أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد أغ أبو اليسر - انتماء














المزيد.....

انتماء


أحمد أغ أبو اليسر
(Ahmed Ag Aboulyousri)


الحوار المتمدن-العدد: 7138 - 2022 / 1 / 17 - 21:31
المحور: الادب والفن
    


طبعا أنا أعبر المطارات بجواز سفر مالي، وأعبر به نقاط التفتيش على الطرقات، وأبدو أمام الشرطة وطنيا، والواقع أنني أحمل هذا الكرتون الفارغ دون أن أشعر يوما أنه يحدد انتمائي لأي جزء من تفاصيل هذا العالم الفسيح، فالوطن بالنسبة لي هو تلك التفاصيل الصغيرة التي تستوطن العالم كله، أو تلك الدهشة التي تتألق كوميض في جميع عيون أطفال البشر، وصغار البقر، والقردة، والطيور، أو ذلك الهواء النقي الذي يمر حاملا معه ذرات الأوكسجين إلى العالمين كلهم دون أن ينتمي لبقعة، أو جغرافية منحوسة قط، ولهذا تمنيت دائما أن يكون جواز السفر الذي أحمله لعبور أي دولة أو قارة هو ورقة شجرة خضراء، أو تفاحة مقضومة، وعندما يسألني أي شرطي عن الدولة التي أنتمي إليها أخبره بلا مراوغة: إنني يا سيدي أنتمي لهذه الشجرة التي سرقتُ منها هذه الكربوهيدرات لتغذيني بالأكسيجين وأغذيها أنا في المقابل بثاني أوكسيد الكاربون الذي أزفره، حتى تثمر لي كربوهيدرات أخرى لأسرقها منها مرة أخرى وهكذا دواليك.. أما أنت يا سيدي الشرطي فلمن تنتمي؟
ينهمك الشرطي في تجميع حروف اسم دولته المشتتة داخل ذهنه، ولكن لكيلا ينطق لي بذلك الهراء الذي يستجمعه ليخبرني به رغم أني أعرفه مسبقا أداهمه بسؤال آخر: دعك من ختم الجوازات سيدي ومن أسماء الدول فلا فائدة منها، وأجبني على شيء أكثر أهمية: هل أنت عاشق؟ أو هل سبق وأن أحببت يوما فتاة جميلة، لها عينان تشتعل بالجمال البريء كجدول ماء، ولها نهدان صغيران نافران على صدرها، وذات ابتسامة مطلية بالبياض الناصع؟ هل سبق وأن اعترفت لها بحبك ثم ولفرط سعادتها أسكنتك في تلك اللهفة الموجودة بين حرارة الحضن وسخونة الاعتراف بالحب للحظات توقعتَ أنها الدهر كله؟
توهج شيء ما في عينيه كوميض نشر الحياة في جسم رميم ثم اختفي في ثانية قائلا: نعم، لقد فعلت.. أقسم لك أيها العابر أني فعلت..
حسنا أيها الشرطي قل لي ماذا فعلت، وبماذا أحسست؟
الشرطي: اممم إنه يمكن فعله، ويمكن الشعور به فقط أيها العابر ولكنه أضخم من أن تحشره في اللغة.. سأشوهه باللغة إن أردت إخبارك عنه بواسطتها، أو سأملأ اللغة بالكسور وأنا أحمِّلها ما تعجز عنه..
نعم أنا أوافقك.. إنه شعور تشوهه اللغة بعجزها مثلما يشوه القضم تفاحتي هذه؛ لأنه هو الشعور الحقيقي بالانتماء الكلي لشيء حقيقي ما؛ لذلك أنصحك بأن تحمل معك نهدا كجواز سفر لك بدلا من هذا الهراء الذي كنت تحمله.. أتفهم؟
حدق الشرطي في عيني منبهرا.. نزع المسدس من بنطاله وأطلق النار على جوازات المسافرين، ثم قدم استقالته من هراء الوطنية ليلتحق بوطنه بين الشفاه الرقيقة الدافئة والأفخاذ الطرية والبطن الزلقة الناعمة لمعشوقته، في نفس الوقت الذي ألتحق فيه أنا بالهواء وبشساعة الوجود المفتوح على مصراعيه وبشجرتي وكربوهيدراتي التي سرقتها..!



#أحمد_أغ_أبو_اليسر (هاشتاغ)       Ahmed_Ag_Aboulyousri#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموتى - الأحياء - الحب:
- العدمية وسواد الحياة:
- إبراهيم الكوني في فخ التقليد
- لعبة البقاء / قصة قصيرة
- سرد الصحراء بين وحشة الفضاء، وأُلفة الرمز
- الثقافة الإسفيرية وتشتيت وعي الطوارق:
- الثاقة الإسفيرية وتشتيت وعي الطوارق
- أهازيج في رثاء توماست / قصة قصيرة
- إلى أين يتجه الموت البشري؟
- فردوس الكبار / قصة سخيفة
- لماذا فشل الطوارق في إقامة دولة؟


المزيد.....




- الحكم على ثلاثة بالسجن لمساعدتهم في جريمة قتل مغني الراب سي ...
- مقتل المشرفة الموسيقية السابقة في برنامج -American Idol- وزو ...
- أيقونات من رماد الحرب.. فنان أوكراني يحوّل صناديق الذخيرة إل ...
- إطلاق جائزة فلسطين العالمية للشعر في ختام مهرجان ميديين الدو ...
- رئيس الممثلية الألمانية لدى السلطة في مقابلة مع -القدس- قبل ...
- جدل في أوروبا بعد دعوة -فنان بوتين- إلى مهرجان موسيقي في الج ...
- -المدينة ذات الأسوار الغامضة- رحلة موراكامي إلى الحدود الضبا ...
- مسرحية ترامب المذهلة
- مسرحية كوميدية عن العراق تعرض على مسارح شيكاغو
- بغداد تمنح 30 مليون دينار لـ 6 أفلام صنعها الشباب


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد أغ أبو اليسر - انتماء