أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - حاتم الجوهرى - مبعوثة بريطانيا.. وخطورة تدويل القرن الأفريقي على مصر















المزيد.....

مبعوثة بريطانيا.. وخطورة تدويل القرن الأفريقي على مصر


حاتم الجوهرى
(Hatem Elgoharey)


الحوار المتمدن-العدد: 7290 - 2022 / 6 / 25 - 22:34
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


ردا على قيام الصين بعقد "المؤتمر الأول للصين والقرن الإفريقي حول الأمن والحوكمة والتنمية" الأسبوع الماضي، والذي عرف أيضا بمؤتمر السلام الأول في القرن الأفريقي، قامت بريطانيا في اليوم الثاني مباشرة لانعقاد المؤتمر بالإعلان يوم الثلاثاء الماضي أيضا 21 يونيو 2022م عن تعيين مبعوث خاص بها لمنطقة القرن الأفريقي، وهي سارة مونتغمري المسئولة السابقة عن قسم الخليج واليمن وإيران، في الأمن القومي البريطاني.
والجدير بالذكر أن البيان الرسمي للحكومة البريطانية على موقعها يوم الثلاثاء الماضي ذكر أن مهام ساره مونتجمري ستتعلق بـ"إدارة التحرك البريطاني أمام النشاط الدولي في منطقة البحر الأحمر، والتباحث مع الفاعلين الأساسيين على ضفتي البحر الأحمر وما وراءه"(1)
وكانت الصين قد عينت مبعوثا خاصا للقرن الأفريقي في فبراير من هذا العام 2022م وهو شو بينج، مع الإشارة إلى أن أمريكا كانت قد عينت جيفري فيلتمان مبعوثا خاصا بها للقرن الأفريقي في أبريل من العام 2022م وخلفه ديفيد ساترفيلد السفير الأمريكي السابق في تركيا، ثم تم الإعلان هذا الشهر أن مايك هامر سوف يتولى المهمة!
وحين نراجع تصريحات المبعوث الأمريكي الأسبق فيلتمان وإشارته لتأزم الموقف قبيل التجهيز لرحيله بداية هذا العام، ونضعها إلى جوار تصريحات المبعوث الصيني في المؤتمر الأسبوع الماضي عن رغبة الصين في دعم سياسات عدم التدخل الدولي في شئون القرن الأفريقي، ونضعها أيضا إلى جوار بيان الحكومة البريطانية عن هدف تعيين المبعوث الخاص بها لمواجهة النشاط الدولي في المنطقة.. سنجد أننا أمام احتمالات متعددة لتدويل الملف على أساس الصراع الدولي وليس على أساس الهيمنة من جانب واحد.
ولسوء حظ مصر والسودان؛ تصادف أن الاستقطاب الدولي الجديد في القرن الأفريقي سيكون على حساب مصالح كل من البلدين، يمكن القول أننا سنواجه مرحلة جديدة من العلاقت الدولية في ملف القرن الأفريقي بالنسبة للصين، وذلك مع الإشارة إلى أن روسيا حققت بالفعل مرادها من الملف عندما تدخلت بكل ثقلها لتغيير كفة الموازين لصالح النظام الأثيوبي في مواجهة تيجراي وقوى المعارضة العام الماضي، لكن الذي يجب أن نستعد له بقوة من الآن هو ماسيحدث عاجلا أو آجلا في الملف من عملية تدويل وصراع للمحاور الدولية.
التدخل الدولي قديما كان يقوم على الحياد أو التحفظ الصيني إزاء السياسات الأمريكية والغربية، ولكننا لسوء الحظ سوف نشهد مرحلة جديدة من الدبلوماسية الدولية في القرن الأفريقي، الصين سوف تدعم سياسات عدم التدخل الأممي أو الدولي وأمريكا وأوربا سوف ترغب في العمل وفق الطريقة المعتادة لتوظيف المظلة الأممية والدولية، لكن الصين هنا تملك حق الفيتو لوقف الأسلوب الأمريكي المعتاد، لنكون أمام محطة جديدة في تشكيل النظام العالمي الجديد، سوف تقف فيه الصين بكل قوة على عكس ما يتوقع البعض، فالصين تتحرك بهدوء وبطئ شديد لكنها حينما تتحرك فلا مجال لتراجعها أبدا.
الخطير في الأمر وتدويل ملف القرن الأفريقي أن الصين وروسيا يتبنيان لأسباب كثيرة الموقف الأثيوبي، ربما لإحداث الاستقطاب ومواجهة النفوذ الأمريكي الذي اختار في فترة ترامب أن يضغط على أثيوبيا في ملف "سد النهضة" بهدف المناورة مع مصر كي تمرر صفقة القرن ولا تقف لها بالمرصاد، مستغلا ضغوط الوضع الداخلي على الإدارة السياسية المصرية، من ثم تبنت الصين وروسيا بالتبعية الموقف المضاد لأمريكا مع الإشارة لأسباب موضوعية تتعلق بأن الصين وروسيا دولتي منابع لأنهار تمتد خارج حدودهما، ولا يريدان سابقة أممية قد تستخدم ضدهما في مرحلة ما.
ويكاد القرن الأفريقي أن يصبح ملفا ممتلأ أو بالتعبير المعروف "Full House" ، فبالإضافة للمبعوثين الثلاثة الأمريكي والصيني والبريطاني تحضر روسيا بقوة من خلال سفيرها في أثيوبيا، وتحضر القوى الخليجية بأجندة بناء نفوذ خاص بها لس من الضرورة أن يكون في صالح مصر، ولا تملك مصر أوراق ضغط قوية على هذه القوى نظرا لحالة التراجع الاقتصادي التي تمر بها والاستقطاب السياسي الداخلي، كما يحضر الاتحاد الأوربي في الخلفية ورغم أنه أصدر بيانا مؤخرا يدعم الموقف المصري، إلا أن الاتحاد الأوربي لم يطور تصورا مستقلا للحضور على المستوى الدولي يمكن الاعتماد عليه بقوة.
ليبدو أن مكمن الخطورة الشديدة هو إمكانية تحول الملف إلى حالة من الجمود أو "قسمة الغرماء"، فلا يستطيع فاعل من الفاعلين الدوليين أن يحقق انتصارا حاسما، وبالتالي لا يستطيع طرف أو فاعل محلي أن يتحرك في ظل التدويل والاستقطاب الشديد بالمنطقة وحضور المحاور الدولية فيها، خصوصا في ظل تحويل أثيبوبيا خطاب البان أفريقانيزم وعموم أفريقيا إلى خطاب للأفروسنتريزم والعنصرية السوداء المشوهة والمتطرفة ضد مصر بإيحاء وتخطيط صهيوني واضح.
المشكلة أننا صرنا نتحرك متأخرين خطوة أو خطوتين في ملف القرن الأفريقي وأزمة سد النهضة، وصرنا رد فعل للتدافعات الدولية نتحرك على هامشها ولا نطرح المبادرة الاستباقية كثيرا، كانت هناك عدة فرص للحركة في الملف في فترة كورونا، لكن الكوادر الدبلوماسية ومجموعات العمل في الملف لم تكن تملك الخبرة الدولية والمعرفية الكافية لتطرح خطوات استباقية تجمع بين السياسات الناعمة والخشنة أمام الفاعلين الدوليين والمحليين.
والآن أصبح الملف فجأة أكثر تعقيدا سيحتاج لمضاعفة الجهود المبذولة من مجموعات العمل القائمة عليه، وسيحتاج رفدا ودعما نوعيا على مستوى الخطاب الدبلوماسي والخلفية القانونية لإجراءات عمل الأمم المتحدة، وستحتاج مصر عموما إلى عملية تغيير شاملة في سياساتها الخارجية وضبط روافدها الداخلية، لأن الوضع الدولي أصبح شديد السخونة، بما يتطلب استعادة "المشترك المجتمعي" المصري داخليا وتقوية الجبهة الداخلية وتجاوز مرحلة الاستقطابات، فالأمر كان خطرا وأصبح الآن شديد الخطورة على الأمن القومي لمصر، وأصبحت مقدرات الحياة الخاصة بالشعب المصري العظيم نفسه مهددة للمرة الأولى في التاريخ.
ناقوس الخطر أن يتحول "سد النهضة" إلى سابقة تتبعها أثيوبيا –ومن خلفها الصهيونية وأمريكا طبعا التي تدعي أنها تقف مع مصر- بسلسلة من السدود للتحكم في قرار مصر السياسي، والأخطر أن يؤثر الأمر على "المكانة الناعمة" و"الصورة الذهنية" لمصر ويتجرأ عليها عابري السبيل بعدها.
الحقيقة أنه لا يمكن أبدا الثقة في الأمريكين إنهم يعتمدون على مبدأ تفجير التناقضات، والذي يتصور أنهم –ومن خلفهم الصهيونية معنا يكون مخطئا تماما- بل وربما هي حبكة أمريكية لتمرير مخططاتها، ولا يمكن نسيان أن مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يتم تمريره الآن تحت ستار "الاتفاقيات الإبراهيمية"والذي ظهر في تسينيات القرن الماضي، صاحبه ايضا طرح مشروع "القرن الأفريقي الكبير في التوقيت نفسه، بهدف ان تسيطر امريكا على المنطقتين الأبرز في آسيا وأفريقيا لصالح وبواسطة "إسرائيل"، المشكلة الحقيقية أن ما يحدث قد يكون إلهاء سياسيا بغرض إخضاع مصر للإرادة الأمريكية والصهيونية.
مصر في حاجة إلى تصور سياسي خارجي جديد في ظل عالم يعيد تشكيل نفسه بقوة وحدة وشراسة، ولكم طرحنا أن خطاب "ما بعد المسألة الأوربية" هو أفضل الخطابات المناسبة لمصر في مواجهة "إعادة إنتاج المسألة الأوربية" التي تجري حاليا على قدم وساق، مهما حاولت الإدارة السياسية الحالية من تحركات خشنة وناعمة دون وجود رؤية سياسية كلية فلن تكون هناك أرضية ثابتة للدولة المصرية في المشهد الإقليمي والدولي، الاعتماد على بعض تصورات القوة الخشنة دون تصور لقوة ناعمة واضحة مصاحبة طويلة الأجل وواضحة، لن يكون في صالح محصلة القوة المصرية في النهاية ولا في صالح أمنها القومي، غياب الكوادر الفاعلة والشخصيات القادرة في حقيبة الخارجية المصرية وغياب التصورات السياسية والفكرية المصاحبة لها، سيؤدي إلى استمرار النزيف المصري.
لابد من مركز للقوة الناعمة للبناء عليه سوى ذلك سوف نكون رد فعل للمحاور والفاعلين الدوليين، ورد فعل للمحاور الإقليمية الناشئة بأجندتها الخاصة لبناء نفوذ خاص بها، وللمرة الأولى سوف تصير مصر التاريخية ممهددة في وجودها ذاته، مصر باعتبارها التجمع البشري على ضفاف وادي النيل، سوف تصبح مهددة وجوديا ربما للمرة الأولى عبر التاريخ.


هوامش:

1- جريدة الأهرام المصرية بتاريخ 22/6/2022م
https://gate.ahram.org.eg/News/3579391.aspx



#حاتم_الجوهرى (هاشتاغ)       Hatem_Elgoharey#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدراسات الإنسانية بين اليقين الوصفي والاحتمال المستقبلي
- قمة السلام.. الصين في فضاء مصر الأفريقي
- بريطانيا والمسألة الأوربية بين التفكك وإعادة الإنتاج
- رؤية فكرية للحوار الوطني: الفرصة البديلة للتحول الطوعي لدولة ...
- حرب الأعلام: صراع الرمز مع صفقة القرن المعدلة
- ماكرون والمسألة الأوربية بين التفكك وإعادة الإنتاج
- اتفاقية نفاذ السلع.. مآلات تمرير صفقة القرن المعدلة
- مصر واجتماع النقب: الأوراسية ونسخة الديمقراطيين من صفقة القر ...
- فلسفة المشترك الثقافي: نحو مدرسة لدراسات ثقافية عربية مقارنة
- نحو مشروع ثقافي للقاهرة كعاصمة للثقافة الإسلامية
- الأوراسية الجديدة والثورات العربية: قرارات 25 أكتوبر بالسودا ...
- الجمهورية الجديدة بين البناء والإدارة والإنتاج والثقافة
- مصداقية الوزير التائهة بين رئيس العبور الجديدة والهيئة
- البيرسونا الافتراضية: ثورة المجتمع الافتراضي بانقطاع الفيس ب ...
- قاسم المحبشي بين الذات العارفة والتمثل المؤجل
- القانون وامتناع وزير الإسكان عن الرد على تظلم العبور الجديدة
- الأوراسية الجديدة وأثرها على مصر: عودة الخطاب الأثيوبي المتش ...
- ردا على تصريحات الوزارة وجهاز العبور الجديدة
- ما الدولة واللا دولة.. في العبور الجديدة
- مراد وهبة أسطوريا: خطاب الاستلاب فيما بعد صفقة القرن


المزيد.....




- إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟ ...
- الرئيس السابق للاستخبارات القومية الأمريكية يرد على الهجوم ا ...
- وزير خارجية الأردن لنظيره الإيراني: لن نسمح لإيران أو إسرائي ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع أنبا ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع وأنباء عن ضربة إسرائيلية على أ ...
- انفجارات بأصفهان بإيران ووسائل إعلام تتحدث عن ضربة إسرائيلية ...
- في حال نشوب حرب.. ما هي قدرات كل من إسرائيل وإيران العسكرية؟ ...
- دوي انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود على إيران- وسط نفي إيراني- لحظ ...
- -واينت-: صمت في إسرائيل والجيش في حالة تأهب قصوى


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - حاتم الجوهرى - مبعوثة بريطانيا.. وخطورة تدويل القرن الأفريقي على مصر