أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - بناء أمريكا في رواية -شعلة الأمومة- بس ستريترا لريش، ترجمة حسن بحبوح















المزيد.....

بناء أمريكا في رواية -شعلة الأمومة- بس ستريترا لريش، ترجمة حسن بحبوح


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 7515 - 2023 / 2 / 7 - 07:59
المحور: الادب والفن
    


بناء أمريكا في رواية
"شعلة الأمومة"
بس ستريترا لريش، ترجمة حسن بحبوح
أحيانا أحب التقدم من الأعمال الأدبية القديمة، خاصة تلك التي صدرت قبل العقد السابع من القرن الماضي، لما فيها من حنين لتلك البدايات الأدبية البهية التي أكنها للأدب وللأدباء.
رواية شعلة الأمومة، صادرة قبل عام 1958، وذلك لأن مقتنية الكتاب "سهام عرفات" كتبت بخط يدها :"نابلس 2/6/58، فالكتاب ضاع منه الورقة الثانية التي تحمل اسم دار النشر وسنة الطباعة.
الأدب مرآة الأمم، وهو الصورة الجميلة للمعاناة/للتعب/للتضحية/للعطاء، لهذا هو يحدثنا ـ من خلال ما فيه من جمال ومتعة ـ على العمل والمزيد من العطاء.
لم أكن أتوقع أن يكون هناك أدب أمريكي بهذا الجمال وهذه المتعة، خاصة أن الرواية مترجمة قبل ما يزيد عن السبعين عاما، فالترجمة له أصولها وشروطها، وتحاج إلى فنيين ومختصين يتقنون إيصال من في الأدب من روح قبل من فيه من كلمات.
يمكن اعتبار رواية "شعلة الأمومة" نظيرة للرواية "الأم" لمكسيم غوركي ولرواية "كيف سقينا الفولاذ" لنيكولاي أوستروفسكي وذلك لأنها تتحدث عن بدايات تشكيل المجتمع الأمريكي، والمعناة التي رافقت إنشاء هذا المجمع وما فيه من تقدم وازدهار، ولا أدري لماذا لم يأتي أحد على ذكر هذه الرواية، خاصة أنها تتحدث بإيجابية/بأخلاقية/بإنسانية عن المجتمع الأميركي، فهي تقدمه لنا مجتمع معطاء، ينكر ذاته في سبيل وطنه، وليس كما نجده في أفلام هوليود ورعاة البقر التي تقدمه على أنه مجتمع قتل وسلب واغتصاب، فالرواية تعد رد ونقيض على ما نشاهد سلبيات للمجتمع الأمريكي.
زمن الرواية
الرواية تتحدث عن"آبي" الفتاة الصغيرة الفقيرة والتي تم تحديد مولدها في الرواية: "وهكذا فأننا نجدها في عام 1854 طفلة صغيرة تبلغ الثامنة من عمرها" ص7، والتي تتزوج من رجل من الطبقة الغنية يمتلك الأرض والماشية، فأخذت تعمل في الأرض وتربي أولادها وتعلمهم، وبقيت تعمل حتى تجاوز سن الثمانين، بمعنى أن زمن أحداث الرواية هو من 1854 إلى 1935، وهذا يأخذنا غلى التكنلوجيا والنقلة النوعية في حياة المجتمعات خاصة بعد أن أصبحت وسائل النقل سهلة ومتاحة، القطار والسيارة، وأيضا النقلة النوعية في حياة الناس من خلال التعليم وانتشار المجلات وإنشاء المدن الحديثة.
هذه المدة من الزمن لم تكن طويلة بالنسبة للحياة البشرية، لكنها من خلال التقنيات وأساليب الحياة تعد أهم مفصل في تاريخ البشرية، حيث كانت بداية التسارع في عملية بناء المدينة المعاصرة والمجتمعات البشرية الحديثة.
الأم "آبي"
الرواية تؤكد أن العطاء والتفاني في العمل والتضحية هما سبب رفي الأمم والشعوب والمجتمعات والأفراد، الشخصية المركزية "أبي" متفانية في العطاء، فكانت دائما تفكر بمصلحة أسرتها على حساب مصلحتها الخاصة، فهي البعيد أن عائلتها التي تركتها بعد أن تزوجت من "لويل" ترفض/تؤجل زيارتها وذلك لأنها تفكر بهذا المنطق: "...لقد وضعت الخطة للسفر منذ سنوات ويجب ألا تتخلي عنها... فردت آبي قائلة: كلا لا ينبغي أي أن أفكر في نفسي بل يجب أن أفكر في أبنائي" ص224، هذه التضحية كانت البداية في إنشاء أسرة/عائلة/مجتمع/دولة مزدهرة، فالتفاني في العطاء ونكران الذات هما أساس بناء المجتمع السليم والقادر على التقدم وتجاوز المحن والشدائد.
"آبي" رغم عمرها الطويل، ورغم وجود بناتها وأحفادها حولها، ورغم وجود ما تصنعه في الدكاكين والمحلات، إلا أنها تبقى مصرة على أن تعمل بيدها: "أن تخاطب جدتنا كمن ينفخ في زق مقطوع، فهي عنيدة، وتصر على أن تصنع كل ما اعتادت صنعه من فطائر وحلوى ولو أدى ذلك إلى مرضها" ص372، وهذه تأكيد أن العمل هو من يُشعر الإنسان بمتعة الحياة، وبأن له مكان ووجود في هذا الكون.
عندما يتوفى "لويل" زوجها وتشعر بالحزن والألم على فراقه، تنطق بهذه الحكمة: "إن أقوى ترياق للحزن هو العمل" ص272، من هنا نقول أن الرواية نظيرة لرواية "كيف سقينا الفولاذ" حيث أن تبين أهمية العمل وكيف أستطاع المؤسسون أن يضحوا ويتجاوزوا الصعاب والمحن، إن كانت داخلية أم خارجية.

العمل
الرواية تركز على العمل، ليس من خلال كونه عمل عضلي فحسب بل تتناوله من خلال مفهوم/فكرة/فلسفة العمل، فهناك جوانب أخرى مهمة في العمل تتمثل في الإرادة/الدافع/الأخلاق، والروح التي تعطه العمل الحياة والاستمرار في النماء والازدهار، تخاطب "آبي" ابنتها قائلة: "إن الاحتفاظ بالروح المعنوية يتطلب إيمانا وشجاعة ومحبة وصلاة وقليلا من العناء، غير أننا سنصل إلى ما ننشده" ص194، بهذه الروح استطاعت "أبي" أن تتجاوز السنوات العجاف ومشاق العمل في الأرض حتى أصبحت مثلا يحتذى به.
بناء المجتمع لا يقتصر على الماديات فقط، بل هناك جوانب أدبية/ثقافية/معرفية/روحية يجب أن تكون موضع اهتمام وعناية، من هنا تناولت الرواية أحدى هذا الجوانب الأدبية/المعرفية من خلال حديثها عن "مجلة هيدلايت" : وفي ربيع عام 1887 ظهر في البلدة العدد الأول من مجلة هيدلايت وهي صحيفة صغيرة بذل جدها كثيرا في سبيل إصدارها وكانت تتضمن مقالات كثيرة تدور حول "نمو مدينتنا الجميلة"... أن الاشتراكات في المجلة يمكن أن تسددها مما يتوفر لدى المشتركين من لحم ونقود" ص231، تكمن أهمية هذا الفقرة غي أنها تؤرخ لصدور تلك المجلة، وأيضا تبين الاهتمام بالأدب وكيف أن الناشر كان يهتم بإيصال المعرفة/الثقافة للمجتمع، لهذا سهل على القراء الاشتراك في المجلة من خلال طريقة دفع الاشتراكات "لحم، نقود".
أما في مجال التعليم والتدريس، فقد كان هناك وقفة لهذا الأمر من خلال الحوار الذي تم بين "آبي" وابنتها "غريس" التي ترفض أن تتزوج معللة هذا الرفض/التأجيل بقولها: "...لدي الآن في صفوفي مائة وعشرون طالبا، وكثير منهم يعدون أنفسهم لكي يمتهنوا التدريس، فإذا اختار مهنة التعليم ثلثا هذا العدد، كان معنى ذلك إيجاد ثمانين مدرسا جديدا، والواحد من هؤلاء مع مرور الزمن سيعلم أربعين طالبا، والنتيجة هي أنني بهذا العمل أكون قد أثرت بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على مصائر ثلاث آلاف ومائتي طالب" ص353، نلاحظ الطريقة العلمية في تناول أثر التعليم على المجتمع، وهذا يمثل الروح الأمريكية التي تعتمد على العلم والحساب والتخطيط، فبدت "غريس" وكأنها وزيرة تنمية بشرية.
عندما يزدهر المجتمع/ الدولة يشعر الفرد/المواطن أنه جزء من هذا الازدهار وينتمي له، في هذا المشهد نجد التكامل بين ازدهار ونمو الدولة والفرد: " ..أني لأطرب كلما نظرت إلى هذه الغلال تخرج من نبراسكا في عربات القطار
فضحك جون وقال: "أماه إن من يصغي إلى أقوالك يخيل إليه أنك صاحبة الولاية"
"أني صاحبتها يا جون، أنها ملكي بالروح" ص407، لهذا نجد المواطن العربي يفرح/يبتهج عند تحقيق أي نماء/بروز/ظهور أي جانب إيجاب عربي، حتى لو كان لاعب كرة قدم.
تتغنى "آبي" بما حققه المجتمع الأمريكي من نماء بقولها: "...لقد كانوا أنبياء يا جون... أنبياء في بلاد الغربة... أولئك الرجل الشباب الأشداء الذين اجتازوا نهر المسيسبي وخاضوا جداول بلات والمياه الباكية والجداول الأخرى.. ما أعظم التراث الذي خلفوه لكم جميعا ـ مزارع ومدنا .. وماشية تغطي آلاف التلال ... ومصانع ... ومعاهد علمية عظيمة" ص408، هذا الروح هي التي جعلت أمريكيا أكبر وأقوى دولة/مجتمع في هذا العصر.
الكرامة
لبناء أي مجتمع قوي لا بد أن يكون هناك كرامة للمواطن/للفرد، فالكرامة أساس العطاء ونكران الذات، عندما يحل المحل في المزارع، ولا يجد الإنسان ما يسد به رمقه، تضيق حال الناس، وهنا يأتي دور الحكومة/الدولة لتقوم بدورها تجاه المجتمع، من خلال تقديم مساعدات، "لويل" زوج "آبي" ينظر إلى هذه المساعدات بهذا الشكل: "لا أريد أن استجدي كالمتسولين يا آبي
"ولكن الهبة من حكومتك التي حاربت في سبيل بنائها" ص179، هذا هو حال المواطن الذي يشعر بالكرامة، فهو يرفض أخذ ما تقدمه الحكومة ـ رغم أنها ملزمة بذلك ـ هذا الموقف وجدناه عند الروس بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، كيف أنهم أحرقوا المساعدات الغربية المقدمة لهم، معتمدين على عزة وأنفة الروسي الذي لا يقبل أن يكون متسولا/ضعيفا.
القسوة وطريقة تناولها
ما يحسب للأدب أنه يقدم القسوة بطريقة هادئة/ناعمة، بحيث يوصل الفكرة لكن دون أن يرهق القارئ، الرواية تتناول الحرب الأهلية الأمريكية، لكن هذا التناول جاء بطريقة خاطفة وسريعة، وكأن السارد لا يريد أن يشوه البناء والعطاء الذي اتسمت به الرواية، من أشكال طريقة تقديمه الحرب هذا الشكل: "...ولكني اعتقد أن من لنذالة ألا أتدخل إذا رأيت جلفا يضرب طفلا صغيرا وألا أنقض عليه...
...
الحرب! الحرب ثانية! ما أفظع هذا! رباه أمنع الحرب!" ص306، وهذا ما يحسب للرواية، فحتى انعدما تحدثت بصورة مباشرة عن الحرب لم تدخل في تفاصيلها وكتفت بالإشارة السريعة ‘ليها، وهذا ما يجعلها رواية بناء ونماء وازدهار وليست رواية حرب ودمار.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية حكايا ديار نداء الطوري
- ترانيم رباب (مختارات شعرية) كمال سحيم
- الوحدة في ديوان -للنخيل قمر واحد- علي البتيري
- التنوع في كتاب زقزقات نصوص شعرية ونثرية
- عالم الومضة في ديوان -وحيدا ستمضي- منذر يحيى عيسى
- مذكرات تشرشل
- محاكم الاحتلال الاستيطاني في كتاب - دفاعا عن جميلة- جورج أرن ...
- حقيقة تاريخ الأتراك في بلاد الشام في كتاب -مصطفى آغا بربر-
- رحلة البحث عن الذات وفي الذات في قصيدة -- يَكادُ يخنقُني صَد ...
- حكم الصراع في ديوان -قلب مصاب بالحكمة- للشاعر لطفي مسلم
- قدسية الفلسطيني في كتاب -دفاتر فلسطينية- معين بسيسو
- الطرح الطبقي في رواية -مزاد علني- بديعة النعيمي
- رحلة في متاهات الأسر رأفت البوريني
- الأم في كتاب رنين القيد -عنان زاهي الشلبي-
- الليلة الأولى رواية تحارب الشعوذة والعادات البالية
- التألق في قصة -درب الفردوس المفقود- تقى مسعود
- الذاكرة الفلسطينية في كتاب -الذاكرة الحية- أحمد صالح جربوني
- رواية سعيد وزبيدة محمود شاهين
- تماثل الشخصيات في رواية -أصابع امرأة نيئة- هدى حواس
- الرمزية في رواية -العائد إلى سيرته- باسل عبد العال


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - بناء أمريكا في رواية -شعلة الأمومة- بس ستريترا لريش، ترجمة حسن بحبوح