أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد أغ أبو اليسر - إبراهيم الكوني في فخ التقليد














المزيد.....

إبراهيم الكوني في فخ التقليد


أحمد أغ أبو اليسر
(Ahmed Ag Aboulyousri)


الحوار المتمدن-العدد: 6394 - 2019 / 10 / 30 - 00:48
المحور: الادب والفن
    


لا شيء يقرفني مثل سماعي لكاتب روائي يصف نفسه بأنه مبدع، دون أي خجل..
مبدع على أي مستوى مثلا؟
من بين الروائيين الذين يقترفون هذا كثيرا أستاذي الفاضل إبراهيم الكوني، ففي كثير من محاوراته الإعلامية المسجلة على اليوتيوب يصف فيها نفسه بهذا اللقب دون أي مراعاة للمستوى المعرفي للجمهور المتلقي..
«أنا عندما أبدع نصا» ترد هذه العبارة كثيرا على لسان الكوني، دون أن يحدد لنا الإبداع الذي يقصده، هل هو يقصد الإبداع بهذا المعنى اللساني الذي نعرفه المتمثل في أن الإبداع هو المجيء بشيء لم يأت أحد بمثيله قط؟
إن كان هذا هو المقصود فإن أبسط شيء ينفي الإبداع هنا هو كتابته في حدود الرواية، التي ليس هو أول من ابتدعها حتى نصفها بأنها إبداع له، أما إن كان ما يقصده هو أنه يبدع داخل جنس الرواية أفكارا لم يبدعها أحد قبله قط، فيمكننا نقده من خلال أهم رواية له، وأقرب رواية له إلى قلبه حسبما قاله بلسانه في لقاء أجراه معه تركي الدخيل على قناة العربية السعودية التي تبث من الإمارات، فعندما سأله الصحفي عن أفضل رواياته إليه قال: "المجوس"..
حسنا.. رواية المجوس يبدأها الكوني باستنساخ فكرة "الإنسان الأعلى" وهي فكرة قديمة دخلت بدايتُها إلى كل الفلسفات الحضارية المتأخرة عن طريق "الفيلسوف" عند أفلاطون على ما أظن، مرورا بالفلسفة الإسلامية التي أنعشها محيي الدين بن عربي فيها كثيرا من خلال "الإنسان الكامل" حتى وصلت إلى فريدريك نيتشه ناضجة فقلبها إلى "السوبرمان" بإرادته للحياة، واستمر الكوني لصفحات عديدة في الانتصار لفكرة "الإنسان الأعلى"أو "الإنسان الحكيم" عن طريق "أوداد" الواقف على أطول جبل في سلسلة جبال أكاكوس: (لاحظْ أن هذا هو أسلوب نيتشه بالتمام والكمال في زراديشت" ويسخر من كبار الطوارق عندما يتطاول على أكاكوس، وأكاكوس هنا هو "الحكمة"، التي تُبديهم له "كقطيع من النمل" وهذا تعال ثقافي واضح على البشر، وهو نفس التعالي الذي مارسه أبو حامد الغزالي في " تهافت الفلاسفة" كما مارسه العشرات من الفلاسفة الآخرين، وبالتالي هذا يعتبر تقليدا في الفكرة وفي الأسلوب معا.
أما في آخر الجزء الأول من هذه الرواية فإن الكوني يستنسخ بشكل فظ رواية "أولاد حارتنا" لنجيب محفوظ، وهي حقيقة رواية عظيمة لكنها ليست إبداعا أبدا إلا في جزء بسيط جدا في نهايتها، لأنها في بدايتها تقليد للكتب السماوية، وتقليد لابن كثير في "البداية والنهاية" أما في نهايتها فتقليد للفلسفة المادية التي سبقت نجيب محفوظ إلى "قتل الجبلاوي" رغم أن محفوظ قتْلُه للجبلاوي مختلِف، فكيف يمكن إذن لروايةٍ تقلِّد روايةً، تقلِّد كتبا قديمة أن تكون إبداعا؟
لمزيد من التوضيح: "واو الضائعة" عند الكوني في المجوس، هي تقليد ل"البيت الكبير" عند نجيب في أولاد حارتنا، وكذلك "وانتهيط" في المجوس هو نفسه "إدريس" في أولاد حارتنا، و"الجد الأول" عنده هو "أدهم" عند محفوظ: و"السلطان" عند الكوني، هو "الجبلاوي" عند محفوظ، فأين الإبداع في هذا رجاء، بعد أن استعمل الكوني هذه الرموز في نفس السياق الديني الذي استعملها فيه نجيب محفوظ أيضا؟ واستخدمها في رواية وصفَها هو نفسه بأنها أفضل رواياته، لكن ماذا عن رواياته الأخرى، التي لم يصفها بذلك؟ ماذا عن روايته الجميلة: "التبر"؟ هذه الرواية العدمية الرائعة بكل ما تعنيه معاني الروعة هل هي إبداع، أم تقليد؟
الحقيقة أن من يقرؤ رواية التبر يمكنه بكل بساطة أن يدرك في أسرع وقت أنها تتحدث عن ثنائية فلسفية قديمة هي: "العدمية القيمية للمِلْكية" و"الحرية كنقيض للملكية" وهذه الملكية المناقضة للحرية لا يحصرها الكوني على سبيل المثال في ملكية "الثروة والجاه" فقط، بل يوسعها حتى تشمل "ملكية الأبناء والأعراف، والتقاليد"، التي اعتبرها كلها سلطة متناقضة مع الحرية، وجاءت فكرة الرواية في أغلبها - لا أقول كلها؛ لأنه تحدث فيها عن الألم كفلسفة مستقلة - تدور حول هذه المفاهيم التشاؤمية، مستعيرا لغة "كافكا" السوداوية أيضا للتعبير عنها، وهي مفاهيم ممتدة من الفلسفة الرواقية إلى "أبي العلاء المعري" في الفلسفة الإسلامية، مرورا بأكبر مروجي العدمية وفلسفة الألم المعاصرة: "آرثر شوبنهاور" و"إيميل سيوران" الذيْن لم يضف الكوني سوى أن سار على نهجيْهما بوضوح شديد، والسير على نهج العظماء هو نهج عظيم، لكنه ليس إبداعا..
الكوني يكتب روايات عظيمة، يناقش من خلالها أفكارا وجودية عظيمة فعلا، لكن ذلك ليس إبداعا؛ الإبداع معضلة وجودية أخرى أعقد، إضافة إلى أن القارئ الجيد هو الحكم الذي يستطيع وصف العمل بأنه إبداع أو غير ذلك، وليس كاتب العمل..!



#أحمد_أغ_أبو_اليسر (هاشتاغ)       Ahmed_Ag_Aboulyousri#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعبة البقاء / قصة قصيرة
- سرد الصحراء بين وحشة الفضاء، وأُلفة الرمز
- الثقافة الإسفيرية وتشتيت وعي الطوارق:
- الثاقة الإسفيرية وتشتيت وعي الطوارق
- أهازيج في رثاء توماست / قصة قصيرة
- إلى أين يتجه الموت البشري؟
- فردوس الكبار / قصة سخيفة
- لماذا فشل الطوارق في إقامة دولة؟


المزيد.....




- معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب يحتفي بالمغربي محمد بن ع ...
- -جائزة الشيخ حمد للترجمة- تعلن عن لغات دورتها الـ12 لعام 202 ...
- رعب وأبطال خارقون ومخلوقات خطيرة.. 8 أفلام تعرض في يوليو
- -كاسونغو-.. قصة فقدان وحب تختبئ خلف الإيقاعات الراقصة
- -كاسونغو-.. قصة فقدان وحب تختبئ خلف الإيقاعات الراقصة
- العمود الثامن: في حكاية الشيخ والشاعر !!
- الاحتفاء بالشاعر والمترجم ياسين طه حافظ بمناسبة اختياره رمزً ...
- جاهزون يا أطفال .. أحلى الأفلام الكارتونية على تردد قناة سبي ...
- مجزرة النصيرات في فيلم استقصائي على -الجزيرة 360-
- مجزرة النصيرات في فيلم استقصائي على -الجزيرة 360-


المزيد.....

- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد أغ أبو اليسر - إبراهيم الكوني في فخ التقليد