أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - خليل الشيخة - أستاذ الحساب














المزيد.....

أستاذ الحساب


خليل الشيخة
كاتب وقاص وناقد

(Kalil Chikha)


الحوار المتمدن-العدد: 5337 - 2016 / 11 / 8 - 15:40
المحور: كتابات ساخرة
    


أستاذ الحساب
في المرحلة الإعدادية مرض أستاذ الرياضيات أو كما كان الطلاب يسمونه أستاذ الحساب. فارسلت لنا مديرية التربية طالب لم يتخرج من كلية (الري- في- كاف- رياضيات وفيزياء وكيمياء)، وكان ذلك الاستاذ معتز بنفسه كثيراً، فيوم يتكلم عن بنطاله واخر عن حذائه وينسى درس الحساب والجبر. فقال يوماً مشجعاً ومحفزاً : هل تعلمون أن تطبيقات الكيمياء والفيزياء حولنا، حتى في جواربنا التي تتغير رائحتها بفعل البكتيريا، وهذا عمل كيميائي، وكي نعرف عدد هذه البكتيريا بحاجة إلى الحساب والرياضيات. وعبر بعض الطلبة عن امتعاضهم للحديث عن الجوارب بأن وضعوا اصابعهم على انوفهم دليل القرف. لكن الاستاذ استرسل في الكلام وأطنب حتى قرع الجرس.
ومن هذه الدروس التي كان الاستاذ يأتي بالغريب عن اذهاننا، قال يوماً وهو في ثقة من نفسه بعد أن وضع الطبشور على قاعدة السبورة: هل تعلمون بأنه ليس هناك أحد في الكون يمكن أن يبرهن على وجود الله أو عدم وجوده. وعم الصمت لحظة اعقبه تبسم ثم شرود. قال تلميذ من آخر الصف: هذا كلام حرام استاذ، وعليك أن تستغفر الله. ودار جدل عقيم بين الاستاذ والتلاميذ حتى آخر الحصة.
في اليوم الثاني، دخل علينا الموجه أو الناظر - كما يقول أخوانا المصريون- وقال بوجه متجهم كعادته: من لدية شكوى على استاذ الحساب وماقاله البارحة فليأتي إلى مكتبي. وفرح التلاميذ بذلك، ليس حبا بالشكوى بل حبا بضياع الوقت وتوقف الدروس. كان يخرج الطالب يدلي بشهادته أمام الموجه ثم يرجع إلى الصف حتى انتهى دوام المدرسة ولم تنته الشكاوى على أستاذ الحساب.
طرد استاذ الحساب في اليوم الثاني، وأتى استاذ الديانة يتكلم عن إثبات وجود الله فيقول أمام الصف: هل ترون العين كم هي صغيرة، وهل ترون كم الأذن صغيرة، ألم تتسألون عن من صنع هذه الطاولة وذاك الكرسي، فلا شك أنه لكل صنعة من صانع، ولكل بعرة من باعر، أفليس لناكر خلق السماوات من كافر. هل تحتاجون دليلا آخر على وجود الله. لكن بذور الشك التي بدرها أستاذ الحساب كانت قد سرى مفعولها عند الطلبة، فسأل واحد منهم أستاذ الديانة: مادام الخالق في هذا الابداع والحكمة، لماذا يخلق العميان والطرشان واصحاب العاهات، أليس هذا دليل على قصور وليس ابداع. يومها جن جنون أستاذ الديانة وطلب من الطالب الزنديق أن يستغفر الله على كفره وجحوده، وبعد أخذ ورد تم طرد الطالب أيضاً من المدرسة لأنه تجرأ وسأل أو قل تأثر بأستاذ الحساب الملحد كما كان يطلق عليه استاذ الديانة. هذا الطرد والكبت ولد فيما بعد في الوطن العربي ردة فعل بحيث كثر عدد الملحدين واتسعت رقعة تواصلهم لأننا نواجه السؤال بالتخويف والتكفير والطرد. وانتشرت برامج مثل البط الأسود لصاحبه اسماعيل محمد وبرنامج صندوق الإسلام لصاحبه حامد عبد الصمد وجسور لصاحبه سال من أمريكا والجهر باإلحاد لصاحبه جون برو.
سأل عالم البيولوجيا الملحد ريتشارد دوكنز أحد اساقفة الكنائس في بريطانيا، لماذا يعبد الله رغم أن العقل ينفي وجوده، فرد الأسقف دون غضب ودون جنون، وكأن الايمان قد اعطاه السكينة: قد لايكون هناك إثبات على وجود الله، لكني أرتاح نفسيا عندما اومن بالله وأحب الاخرين لهذا السبب. فالإيمان يجب أن يمنح الانسان السكينة وليس الخوف والرعب. وقد تسمع قصص تكاد لاتصدق، مثل جلد أحد الاساتذه في دولة عربية بسبب أنه قال أن الله محبة.
والآن، أرى بأننا كلما حاولنا ترقيع المشكلة من جهة، انفتقت من جهة أخرى.





#خليل_الشيخة (هاشتاغ)       Kalil_Chikha#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليوناردو بيلتير وحكايات مفقودة
- موغابي وسرقة الدجاج
- جاستا والرز
- الموسيقى حرام
- أولاد القردة الخنازير
- استيعاب التاريخ البشري (2)
- دراخيش
- كتاب : استعاب التاريخ البشري
- بائع الشنان والغولة
- شنت منت فين
- عربو الغرقان
- خوازيق
- حدث ذات مرة - قصة قصيرة
- كتاب سيكولوجيا العنف عند البشر
- سيكولوجيا العنف -4
- اسوداد الوجه-قصة قصيرة
- سيكولوجيا العنف(3)
- سيكولوجيا العنف(2)
- سيكلوجيا العنف (1)
- الأزمة


المزيد.....




- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - خليل الشيخة - أستاذ الحساب