟
- فردوس الكبار / قصة سخيفة
- لماذا فشل الطوارق في إقامة دولة؟


المزيد.....




- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...
- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...
- الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو ...
- الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض ...
- الغاوون,قصيدة عارفة للشاعر:علاء شعبان الخطيب تغنيها الفنانة( ...
- شغال مجاني.. رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 لتحميل و ...
- في وداعها الأخير
- ماريو فارغاس يوسا وفردوسهُ الإيروسيُّ المفقود
- عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد أغ أبو اليسر - الطارقي الذي تزوج بناقة