أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - حاتم الجوهرى - الدراسات الثقافية العربية المقارنة بين فلسفتين














المزيد.....

الدراسات الثقافية العربية المقارنة بين فلسفتين


حاتم الجوهرى
(Hatem Elgoharey)


الحوار المتمدن-العدد: 7540 - 2023 / 3 / 4 - 12:32
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


فلسفة العلم يجب أن تنبع من السياق الواقعي والظرف التاريخي الخاص بكل جماعة إنسانية، فلا توجد فلسفات بشرية مجردة صالحة لكل الجماعات وكل الأوقات سوى التوجهات الكبرى في الطبيعة البشرية وتنوعها الفطري في قدرتها على الصمود ومواجهة التحديات من عدمه، والتنازع بين المصلحة الفردية والمصلحة الجماعية.
وإذا اعتبرنا أن التاريخ البشري ليس مسطرة أو خطا مستقيما يسير في نوع من الثبات والرتابة، لوجدنا أن حال الجماعات البشرية ينتقل بين قوة وضعف، نهضة وتراجع، فسيادة النموذج الحضاري في الجماعات البشرية هو أمر يخضع للتداول ولا يستقر أبدا عند جماعة بشرية ويصبح إرثا تحتكره وتظن أنها وصلت بها لذروة الوجود البشري وفلسفاته (المسألة الأوربية والنظرية المطلقة المثالية أو المادية أنموذجا).
وبين حالة القوة وحالة الضعف تظهر فلسفات أو تصورات بشرية تقترح على الجماعة الإنسانية طرقا كلية وأفكارا رئيسية للحياة، وفي حالات الضعف يظهر استقطاب رئيس داخل الجماعة البشرية وفلسفاتها، استقطاب بين الواقعيين الماديين الذين يتذرعون بطبيعة الوجود الحالي المتراجع، وبين المثاليين والحالمين والأبطال الذين يدافعون عن المتخيل والغائب والذاكرة التي تحمل حالة القوة والصعود الحضاري.
بل وربما إذا أجرينا تجربة اجتماعية وأخذنا مجموعة من الأطفال الصغار، ووضعناهم على جزيرة وتركناهم ليكبروا في مجتمع بلا ذاكرة ولا استقطاب، لكان التنوع البشري حاضرا في النفس البشرية رغم ذلك..، ليميل بعض أفراد المجتمع الجديد نحو المثال والحلم والخيال وصالح الجماعة والجزيرة كلها، ومال بعض أفراد المجتمع الجديد إلى ما هو واقعي ويومي ومادي ومرتبط بالوجود الحقيقي والمصالح الفردية والشخصية القريبة واللصيقة بالفرد دون تلك الجزيرة.
من ثم على كل فلسفة جديدة أن تعلن انتصارها لوجة نظر ودفاعها عنها في سياق الجماعة الإنسانية التي تنتمي لها، هنا أجد أنه لزاما عليَّ أن أوضح اختيار مدرسة "الدراسات الثقافية العربية المقارنة" والنسق الثقافي الذي تنتمي إليه وتدافع عنه..
إن مدرسة الدراسات الثقافية العربية المقارنة تأتي في لحظة تراجع حضاري عربي، وتمدد للمقاربات الحضارية الأخرى المحيطة به إقليميا (المشروع الصهيوني- المشروع الإيراني- المشروع التركي- مشروع "المركزية السوداء" العنصرية)، ودوليا (انعاكسات مشروع "الأوراسية الجديدة" الروسي- استقطابات مشروع "الحزام والطريق" الصيني- هيمنة المسألة الأوربية ومشروع "الليبرالية الديمقراطية" بعد هزيمة الشيوعية).. من ثم فهي لا تصطف في جانب الواقعيين والماديين والوجوديين –دون أن تعاديهم لأن ذلك طبيعة وتنوع بشري تاريخي- وتروج للازدهار الحضاري الخاص بالآخر العالمي أو الإقليمي، إنما هي تصطف في جانب الحالمين والمثاليين وتنظر في أسباب تراجع الذات العربية وتبحث عن طرق استعادتها لنهضتها وخروجها من تراجعها مرة أخرى.
وفي الوقت نفسه فإن هذه المدرسة العلمية والفلسفية الجديدة بالوعي الكافي كي لا تقع في الجدل العبثي بين الطبائع البشرية في الحالة العربية، بين دعاة فريق "الاستلاب للآخر" الحضاري ودعاة فريق "التمترس حول الذات" الدعائي! هي مدرسة علمية تسعى لتقديم البدائل المستقبلية واستشراف السيناريوهات الممكنة للعبور للمستقبل، وهو وعي بالتنوع البشري وطبائعه ليس إلا، واختيار يقوم على الحركة في منطقة البناء وليس الجدل الوجودي المجرد بين طبائع يحكمها الواقع في نهاية الأمر، فلو انتصرت الذات العربية لمال لها فريق الواقع والمادة والوجود المعاش بطبيعة الحال، ولو استمر تراجع الذات العربية ما تخلى عنها فريق الاستعادة والحلم والمتخيل والمثال رغم كل شيء..
لذا فإن مدرسة الدراسات الثقافية العربية المقارنة اختارت أن تعمل في منطقة طرح المقاربات وبناء التصورات، بعيدا عن الجدل الوجودي المجرد بطابعه النفسي الصرف بين فريق الاستلاب للآخر الحضاري وفريق التمترس الدعائي حول الذات العربية.
ووضعت مدرسة الدراسات الثقافية العربية المقارنة لنفسها فلسفتين عملت عليهما بالفعل في مؤتمرين علميين عربيين موسعين (بين مصر وتونس واليمن)، شارك في الأول أكثر من 20 باحثا وفي الثاني أكثر من 30 باحثا، الفلسفة الأولى هي فلسفة "المشترك الثقافي" والفلسفة الثانية هي فلسفة "إدارة التنوع وتفكيك التناقضات".
والفلسفتان تأتيان من طبيعة الظرف الخاص بالذات العربية، وكبديل واقعي ونمط حياتي جديد بدلا من فلسفات الانتصار للهوامش وتفجير التناقضات، التي وقع فيها دعاة فريق الاستلاب الحضاري للآخر المتفوق والباحثين العرب الذين عملوا على الدراسات الثقافية الغربية –بحسن نية أو بدون- التي نشأت في بريطانيا، بفلسفاتها التي عبرت عن السياق الأوربي وهزيمة اليسار وبحثه عن مجالات فرعية للتعبير عن وجوده الرمزي، مثل الانتصار للمهاجرين والأقليات اللغوية الوافدة والسياسات النسوية والـ"عبر جنسية" (الشذوذ)...
حيث رأت مدرسة "الدراسات الثقافية العربية المقارنة" أن "دراسة الحالة" العربية خرجت بمشاهدات قاسية، لرواج فلسفة الدراسات الثقافية الغربية وفلسفاتها عن تفجير التناقضات والانتصار للهوامش، من ثم خرجت ببديل علمي وفلسفي وهو فلسفة "المشترك الثقافي" وفلسفة "إدارة التنوع وتفكيك التناقضات"، بحثا عن اللُحمة والسعي في طريق الاستعادة الحضارية للذات العربية وتجاوز التناقضات التي وقعت فيها، مع إرث القرن العشرين رد الفعل للمسألة الأوربية وهيمنتها الحضارية والثقافية، ومنحها "تقييما اتفاقيا" عالميا عاليا.
والحقيقة أن مدرسة الدراسات الثقافية العربية المقارنة يجب أن تستمر وتجتهد في سعي جاد للوصول إلى نسق علمي وفلسفي متكامل، يقدم حزمة متكاملة ومتعاضدة من القيم للذات العربية، ويربط بين السياسات الثقافية والعلمية والأكاديمية والنظريات الأدبية.. لأن حالة النهضة هي حالة متكاملة ومتجانسة، ربما تبدأ ببذرة صغيرة لكنها يجب عليها أن تنمو وتكبر وتضطلع بدورها في بناء المستقبل وتحمل مسئوليتها.



#حاتم_الجوهرى (هاشتاغ)       Hatem_Elgoharey#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استعادة المتن العربي وفرضية الجغرافيا الثقافية الرافعة
- انقلاب ألمانيا وأزمة المسألة الأوربية والذات العربية
- الدراسات الثقافية العربية المقارنة: بيان الرؤية والطموح
- لا لصفقة القرن المعدلة: مقاربة تسكين تناقضات الهوية العربية
- مبعوثة بريطانيا.. وخطورة تدويل القرن الأفريقي على مصر
- الدراسات الإنسانية بين اليقين الوصفي والاحتمال المستقبلي
- قمة السلام.. الصين في فضاء مصر الأفريقي
- بريطانيا والمسألة الأوربية بين التفكك وإعادة الإنتاج
- رؤية فكرية للحوار الوطني: الفرصة البديلة للتحول الطوعي لدولة ...
- حرب الأعلام: صراع الرمز مع صفقة القرن المعدلة
- ماكرون والمسألة الأوربية بين التفكك وإعادة الإنتاج
- اتفاقية نفاذ السلع.. مآلات تمرير صفقة القرن المعدلة
- مصر واجتماع النقب: الأوراسية ونسخة الديمقراطيين من صفقة القر ...
- فلسفة المشترك الثقافي: نحو مدرسة لدراسات ثقافية عربية مقارنة
- نحو مشروع ثقافي للقاهرة كعاصمة للثقافة الإسلامية
- الأوراسية الجديدة والثورات العربية: قرارات 25 أكتوبر بالسودا ...
- الجمهورية الجديدة بين البناء والإدارة والإنتاج والثقافة
- مصداقية الوزير التائهة بين رئيس العبور الجديدة والهيئة
- البيرسونا الافتراضية: ثورة المجتمع الافتراضي بانقطاع الفيس ب ...
- قاسم المحبشي بين الذات العارفة والتمثل المؤجل


المزيد.....




- سعيد يأمر باتخاذ إجراءات فورية إثر واقعة حجب العلم التونسي
- بايدن يخطئ مجددا و-يعين- كيم جونغ أون رئيساً لكوريا الجنوبية ...
- شاهد.. تايوان تطلق صواريخ أمريكية خلال التدريب على المقاتلات ...
- عشرات الجرحى جراء اصطدام قطارين في بوينس آيرس
- في أقل من 24 ساعة..-حزب الله- ينفذ 7 عمليات ضد إسرائيل مستخد ...
- مرجعيات دينية تتحرك قضائيا ضد كوميدية لبنانية بعد نشر مقطع ف ...
- شاهد.. سرايا القدس تستهدف الآليات الإسرائيلية المتوغلة شرق ر ...
- شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي لبلدة بشرق خان يونس
- واشنطن: -من المعقول- أن إسرائيل استخدمت أسلحة أميركية بطرق - ...
- الإمارات تستنكر تصريحات نتانياهو بشأن -مشاركتها- في إدارة مد ...


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - حاتم الجوهرى - الدراسات الثقافية العربية المقارنة بين فلسفتين