العقل يبحث عن معنى

حنضوري حميد
كاتب وباحث في التاريخ
(Hamid Handouri)

الحوار المتمدن-العدد: 7429 - 2022 / 11 / 11 - 20:42
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    

بينما كنت منشغلا أبحث عن عقلي وجدته تائها يبحث عن معنى لكن في زمن المأساة، ولهذا شمرت على ساعد الجد لنبحث معا على أفكار تؤرقنا لنشفي غليلنا، فكان الكتاب "العقل يبحث عن معنى" للباحث فهيم ديم وجهة لي لكي أرفع به خسيستي، بينما وجدته هو الآخر باحثا عن معنى للعقل لكن في زمن الكورونا فكانت نهاية رحلة في البحث بإصدار هذا الكتاب، ظنّا منه قد جمع في الكتاب معنى للعقل . ولهذا لكل كتاب حياة ثانية حينما يصدر، يتوقف الباحث عن الكتابة، وتبدأ تأويلات لدى القارئ، كل يحلل من وجهة نظره، حسب مرجعيته الفكرية وتوجهاته الإيديولوجية وخلفياته الأكاديمية والعلمية. بهذا يكون الكتاب ملكا للقارئ أكثر من الكاتب، لأن لم يعد يتحكم فيما يحتويه الكتاب من أفكار ومعلومات المراد إيصالها. للكاتب حق أن يعلن ما يؤمن به وللقارئ حق أن يُؤوّلُ ويحلّل ما جاء به، وأن يعبر على ما فهمه، ولهذا فلا غرابة إذ تصدر الأحكام وتظهر نتائج جديدة من خلال القراءات الخاصة .
لا يمكن لأي كاتب مهما كان ، أن يزعم أن ما توصل إليه من أفكار ومعلومات ونتائج أنها حقائق نهائية. لا بدّ لكل نتاج معرفي أو رؤية فلسفية أو نظرية علمية ... أن يغنى من خلال الحوار والنقاش والنقد.
ولهذا دعوني أخوض معكم جولة بين أروقة هذا الكتاب وأفكار الكاتب، باعتبار هذا الكتاب واحة للأفكار وساحة للنقاش، لأنه يناقش مجموعة من المواضيع المختلفة والقضايا المجتمعية والفلسفية دون نسيان البعد السوسيولوجي الحاضر وبقوة خلال التحليل، حيث ناقش فيه مسار طويل لسيرته ومسيرته، وتغيرات التي طرأت على حياته، من الردة الفكرية إلى الردة الدينية.
إذ استطاع للكاتب فهيم دايم، قيام ثورة فكرية على قيود المجتمع والأفكار التقليدانية الجبرية ونقدها بطريقة فلسفية وبرؤية واضحة وبأفق واسع ، إذ يرى هاته الأفكار قد تعيق التفكير السليم وتفكير الإبداعي لدى المجتمعات العربية. ولهذا دعا من خلال كتابه هذا، وطريقته الخاصة، إلى التفتح والتقبل الآخر واعتناق الإنسانية ونشر السلم والأمان والرقي بالعلم والمعرفة، كما دعا إلى الحرية الدينية والحرية الفكرية والشخصية وتحرير من قيود المجتمع والاثنية الثقافية.
اعتبر فهيم الدايم جل المفاهيم الكبيرة مثل الحب والصداقة والثقافة السعادة والأنانية والكراهية ....كلها مفاهيم زائفة ومزيفة ما دامت تؤطرها الايدلوجية الدينية وجعلتها في قوقعة ضيقة لم تصل مستوى الإنسانية.
في الحقيقة هذا الكتاب فعلا، مرعب ورهيب، مرعب من حيث ما يحمله من أفكار ومعلومات وثقافة ونقد للفكر اليومي والموروث الديني ، ورهيب لأنه ينبغي أن يكون لك نفس طويل جدا، و أن تكون ممتلكا لزاد معرفي، ومسلحا بأدوات منهجية موضوعية ومشرحة دقيقة وحيادية؛ حتى تتمكن من سير أغواره ومتابعة منعرجاته ومقاومة بعض الأفكار التي لا تصلح للقارئ المبتدئ والأشخاص الذين لهم ثقافة سمعية بدون سند علمي يؤطرها، أو الأشخاص الذين لهم مرجعية أحادية في القراء والثقافة، ورهيب كذلك للأشخاص الذين لهم مرجعية فكرية وموقف واضح وتابت، والتي يمكن أن يتبنى كل الأفكار الموجودة في الكتاب دون وضع مسافة بينه وبينها، والتي قد تكون تضرب في بعض الثوابت الدينية والثقافية.

#حنضوري_حميد (هاشتاغ)       Hamid_Handouri#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل