أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حاتم الجوهرى - المتون العربية بين الكتلة الجغرافية والجغرافيا الثقافية الرافعة















المزيد.....

المتون العربية بين الكتلة الجغرافية والجغرافيا الثقافية الرافعة


حاتم الجوهرى
(Hatem Elgoharey)


الحوار المتمدن-العدد: 7559 - 2023 / 3 / 23 - 12:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مفهوم الكتل الجغرافية البشرية
إذا كانت الجماعات البشرية عبر التاريخ يحكم تشكلها فضاء جغرافي وظروف طبيعية مواتية، فإنه سرعان ما يشكل اجتماع جماعة بشرية ما في فضاء جغرافي عادات وتقاليدا وأحداثا مشتركة تجمع بينهم في إطار ثقافي عام، وسرعان ما يتحول المشترك الثقافي إلى "مستودع هوية" متراكم يحمل طبقات تاريخية فوق بعضها، وتكون أبرز السمات الفطرية والجمعية عند هذه الجماعة البشرية وأفرادها هي الدفاع عن محددات هذا المستودع عند تعرضها للخطر.. وهناك علاقة طردية بين دفاع الجماعة البشرية عن مستودع هويتها وبين تحقق الفضاء الجغرافي وتفعيله بوصفه كتلة جغرافية واحدة فاعلة تتدافع مع الكتل الجغرافية الأخرى في العالم.

الجغرافيا الثقافية الرافعة
وإذا وجدت جماعة بشرية ما نفسها في حالة من التراجع الحضاري بحيث تدفعها للوراء وتتمدد على حسابها الكتل الجغرافية الأخرى التي تقع على تخومها أو بجوارها، فإن هذه الجماعة عليها أن تراجع حضور المشترك الثقافي الذي كان يجمعها عبر التاريخ، وعليها أن تنشط هذا المشترك لتبدأ في خلق حالة جماعية من الرفض لتمدد الكتل الجغرافية الأخرى على حسابها، وهو ما يدفعنا للقول بإمكانية وجود نظرية ثقافية فاعلة جديدة للذات العربية في القرن الحادي والعشرين، تقوم على مبدأ تفعيل المشترك الثقافي بين البلدان العربية أو ما يمكن تسميته بنظرية "الجغرافيا الثقافية الرافعة"، التي ترى أن الكتل الجغرافية التاريخية في مرحلة التراجع الحضاري لابد أن تبدأ بتفعيل الجغرافيا الثقافية واستعادة المشترك الثقافي الممتد على طول تلك الكتلة الجغرافية.

المتون العربية ونظرية الجغرافيا الثقافية الرافعة
من هنا يمكن لنا أن نربط بين تصور استعادة المتون العربية وبناء سردية جديدة للذات العربية في القرن الحادي والعشرين، وبين النظرية الثقافية عن الجغرافيا الثقافية الرافعة. فهذه النظرية من أجل بناء المتن العربي الجديد تبدأ بالمشترك الثقافي، وإدارة التنوع وتفكيك التناقضات، وصولا إلى تحقيق التفاهم في القضايا الخلافية والاستراتيجية وفق مبدأ المصلحة المشتركة، وتجاوز إرث مرحلة ما بعد الاستعمار التي تركت تناقضات حدودية وسياسية مركزية تنشطها عند الحاجة، انظر قضية الصحراء المغربية وملف حلايب وشلاتين، وغيرهم من سياسات الانتصار للهوامش التي فجرت التناقض في تنوع الذات العربية المختارة بوصفها حالة ثقافية عامة وجامعة، وكذلك عبر إدارة حوار استراتيجي بين المراكز التاريخية القديمة في الكتلة الجغرافية العربية التي تتمثل في مصر والعراق والشام، وبين المراكز الصاعدة في الخليج العربي، وبين حضور المراكز في المغرب العربي.. لتقليل الفجوة في مساحات التباين واعتبار "مستودع الهوية" العربي معيارا لضبط الجميع، بعيدا عن تكتيكات تفجير التناقضات التي يتم استخدامها حاليا لبث الفرقة والنزاع بين المراكز القديمة والصاعدة.

الكتلة الجغرافية العربية
بين الجغرافيا الثقافية والطبيعية والسياسية
والحقيقة أن "الكتلة الجغرافية" العربية، وتفعيل "الجغرافيا الثقافية" فيها بصفتها مفهوما رافعا يعمل كمنصة للانطلاق منه، سيؤدي إلى تصور سياسي عام أو حزمة سياسات مرتبطة، بين الثقافي والاقتصادي والسياسي (فلسفة متكاملة لاستعادة المتن العربي وتجاوز هيمنة المتون الأخرى)، فإذا بدأنا في المجال الثقافي بنظرية الجغرافيا الثقافية الرافعة، سنصل في المجال الاقتصادي لما هو تجاري واقتصادي يقوم على تنوع الموارد أو ما يمكن تسميته بـ"الجغرافيا الطبيعية"، وصولا في المجال السياسي إلى "الجغرافيا السياسية" والتقارب في مصالح البلدان العربية في مجمل "الكتلة الجغرافية" التي تتواجد بها هذه الدول.
ذلك لأن الجماعات البشرية لها "كتلة جغرافية" معينة تتحرك فيها عبر التاريخ، وأنه لكي تستعيد جماعة ما متنها القوي وحضورها بأفكار جامعة عليها أن تتحرك في هذه "الكتلة الجغرافية" الخاصة بها، وفق مفهوم "الجغرافيا الثقافية" لتفعيل المشترك الثقافي التاريخي فيما بينها، حيث تعد "الجغرافية الثقافية حقلا يهتم بالعناصر الثقافية وأثر الجغرافيا وفيها، وترى أن عناصر الجغرافيا الثقافية لا تتطابق بالضرورة مع حدود الدولة أو إقليم معين..."(1)، أو يمكن عكس التعريف السابق بمعنى أن عناصر الجغرافيا الثقافية يمكن أن تحقق التكامل داخل الدول أو الإقليم الذي تتشابه فيه أو تتوزع فيها مشتركات ثقافية على مدى تضاريسه الطبيعية.

استراتيجية الجغرافيات الثلاثة
حزمة سياسات عامة رافعة
وهنا تبدو أهمية "الجغرافيا الثقافية" لـ"الكتلة الجغرافية" العربية وذلك حتى تعمل "الجغرافيا الثقافية" كمنصة أو محطة أولى لتأسيس المتن الجامع لتلك الجماعة البشرية، وتنطلق منها إلى "الجغرافيا الطبيعية" وتبادل الموارد والاقتصاد والتجارة التي تقوم على التنوع الجغرافي في تلك "الكتلة الجغرافية"، وصولا إلى "الجغرافيا السياسية" والتقارب في وجهات النظر السياسية ومحركاتها ودوافعها التي تحكم تلك "الكتلة الجغرافية" العربية، فيما يمكن تسميته باستراتيجية الجغرافيات الثلاثة التي مركزها الجغرافيا الثقافية، ثم "الجغرافيا الطبيعية"، وصولا إلى "الجغرافيا السياسية"، فهي استراتيجية تعمل من المستوى القاعدي الجماهيري الثقافي وتفعيله، مرورا بالتبادلات التجارية والاقتصادية والموارد الطبيعية المتنوعة، وصولا للتنسيق السياسي وتقارب المتون السائدة في الكتلة الجغرافية العربية التي تمثل مجالا واحدا عبر التاريخ.

الجغرافيا الثقافية بداية
حيث ستحقق استراتيجيات الجغرافيات الثلاثة استعادة المتن العربي في القرن الحادي والعشرين، وفي مجال كتلته الجغرافية التاريخية الهدف المنشود، عبر الانطلاق من الجغرافيا الثقافية المشتركة في المنطقة العربية التي تعتمد على "المشترك الثقافي" وفلسفته لتأسيس متن ثقافي ناعم ومشترك جمعي بين بلدن المنطقة، لتضع الأساس لجغرافيا ثقافية متفاعلة كاستراتيجية أولى للمتن العربي الجديد وبناء المشترك الثقافي عند المواطن العربي، ثم تتحرك من الجغرافيا الثقافية ومتنها المشترك إلى "الجغرافيا الطبيعية".

الجغرافيا الطبيعية كخطوة ثانية
بمعنى أن روح المشترك التي ستؤسس لها الجغرافيا الثقافية والمشترك الثقافي في البلدان العربية، ستؤسس لحس تعاوني وتفاعلي بين البلدان العربية يجعل من الضروري والمنطقي تفعيل "الجغرافيا الطبيعية" والتكامل الطبيعي والاقتصادي والتجاري بين تلك البلدان، باستغلال التنوع الطبيعي في جغرافيا البلدان العربية وما صاحبه من تنوع في الموارد، لتحدث عملية تبادل تجاري، واقتصادي واسعه بين هذه البلدان المتجاورة والمحب كل منها للآخر في تفعيل للاستراتيجية الثانية أي "الجغرافيا الطبيعية".

الجغرافيا السياسية وذروة النموذج المعرفي
ثم بعد التأسيس لما هو ثقافي وروحي ونفسي في "الجغرافيا الثقافية" والتأسيس لما هو تجاري واقتصادي ومادي في "الجغرافيا الطبيعية" والتكامل الطبيعي، يتم الانتقال إلى الاستراتيجية الثالثة و"الجغرافيا السياسية"، وذلك عندما يتم التأكيد على المشترك الثقافي/ النفسي/ الروحي عند الشعوب العربية، والتأكيد على المشترك المتنوع الطبيعي/ الاقتصادي/ التجاري، يكون قد تم التأسيس القاعدي أي من أسفل إلى أعلى لمستوى استراتيجية "الجغرافيا السياسية"، والتقارب في الرؤى السياسية التي ستدافع عن "مستودع الهوية" العربي الذي تم التأكيد عليه بالفعل من خلال "المشترك الثقافي" والجغرافيا الثقافية، والتقارب في المصالح الواقعية واليومية والاقتصادية الذي تم التأكيد عليه من خلال تفعيل التكامل المبني على التنوع في الموارد و"الجغرافيا الطبيعية"، لنصل لمرحلة المتون العربية المحققة عندما تتراصف أو تتحقق الجغرافيات الثلاثة واستراتيجياتها المبنية على: الثقافي- الطبيعي- السياسي، لتصبح الجغرافيا الثقافية كاستراتيجية أولى في بناء المتن العربي الجديد واستعادته، مشتركا رافعا يستعيد الذات العربية ويرفد متنها في القرن الحادي والعشرين..

الكتلة الجغرافية العربية
وضرورة الوعي باستراتيجيات الجغرافيات الثلاث
لاستعادة المتن العربي الجديد والممكن والكامن في القرن الحادي والعشرين، يجب الوعي بمفهوم "الكتلة الجغرافية" الجامعة وربطه باستراتيجية الجغرافيات الثلاث، تلك الكتلة التي تعبر تاريخيا عن الحضور المشترك لجماعة بشرية جمعتها عبر الأزمان والأحقاب المتوالية المشتركات الثقافية والطبيعية والسياسية، من ثم يصبح الوعي بهذه "الكتلة الجغرافية الجامعة" وتفعيلها عربيا مسألة محورية في استعادة ذلك المتن العربي الغائب، لتضبط العديد من التشتتات والانحرافات التي ظهرت في "الكتلة الجغرافية العربية" الجامعة، وجعلت المتن الجامع يتحول لتناقضات متفجرة هوياتيا وطبيعيا وسياسيا.
إذ يؤكد هذه المفهوم -أي مفهوم "الكتلة الجغرافية الجامعة"- وعبر البدء بالجغرافيا الثقافية وتفعيل مشتركاتها أو نظرية الجغرافيا الثقافية الرافعة، بأن منطقة شمال أفريقيا ومصر والسودان وشبه الجزيرة العربية والشام والعراق، تمثل وحدة واحدة بمفاهيم الجغرافيا الثلاث الثقافية/ الطبيعية/ السياسية، وبهذا يتحقق التفاعل بين مفاهيم أو مستويات الجغرافيا الثلاثة، أي "الجغرافيا الثقافية" و"الجغرافيا السياسية" و"الجغرافيا الطبيعية"، ولكن لابد من تفعيل الجغرافيا الثقافية كمنصة للانطلاق والبدء منها، من أجل مواجهة واقع المتون العربية التي تعرضت لتفجير التناقضات في الفترة الماضية خاصة في مرحلة ما بعد الاستقلال، وصولا إلى مرحلة ما بعد الثورات العربية الجديدة في القرن الحادي والعشرين.




هوامش:

1- سمير الخليل، دليل مصطلحات الدراسات الثقافية والنقد الثقافي: إضاءة ثقافية للمفاهيم الثقافية المتداولة، دار الكتب العلمية (لبنان)، 2015م، ص138



#حاتم_الجوهرى (هاشتاغ)       Hatem_Elgoharey#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المتون العربية الجديدة بين دوري الثقافة والحضارة
- المتون العربية وتفكيك غواية الأيديولوجيا المضادة
- مناهج وفلسفات: منهج الدرس الثقافي الحر/ القيمي
- مفاهيم وفلسفات: الذات العربية المختارة
- مفهوم المتون العربية وفلسفته في القرن ال21
- إعادة توظيف التراث ومستودع الهوية المصري
- الإبراهيمية بين حوار الأديان وصدام الحضارات.. أزمة الفهم وال ...
- زوبعة بيت العائلة الإبراهيمية في سياقها الثقافي.. أم سياقها ...
- الدراسات الثقافية العربية المقارنة بين فلسفتين
- استعادة المتن العربي وفرضية الجغرافيا الثقافية الرافعة
- انقلاب ألمانيا وأزمة المسألة الأوربية والذات العربية
- الدراسات الثقافية العربية المقارنة: بيان الرؤية والطموح
- لا لصفقة القرن المعدلة: مقاربة تسكين تناقضات الهوية العربية
- مبعوثة بريطانيا.. وخطورة تدويل القرن الأفريقي على مصر
- الدراسات الإنسانية بين اليقين الوصفي والاحتمال المستقبلي
- قمة السلام.. الصين في فضاء مصر الأفريقي
- بريطانيا والمسألة الأوربية بين التفكك وإعادة الإنتاج
- رؤية فكرية للحوار الوطني: الفرصة البديلة للتحول الطوعي لدولة ...
- حرب الأعلام: صراع الرمز مع صفقة القرن المعدلة
- ماكرون والمسألة الأوربية بين التفكك وإعادة الإنتاج


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حاتم الجوهرى - المتون العربية بين الكتلة الجغرافية والجغرافيا الثقافية الرافعة