أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - خليل الشيخة - التعابير المشتركة بين الإنسان والحيوان















المزيد.....

التعابير المشتركة بين الإنسان والحيوان


خليل الشيخة
كاتب وقاص وناقد

(Kalil Chikha)


الحوار المتمدن-العدد: 7437 - 2022 / 11 / 19 - 18:32
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


التعابير المشتركة بين الإنسان والبهائم
نشر تشالرز داروين كتاب "التعبير عن الإنفعالات عند الإنسان والحيوانات: عام 1872، أي بعد نشره كتاب أصل أو نشأة الإنسان بسنة. وترجع أهمية هذا الكتاب ليس فقط للنظرية المتكاملة التي قدمها في الإرتقاء أو التطور، بل لأن هذا الكتاب أرسى شكلاً من أشكال علم النفس لما ذكره في طريقة الانفعالات التي تتشكل عند الإنسان في الغضب والسعادة والخوف والقرف. هذه الإنفعالات كانت مجال دراسة داروين وقد قارنها مع بقية الحيوانات.
إحدى هذه الدراسات والتي ذكرها في الكتاب، هي أنه جمع عدة أشخاص وقدم لهم صوراً مختلفة من تعابير الخوف والحزن والقرف والسعادة والغضب لبشر من ثقافات متعددة حيث اتفق هؤلاء على هذه التعابير في الصور، مما أستنتج أن البشر جميعا يشتركون بغض النظر عن الثقافة بذات التعابير في شد أو ارتخاء عضلات الوجه أو طريقة التعبير عن الإنفعالات اليومية.
الكتاب كبير الحجم وترجمه مجدي محمود المليجي عام 2005 حيث تجاوز 600 صفحة. وهو مليء بالتفاصيل التي ذكرها داروين بعضها أعتمد على دراسات باحثين في علم التشريح والبعض الآخر لاحظه بنفسه سواء على أطفاله أو على الحيوانات الأليفة التي في بيته أو الاسطبل. هناك تشابه في التعابير في الحالة التشريحية عند الإنسان والحيوان حيث أرجع كل الإنفعالات في الإنسان إلى الدرك الأسفل للكائنات الحية.
بشكل عام، هناك مبادئ أساسية لتفسير التعبيرات والإيحاءات التي يتم استخدامها بشكل لا إرادي عند الإنسان والحيوان : الأول هو عادات التزامن المفيدة مثل تصلب شعر الجسم عند الرعب والكشف عن الأسنان تحت تأثير الغيظ عند الإنسان الحيوان. وتورد بالوجه عند الشعور بالخزي أو الخجل، والتجهم عند الإحساس بالسخط مع تطيبق قبضة اليد عند البشر، وخلافاً لذلك، يحدث عند الكلب أنه يهز ذيله عندما يكون سعيداً مع صاحبه ويخفيه بين رجليه عندما يشعر بالرعب. مثال آخر هو أن الإنسان البسيط غالباً مايقوم بهرش رأسه عندما يشعر بالحيرة وهي حركة لاإرادية بالحك بغية إزالة الغبش عن تلك المنطقة التي لايفهمها، وربما يدلك عيونه عندما يحتار أو تعرضه لإحساس غير مريح. وهناك أيضاً عند الناس الذين يحركون المقص، يحركون معه فكهم بشكل متزامن. وهناك عادة عند الكلاب هي أنهم عندما يريدون النوم على السجادة، فقد يدورون حول المكان ويخدشون بأظافرهم وكأنهم في منطقة ترابية، وعادة عند الخيول وهي عندما يحكون ظهور بعضهم البعض، أو تحاول حك رقبة فرس، فأنه يفتح فمه وكأنه يعض الهواء.
وثانياً: التصرفات الناشئة عن الجهاز العصبي والإرادة والإعتياد: يذكر داروين أنه عندما كان في زيارة متحف للحيوانات، وضع راسه على زجاج معرض لثعبان كبير وحاول ألا يتحرك، لكن عندما حاول الثعبان لسعه أزاح رأسه مرتعباً بشكل لاإرادي. مثال آخر على أفعال لاإرادية هو أنه عندما تضع حمض على قدم ضفدع مقطوع الرأس، فإنها تحرك قدمها محاولة إزالة الحمض.
إن أصوات الإنسان المصاحبة للألم مثل الصرخات والصيحات العالية في حالة المرض عند الإنسان ليس لها فائدة في مضمونها، وهي مستمدة من الحيوانات الصغيرة عندما تكون في محنة كي تسمعها أمها فتهب لمساعدتها وإنقاذها. فإن الأرانب في العادة صامتة، لكنها عندما تتعرض لخطر الموت تصدر أصواتاً وهي لافائدة منها سوى الإستغاثة بالأم. وغالباً مانرى أن الشخص الغاضب يصدر أصواتاً خشنة النبرة وعالية وكذالك الكلاب عندما تستعد للقتال. في الغالب، الأصوات في الحيوانات والإنسان غرضها التواصل مع نوعها سواء في حالة الخطر أو جذب الأنثى كما عند البلابل.
عندما يحصل عراك بين الكلاب، فإن الكلب يتصلب ظهره وشعره ويرفع ذيله وهي عادة عند الكثير من الثديات حيث تجهد عضلات الجسم وتحرك آذانها للخلف. وعلى العكس، فهي عندما تتمسح بصاحبها، فإنها تخفض آذانها وتلعق الأيدي والوجوه لأن هذه العادة نشأة من اهتمام الأم بأطفالها. ومثالا على ذلك، الكلاب تلعق جرائها بغرض تنظيفها، وهكذا أخذت هذه العادة حتى لدى الذكور. وهناك علامة للخضوع والخوف لدى الكلاب بأنها ترمي نفسها على الأرض وتتمرغ أمام أصحابها إشارة للمحبة. ظاهرة أخرى هي أنه من النادر ماترى كلاب الصيد تنبح.
تعبر القطط عن المحبة بصاحبها بالتحكك به أو بالكراسي وهي عادة نشأت عندها لأنها كانت تحك نفسها بأمها بغية العناية. ولكن عند الغضب، تقوم بتقويس ظهرها وتصلب شعرها ورفع ذيلها مثل الكلاب، وهي عادة موجودة عند الطيور إذ أنها تنفش ريشها لخدعة العدو بتكبير حجمها. ومن الملاحظ أن القطة تطلق حوالي سبع أصوات. أما عند الخيول فإنها تقوم بسحب آذانها للخلف عند الغضب استعداداً للعض، وعند الملل تقوم بنبش الأرض بحوافرها وهي حالة متبعة عند الماشية، مثل الماعز والأغنام والثيران في ساعة المواجهة. أما قرود الشمبانزي تصدر أصواتاً مثل النباح عند السرور وهي بمثابة الضحك عندنا، وهي تشعر بالدغدغة تحت الإبط مثل الإنسان ويوجد عندها تعبير عن الارتياح على الوجه مثل الإبتسامة عندنا.
الإنفعالات المؤلمة: يظهر الأسى عند الحيوانات مثل البكاء عندنا، فقد يعبر عن البكاء بالصراخ وفصيل قرد المكاك يزرف الدموع عند الحزن. على خلاف ذلك فإن القرود تقوم بتبويز شفاهها عند الغضب والحملقة على الخصم مع حركات سريعة وقصيرة ومتكررة كما لو أنها تستعد للوثوب. وعندما تغضب الغوريلا، تقوم بتوسيع فتحات أنفها وتصيح صيحات عالية. ويجدر بنا القول أن الإنسان يغلق فمه ويخفف من تنفسه عندما يلضم خيط الأبرة وهي علامة للتركيز وعدم التشويش
الدهشة والرعب: وضع داروين سلحفاة في مقصورة فيها قرود فبدت عليهم الدهشة والتحديق - ورفع الحواجب والعيون- بشكل مركز على الكائن الغريب، لكنهم حالما أطمأنوا لها وأخذوا يلامسونها . وعندما وضع لهم ثعبان شعروا بالرعب. ونفس حالة الدهشة تصيب الانسان في رفع الحواجب والعيون. وجدير بالذكر هو أن الحشرات تقوم بالصرير عند الغضب والرعب.
عندما يبكي الأطفال، يغلقون عيونهم ويفتحون افواههم على اتساعها، وعندما يطول البكاء والصراخ، يحمر الوجه والعيون لأن الدم ينحبس في الرأس. وينتج الدمع عند الإنسان في حالة الضغط على العضلات المحيطة بالعين وهذا ناتج عن الابتعاد عن الأقنية الدموية وتنقبض هذه العضلات عند الضحك الشديد أو السرور الشديد. يحدث ذرف الدموع عند قرود المكاك بنفس السبب عند الإنسان. ويقوم أيضاً عند الفيل الهندي في حالات الحزن حيث تزرف الأم دموعها في حال فقدانها صغارها.
القلق والإكتئاب والأسى: يقوم الأشخاص الذين يعانون بالشعور بالأسى والقلق بحركات عنيفة، بدافع الراحة النفسية، ورغبة بالقيام بأي تصرف مثل الدوران حول الذات أو الميل للجمود دون حراك، حيث يصحب هذا انخفاضاً في الخدود وتهدل في العضلات، وعلى العكس فإن الضحك والسرور هو مفيد للبشر لإستهلاك الطاقة العصبية الزائدة عن الحد في الجسم. وتشترك القرود العليا بأصوات تشبه الضحك لذات الغرض. وهناك في اثيوبيا قبائل الكافر يزرفون الدموع أكثر من غيرهم عند الضحك، بينما، تقوم القبائل البدائية في استراليا بالتلمظ في حالات السرور وامتصاص الهواء وكأنهم يبلعون طعاماً لذيذاً.
ولاشك أن التقبيل عند البشر هو علامة في المحبة والمودة، وهو ناشئ عن تقبيل الأم لأطفالها، بينما يعبر قبائل النيزلنديين عن المودة والمحبة لبعضهم بحك الأنف والقيام بضرب الأيدي والأقدام أو النفخ على أجزاء من الجسم أو الحك على البطون، وكل هذه الحركات تم تركيبها عبر الزمن للتعبير عن السرور. وكم من الأباء أو الأمهات يبكون عند لقائهم ابناءهم بعد مدة، لأن الإبتهاج الشديد يؤثر على الغدد الدمعية والسبب، هو أن الأفكار الخاصة بالأسى قد مرت بهم من قبل، وولدت الدموع. وربما الذكريات الخاصة بموطننا السابق يسبب لنا زرف الدموع لأننا نشعر بأن تلك الأيام لن تعود. وحتى الموسيقى تجعلنا أحياناً نبكي أو نشعر بالسرور لأنها تذكرنا بالماضي السحيق بنبرة صوتنا في حالات الأسى والسرور.
تعابير الصلاة والخضوع : إن الحركات التي يؤديها البشر في الصلاة في ضم اليدين أو الركوع والسجود هي علامة للإستسلام والخضوع وهي تمثل حالة أسير الحرب الذي يستسلم للمنتصر، حيث يسلم يديه لربطهما والركوع على الأرض ليعبر عن كامل استسلامه مع رفع العينين للأعلى توسلا للمنتصر. بينما تخلو العيون من التعبير في حالات الشرود والتأمل.
الإستهزاء والتحدي والغضب والإزدراء : لاشك أن أسلافنا من أشباه البشر كانوا يكشفون عن أنيابهم عند الإستعداد للمعركة وتحوّل هذا مع الزمن إلى الإستهزاء بالخصم. والبصق يمثل عند معظم البشر الإزدراء والإشمئزاز وهو يمثل في الأساس نبذ ماهو فاسد في المعدة. أما البصق في الوجه فهو يعود إلى حركة الثعبان برمي السم على الخصم.
هناك تعابير متوارثة في الشعوب، فالبريطانيون لايحركون أطرافهم عند الحديث بينما الشرقيون يحركون أطرفهم ويهزون رؤوسهم وهذا بسبب التوكيد على تمثيل الحديث بالحركات. إضافة لذلك فإن هناك تعابير مشتركة بين الإنسان والحيوان في حالات الرعب والخوف وتوسيع الحدقات وانتصاب الشعر.
الخزي والخجل والحياء: القرود تحمّروجوهها مثل الإنسان نتيجة الإنفعال العاطفي. ويظهر التورد عند الشخص نتيجة الانتباه من الآخرين إلى مظهره أو سلوكه وعكس ذلك فإن المغرورين بأنفسهم لايشعرون بالخجل أو الحياء.
إن الحركات المفيدة في الإشباع لرغبة ما تصبح إعتادية إذا تكررت حتى لو أصبحت غير مفيدة فيما بعد. وإضافة لكل هذا، نقول أن 93 بالمئة من التواصل بين البشر هو غير لغوي ويتم عبر الإيحاءات والإماءات في العيون والرأس والأطراف. وأخيراً نقول أن هذا الكتاب قد أرسى لأسس علم النفس وعلم الأنثروبولوجيا لأنه أتبع الطريقة العلمية في الإستدلال على الظاهر والقيام بتفسيرها، وهي طريقة جديدة في تلك الفترة التي نشر فيها داروين هذا العمل. وفي العادة، هذه الكتب لم تكتب للناس العاديين بل لذوي الأختصاص وهذا أحد أكبر المشاكل التي تواجه بعض الناس في فهم نظرية التطور عند داروين. ومن أراد فهم هذه النظرية التي كانت ثورة في عصرها عليه قراءة ثلاث كتب لداروين أولهم أصل الأنواع ثم كتاب نشأة الإنسان وبعده هذا الكتاب.
نوفمبر-19-2022



#خليل_الشيخة (هاشتاغ)       Kalil_Chikha#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأحمدية كفر وإلحاد
- الشرطة في خدمة الشعب
- ما أشبه بارحة باليوم
- الديك والكلب
- اللغة واللهجة: مدينة حمص نموذجاً
- يوحنا الدمشقي بين الجبرية والحرية
- مجزرة 1860 وتأثيرها على الحاضر
- إمامة المرأة في الإسلام
- نصارى ومحمديين
- فيلم وتأثير راشمون
- عيد هلوين في الولايات المتحدة
- السودان وعصا العسكر
- داروين انسان دجّال
- الحج هتلر
- كورونا الإمبريالية
- العلمانية إلحاد وكفر بواح
- في أم كلثوم وإسرائيل
- في الأرض المسطحة والتسطيح
- في الشرق والغرب
- رواية الصمت اليابانية


المزيد.....




- فرنسا: الجمعية الوطنية تصادق على قانون يمنع التمييز على أساس ...
- مقتل 45 شخصا على الأقل في سقوط حافلة من على جسر في جنوب إفري ...
- جنرال أمريكي يوضح سبب عدم تزويد إسرائيل بكل الأسلحة التي طلب ...
- شاهد: إفطار مجاني للصائمين في طهران خلال شهر رمضان
- لافروف عن سيناريو -بوليتيكو- لعزل روسيا.. -ليحلموا.. ليس في ...
- روسيا تصنع غواصات نووية من جيل جديد
- الدفاع الأمريكية تكشف عن محادثات أولية بشأن تمويل -قوة لحفظ ...
- الجزائر تعلن إجلاء 45 طفلا فلسطينيا و6 جزائريين جرحى عبر مطا ...
- لافروف: الغرب يحاول إقناعنا بعدم ضلوع أوكرانيا في هجوم -كروك ...
- Vivo تكشف عن أحد أفضل الهواتف القابلة للطي (فيديو)


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - خليل الشيخة - التعابير المشتركة بين الإنسان والحيوان