أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - حنضوري حميد - الذكاء العاطفي















المزيد.....

الذكاء العاطفي


حنضوري حميد
كاتب وباحث في التاريخ

(Hamid Handouri)


الحوار المتمدن-العدد: 7507 - 2023 / 1 / 30 - 00:39
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


مقدمـــــــــــــــــــــــــــــة
يعد الذكاء العاطفي من بين الحقول الحيوية المثيرة للاشتغال. إذ احتل في السنوات الأخيرة حيزا شاسعا في ميدان العلمي والأكاديمي ، كما له مكانة مركزية ومهمة خصوصا في مجال علم النفس بشقيه الاجتماعي و الاكلينيكي. ولهذا لقي اهتماما بالغا وإقبالا خاصَّا من قِبلِ علماء النفس، باعتباره إحدى خاصيات الإنسانية التي تساهم بشكل أساس في النمو والتطور الانسان وجعل حياته متوازنة ومستقرة، و تبني منهجا توليفيّا وتوفيقيّا يجمع بين الفكر العقلي المنطقي والعقل العاطفي الإحساسي لأن من الضروري توفيق بين الطرفين، ولا يمكن الاعتماد طرف واحد في بناء شخصية متزنة ورصين، بالرغم أن كثير من الأشخاص يعتقدون أن التفكير الجيد والسليم لا يستقم إلا بنزع العاطفة وجعلها غائبة وهذا الأمر غير صحيح . وبناء على هذه الفذلكة يمكن القول إن الذكاء العاطفي هو " القدرة على فهم واستخدام وإدارة مشاعرك وعواطفك الخاصة بطرق إيجابية، لتخفيف المشاعر السلبية كالقلق والتوتر والإحباط، والقدرة على التواصل مع المحيطين بك بفعالية أكبر".
1- مجالات استعمال الذكاء العاطفي.
الذكاء الاجتماعي أو الذكاء الوجداني أو الذكاء الانفعالي حتى، كلها مرادفات ذات معاني متقاربة تُعبّر عن "الذكاء العاطفي"، لكن مع تطور المفهوم شيئا فشيئا، أصبح أكثر دقة في التعريف وأصبح المختصين يطلقون عليه " الذكاء العاطفي". كما حاول الباحثين الاشتغال عليه نظريا حتى يجاوز الصبغة التقليدية المعروف به، و الذي يتم حصر معانيه في قوقعة ضيقة تحمل في طياتها أبعاد سلبية في بعض الثقافات. إذ يختصر الذكاء العاطفي من طرف العامة في العلاقة العاطفية الإحساسية والشعورية بين الجنسين لكن في الواقع غير ذلك، أن المفهوم أبلغ من ذلك وأسع، حيث استعت دائرته بشكل كبير لأنه مفهوم علمي وفلسفي شاسع، ولهذا أصبح يستعمل في مجالات أوسع سواء في ميدان التربوي العملي والعلمي أو الأسري العائلي أو الصحي النفسي ...وأكثر من هذا، فلقد ينظر إليه بعض الباحثين على أنه مهارة ناعمة تستوجب العمل عليها بشكل جدي لصقلها، بغية الوصول إلى درجة عالية في تكوين الشخصية الإنسانية ذات أفق واسع وفهم عميق، تستطيع اتخاذ قرارات واعية وصائبة تتوافق مع الميول العقلي والعاطفي لشخص. ولهذا قد يكون الذكاء العاطفي سيف ذو حدين لأنه سر فشل أو نجاح لشخص، فالفشل يكون إذا سيئ استعماله والنجاح يكون إذا استطاع الشخص فهم ذاته وعيها جيدا وامتلاك القدرة على تقديرها وتوجيهها لترجمة أفكاره الداخلية واحتياجاته النفسية الخاصة به بشكل إيجابي.
2- أهمية الذكاء العاطفي
دائما ما يطرح سؤال لماذا الذكاء العاطفي؟ وهو في الحقيقة سؤال مركزي ومهم جدا لأن للذكاء العاطفي أهمية قصوى وإيجابيات عدة في حياة الفرد والمجتمع معا، باعتباره أحدث أنواع الذكاءات اختلافا في الدراسات السيكولوجية. حيث يساهم بالأساس في صنع الشخصية الناجحة والوازنة في المحيط الاجتماعي، تكون لها القدرة على السيطرة والاستلاء على الأحاسيس والعواطف والانفعالات، كما يساعد الذكاء العاطفي على التكيف مع البيئة المحيطة والتعامل معها بشكل إيجابيي، ويساهم أيضا في التخطي الصعوبات و الضغوطات التي تواجه السبيل الشخص، كما أن للعواطف دور غاية في الأهمية في التفكير بصورة سليمة وأكثر صوابًا، من خلال التعاون القائم بين الفكر والشعور، وبين العقل والقلب، وبين العلم والمعرفة، وبين العمل والانسانية، وبالاعتماد على هذه الثنائية المتناغمة والمتكاملة، تمكن الفرد بالخروج برأي نزيه وقرار صائب. كما أنه يعدّ مؤشرا جيدًا و معيار أفضل في تحقيق النجاح الوظيفي. وأكثر من هذا أصبح معيارا مهما بين الشركات وسوق العمل ، يستند إليه في اختيار السير الذاتية المثيرة للإعجاب، أو في قياس نسبة الذكاء العالي لأنه يعتبر من بين التقنيات والمهارات القيادية أكثر نجاحا. ولهذا أضحى الذكاء العاطفي موضوعا في الورشات التدريبية عمل موارد البشرية، وحصص التدريب للشركات، لتكوين مجموعات القيادية، نظرا لما يقدمه الذكاء العاطفي من مستوى الأداء في مكان العمل مقارنة مع من لا يتمتع به، لأن الذكاء العاطفي يوفق بين فن التواصل مع الذات والتواصل مع الآخر، كما أكدت الدراسات العلمية القائمة على هذا الأمر.
3- طرق تنمية الذكاء العاطفي
بما أن الذكاء العاطفي ليس عطاء طبيعي أو تبرع من بيئة وراثية ولا خاصية ترافق الفرد منذ ولادته، بل هو مهارة يكتسبها الفرد من البيئة المحيطة به من أسرة ومجتمع وبيئة التربوية، التي تسمح له باكتشاف ذاته وتحفزه على استخدام قدراته العقلية والفكرية، كما تمكنه أيضا جمع بين القدرات العقلية و المشاعر والأحاسيس الداخلية. ولهذا وضع المختصين في مجال التنمية الذاتية بعض الطرق لتنمية الذكاء العاطفي وهي كالأتي:
كتابة الأفكار والمشاعر: فعن الطريق الكتابة يمكن مزاوجة بين ما هو عاطفي إحساسي وعقلي فكري ومنطقي، حيث تكون مساحة الحرية أكثر، لتعبير عن اللاوعي ومحاولة ترجمة الأفكار إلى الواقع، ويكون الحق في الخطأ وإعادة النظر في ما تحمل من أفكار غير ناضجة أو خارجة عن الصواب، وستجد الفرصة للتصحيح دون أن تؤذي أحد. فبواسطة ربط المشاعر بالأفكار. فقد أكدت الدراسات والأبحاث أن ممارسة هذه التقنية البسيطة بشكل يومي لها دور في تعزيز الذكاء العاطفي.
تقبل النقد البنّاء: وهذه القاعدة غاية في الأهمية، وهي الحقيقة الغائبة والقائدة التي تنقصنا في الكثير من المواقف والمواقع. فالاعتماد على النقد البنّاء تمكّن الفرد من الحصول على الفرصة لتصحيح أخطاءه وتطوير ذاته بناء عن الملاحظات المعطاة من طرف الأخرين. فإعطاء الملاحظات والنصائح والتصويبات وبدون مجاملة، ويكون التلقي بصدر رحب ودون انزعاج ، تصنع فردا فعالا ومتكاملا سير نحو الأفضل وتطور الذكاء العاطفي لدى الفرد، وتخلق مجتمع يتقبل الاختلاف ويعيش ضمن ثقافات متعددة.
معرفة متى ينبغي التوقف الحديث: وهذه المسألة تتطلب من الفرد أن يكون ذكيّا، حتى يضع تقييماً لطبيعة الحوار والنقاش، هل هو حديث ذو جدوى أم نقاش عقيم ومضيعة للوقت واستنزاف للطاقة. ولما يتمكن من تحديد نوعية النقاش القائمة يحاول الفرد بطريقة ذكية وحربائية أن ينهي الحوار دون إعلان عدم رغبته في المشاركة ودون خدش لمشاعر أحد.
عدم مقاطعة أو تغيير الموضوع: إذ تعد هذه الخطوة الركيزة الأساس نحو بناء نقاش فعّال وبنّاء ذو نتيجة إيجابية، لأن من أدبيات الحوار واحترام الأخرين وإعطائهم أهمية هي عدم المقاطعة في الحديث حتى تنتهي الفكرة، حتى لا يسيء الفهم وتكون الفكرة واضحة والمقصود من القول مفهوم. وعندما يحسن المرء هذا الفعل وواعي بهذا السلوك، يكون قد أسهم بشكل مباشر في بناء ذكاءه العاطفي ويخطو خطوات صحيحة وبنّاءة نحو اندماج في المجتمع بمعاير مطلوبة من قِبَلِ العامّة .
تعاطف مع ذاتك والآخرين: هذه الخطوة مغيبة عند الكثير من الأشخاص، حيث لا يجد خيط ناظم ليوافق بين ما هو ذاتي وما هو اجتماعي محيطي، بمنهج توفيقي وتوليفي ووسطي، لأن الكثير يحسن هذا الأمر جيدا، إما يبالغ في تعامل مع الاخرين وينسى ذاته أما يحصل العكس، وهذا النوع من التعامل لا يؤثر بشكل إجابي في الحياة الاجتماعية لأن هناك غياب لإحدى الطرفين. ولهذا يفضّل أن يكون التعّامل وسطيّا.
خاتمــــة
ونافل القول إن الذكاء العاطفي من الأمور التي تستوجب الاهتمام بها والحث على تدريسها، سواء في الشأن التربوي أو الاجتماعي أو في ميدان العملي الوظيفي، نظرا لما له من تأثير كبير بشكل والإيجابي على تجويد حياة الفرد، وصناعة شخصية قيادية ناجحة ومتفوّقة ذات نجاعة وفعالية سواء في الميدان العملي والعلمي أو مع المحيط الاجتماعي، لأن في التعرف على الأخرين هو انفتاح على الثقافات الغير واكتشاف للعادات واكتساب لمعارف جديدة. ولهذا فإقامة العلاقات الاجتماعية الهادئة والسليمة لها إسهام بلا شك في النجاح سواء في المسار الوظيفي أو الشخصي أو في المحيط الاجتماعي.



#حنضوري_حميد (هاشتاغ)       Hamid_Handouri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الواقع والخيال كنت أعيش
- مشهد لن أنساه أبدا
- العقل يبحث عن معنى
- علي الفياض: عاشق لتراث الشعبي وخادم لقطر معنويّا
- قالت لي أمي لا تشرب القهوة
- البعد الإنساني للمؤرخ وجيه كوثراني
- الوالي سيدي المخفي: من المقدس إلى المدنس
- تمثّلات الفاسدة عن الفلسفة
- مسألة الأكراد سورية ... الواقع ...والتاريخ... والأسطرة.
- تبلور فكر القومية العربية.
- موجز عن كتاب الجماعات المتخلية للباحث بندكت أندرسن
- قراءة في كتاب -الحركة التونسية رؤية شعبية قومية جديدة-
- المشترك بين الشريعة والعرف - الإرث والقضايا الأخلاقية أنموذج ...
- نقاش حول مسألة النهضة العربية من منظور وجيه كوثراني
- دور الفئة غير العالمة في مواجهة الوباء في المغرب خلال القرني ...
- ساطع الحصري والدفاع عن القومية من خلال كتابه العروبة بين دعا ...
- قراء في كتاب طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد لعبد الرحمان ا ...
- قراءة في الفصل الأول من كتاب تاريخ الأوبئة والمجاعات بالمغرب ...
- العبرة قبل القصة
- ذكرياتي مع ليلة القدر في قبيلة ايت حموا


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - حنضوري حميد - الذكاء العاطفي