أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خليل الشيخة - داروين انسان دجّال














المزيد.....

داروين انسان دجّال


خليل الشيخة
كاتب وقاص وناقد

(Kalil Chikha)


الحوار المتمدن-العدد: 7055 - 2021 / 10 / 23 - 21:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في الثانوية، أخذ أستاذ علم الأحياء بشرح نظرية داروين وآلياتها. رفع طالب يده في الصف سائلاً: أساتذ، هل تومن بنظرية التطور وهل تؤمن أن الأنسان أصله قرد؟ فأرتبك الأستاذ وصمت لفترة ربما يحاول تجهيز جواب مرضي ثم قال: "يا أبني هذه مجرد نظرية، وهناك كثير من الحلقات المفقودة بين القرد والإنسان". هذا كان في نهاية السبعينات. أما الآن فقد عثر علماء الحفريات على جميع الحلقات المفقودة. من الشبيه بالانسان (الأردي) وحتى الانسان الحالي.
سمعت يوماً شيخاً يقول أن داروين آنسان دجّال. وعادة الدجل له غايه شخصية أي ابتزاز الآخرين لمصالح شخصية، فتكذب عليهم وتوهمهم بأشياء كي تبتز أموالهم. مثل الذين يدعون ايجاد المفقودات وإحضار الغائب... إلا أن دارون قد أفنى عمره في سبيل أن يفسر ظواهر متشابة في الكائنات الحية كنا نمر عليها مرور الكرام.
أتذكر أني في اليوم الثاني استدنت ثمن الكتاب واشتريته من بائع جوال، كان حجم الكتاب كبير وسعره غالِ جداً. كان عنوانه " أصل الأنواع" . وكدت أضيع بصفحاته وتفاصيله الكثيرة عن المقارنات بين مناقير بعض الطيور القصيرة والأخري طويلة وكل هذا في رحلته مع مجموعة البيغل. ظل الرجل أكثر من خمس سنوات يدرس ويتحرى في الجزر التي مر عليها بين الأنواع والضروب. الألوان والحجوم. واستنتج أهم مرتكز في نظريته ألا وهو الإنتخاب الطبيعي. وكما نرى أن الكتاب لايحمل كلمة تطور أو ارتقاء، انما يحمل أصل الكائنات الحية. والتطور هو غير الارتقاء. فالتطور هو انتقال من مرحلة لأخرى وليس بالضرورة أفضل أو أرقى، إنما الارتقاء هو التفوق عن السابق.
وأنا لا ألوم كل من لايفهم هذه النظرية لأنها صعبة وليست سهلة الفهم. وهي بحد ذاتها تطرح ألاف الأسئلة في ذلك الوقت دون أجوبة . أي كانت مجرد تفسيرات لظواهر التشابه والتنوع للكائنات الحية لم يسبقه أحد من قبل. وتظل النظرة الدينية للخلق لاتفسر السبب في عدد الألوان والحجوم والتشابه بين الكائنات الحية. فلماذا رقبة الزرافة الطويلة فيها نفس عدد الفقرات التي في الجربوع. وهناك مئات الأشياء التي طرحها في الكتاب. بحث الرجل طوال عمره دون النظر إلى الفائدة الشخصية أو المادية بل كان متواضعاً يحب الآخرين. فقد قال مرة عن نفسه معترفاً بقصوره في الفهم حيث قال: " قد أكون بطيء الفهم عن غالبية الناس، لكني أتميز عنهم بأني دقيق الملاحظة. وبالفعل نرى ذلك في كل كتبه التي ألف فيما بعد مثل "الانفعالات والتعبيرات المشتركة بين الانسان والحيوان".
أظن أن كل من وصم دارون بالدجل هو لم يقرأ نظريته أو قرأها ولم يفهما لأنها صعبة الفهم، أو يستعمل هذا المفهوم بشكل إسقاط نفسي. والثورة الاكترونية التي نعيش، من الصعب على هذا الجيل الا يطّلع على معارف العصر، وهذا الجيل يطرح كثير من الأسئلة ولايجد الأجوبة إلا في المجالات العلمية. ولأننا شعوب متخلفة، مازال الفقهاء عندنا ينكرون هذه النظرية ويكفرون من يؤمن بها دون إعطاء بديل أو تفسير لكل هذا التنوع في الكائنات الحية والتشابه. وبقي الأفراد الذين حاولوا التصالح مع العلم أقلاء من أمثال محمد عبده ومحمد شحرور ومحمد محمود طه وعدنان إبراهيم وجمال البنا وحتى مصطفى محمود. لكن هؤلاء لايمثلون التيار الساحق من الهيئة الدينية في الوطن العربي.
أحياناً صعوبة فهم نظرية تتوقف على صعوبة تصور النتائج. لأنها تعمل ضمن ملايين من السنين حتى يختمر أي تحول أو ارتقاء في الكائن الحي. فقد سألني مرة زميل لي في الهندسة لم يقرأ النظرية ساخراً: يعنى هذا إذا وضعنا حجش في جزيرة، هل سنأتي بعد ألف سنة ونراه قد أصبح إنسان.؟ وبالفعل صعوبة هذه النظرية يأتي من أنك لاتستطيع أن تختبرها مخبرياً لكنك يتوجب عليك تفسير التشابه الجيني بين الشمبانزي والانسان بقدرة 98 بالمئة. ولماذا باستطاعة الخيل التزواج مع الحمار. ثم علاوة على ذلك فقد تجاوز عصرنا كل ذلك وأصبح هناك تطبيقات لهذه النظرية ومدارس واسعة. مثل علم النفس التطوري وعلم الإجتماع التطوري وعلم الوراثة وعلم الجينات وحتى التاريخ البشري أصبحت الداروانية لها تيار فيه فقد أختفت شعوب بأكلمها لأنها لم تستكع التكيف مع متغيرات المناخية أو لاتصلح أي ضعيفة للآخرين. وفي الواقع لم يكتب داروين النظرية لنا نحن العرب ولا أظن أن أحداً من العلماء كتب من أجلنا. وكل هؤلاء لايهمهم إن قرأنا أو فهمنا نظرياتهم. وحتى المستشرقين لم يكتبوا سطراً واحد لنا. بل كانت كل كتاباتهم موجه لمجتمعاتهم وبلغاتهم الأم. فقد قال غاليلو مرة عندما أنكر دوران الأرض في المحكمة حيث خرج محدثأ نفسه ومتحدياً : إنها تدور رغم أنوفكم ( أي لرجال الدين الذين أدانوه بالاعدام أن لم يتراجع عن أفكاره الكفرية). ومازال بعض رجال دين اسلامي يكفرون من يعتقد بكروية الأرض.
والقول أن نظرية التطور هي علمية، هو أن الآليات التي أعتمدت عليها هي إستقراء الظواهر وتدوين النتائج . لكن ليس فيها قانون مثل قانون الضغط أو القدرة أو الجاذبية. وتكاد هذه المرتكزات التي أعتمدت عليها قوانين تعمل ضمن ملايين السنين. أي عندما يواجه الكائن بظروف مستجدة، فعليه أن يختار بين الاندثار أو التكيف. أي لنفرض أننا وضعنا سلاحف في جزيرة ليس فيها حشائش، لكن فيها شجيرات. فمن هذه السلاحف ذوات الرقبة الطويلة ستتغذى وتعيش في الجزيرة، وذوات الرقبة القصيرة، لاشك أنهم سيموتون جوعا. ولن تجد بعذ فترة إلا السلاحف ذوات الرقاب الطويلة. فالكائن غير مطلوب منه أن يغير من طبيعته إلا تحت الظروف القاهرة. وهذه أحد الاسباب التي انقرض فيها الديناصورات و99 بالمئة من الكائنات الحية. أي بمعنى أخر، نحن أمام واحد بالمئة من الكائنات التي نجت وعاشت على الأرض. فالتطور جاري أمام أعيننا بشكل يومي. فهذه فيروسات الانفلونزا التي تغير من طبيعتها كل سنة وفيروس كورونا الذي كلما واجهناه باللقاح والأدوية تحور وطور من فاعليته كي يبقى. وهذا سيجرنا إلى موضوع آخر في غاية الأهمية عن الوعي . هل هو صفة من صفات الإنسان أم أنه كامن في كل كائن في الكون. وربما لي موضوع آخر أتكلم به عن الوعي.



#خليل_الشيخة (هاشتاغ)       Kalil_Chikha#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحج هتلر
- كورونا الإمبريالية
- العلمانية إلحاد وكفر بواح
- في أم كلثوم وإسرائيل
- في الأرض المسطحة والتسطيح
- في الشرق والغرب
- رواية الصمت اليابانية
- في ترامب وهتلر
- في الكفر والكفار
- الحمار والعصفور
- المتواجد هناك للروائي جيرزي كوزنسكي
- عفاش..من الرئاسة إلى البطانية
- استعدوا لأحداث جلل
- روبنسون كروزو والتوحش
- أزمة الخليج وترامب
- يا إسلام ... يا مسيحية
- ديموشراسية
- شتاء في الدم
- أستاذ الحساب
- ليوناردو بيلتير وحكايات مفقودة


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خليل الشيخة - داروين انسان دجّال