أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - غسان المفلح - إشكاليات















المزيد.....

إشكاليات


غسان المفلح

الحوار المتمدن-العدد: 1698 - 2006 / 10 / 9 - 11:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ـ1ـ
عندما يستجرك العقل اللفظي إلى مخارج أنساقه اللغوية المتهافتة من عمر الشقاق في العقل الإسلامي الشغال منه والمستقيل ـ محمد عابد الجابري في نقده للعقل العربي ـ تصبح سابحا في متاهة لغة أبعد ما تكون عن المعاصرة ولغتها، وهنا لابد أن يحكمك التأويل كقراءة قبلية للحدث والنص الثابت، حيث يأخذك إلى مدارات ما قبل العصرنة والتي هي الترجمة الأكثر حضورا لمفاهيم كثيرة متداولة يعمل عليها الإنسان كي يعيش في عصره تماما ـ العلمانية، حقوق الإنسان، الحرية الفردية..الخ. بين لغة الكتابة ولغة التلفاز مسافة بعضا من النخب العربية لم يقطعوها بعد بما هي لغة الواقعة والحدث الساخن والمتحرك في نتائجه المباشرة وغير المباشرة وما يفرضه حتى في لغته عند قراءته، وهي تعني أيضا مواجهة للمتغيرات على كافة الصعد والمستويات، وما يتخلل ذلك من نبش في اللاشعور المعرفي والتجريبي للمثقف وحتى الوجداني. هذا النبش المعرفي هو الذي يقربنا من روحية العصر لأننا بالمؤدى الأخير كائنات تاريخية ! والكائن التاريخي هو الذي يواجه الراهن بلغته وبلغة العقل وليس بلغة قبلية على الراهن. فلكل راهن عقوله ـ لأن العقل لم يكن في يوم ما كائن قار وبأدوات مفهومية وأجرائية ثابتة تصلح لكل زمان ومكان، وليس سرمدي في آليات اشتغاله على تاريخيته.. ودخوله عالم الآنية ولكي يكون سباقا في العمل على ما يطمح في تغييره على المستويين الفردي والجمعي. وهل هنالك عقل واحد في هذا العالم ؟ أو ما يمكننا الحديث عن ـ العقل المحض بلغة كانطية كما حاول أن يؤسس له ؟
والآن ليست مقولة زمنية رياضية بل هي تحرك الكائن ـ كينونته وحيويته في تفاعلاتها المستمرة مع راهنه وداخل هذه الآن ـ حد فاصل بين ما يمضي وما يأتي والفرد مندمجا هنا في هذه الآن. حيث لا تتوقف هذه الآن بالنسبة للجسد / الفرد / الكائن إن شئتم إلا بالموت. وفي كل موت افتقاد لمعنى فردي نصبغه على العالم.
الآن نحن في مجتمع الفرجة ـ دجي ديبور ـ وفي القلب منه ويقوم بتشكيل وجدان أطفالنا بطريقة سهلة، في التلفاز والسينما والنت والأتاري المشبع بقيم من لدن صانعها ! وهي لم تعد قيم تخص الصانع وحده بل هي قيم معولمة لكي تجد سوقها العالمي، في سعي موضوعي لوحدة الحياة بكل حركيتها على هذا الكوكب الذي لازال يحتضن هذه الحضارة بكل ما فيها وما تقوم به من تنكيل يومي بموارد هذا الكوكب ودون حد أدنى من الامتنان لهذه الأرض.
مجتمع الفرجة هذا يسلبنا كل خصوصيتنا ويجعلنا موضع نهب لمساحات حريته / ربحيته في اندماج يحكمه أسا قانونيا يخلو أحيانا من النزاهة !! في لملمة بقاع المشهد الحياتي كله بتفاصيله، حيث إن الانتقائية تعود للربحية بالدرجة الأولى مما يترك ظواهر كالفقر في العالم هي آخر اهتماماته !! لأنها ظاهرة لا تجلب مشاهد كما يجبله خبر كخبر تصريحات البابا الأخيرة !! أو كجسد يتمايل في لوحة إعلانية ! في إشارة خفية إلى قدرة كل ما يثير الغرائز من عنف وجنس وحروب وضحك إلى جلب الزبون / المشاهد !! قدرته حتى هذه اللحظة من عمر الحضارة على أن يكون خبرا أول.
فكفكة النسق القيمي لمجتمع الفرجة / بين حدي الربح الحدث والإعلان عن الحدث / رغم ذلك نجد أننا أمام تاريخية المشهد والذي نراه ملتصق بلغته غير المحكية وهي تفاصيل تاريخه الراهن الآن وفي هذه اللحظة بالذات ! في مجتمع المشهد هذا هنالك مفارقة لطيفة : يمكن لمراسل تلفزيوني عنصري ان يقتحم المشهد بإثارة قضية عنصرية ما !! احترافه / ربحه هنا / يجعل من أيديولوجيته نافلة !! لهذا هو يبتسم للجميع مهما تكن لون بشرتهم !! ومع ذلك يحاول دوما تمرير عنصريته من خلال الربح كلما استطاع إلى ذلك سبيلا !
وأحد هذه القيم هي بقاء المسافة بين العمل / الربح وبين الإيديولوجيا الفردية !! وهذا الأمر يغيب في مجتمعاتنا حتى هذه اللحظة لأن الفرجة فيها مرتبطة بربحية السلطة السياسية الغاشمة !!
ـ2ـ
الحرية / الجسد
إنه النظام المعرفي الذي أتاح البغاء والتجارة في الجسد كجزء أصيل وعضوي من الحرية / من هذه الحرية الآن وبالذات في انتشار لصنمية ما ـ ماركس ـ وشيئية قاتلة أحيانا لكل إحساس بتطور البشرية / فتيات من سلوفاكيا والصين بعمر الثانية عشر والثالثة عشر تباع الواحدة منهن في اسكوتلندا بثلاثة عشر دولارا 13 دولارا /..
الجسد الذي ارتبط في نظام معرفي إشكالي أصلا فالسماح بالزنا ارتبط بالسماح بالدعارة وكأنه جزء من قداسة الجسد أن يملك حرية البيع لنفسه كسلعة !
كيف يمكن تحقيق الانفكاك بين حق الزنا وبين منع الدعارة !! لأنها أحد النقاط التي يرتكز عليها الإسلاميون في مقاومتهم للحرية الفردية بشكل عام ولحرية المرأة بشكل خاص.
كيف يمكننا فصل الأخلاق عن التعاليم الدينية؟ بين القيم الخلقية والطقس الرعوي الديني ؟ مثال بسيط : الصوم يفترض الصدق ؟ ربما ؟ ولكن الصدق لا يفترض الصوم ؟ لأن المسيحي يمكن أن يكون صادقا والملحد يمكن أن يكون صادقا ليس بالضرورة الصدق مقولة ترتبط بالشعيرات الدينية وطقسيتها. وكذا الأمر يمكن لنا أن نجمله بمفهوم فصل متطلبات العصرنة المتحركة بتحرك الحياة عن الطقوس الثابتة ؟ معذرة إذا قلنا أن الجسد في جاهزيته الإسلاموية الراهنة محدد بحدود طقسيته التي أدخلت في مبحث القداسة والفرض !
بين الحرية الجسدية والجسدية الحرة هي مسافة الفعل الإنساني مختلف بين حديها وبؤرته في النهاية جسدية حرة منذ الولادة كما هي الحال مع جسد الطفل ! لأن الحرية الجسدية هي فعل عالم ومتثاقف بالنهاية أسس للوصول إلى الجسدية الحرة رمز من رموز الحس العملي بالنسبة للكائن الآدمي ! وهذا لايمنع التأسيس الحقوقي لحرية الاختيار للجسد المؤقلم والمنمط وفق الشعيرة الدينية / اللباس الإسلامي للمرأة أو لباس الراهبات في الديانة المسيحية.
ـ3ـ
إن العلمنة الجارية على النص الإسلامي هي علمنة موضوعية بالدرجة الأولى تقتضيها الحياة المعاصرة، وليست علمنة ناتجة عن ميزان قوى متحرك وضاغط لصالح القوى العلمانية والليبرالية كما حدث مع الكنيسة الكاثوليكية في أوروبا، وهذا سببه واضح جدا أن هذه التيارات العصرية ـ العلمانية ـ لازالت مهمشة بفعل القمع السلطوي العربي المزمن و الشرس والمتراكم عبر عقود ضدها. ولو أن الغرب في معركته ضد ما يسميه الإرهاب يمارس دورا بديلا في علمنة هذه التيارات !! ولكنه دورا ملتويا بحكم تعقد المصالح الغربية وتعقد الوضع في العلاقات الدولية مع العالم الإسلامي.
لهذا نسأل أنفسنا هل نريد كخطوة أولى ضخ الدم العلماني في النص الإسلامي أم نريد منه القبول بمبدأ التعايش الحر السلمي والديمقراطي والذي يكون الحكم فيه صندوق الاقتراع ؟!
هذه العلمنة الموضوعية التي أشار إليها المفكر محمد أركون منذ بداية تسعينيات القرن العشرين دون أن يدخل بتوضعاتها السياسية واليومية، وأهم هذه التوضعات برأيي أن النسق الإسلامي قد تبعثر سياسيا ليس كطرق عبادة وماشابه أو كطوائف كما هو الحال تاريخيا بل كأنساق سياسية جديدة في النسيج السياسي للدول الإسلامية حتى بت تجد أكثر من عدة أحزاب أسلامية في كل دولة على حدة !! وهي أحزاب سياسية بالمؤدى الأخير وسيكون مصيرها الفشل إذا لم تأخذ بعين الاعتبار الوقائع الموضوعية لحركية مجتمعاتها ومتطلبات هذه الحركية على كافة الصعد.ولن تبقى إلى فترة طويلة تحمل راية الجهاد اليائسة التي سرعان ما تحولها إلى قوى خارجة عن القانون وبلا غطاء دولي واضح وذو استمرارية ! والذي يجري الآن في بعض الدول / اليمن مثلا كنموذج /هو البداية الحقيقية لفك الارتباط بين الإسلاموية والاستبداد العربي ـ الذي لازال قويا ـ بحكم المتغيرات الدولية من جهة وبحكم متطلبات الفعل السلطوي العربي في العلاقات الدولية.
ثم أزدياد الحديث والخلافات حول ما يعرف بالفتوى والاجتهاد، هذا الداء الذي انتشر بين الدعاة القدامى منهم والجدد وما يستتبعه من خلافات حولها وفي سياقها يجعل الأمر الديني دنيويا بامتياز ! وهذه هي العصرنة الموضوعية والتي ستبقى بالمقابل عملية الهروب من هذه العصرنة قائمة لدى مختلف التيارات الإسلامية....ولكن إلى أين ؟



#غسان_المفلح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماركسية واليسار نوستالجيا متأخرة أم تعبير عن إفلاس؟
- القضية الكردية في سوريا تنميات على المواقف
- الطائفية وإرادة السلطة شيء من الفخ العراقي
- لبنان وسورية دولتان لشعب واحد
- فدوة لله شكد يخبل جيفارا
- على المسلمين الاعتذار
- الإسلام السياسي من منظور هجين سوريا نموذجا
- 11سيبتمبر كارثة على أمريكا أم علينا ؟
- مشروع الهيبة في فضاء الخيبة !!تعزية خاصة إلى ميشيل كيلو
- المعارضة السورية بين قمع السلطة وغياب السياسة 3
- المعارضة السورية بين قمع السلطة وغياب السياسة
- الليبرالية العربية ..تغيير المسميات في هذا الزمن القحط
- الارتجال السياسي من يحكم سوريا ؟
- البيانوني يعود غلى خطاب السلطة
- الجولان المحتل بعد 1701
- الليبرالية العربية -3 رد على د.شاكر النابلسي
- إيران دولة جارة وسلطة جائرة
- أسئلة باردة في زمن ملتهب
- قانا والنظام العربي
- الانفال والارتال ميزة النظم القومية


المزيد.....




- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - غسان المفلح - إشكاليات