عدنان سلمان النصيري
الحوار المتمدن-العدد: 7529 - 2023 / 2 / 21 - 11:38
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
وكما اسلفنا في مقدمة الحلقة السابقة بعدم أحقية اي انسان يدعي بأنه حرا بشكل مطلق، ومهما كان زعمه بأنه يمتلك زمام حريته وهوالذي يستطيع أن يفعل ويتصرف كما يشاء، فلم يكن ذلك سوى محض افتراء ومغالطة كبرى بحق الواقع الانساني. فكل إنسان بطبيعته سجين في مجتمعه وفي نوازع نفسه الذاتية، ويكون مؤتمرا لأدواتها المتعددة والمختلفة في عملية الانقياد لهذا التسلط ، وقد تكون خارجية أو داخلية، كلها تحاول أن تكبل الإنسان وترتهنه بنفس اسلوب السجن، وتخضعه لعقوبة الجلد في طريقة مخالفته كسلطة حاكمة، بعيدا عن ممارسة حريته بشكل مطلق.
وكما هو الحال في شكل داخلي آخر جديد نعبر عنه بـ(سلطة الحاجة والنزوة) : والحاجة بوصفها مصطلحًا سلطويًّا متحكمًا في نزعات الإنسان من خلال تحشيد الحوافز والدوافع لامتلاك شيءٌ ضروري تفتقده النفس البشرية بالنَّقص أو الحرمان، سواء كان عاطفيًّا أو معنويًّا أو ماديًّا أو بيولوجيًّا، ويسعى الإنسان بكل الطُّرق المشروعة، وأحيانًا غير المشروعة لتلبية حاجاته التي يفتقر إليها من وجهة نظره، وقد يتفاوت ترتيب الحاجات بأساسياتها وضرورياتها بين الناس وفق درجات التحمل والصبر والاقتدار على التكيف بمقدار شحتها أو بدونها. وعندما تكون الحاجات كمالية للبعض، فقد نجدها أساسية وضرورية جدًا للبعض الآخر. وغالبًا ما تبررها علاقة المصالح كسقف واقعي لتلبية الحاجات المعتمدة في تحقيق المقاصد الضرورية والمهمشة، حسبما يرتئيه الفرد أو الجماعة، وخصوصًا عند تأمين رغبة الطموح أو الطمع ونزعة البقاء في لعبة التنافس.
وما النزوة إلا تعبيرٌ عن الحاجة المتفجرة أو القوة البيولوجية اللاشعورية بالكائن الحي، وهي قوة بيولوجية لاشعورية في حالة نشاط وإثارة مضطردة، أي بمثابة شحنة وطاقة متفجرة توجِّه الفرد نحو هدف القناعة المؤقتة أو الدائمة. وتأخذ سياقًا داخل النفس البشرية استجابةً لرغبة إشباع حاجة الجسد. وبمجرد الإحساس بعملية الإشباع، يصل الفرد إلى درجة الراحة والطمأنينة، بانخفاض الطاقة المستعرة في الجسد وهي في حالة نشاط وإثارة متواصلة، كما في إشباع حاجة الجوع والعطش والرغبة الجنسية وغيرها.
النزوة أيضًا تعتبر مفهومًا وسطيًّا بين ما هو جسدي وما هو نفسي، وحسب فرويد فإن النزوة تتكون من ثلاثة مكونات هي:
اولا) المنبع أو المصدر: وهو الإثارة الداخلية وتولد بعد في الجسد.
ثانيا) الهدف: ويكون بمعنى القضاء على الضغط أو تخفيضه، وهذا بهدف الرجوع إلى الحالة الأولى والسابقة المتمثلة في الهدوء التام.
ثالثا) الموضوع: وهو الشيء الذي بفضله نصل إلى الهدف.
وخير إيجاز لمفهوم النزوة يمكن أن نسوقه في العبارة التالية والتي تقول: (إن كل شيء يملك بداية، سيملك نهاية مشابهة تمامًا لنقطة البداية). وهذه هي أخر جملة ينطقها فايروس العقل حين يدمر البشر ويحولهم لبهائم.
البقية في الحلقة القادمة>>>>>
#عدنان_سلمان_النصيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
إضافة إلى المفضلة
للاتصال بالكاتب-ة
