العبرة قبل القصة

حنضوري حميد
كاتب وباحث في التاريخ
(Hamid Handouri)

الحوار المتمدن-العدد: 6774 - 2020 / 12 / 29 - 23:21
المحور: كتابات ساخرة
    

يروى والعهدة على الراوي، أن شاءت الأقدار يوما أن التقى الحمار مع الثعب في سفر لم يقرر له من قبل، لكن لما كان مسيرهم مشترك وهدفهم واحد وجهتهم معلومة، قرروا مرافقة بعضهم البعض، قصد التجوال في حظيرة الغابة، لرؤية واكتشاف عوالم الطبيعة المغمورة. وفي طريقهما وجدوا صدفة منديل أزرق اللون، ففرحوا به كثيرا إلا أن الفرحة لم تدم طويلا، حتى دار جدالا شرسا ونقاشا عقيما ومزايدة في الكلام الفراغ بينهما حول طبيعة اللون الذي يحمله المنديل، فجعلوا هذا الأخير عنوان لنقاش واهتمام مبالغ لهم بدل من هدفهم الأسمى وغايتهم المثلى التي هي التجوال في حظيرة الغابة واكتشاف معالم الطبيعة.
استمر الجدال بين الحمار والثعلب حول طبيعة اللون، الثعلب يقول أنه اللون أزرق وكلامه محق بينما الحمار يدّعي أنه أخضر وهو مخطئ لكن أراد أن يبين سفسطائيته في الاقناع والبلاغة في الكلام. الثعلب يعلم أنه محق وعلى صواب ولم يتجاوز، والحمار يعلم أنه مخطئ لكنه لم يتنازل.
صواب الثعلب وعناد الحمار أدى بهم إلى رفع القضية إلى حضرة ملك الغابة الأسد ليبث في قضيتهم. ومن المعروف على الأسد كان قاضيا عادلا ونزيها في حكمه وحاكما في مواقفه. فعلا كان قاضيا متمرسا باعتراف جميع الراعية. عرضت القضية على الأسد القاضي ولم يتأخر في نطق بالحكم، صراحة كان حكما قاسيا. ترك شأن الحمار وطلق سراحه، وزجّ بالثعلب أربعة أشهر سجنا نافدة رغم صوابه.
بعد أن قضى فترة العقوبة وابتلاء السجن، أتى الثعلب إلى الأسد القاضي وفي نبرته حزنا، مستفسرا عن أسباب اعتقاله في السجن ظلما وعدوانا رغم أحقية في طبيعة لون المنديل. فكان جواب القاضي مخالفا عن المألوف والمعتاد، فقال أعرفك أنك ذكي وأنت المحق وأن لون المنديل أزرق فعلا، لكن ما أعاتبك عنه هو أنك أحمق تجادل الحمار أنت تعرف أنه غبي وجاهل للغاية، فيكفي أن تقول له معك حق وتتجاهل أمره وتترك شأنه.
فهكذا حال بعض البشر يجادلون أفرادا لم يكن لهم ما يخسرون أبدا. فمنطق الحياة عكس ذلك، يتطلب منك أن تكون ذكيا وحربائيّا في التعامل مع المواقف. فلا تكونوا كالثعلب لا هو مستفذ من العفو ولا هو مستمتع بالسفر.

#حنضوري_حميد (هاشتاغ)       Hamid_Handouri#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات