أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سعود سالم - حرية النساء والفن














المزيد.....

حرية النساء والفن


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7545 - 2023 / 3 / 9 - 00:00
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


منذ ظهور كتاب سيمون دي بوفوار "الجنس الثاني" عام 1949/50، حدث شرخ في صرح التاريخ الأوروبي وتاريخ البشرية الرسمي الذي كان سائدا منذ مئات السنين، شرخ، جعل من الممكن رؤية ما وراء السرد المبتور والمزيّف، الذي تم بناؤه حسب الطلب وعلى مقاس "الرجل" من قبل السلطات ‪والمؤسسات‬ الأبوية على مختلف ألوانها وأشكالها في جميع أنحاء العالم وفي أوروبا تحديدا على مدى العصور المتعاقبة. بعد ثورات 68، الطلابية والعمالية، أزداد هذا التشقق توسعا، مما سمح للنساء، وهن أكثر من نصف سكان الكرة الأرضية، بالتنفس، والتعبير عن أنفسهن، وخلق وتأكيد أنفسهن على أنهن "ذوات فاعلة" مستقلة في حد ذاتها وليست مجرد "آخر" للرجل المهيمن سياسيا وإجتماعيا وثقافيا.
يمكننا اعتبار ولادة وتطور الحركة أو الحركات النسوية، من 68 إلى يومنا هذا، أهم حدث تاريخي منذ اندلاع الحركات العمالية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. لقد أدت لحظات التحرر هذه إلى التشكيك في رؤيتنا للتاريخ الاجتماعي والسياسي والثقافي وأدى إلى خلخلة المعتقدات السائدة، وإلقاء نظرة جديدة على هذا التاريخ المزور، ولا سيما التاريخ الثقافي والفني. إنه عمل ضخم قامت به المئات من الباحثات النسويات، أبحاث شبه أركيولوجية للكشف تحت طبقات كثيفة متعددة من الإغفالات والمحو والإهمال والتزوير والإحتقار، جزءًا كاملاً من تاريخ الفن الذي لا ينتمي للذكورية أصبح متاحا للتأمل والدراسة. بفضل كل هذا العمل البحثي الذي أجرته نساء من العالم الأكاديمي، أزيح الستار عن حقيقة هذا الجانب من النشاط الإجتماعي المسمى بالفن، وأصبح من الواضح اليوم أن "نظام" الفن، كما هو معترف به اليوم كنشاط إقتصادي وفكري وإجتماعي، كما هو مصمم، هو مجال مخصص تحديدا لـ "الذكر الأوروبي البرجوازي"، المفاهيم والمعايير والإنتاج والميزات والشرائع والقوانين الجمالية، كلها مصممة خصيصًا لهذا النموذج الأولي للفنان الذكر.
ومع ذلك، نعلم أنه منذ العصور القديمة أصبح وجود الأعمال الفنية التي هي من خلق وإبداع النساء حقيقة واقعة، ولدينا اليوم الآلاف من أسماء النساء اللائي أنتجن أعمالا فنية سواء في الرسم أو النحت أو الشعر أو المسرح أو الموسيقى أو الرواية .. أو غيرها من الإنتاجات الفكرية والفنية دون يلقى الضوء - ولو ضوء باهت - على هذه الأسماء والشخصيات المبدعة.
يجد نقاد الفن والفنانات النسويات أنفسهن اليوم أمام عدد محدود من الخيارات حول الموقف الذي يجب تبنيه فيما يخص العلاقة بين الفن وتاريخ الفن بـالمرأة التي تعمل في هذا المجال.
أول هذه الخيارات سيكون هو إصلاح "الخطأ" ومحاولة إخراج النساء من هذه المساحات الجغرافية المجهولة، أو إزاحة الظل العملاق للزوج - (على سبيل المثال : جاكسون بولوك Jackson Pollock الذي غطى بشهرته وشخصيته العنيفة موهبة زوجته الفنانة الكبيرة Lee Krasner، جان آرب وزوجته الفنانة صوفي تاوبر Sophie Taeuber-Arp وغيرهم) وإعادة دمجهن في تاريخ الفن الرسمي وإنهاء عملية التهميش، ومحاولة إيجاد فضاءات أو صفحات فارغة في كتاب هذه الملحمة البشرية لتدوين أسماء المئات من النساء الغائبات وإعادة دمجهن في هذه القصة الرسمية. هذا الخيار هو الخيار السائد حاليًا، ويعززه زيادة وصول المرأة إلى مناصب قيادية في المؤسسات الثقافية والفنية، في إدارة المعارض والمتاحف و / أو صالات العرض، والمجلات المتخصصة والنقد الفني، وكذلك الحضور المتزايد الأهمية للمرأة في مجال الفنون التشكيلية والمسرح والسينما والموسيقى بشكل عام. من الواضح أن هذا الاختيار يثبت صحة النظام / نظام الفن الرسمي ولا يشكك في هيكله الأساسي، ولا وظيفته كوسيلة للسلطة، والاغتراب والهيمنة. ولا شك في أن السلطات والمؤسسات الفنية والثقافية الحكومية المختلفة تعمل في هذا الإتجاه بدورها، ليس إيمانا بقضية العدالة أو المساواة بين الرجال والنساء أو لرد الإعتبار للتهميش المتعمد للمرأة منذ مئات السنين، وإنما لأسباب إقتصادية بحثة، وهي تجديد العرض وتنويعه فيما يخص المنتوجات الفنية في الأسواق المتخصصة في هذه السلع.
يمكن وصف هذا الاختيار للنسويات البرجوازيات بأنه خيار إعادة التأهيل والاندماج، أو نسيان الماضي وطي الصفحة أو حتى استعادة تاريخ المرأة من خلال تاريخ مهيمن للفن. وقد تطورت هذه العملية أيضًا في مجالات اجتماعية أخرى، كالسياسة والإقتصاد والمجالات العلمية، حيث هناك سياسة واضحة، من قبل الحكومات الليبرالية لتشجيع النساء في المزيد من الإشتراك في الحياة السياسية للمنظمات والجمعيات والأحزاب السياسية وفي الإنتخابات. إن هدف هذه السياسة، بالنسبة للمرأة البرجوازية، هي أخذ مكانها تحت الشمس ومشاركة الرجل في ميزاته الإجتماعية - الإقتصادية والسياسية، أي أخذ حصتها كاملة في جميع المجالات. وتعتبر هؤلاء النساء، أن تعيين النساء في وظائف رئاسية وقيادية، رئيسة وزراء، وزيرة للجيش أو رئيسة البنك الدولي هو إنتصار لحقوق المرأة وخطوة في الطريق الصحيح للمساواة الكاملة. دون التساؤل حول معنى هذا "التعاون" للنساء في نظام يستغل ويهمش غالبية السكان، وخاصة النساء.

يتبع



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغضب الساطع الذي لا يأتي
- اللوغوس
- عذاب الحجر
- الطاقة وعقل العالم
- جدلية حرية العبيد
- هاملت والجمل
- الباريدوليا، أو الصور الجانبية
- ظاهرة الأبوفينيا
- هيراقليطس وديمومة التغيّر
- الفيلسوف الغامض
- عقلنة الميثولوجيا
- الفجوة
- بين التوحيد والحلول
- كزينوفان
- المدرسة الإيلية
- العقل اليوناني
- لا يعرف مصلحة الأغنياء سوى الأغنياء
- نهاية النبي المحزنة
- ترنيمة لأبوللون
- العودة للماضي


المزيد.....




- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...
- دراسة: النساء أقلّ عرضة للوفاة في حال العلاج على يد الطبيبات ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سعود سالم - حرية النساء والفن