الصوفية والأسطورة في -أنا صاحب البئر- عبد الله عيسى

رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 7556 - 2023 / 3 / 20 - 20:19
المحور: الادب والفن
    

الصوفية والأسطورة في
"أنا صاحب البئر"
عبد الله عيسى
"أنا صاحب البئر ،
بل أنا البئر ذاته .
وهبني وجهه وطيباته كلها ،
وأدخلني ملكوت البحار والينابيع أعلى الجبال ،
فصرت أحكم باسمه الغرائز ،
وأخصّ سواي بعشبة الخلود .
أنا قطرة المعرفة :
حقيقتي أنني آمنت بما لا أرى ،
وثوابي أن رأيت ما آمنت به" .
"
الاختزال والتكثيف سمة الأدب الجيد، فهو يُقدم بطريقة بعيدة عن الشرح والخوض في التفاصيل، لكن فكرة الأديب/فكرة النص تصل إلى القارئ وترسخ فيه، في هذا المقطع نجد حضور الصوفية والأسطورة معا، فالشاعر قدم ثنائية تستحق التوقف عندها.
نلاحظ أن الشاعر يكرر "أنا والبئر" وهذا يخدم فكرة التماهي بينه وبين البئر، لكن البئر المقصود هنا أبعد من البئر العادي وأعمق من البئر المعروف، وذلك لأنه منح الشاعر قدرات خارقة وكرامات: "أدخلني ملكوت، فصرت أحكم، وأخص سواي" فنحن أمام قدرات يعطيها الله للصفوة من خلقه.
إذن نحن كرامات منحها الله للشاعر، وما استخدامه: وهبني وجهه وطيباته كلها" التي نجد فيها حرف الهاء مكون أساسي فيها، وإذا علمنا أن طريقة لفظ حرف الهاء تشير حالة التماهي بين القائل/الشاعر والسامع/الله، نتأكد أن هناك حالة عالية من الصوفية، التي لم تقتصر على لفظي أنا والبئر فحسب بل طالت طريقة لفظ الكلمات المستخدمة.
هذه على صعيد الصوفية، أما صعيد الأسطورة/الملحمة فنجد أن الشاعر يتناول فكرة الخلود في ملحمة جلجامش بطريقة رائعة: فهو يؤخر مقدمة الملحمة "هو الذي رأي" ويقدم الخاتمة "لمن جنت يداك يا جلجامش، لأفعى الأرض" ويغرب الحدث بحيث يجعل جلجامش يحصل على الخلود: "وأخص سواي بعشبة الخلود" وإذا علمنا أن هذا التناول جاء ليخدم الطرح الأول الصوفي، نصل إلى تركيبة أدبية تجمع ما بين (متناقضين)، ذروة الإيمان/الصوفية وبين الأسطورة (الوثنية).
وتأكيدا أن هناك جامع بين الصوفية والأسطورة نجد تكرار "آمنت، أنا/أنني، رأى/رأيت" وألفاظ إيمانية صوفية: "آمنت، ثوابي" بحث أبقت المقطع ضمن الإطار الصوفي رغم التناول لما هو أسطوري، أليس هذا الجمع مثير ولافت؟!.
المقطع منشور على صفحة الشاعر.

#رائد_الحواري (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل