|
هو لا يتكلم وأنا لا أعود ... قصة قصيرة
منى نوال حلمى
الحوار المتمدن-العدد: 7504 - 2023 / 1 / 27 - 22:20
المحور:
الادب والفن
- --------------------------------------------- تلك المرأة الساكنة قلبك ، المطلة من ملامحك ، المقيمة فى دمك ، كم أغار منها . قبل أن أحبك ، كنت أسخر دائما من مشاعر الغيرة ، وأعتبرها سذاجة لا تليق بأمرأة مثلى . أنا لست بساذجة ، لكننى أحترق غيرة عليك . نلتقى أنا وأنت .. كل شىء مهيأ لنا .. غموض الليل ، ورقة الهواء ، وعذوبة الأنغام ، وسِحر الشِتاء . فاضت بقلبى الأشواق ، وأنت كعادتك عاشق جميل ، يمنحنى أحلى الكلمات . لكن تلك المرأة الساكنة قلبك ، المطلة من ملامحك ، المقيمة فى دمك ، تتدخل بيننا ، تعكر صفو الوصال . فى كل لقاء ، أحسها ، أشم رائحتها . أنظر إليك ، أراها تتحدانى ، وتسألنى الرحيل عنك . لست أدرى ، هل أرحل أم أبقى ؟. فى كل لقاء ، أتمنى لو تأتينى دونها . لكنها ممتزجة بظلك ، وتسبق خطواتك إلى جلستنا . فى دهشة تسألنى : " لماذا أنتِ متعكرة المزاج ، ومازلنا فى أول الليل ؟ " بماذا أجيبك ؟؟. هل أعترف بأننى أغار عليك ؟ . هل أعترف بأننى أضع نفسي ، فى مقارنة مع تلك المرأة الأخرى ؟. هل أعترف بأننى أسيرة الشعور الذى طالما سخرت منه ؟. يمنعنى كبريائى من الاعتراف . بالأمس التقينا .. وسامتك مبهرة الضياء ، حديثك ساحر ، يطوف بى بعيداً عن الزمان ، والمكان . تدعونى عيناك للارتماء فى بحرهما .. ألبى النداء . تأخذ يدى بين يديك وتقول : " مالك هذه الأيام أصبحتِ كثيرة الشرود ، والتوتر . ماذا بكِ ؟ " لا أستطيع إخفاء مشاعرى الليلة .. لابد من أن أصارحك ، وليذهب كبريائى إلى الجحيم . قلت : " أغار من تلك المرأة الأخرى ، التى اقتحمت حياتك .. لا أستطيع أن أحتملنا نحن ثلاثة معاً .. خلصنى من عذابى ، قل لى ، أتحبها ؟ " مندهشاً تقول : " أحبها ؟ . ما هذا العبث الذى تتحدثين عنه ؟ . ألا تعرفين مَنْ أحب ؟ . لا أتخيلك تغارين حقاً ؟ ". أقول : " الغيرة تكاد تذهب بعقلى . وخيالى يصور لى أشياء كثيرة .. ". تقترب أكثر ، بحنان تقول : " أعرف خيالك الجامح . ولكننى أحبك أنتِ .. أنتِ الحب الذى عشت سنوات عمرى ، أبحث عنه .. أنتِ المرأة تدهشنى وتحيرنى ، والتى ادخرت لها كل مشاعرى ، وأسرار فرحتى ... لست أتصور أن أفقدك ، أو أن تغيبى ، صالحنى حبك على عمرى الضائع وقسوة الأيام ، لست أتمنى شيئا الآن ، سوى أن تبقى معى حتى آخر العمر . " هل كان لابد من اعترافى بالغيرة ، حتى تُسمعنى كلمة الحب ؟. أسألك : " ولكن ماذا عنها هى ؟ ". تقول : " هى صديقة ، لا أكثر ولا أقل ". قلت : " اهتمامك بها أكثر من الصداقة ، لم لا تعترف بالأمر ؟ ". تقول : " أى أمر ؟ ". قلت : " أنك تحبها وهى تحبك ". تقول : " ماذا حدث لك ؟. لماذا لا تصدقيننى ؟ ". قلت : " ربما تحبنا نحن الاثنتين فى وقت واحد ، ربما لا تدرك أن اهتمامك بها يتعدى حدود الصداقة " . بانفعال تقول : " لا أستطيع مجاراتك فى هذه المناقشة . وأرفض أن تساورك الشكوك ". قلت : " وأنا أرفض أن تشاركنى فيك امرأة أخرى " . تسألنى : " ماذا تعنين ؟ ". قلت : " إما أنا ، أو هى ". تقول : " إنها صديقتى ، كيف تطلبين مِنى أن أنهى علاقتى بها " . قلت : " لو كانت مجرد صديقة كما تزعم ، لسهل عليك التخلى عنها " . تقول : " إنها صديقتى .. لا أستطيع الاستغناء عن وجودها " . قلت : " لست أؤمن بالصداقة بين الرجل والمرأة " . تقول : " لكننى رجل مختلف ، وهى امرأة مختلفة " . أقول : " وأنا امرأة عادية .. تقليدية .. أليس هذا ما تود أن تقوله ؟ " . تقول : " كلامك الليلة يدل على ذلك " . قلت : " لن أستطيع احتمال تلك المرأة الأخرى، أكثر من هذا الحد . إننى أخيرك إما أنا ، أو هى .. إما صداقتها ، أو حبى .. " . تركته وحيداً مذهولاً من قرارى المفاجىء .. أنا أيضاً ، لم أكن مستعدة لمثل هذا القرار . من حقى أن أغار عليه . من حقى ألا تشاركنى فيه امرأة أخرى . يتهمنى بالتقليدية ، لأننى لا أعترف بصداقته مع المرأة الأخرى . غريب أمر الرجال .. يريدون كل شىء . يرغبون جميع النساء . ولديهم تفسيرات لكل ما يفعلونه . ترى لو كنت أنا فى مكانه ، ماذا سيفعل ؟ . لو كان فى حياتى رجل صديق ، لا أستطيع الاستغناء عن وجوده ، كما الحال مع صديقته ، ماذا سيكون شعوره ؟. أحياناً يؤنبنى ضميرى ، ربما أكون قد قسوت عليه ، ربما أكون واهمة ، أو بالغت فى الأمر ، أو أكون قد جرحته بشكوكى . لكن ما هى إلا لحظات ، وأطمئن . فهو الذى بدأ القسوة ، بإقحامه تلك المرأة الأخرى بيننا . هو الذى جرحنى ، بإصراره على عدم التخلى عنها . مر وقت طويل ، ونحن الاثنان فى صمت . هو ينتظر مكالمتى ، وأنا أنتظر عودته . لا هو يتكلم ، ولا أنا أعود . مر وقت طويل ، والحياة بدونه أيام متشابهة العبير ، والألوان . أفعل كل شىء بدقة فى موعده ، أروح وأجىء ، وأتكلم ، وابتسم لكننى ذابلة الملامح ، بقلبى حزن ، لا يُذهبه إلا وجوده معى . لن أعود . كل شىء أهون ، من امرأة أخرى تشاركنى فيه ، باسم الصداقة . لن أعود . رغم أننى أدرك أنه حب عمرى الماضى ، والآتى . ----------------------------------------------------------
#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
امنحينى قليلا من الوقت ... قصيدة
-
الشخصيات المبدعة - محميات طبيعية -
-
تنقصنى الشجاعة الكافية .... قصيدة
-
العشق أحلى حين افترقنا ... أربع قصائد
-
اعلان مصر دولة هادئة عام 2023
-
2023 ... عام جديد يؤكد القسم لأمى بألا أتزوج الا - القلم -
-
عبادة الميكرفون صناعة الكفار
-
مُطاردة ... أربع قصائد
-
المقاومة الايرانية الشعبية تستحق كأس العالم فى الشجاعة والحر
...
-
نعى كاتبة ... قصة قصيرة
-
- خصخصة - الايمان
-
الفكر - الكهنوتى - وذكرى ال 74 للميثاق العالمى لحقوق الانسان
-
لست متفرغة للعشق .. لِم طاوعت شفتيك قصتان قصيرتان
-
حملة اعلامية قومية لفض الاشتباك بين فض غشاء البكارة ومعنى ال
...
-
الدولة المدنية وصلابة البنية الداخلية
-
كما لم أستسلم لأى رجل ...... قصة قصيرة
-
أسلمة المونديال ... لمصلحة منْ ؟؟
-
الوداع على ورقة بردى .. قصة قصيرة
-
النساء .. لماذا يتجملن ويرتدين الأزياء الفاخرة والمجوهرات وا
...
-
تجدد الحياة سيفرغ كأس - الكوكتيل - المسمومة
المزيد.....
-
روسيا.. تصوير مسلسل تلفزيوني يتناول المرحلة الأخيرة من حياة
...
-
اعلان توظيف وزارة الثقافة والفنون والتخصصات المطلوبة 2024 با
...
-
هل تبكي عندما تشاهد الأفلام؟.. قد تكون معرضا بشكل كبير للموت
...
-
مهرجان نواكشوط السينمائي الدولي يطلق دورته الثانية
-
“نزل Wanasah الجديد” تش تش ???? وقت الدش.. تردد قناة وناسة ن
...
-
فنان غزة الذي لا يتكلم بصوته بل بريشته.. بلال أبو نحل يرسم ح
...
-
هاريس فرحت بدعم مغنية لها أكثر من دعم أوباما وكلينتون.. ما ا
...
-
-الغرفة المجاورة- لبيدرو ألمودوفار يظفر بجائزة الأسد الذهبي
...
-
النيابة تواجه صعوبة في استدعاء الفنان المصري محمد رمضان للتح
...
-
فيلم اليكترا: تجربة بصرية وحسية لأربع ممثلات وكاتبة في بيروت
...
المزيد.....
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ أحمد محمود أحمد سعيد
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
-
الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال
...
/ السيد حافظ
-
والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
المزيد.....
|