|
الفرح في قصيدة -حوارة- عبد الناصر صالح
رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 7568 - 2023 / 4 / 1 - 22:47
المحور:
الادب والفن
الفرح في قصيدة "حوارة" عبد الناصر صالح حَوّارَة" شعر : عبد الناصر صالح استبْشِري بالعُرْسِ يا جارَةْ في الحيِّ والحارَةْ .. وتَزَيّني بالثّوْبِ أبيضَ قادِمٌ وَعْدُ العريسِ على ذُؤابتِهِ البِشارَةْ .. إن أحرَقوا الطرقاتِ أو هَدَموا البُيوتَ فسوفَ تنعمُ بالنّضارَةْ .. أنتِ البلاغةُ في صَدارَتِها وانتِ نُبوغُها والإستِعارَةْ .. غدُكِ الذي غَزَلَ الأماني كُلَّها غَزَلَ الجَسارَةْ وَشْماً على عُنُقِ المَحارَةْ .. فاستَبْشِري بالعُرْسِ قد بَزَغَتْ مع الفجرِ الأمارَةْ .. والعينُ بالأشْواقِ أمّارَةْ والطِّفلُ يعزِفُ لحنَهُ عِشقاً فيلتَقِطُ الإشارَةْ .. عَلَماً يُرَفرِفُ في سَمائِكِ ثم تَنْهَمِرُ الحِجارةْ فتزيّني للعرسِ وانتَفِضي لتنتَفِضَ العِبارَةْ .. وبراثِنُ المستوطنينَ تعودُ بالخَيْباتِ مُنْهارَةْ صفّارةُ الإنذارِ عندَ عُلوجِهِمْ رَضَخَتْ لتعلِنَ ألفَ غارَةْ .. كَذَبَتْ إذاعَتُهُمْ كما كَذَبَتْ بياناتُ " الإدارَةْ " حَوّارةٌ تأتي إلى المَيْدانِ وارِفَةً فترْتَفِعُ السّتارَةْ .. حَوّارَةٌ تأتي بِأوسِمَةِ الجَدارَةْ .. والنَّصرُ وقّعَ في صَحيفَتِها قَرارَةْ .. والماجِداتُ على خُطى الجَدّاتِ والعَمّاتِ والخالاتِ نِعْمَ المُستشارُ والاستِشارةْ .. سُبُلُ التّلاحُمِ فيكِ أرْبَكَتِ " الوزارَةْ " فتَزَيّني بالوعْدِ إنّ العشقَ ينبضُ ساخناً والعاشِقاتُ حَفِظْنَ أسرارَةْ .. " وكَريمَةٌ " تسعى إلى " سارَةْ " "وفداءُ" تحمي بيتَ "نَوّارَةْ " هذي انتفاضَتُنا إذَنْ تمتَدُّ في السّاحاتِ هَدّارَةْ .. ودماؤُنا أغصانُ كَرْمَتِنا أمام الدّارِ ما ذهَبَتْ خسارَةْ .. فتزيّني بالعرسِ وانتَفِضي كلُّ الجُموعِ فِداكِ حَوّارَةْ .. كلُّ الجُموعِ فِداكِ حَوّارَةْ .. كلُّ الجُموعِ فِداكِ حَوّارَةْ .. ******** طولكرم / فلسطين 30/30/2023م
الكاتب ينحاز/يتأثر بواقعه، بالمكان الذي هو فيه، ما يجرى ويجري في بلدة حوارة يستحق التوقف عنده، فالاحتلال يعمل بصورة ممنهجة على (محو/إزالة) حوارة من خلال وضع المزيد من الحواجز والجنود في البلدة حتى بدت ثكنة عسكرية وليست بلدة مدينة، هذا ما يراه كل من يعيش فيها أو يمر بها. الشاعر الفلسطيني "عبد الناصر صالح" كتب قصيدة "حوارة" وتحدث فيها عما يراه كشاعر في هذه البلدة، يفتتح القصيدة بقوله:
استبْشِري بالعُرْسِ يا جارَةْ" في الحيِّ والحارَةْ .. وتَزَيّني بالثّوْبِ أبيضَ قادِمٌ وَعْدُ العريسِ على ذُؤابتِهِ البِشارَةْ" نلاحظ الفاتحة البياض التي بدأ بها القصيدة، "استبشري، وتزيني، بالثوب، الأبيض، العريس، ذوابته، البشارة" وهذا ما يجعل فكرة القصيدة اقرب إلى الفرح والبهجة. هذا على صعيد الفكرة، أم على صعيد الألفاظ فنجد أن الشاعر يتماهي مع "حوارة" حتى أنه استخدم ألفاظا قريبة منها: "الحي، حارة" وإذا علمنا أن ترتيب الحروف العربي (ألف باء) يأتي حرفي الحاء والجيم متتالين نصل إلى الغنائية التي تحملها ألفاظ وفاتحة القصيدة، وهذا يأخذنا إلى العرس الذي تناوله الشاعر: "بالعرس، وازيني، العريس" كل هذا يجعلنا نقول أن الشاعر متوحد مع فكرة/مكان/حدث القصيدة، وهو لم يكتب القصيدة وإنما القصيدة هي من كتبته. بعدها ينقلنا إلى ما جرى في حوارة من أحداث إجرامية: إن أحرَقوا الطرقاتِ" أو هَدَموا البُيوتَ فسوفَ تنعمُ بالنّضارَةْ .. أنتِ البلاغةُ في صَدارَتِها وانتِ نُبوغُها والإستِعارَةْ .. غدُكِ الذي غَزَلَ الأماني كُلَّها غَزَلَ الجَسارَةْ وَشْماً على عُنُقِ المَحارَةْ" نلاحظ أن الشاعر يهمل ذكر (من أحرقوها) وذلك تأكيد لاستنكاره لهم، فهو من خلال عدم ذكرهم يبدي امتعاضه وسخطه وغضبه لهذا تجنب ذكرهم، والجميل في هذا المقطع أننا نجد الأفعال الإجرامية: "أحرقوا، هدموا" فرغم هول ما جرى، إلا أن الشاعر يكتفي بهاذين الفعلين فقط، بينما نجده يكثر من الوصف الأبيض والبهي: "تنعم، بالنضارة، البلاغة، صدارتها، نبوغها، والإستعارة، غدك، غزل (مكرر)، الأماني، الجسارة" فمن خلال الألفاظ المجرد نجد أن هناك حالة بيضاء/فرح تنتصر على من: "أحرقوا، هدموا" فكثرة البياض تتجاوز وتتفوق على السواد الذي حصل فيها.
القصيدة الجميلة هي التي تحافظ على وحدتها/فكرتها، وبما أن الفاتحة تحدث عن (عرس) فكان لا بد من متابعة تفاصيله وما فيه من بهجة وفرح:
فاستَبْشِري بالعُرْسِ" قد بَزَغَتْ مع الفجرِ الأمارَة والعينُ بالأشْواقِ أمّارَةْ والطِّفلُ يعزِفُ لحنَهُ عِشقاً فيلتَقِطُ الإشارَةْ" رغم بياض الفكرة إلا أن بياض الألفاظ "فاستبشري، بالعرس، بزغت، الفجر، الأمارة (مكررة) العين، بالأشواق، الطفل، يعزف، لحنه، عشقا، الإشارة" أضاف جمالية إليها، مما جعل الفكرة تصل من خلال المعنى ومن خلال الألفاظ المجرة، وما يحسب للشاعر المحافظة على غنائية القصيدة التي تتوافق/تتماثل مع "العرس"، فتكرار "الأمارة" وتقارب لفظ "الأمارة، الإشارة" خدم فكرة العرس، وأيضا استمر محافظا على حالة الفرح التي يجدها المتلقي من خلال إلقاء/سماع/قراءة القصيدة. مرة أخرى يأخذنا الشاعر إلى أرض الواقع إلى (حرب الأعلام) التي جرت في حوارة، يقول: "عَلَماً يُرَفرِفُ في سَمائِكِ ثم تَنْهَمِرُ الحِجارةْ فتزيّني للعرسِ وانتَفِضي لتنتَفِضَ العِبارَةْ .. وبراثِنُ المستوطنينَ تعودُ بالخَيْباتِ مُنْهارَةْ صفّارةُ الإنذارِ عندَ عُلوجِهِمْ رَضَخَتْ لتعلِنَ ألفَ غارَةْ .. كَذَبَتْ إذاعَتُهُمْ كما كَذَبَتْ بياناتُ " الإدارَةْ"" أن يبدأ المقطع بألفاظ بيضاء: "علما يرفرف في سمائك" فهذا يخدم فكرة الفرح التي يشعر/يحس/يراها/يجدها الشاعر، ويخدم وحدة القصيدة التي تتحدث عن (عرس)، لكن هو يتناول بلدة تتعرض لاعتداء همجي، فكان لا بد من تناول ما جري فيها بشيء من التفاصيل، من هنا نجده يعرفنا على ما جري بصورة شعرية، حيث يذكر بالاسم "المستوطنين" وما هو حالهم: "تعود بالخيبات منهارة" وهنا قد يسأل سائل: لماذا لم يذكرهم في فاتحة القصيدة وذكرهم هنا؟ وهل لهذا الأمر مبرر؟، نجيب: في الحالة الأولى تم الحديث عن أفعالهم الإجرامية "حرقوا، هدموا" لهذا كان عدم ذكرهم يدينهم، بينما في الحالة الثانية يصف حالهم وما هم فيه من هزيمة وخذلان، فجاءت تسميتهم لتؤكد الحالة البائسة التي هم فيها: "تعود بالخيبات منهارة، رضخت، كذبت إذاعتهم/بيانات الإدارة". وإذا عندنا إلى الألفاظ سنجد أن العديد منها أسود/قاسي لكنه متعلق بالعدو: "براثين، بالخيبات، منهارة، الإنذار، علوجهم، رضخت، كذبت (مكررة)، وهذا ينعكس إيجابيا على المتلقي. وننوه إلى جمالية المقطع الذي استخدم "يرفرف" حيث تكرر حرفي والراء والفاء حتى بدا للقارئ وكأنه يرى/يشاهد رفرفة العلم في السماء من خلال تكرارهما.
"حَوّارةٌ تأتي إلى المَيْدانِ وارِفَةً فترْتَفِعُ السّتارَةْ .. حَوّارَةٌ تأتي بِأوسِمَةِ الجَدارَةْ .. والنَّصرُ وقّعَ في صَحيفَتِها قَرارَةْ .. والماجِداتُ على خُطى الجَدّاتِ والعَمّاتِ والخالاتِ نِعْمَ المُستشارُ والاستِشارةْ .. سُبُلُ التّلاحُمِ فيكِ أرْبَكَتِ " الوزارَةْ " فتَزَيّني بالوعْدِ إنّ العشقَ ينبضُ ساخناً والعاشِقاتُ حَفِظْنَ أسرارَةْ" اللافت في هذا المقطع أنه يتحدث عن (عرس) بصورة غير مباشرة ، فمن خلال تجميع الأهل والأصدقاء: "الماجدات، الجدات، العمات، الخالات" نستطع القول أن العرس الذي جاء في الفاتحة ما زال قائما، لهذا نجد ألفاظ: "فترتفع، بأوسمة، فتزيني، العشق، العاشقات، ينبض، ساخنا" ونجد أن هناك وحدة جامعة لهذا المقطع تتمثل في التكتل/"التلاحم" الإنساني/الاجتماعي :الماجدات، العمات، الجدات، الخالات" لتحقيق فعل النصر: "أربكت الوزارة" وهذا ما جعل حورة "تأتي بأوسمة "النصر".
ونلاحظ أن الشاعر يتماهى مع "حوارة" من خلال هذا المقطع:
" وكَريمَةٌ " تسعى إلى " سارَةْ " "وفداءُ" تحمي بيتَ "نَوّارَةْ " هذي انتفاضَتُنا إذَنْ تمتَدُّ في السّاحاتِ هَدّارَةْ .. ودماؤُنا أغصانُ كَرْمَتِنا أمام الدّارِ ما ذهَبَتْ خسارَةْ .. فتزيّني بالعرسِ وانتَفِضي كلُّ الجُموعِ فِداكِ حَوّارَةْ .. كلُّ الجُموعِ فِداكِ حَوّارَةْ .. كلُّ الجُموعِ فِداكِ حَوّارَةْ" فاستخدام الشاعر لأسماء مؤنثة: "كريمة، نوارة، فداء" ووصف ما يجري فيها "هدارة" وتكراره لفظ "حوارة" ثلاث مرات يجعلنا نتأكد أن هناك حالة تماهي/تجلى بين الشاعر وحوارة. ومع هذا التماهي/الحلول في حوارة إلا أنه بقى محافظا على وحدة موضوع القصيدة، "العرس" من خلال: "كريمة، الساحات، هدارة، فتزيني، بالعرس" هكذا يرى الشاعر "عبد الناصر صالح" ما جرى في حوارة.
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الريف الأردني في مجموعة -أقاصيص أردنية- عيسى الناعوري
-
المرأة الشرقية ومشاكلها في رواية -رحلة إلى ذات امرأة- صباح ب
...
-
أدبية الكتابة في -بعيدا عن استعراض المنصة، شاهد إثبات- محمد
...
-
الأسئلة في -دهان عربي- للأسير محمد جوهر --دهان عربي
-
الجيوش العربية في رواية بير الشوم فيصل حوراني
-
واقعية القيادة في رواية -بير الشوم- فيصل حوراني
-
الفلسطيني والمكان في مأساة في طيرة حيفا، شهادة وجدانية للدكت
...
-
وقفة مع كتاب -الكتابة في الوجه والمواجهة- للكاتب فراس حج محم
...
-
مناقشة رواية -ذاكرة على أجنحة حلم - نزهة الرملاوي
-
-إلى حوارة- للشاعر نبيل طنوس
-
الصوفية والأسطورة في -أنا صاحب البئر- عبد الله عيسى
-
التنوع في -مقعد لغائب، نصوص شعرية- نبيل طنوس
-
حكاية الفلسطيني في -رواية النهر.. بقمصان الشتاء- حسن حميد
-
الاحتلال يحرق حوارة
-
الصوفية في ومضة -زلفى- مأمون السعد
-
نقد النقد في -رؤيتان نقديتان، رواية حسين مروة، رؤية غالب هلس
...
-
تنوع الشكل الأدبي في مجموعة -خفايا- قصص قصيرة جدا حسين شاكر
-
الفرح والوجع في قصيدة -دمعة ثانية .. إلى حلب- صلاح أبو لاوي
-
سامي البيتجالي قصيدة رسم حزين
-
مناقشة مجموعة من شكاوي المبدعين ميسون أسدي.
المزيد.....
-
انطلاق أولى جلسات صالون الجامعة العربية الثقافي حول دور السي
...
-
محمد حليقاوي: الاستشراق الغربي والصهيوني اندمجا لإلغاء الهوي
...
-
بعد 35 عاما من أول ترشّح.. توم كروز يُمنح جائزة الأوسكار أخي
...
-
موقع إيطالي: هذه المؤسسة الفكرية الأميركية تضغط على إدارة تر
...
-
وفاة الفنانة الروسية ناتاليا تينياكوفا نجمة فيلم -الحب والحم
...
-
من بينهم توم كروز.. الأكاديمية تكرم 4 فنانين -أسطوريين- بجوا
...
-
بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة
...
-
تكريما لمسيرته... الممثل الأمريكي توم كروز سيتلقى جائزة أوسك
...
-
جو بايدن يقتحم موقع تصوير مسلسل شهير أثناء مطاردة الشرطة (صو
...
-
باللغة العربية.. موسكو وسان بطرسبورغ ترحبان بالوفد البحريني
...
المزيد.....
-
الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية
...
/ عبير خالد يحيي
-
قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي.
/ رياض الشرايطي
-
خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية (
...
/ عبير خالد يحيي
-
البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق
...
/ عبير خالد يحيي
-
منتصر السعيد المنسي
/ بشير الحامدي
-
دفاتر خضراء
/ بشير الحامدي
-
طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11
...
/ ريم يحيى عبد العظيم حسانين
-
فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج
...
/ محمد نجيب السعد
-
أوراق عائلة عراقية
/ عقيل الخضري
-
إعدام عبد الله عاشور
/ عقيل الخضري
المزيد.....
|