أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حنضوري حميد - ذكرياتي مع ليلة القدر في قبيلة ايت حموا














المزيد.....

ذكرياتي مع ليلة القدر في قبيلة ايت حموا


حنضوري حميد
كاتب وباحث في التاريخ

(Hamid Handouri)


الحوار المتمدن-العدد: 6772 - 2020 / 12 / 27 - 22:50
المحور: كتابات ساخرة
    


ليلة القدر ليلة الرجاء الرحمة والغفران، ليلة القدر فرصة لا تعوض للمؤمن، ليلة القدر هي من عشر أواخر رمضان المبارك للمسلمين، ليلة القدر تعبئة مضاعفة للحسنات، ليلة القدر تنزل فيها الملائكة وتخسف الشياطين، "ليلة القدر خير من ألف شهر" هكذا يدندن علينا فقيه قبيلتنا في مواعظه ويدغدغ بها قلوب الصلاعمة المتدينين بالوراثة ويجترها ويكررها في كل هذه المناسبة ( ليلة القدر). لكن الواقع عكس ذلك والحقيقة مرّة والنظري في مواعظه أكثر من التطبيقي.
عادة البدو ـ كما هو معروف ـ في كل هذه المناسبات الفريدة وخاصة هذه الليلة المقدسة المليئة بالطقوس التعبدية، الصلاة أمدح النبوية، أدعية... يهيؤون لها أسبوع قبل، يشترك الجميع بنصيبه، و يجمعون الأموال من الكل، إلا نصيب الفقيه رمز الايمان والاحترام بين أفراد القبيلة ولهذا يستثنى من واجب الوليمة. ليشترون ما يلزمهم من المؤونة، من لحم وخضر وفواكه وعنب لا ينقصهم سوى النبيذ والقسيس بقبّعته السوداء لإتمام مقادر وطقوس العشاء الرباني... استعدادا لتلك الليلة الوليمية. المقدس فيها هو الأكل والشرب والنميمة.... أكثر من الصلاة والتعبّد والحرص على صعود الأسهم والحسنات في البرصة التعبد، ليلة فيها بألف شهر من العبادة.
فقيه قبيلتنا متنوع المزاج تارة يكون حاكما وتارة أخرى طفوليا، رجل ذو شخصية منفصمه، يغلب عليها طابع الكبرياء والتعجرف، يعتقد في خياله أنه عالم والباقي جهّال، وأنه أصل والنموذج والباقي فرع يلزمه التقليد والاقتداء. من حسن حظه وطبائع الصدف وقع في قبيلة يعشش عليها الجهل والأمية وعبادة الأصنام، هي في الحقيقة آلهة متعددة النوع والتخصص، سيدي أنزار (إله المطر) سيدي طيبي (إله البركة) سيدي لغزواني(إله الحمل)...وآلهة أخرى استغل حضورها في القبيلة كرمز للمعرفة والذين، آلهة لم تكن لا في مجتمع الإغريق ولا في ثقافة الهند ولا في طقوس بوذا... يسرح خيالك بلا قيود لكن مستحيل تخيل وتصور هذه الآلهة الفعالة لهذه القبيلة. آلهة موسمية استثنائية، ذات طابع خاص، لا تشبه إله ليلة القدر، آلهة خارقة لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. إلا من سكن هذه القبيلة وانصهر في ثقافتها العشوائية.
لجواد وملائكة ولغول والشياطين الجن والإنس يطلق صراحهم تلك الليلة المقدسة من السلاسل والأغلال قوة الرحمان لتمشي مرحا في الأرض، هكذا يروى لنا من أباءنا، وأنا أرى أمامي ومن خلفي ومن يميني وشمالي سوى أناس وكلاب وقطط والباحثين عن الضخمة والعظمة. وكذلك كائنات وأخرى لا ترى بالعين المجرة إلا دقائق قبل إحضار الوليمة. لكن البعض من الحاضرين يطمسون شعورهم حتى لا تظهر عليهم ملامح المجاعة ليظهر أن هدف الأسمى وغايته المثلى لحضور هذه المناسبة هي الصلاة والتعبد. اصطف الجميع وراء الإمام لصلاة التراويح، كنت في صف ما قبل الأخير لأنني أصغر سنّا، معايير الصلاة في قبيلتنا مختلفة تماما على ما هو مألوف في المساجد، كبار السن في صفوف الأمامية والصغار في الخلف ولو أتيت أنت الأول يمنع عليك منعا كليا الصف الأول، موازين القوى تختلف بين الصغار والكبار، تفاضل وتمييز حتى في بيوت الله. كبّر الإمام وبدأ يقرأ الفاتحة ... صوته مزعج للغاية ويلوث السمع، صوته تطرد ملائكة وشياطين الجن والإنس والحماق وكل من حضر الصلاة، عادته قبيحة يطوّل في القراءة، وكان يشتكي منه الجميع، الكل ينتظر التسليم ليأخذ قسطا من الراحة بين الركعتين، كأنهم يقولون أرحنا منها يا بلال.
في جانبي الأيمن إحدى المصلين تأخر قليلا عن بدء الصلاة فلتحق بصف الصغار بالخلف، من جهته الأخرى في نهاية الصف أكياس من الإسمنت وضعت فوقها أطباق من الفواكه والبطيخ الأحمر، الإمام مسترسل في الصلاة، وهو بين الفينة والأخرى يضع يده على البطيخ يتلمس نعومتها ويستنشق نسيمها ممم يستسلم للذتها كأن لكل شمة حسنة و يضاعف الله لمن يشاء بغير حساب فليس على الجائع حرج. الصلاة في قبيلتنا استثناء ولها طابع خاص، رجالها من كوكب أخر، البعض منهم كسول يتوضأ مرة واحدة فقط، بطنه منفوخة ويحبس خروج الريح في أمعائه الممتلئة يرتعد ويحس بالألم لكن يصبر حتى لا يعيد الوضوء. فكيف تحس بقرب الله في هذه الأجواء؟ وكيف تكون مناجاة الله بهذه الكيفية؟ فعجبا لأمر هؤلاء. صلاتهم تبقى معلقة بين الأرض والسماء مثل زوجة المنحوس لاهي مطلقة ولاهي عروس. ونحسبهم كذلك لا نزكي على الله أحدا.
زعزع إماني بتلك التصرفات خرجت من صلاة ولم أتمم ليلة القدر ولم تكن الوليمة التي كنت أحلم بها من نصيبي تركت شأنهم، فالبعض منهم ينتظر أبواب السماء أن تفتح والبعض الأخر ينتظر مائدة الوليمة ليأكل، هكذا الإيمان والصلاة في قبيلتنا، في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا. هذا ما بقي و طبع في مخيلتي من ذكريات مع ليلة القدر.



#حنضوري_حميد (هاشتاغ)       Hamid_Handouri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا نقدس العذرية ؟
- الجامعات الديمقراطية، الواقع والرهانات (إطار نظري)
- المنهج المادي التاريخي 2
- التاريخانية من هيجل إلى ماركس وانجلس/المادية التاريخية 1
- قراءة في الباب الأول من كتاب - الدولة الموحدية أسس الشرعية و ...
- تأريخ لمعركة لهري 13نوبير1914م.( بين وجهتي سعيد كنون و محمد ...
- تحرير المرأة في فكر قاسم أمين
- أوجه من النضال السلمي السياسي بالمغرب -الحركة الوطنية- أنموذ ...
- رفاعة الطهطاوي والحداثة الأوروبية منهج الاستيعاب والتوفيق.
- الاستشراق أهدافه وسياق ظهوره
- قراء في كتاب - الأقلية الإسلامية في صقلية بين الاندماج والصد ...
- الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية بالمغرب قبل الحماية
- قراءة في كتاب- منهجية البحث- للكاتب الفرنسي ماثيو جيدير
- قراءة في كتاب: -قبائل أيت سكَوكَو في مواجهة الاستعمار الفرنس ...
- التاريخ وعبوره للتخصصات من أجل الكشف عن الحقيقة والقيام بمهم ...
- مرتكزات الحداثة في أوروبا


المزيد.....




- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حنضوري حميد - ذكرياتي مع ليلة القدر في قبيلة ايت حموا