أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حنضوري حميد - الوالي سيدي المخفي: من المقدس إلى المدنس














المزيد.....

الوالي سيدي المخفي: من المقدس إلى المدنس


حنضوري حميد
كاتب وباحث في التاريخ

(Hamid Handouri)


الحوار المتمدن-العدد: 7396 - 2022 / 10 / 9 - 23:52
المحور: كتابات ساخرة
    


لكل والي صالح أو غير صالح سواء في الحياة أو بعد الممات، سلطة رمزية وقدسية كبيرة من طرف العامة، لا ندري من أين يأتي هذا الولاء هل هو وفاء أم غباء، ولا ندري هل هو حظ أم معجزة. وهل هي مصادفات التاريخ أو عطاء ربّاني . وباسم الوالي يستغلّ حراس أبواب السماء الكهنة وعباد الشياطين، مجتمع يعشش عليه الجهل وتسيطر عليه الأمية، ويعاني من أزمة الضمير الذي لا يتمتع بأدنى قواعد المنطق غياب تامّ للعقلانية. تستغل الأفراد، خوفا من سخط الوالي أو إيمانا بمعجزاته.
يقام موسم سيدي المخفي مرة في كل سنة، تصادف مناسبته موسم الرمان، تقام فيه الولائم، كل يساهم بقدر من الطعام حسب الايمان بالمعتقد والولاء للوالي. تحج إليه وفود من كل حدب وصوب، رجالا ونساءً، شبابا وشيوخا، عوام ومثقفون... كل حسب نية القصد في الزيارة والحضور، البعض يريد التبرك والبعض الآخر يريد التحرش. القيّميين على إنجاز الطقوس الموسمية للوالي وحراسة الضريح طوال السنة يسمّون "أيث شْعُو". ولهذا لهم أحقية الأولى من الاستفادة من المورد الاقتصادي المؤطر باسمه الرمزي. أيث شعو ومن على ماثلتهم لا يحبون أن يشكّك أحد في قدسية الوالي ولا في رمزيته المستمرة والحاضرة بقوة بعد وفاتهـ بالرغم أن لا أحد يدري فعلا أن الضريح الوالي يحتوي على جثة الوالي الانسان أم جثث الحيوانات أو صناديق الكنز مخلا عنها. هذه أسئلة تطرح في الخفاء وتبقى داخل النفوس لا يمكن الإجهار بها أو قولها علانية، لا يسمح بتشكيك في هذا الأمر ، فالتسليم هنا واجب.
الوالي سيدي المخفي، له مهام كثيرة واختصاصات عدة، يشفي المريض، وينجب العقيم، ويزوج النساء، ويفرّق بين الأزواج، ويخرج الجن، ويحل المشاكل ويسخر الشياطين، يخدم الرحمان، ويعلب الوساطة بين الإله والعباد، وتوفير خدمة استجابة الدعاء وتحقيق الأمنيات، تقريب الخدمة ومنح التسهيلات، نزع المركزية من الإله وتقريب الخدمة من المواطن الكادح ... طقوس الزيارة دقيقة، ويفرض على الزوار احترام مبادئها وإظهار مشاعر الصدق والخوف من الوالي، والتسليم لأوامره التي تصدر من خدامه من الجن والإنس. الجواد أكثر شيئا مرعبا في ضريح الوالي، أصوات غريبة تسمع، أشباح مخيفة، شمع وقوالب السكر في كل ركن من قبة الضريح.
عتروس أسود، ودجاجة التي تصيح مثل الديك، قوالب السكر ونقود... كلها هديا تقدم لحراس الضريح مقابل التبرك وأخد الدعاء... هؤلاء الناس الذين يقومون بالدعاء للزوار مقابل الهدايا، لا يصلون وغير مخلصين لله، أغلبهم يشربون زقاق الخمر، ينكحون النساء المتزوجات، يكذبون، يسرقون ... غريب لأمر مثل هذا، كيف يدعون لك بالتقوى وهم غير متقيين، وكيف يدعون لك بالغنى وهم فقراء يعشون على فُتاتْ الزوار، لو بيدهم شيء خارق لحققوا أمنياتهم أولا ليصبحوا ينافسون أغنياء العالم، لماذا ينتظرون عتروس إيطو براهيم العوجة، ودجاجة خالتي فاطنة العمياء.
ينتهي الأكل الكسكس، والزيارة الوالي، ونيل المقصود، حينها تبدأ طقوس الجدبة والجنون، حالة غريبة لأناس "أيث شعو" ، يكرهون اللون الأحمر، فويل لمن لبسه يوم الزيارة، يأكلون الدقيق الأخضر ، ويشربون الماء الساخن، حالة غريبة في "الجدبة" و"الحضرة" و "التحيار"، طقوس استثنائية لا توجد في سريعة بوذا ولا عند الكونفوشوس، طقوس أشبه بالتصرفات رجال التصوف، أذكار ترانين مبهمة قوافي مكسرة، لسموّ بالنفس وصول إلى درجة عالية من الصفاء والتطهير النفس من الخطايا، فعلا طقوس غريبة لكن لها قدسية كبيرة عند الناس لأنها مرتبطة بالمجالس الذكر الجماعي، من أجل إرضاء الجن والانس وتبرير الوضع وتقديمه كحقيقة لا تقبل النقاش.
مرت الأيام والشهور والسنوات... بدأ الوعي ينتشر والهمج يتراجع والقدسية تزول، فأصبح الوالي سدي المخفي مكانا لسكارى الليل، يشربون في ضريحه كؤوس الخمر، وينكحون العاهرات على جانب رأسه، ليالي خمرية تقام فيه بعد أن كانت تقام فيه ليالي الجدبة والذكر. الوالي الصالح سيدي المخفي في خدمة الجميع من جلب السعادة الوهية للزوار إلى منح السعادة الجنسية وتوفير الأمن والأمان لمن يعاني أزمة السكن لكي يأتي بهاربته إليه.
بالرغم من اختلط بين المدنس والمقدس، والسيء بالجميل، في الضريح الوالي، إلا أنه لازال يشهد احتراما من الجميع، وكل يستخدم قدسيته لقضاء أغراضه على حساب الناس. كما يقول وليام شكسبير " يمكن للشيطان أن يستشهد بالكتاب المقدس لغرضه".



#حنضوري_حميد (هاشتاغ)       Hamid_Handouri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تمثّلات الفاسدة عن الفلسفة
- مسألة الأكراد سورية ... الواقع ...والتاريخ... والأسطرة.
- تبلور فكر القومية العربية.
- موجز عن كتاب الجماعات المتخلية للباحث بندكت أندرسن
- قراءة في كتاب -الحركة التونسية رؤية شعبية قومية جديدة-
- المشترك بين الشريعة والعرف - الإرث والقضايا الأخلاقية أنموذج ...
- نقاش حول مسألة النهضة العربية من منظور وجيه كوثراني
- دور الفئة غير العالمة في مواجهة الوباء في المغرب خلال القرني ...
- ساطع الحصري والدفاع عن القومية من خلال كتابه العروبة بين دعا ...
- قراء في كتاب طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد لعبد الرحمان ا ...
- قراءة في الفصل الأول من كتاب تاريخ الأوبئة والمجاعات بالمغرب ...
- العبرة قبل القصة
- ذكرياتي مع ليلة القدر في قبيلة ايت حموا
- لماذا نقدس العذرية ؟
- الجامعات الديمقراطية، الواقع والرهانات (إطار نظري)
- المنهج المادي التاريخي 2
- التاريخانية من هيجل إلى ماركس وانجلس/المادية التاريخية 1
- قراءة في الباب الأول من كتاب - الدولة الموحدية أسس الشرعية و ...
- تأريخ لمعركة لهري 13نوبير1914م.( بين وجهتي سعيد كنون و محمد ...
- تحرير المرأة في فكر قاسم أمين


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حنضوري حميد - الوالي سيدي المخفي: من المقدس إلى المدنس