أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود الصباغ - العرق والدور الفاشي في السويد















المزيد.....

العرق والدور الفاشي في السويد


محمود الصباغ
كاتب ومترجم

(Mahmoud Al Sabbagh)


الحوار المتمدن-العدد: 7423 - 2022 / 11 / 5 - 00:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


توبياس هوبينت
ترجمة: محمود الصباغ

كانت الانتخابات البرلمانية السويدية التي جرت في 11 أيلول سبتمبر الماضي، بمنزلة رسالة، أرسلها حزب الديمقراطيين السويديين اليميني المتطرف، من موجات صدمة إلى العالم من خلال حصوله على أكثر من 20% من الأصوات، ليصبح ثاني أكبر حزب في البلاد. وأسفرت الانتخابات التاريخية عن استقالة الحكومة التي كان يراسها الحزب الاجتماعي الديمقراطي، وإنهاء حكمه الذي دام ثماني سنوات، وتعيين حكومة يمينية بقيادة أولف كريسترشون من حزب المحافظين [يطلق على نفسه الحزب المعتدل] كرئيس للوزراء. وهذا الوجه الجديد للسويد سوف يعمق الانحدار اليميني في أوروبا، ويجسد سياسة اليمين المتطرف في بلد لطالما حظي بالإعجاب بسبب سياساته التقدمية وشبكة الأمان الاجتماعي القوية التي يتمتع بها المجتمع السويدي.
ومن المعروف للجميع أن تاريخ حزب الديموقراطيون السويديون وثيق الصلة والقرابة التنظيمية المباشرة التي تعود إلى حقبة الحرب العالمية الثانية النازية. فقد واصل الفاشيون المتشددون، بعد الحرب، عملهم التنظيمي على هامش السياسة السويدية في منظمات مثل الحزب الوطني الاسكندنافي Nordiska rikspartiet ، الذي تأسس في العام 1956، وحزب السويد السويدية Bevara Sverige Svenskt [ حرفيا حزب الحفاظ على السويد السويدية]، الذي تأسس في العام 1979. وفي العام 1988 اجتمعت شخصيات بارزة من هذه الجماعات لتشكيل حزب الديمقراطيين السويديين .و خلال التسعينيات، سنوات الحزب الأكثر راديكالية ، قاد الحزب الناشط النازي السابق المدان أنديش كلارستروم Anders Klarström وكان سيئ السمعة بسبب تشجيعه وتزعمه أعمال العنف في الشوارع لأصحاب الرؤوس الحليقة. قبل الانتخابات الأخيرة مباشرة ، نشر الحزب كتاباً أبيضاً يشير فيه إلى أن أحد مؤسسيه كان متطوعاً في قوات الأمن الخاصة Waffen-SS خلال الحرب العالمية الثانية. هذا هو السياق الذي انضم فيه زعيم الحزب الحالي جيمي أوكيسون Jimmie Åkesson، إلى جانب الكثير من قادة الحزب إلى حزب الديمقراطيين السويديين في منتصف التسعينيات. سعى الديمقراطيون السويديون، بما يشبه التوجه الساذج وشديد السطحية إلى إبعاد أنفسهم عن جذورهم النازية، وفي هذه الجولة من الانتخابات أطلقوا على أنفسهم ببساطة حزباً اجتماعياً محافظاً ذو قيم قومية. وإذن، يبدو الحزب على السطح وكأنه، في الواقع، أقل راديكالية من - على سبيل المثال- حزب البديل لألمانيا أو التجمع الوطني الفرنسي. حتى أنه نحى جانباً، في الوقت الحالي، مطالبه بخصوص خروج السويد من الاتحاد الأوروبي فيما يعرف بمصطلح سويكزيست Swexit، وكذلك موقفه المناهض لحلف شمال الأطلسي، والميول المؤيدة لروسيا. غير أن مبررات وجود الحزب لا تزال على حالها، وعلى رأسها إعادة خلق التجانس الديموغرافي للسويد بأي وسيلة ضرورية.
سوف يعمل الديمقراطيون السويديون، في الحكومة الائتلافية الجديدة، كحزب داعم للحكومة دون أي مناصب وزارية. ويمكن القول إنهم سيخلقون الإدارة الأكثر محافظة ويمينية في السويد منذ ما يقرب من قرن، منذ حكومة حزب المحافظين القديمة التي تعود للفترة ما بين 1928-1930. ومنذ الحرب العالمية الثانية ، كانت الأحزاب اليمينية السويدية المختلفة موجهة إلى حد ما نحو الليبرالية الكلاسيكية. وتمثل انتخابات العام 2022 نهاية صارخة لتلك الحقبة. فقد نجح الديمقراطيون السويديون في جعل حزب المحافظين وبقية الأحزاب اليمينية الأخرى تتحول إلى أحزاب راديكالية ذات توجه يميني شعبوي. حيث تبنت جميع تلك الأحزاب تقريباً، في الحملات الانتخابية الأخيرة، خطاباً صارماً ضد الجريمة، مرددين صرخات شعبوية مستقطبة وإطلاق وعود بسياسات أكثر ضرامة بخصوص الهجرة. وليس جديداً القول بتصاعد صوت الأحزاب الشعبوية اليمينية واليمينية المتطرفة في جميع أنحاء أوروبا منذ النجاحات الانتخابية التي حققها حزب الحرية النمساوي والتحالف الوطني الإيطالي في عامي 2000 و 2001. ومنذ ذلك الحين، انتخبت العديد من الدول الأوروبية أحزاباً يمينية شعبوية ويمينية متطرفة لتشكيل حكوماتها، أو كأحزاب داعمة لهذه الحكومات، بما في ذلك النرويج والدنمارك وفنلندا. وبالإضافة إلى السويد، تمتلك الأحزاب اليمينية المتطرفة الآن سلطة حكومية في المجر وبولندا وسويسرا، ومؤخراً في إيطاليا. وبعد أسابيع قليلة من النجاح الانتخابي للديمقراطيين السويديين، حقق حزب إخوان إيطاليا Fratelli d Italia فوزاً ساحقاً بنسبة 26% من الأصوات، ومن المتوقع أن يشكلوا أكثر حكومة يمينية في إيطاليا منذ الحرب العالمية الثانية. وقد خطت أحزاب مماثلة منذ ذلك الحين خطوات واسعة في بلغاريا وألمانيا. وتعليقاً على هذا التطور السياسي، وفي إشارة إلى الزي البني شبه العسكري للنازيين الألمان، وصف البرلماني الفرنسي في الاتحاد الأوروبي ستيفان سيجورني Stéphane Séjourné العام 2022 بأنه خريف أوروبا البني.
تمت مناقشة أسباب هذا الارتفاع المأساوي على نطاق واسع -وإن لم تكن على الدوام مفهومة بصورة جيدة- من قبل وسائل الإعلام والأكاديميين على حد سواء. في جميع أنحاء أوروبا، كان هناك استياء متزايد بين الطبقة العاملة البيضاء والطبقة الوسطى الدنيا بسبب تراجع التصنيع والعولمة وتآكل دولة الرفاهية. وقد تحولت الولاءات بالنسبة لهذه التركيبة السكانية المحددة، بشكل كبير، من الأحزاب اليسارية والديمقراطية الاجتماعية إلى مختلف الأحزاب الشعبوية اليمينية واليمينية المتطرفة. وفي حالة الانتخابات السويدية، ربما حقق الديمقراطيون السويديون أكبر نجاح لهم من خلال تحويل المشهد السياسي السويدي بأكمله إلى اليمين. لقد جلبوا إلى التيار السائد شوقاً سويدياً محدداً للتجانس الثقافي والعرقي الذي يعود تاريخه إلى تسعينيات القرن العشرين، مما أجبر السياسيين الآخرين على الرد. على سبيل المثال، قام قادة الحزب الاجتماعي الديمقراطي، تدريجياً، بتقييد سياسات الهجرة، التي كانت سخية للغاية في فترة سابقة، بالتوازي مع المكاسب الانتخابية لليمين المتطرف. وعبرت رئيسة الوزراء الاشتراكية الديمقراطية السابقة ، ماغدالينا أندرشون Magdalena Andersson ، عن قلقها بشأن الفصل العنصري و "التجمعات الإثنية" في المدن الكبرى ، قائلة: "لا نريد حياً صينياً أو صومالياً أو ليتل إيتالي" في حيلة مكشوفة للوصول إلى الناخبين الذين تخلوا عن التصويت لحزبها لصالح الديمقراطيين السويديين الذين تجاوزا، من جانبهم، هذا الأمر واتجهوا نحو إقامة حملات علنية من أجل تثبيت برنامج إعادة المهاجرين إلى وطنهم، بهدف واضح هو جعل المهاجرين "غير الغربيين" يعودون إلى بلدانهم الأصلية. ويمكن فهم خشية العديد من معارضي العنصرية سعي الديمقراطيون السويديون إلى الاستفادة من قوتهم المكتشفة حديثاً لتحريك البلاد في اتجاه النموذج الهنغاري، وإلى حد ما النموذج البولندي، أي حكم الحزب الواحد الاستبدادي. غير أن حزب الديمقراطيين السويديين يستلهم تجربته بصورة أساسية من حزب شقيقهم، أي حزب الشعب الدنماركي، الذي نجح في العمل كحزب حكومي داعم لحكومتين يمينيتين متتاليتين. وربما تكون الدنمارك الآن، نتيجة لتأثيرها هذا، أصعب دولة أوروبية للمهاجرين غير الغربيين وأحفادهم. وضمن هذا السيناريو ، سوف يكون القصد من الخطاب العنصري وكراهية الأجانب هو الوصول إلى أقل من سيطرة كاملة على الحكومة وأكثر حول جعل البلاد غير مضيافة قدر الإمكان لغير البيض، بأمل أن يثني هذا الخطاب المزيد من الهجرة. وعلى الرغم من الخطاب العدواني للديمقراطيين السويديين، الذي يذكرنا بالحكام المستبدين المجريين والبولنديين، فمن المرجح محاكاة الطريقة الدنماركية في لعب دور داعم ومؤثر للغاية للأحزاب اليمينية الأكثر تقليدية.
يجسد التوق للتجانس الثقافي والإثني، لدى العديد من السويديين للتجانس، ما أطلق عليه البعض "الكآبة البيضاء". ويكون هذا التجانس المرغوب فيه أشد ما يكون وضوحاً بالنسبة للديمقراطيين السويديين، غير أنه لا يمنع تمتعه برضا ضمني لدى الأحزاب الأخرى - هو شعور له جذور عميقة في التاريخ السويدي الحديث. وفي القوت الذي تحتفي فيه السياسات بسبل التنوع والشمول المنتشرة على نطاق واسع عبر العديد من جوانب المجتمع، فمن المحتمل أن تكون السويد هي الدولة الغربية الأكثر انقساماً وتقسيماً وفصلاً لجهة النزعة العنصرية. ولفهم هذه الأسباب والسبل، علينا استكشاف طرق بناء دولة الرفاهية في القرن العشرين، وكذلك التحول الديموغرافي المفاجئ الذي غمر البلد خلال العقود الثلاثة الماضية. ولنتذكر أن الحزب الاجتماعي الديمقراطي دو الميول اليسارية وصل إلى السلطة في ثلاثينيات القرن الماضي ليحكموا طوال بقية القرن، باستثناء تسع سنوات منه. وأصبحت السويد، في ظل إدارتهم للبلاد، منارة للتطلعات التقدمية. بفضل نظام الرعاية الاجتماعية الأكثر تقدماً في العالم، وخطت البلاد خطوات حقيقية نحو المساواة بين الجنسين والتقسيمات الطبقة الاجتماعية، وأصبحت الدولة، في ذات الوقت، المانح الأكبر في المساعدات الخارجية للجنوب العالمي على صعيد الفرد. ولا يغيب عن بالنا أن السويد كانت، ذات يوم/ إحدى أفقر البلدان في أوروبا، التي ابتليت بالهجرة الجماعية، مما أدى إلى انفاض عدد سكانها إلى النصف تقريباً.، لقد أدى ما يقرب من نصف قرن من حكم الحزب الاجتماعي الديمقراطي المستمر إلى تحول مذهل في البلاد. وفي بعض الأحيان، عند الفوز بأكثر من 50% من الأصوات في الانتخابات، سيكون من الصعب المبالغة في تقدير قوة الحزب. ولا يزال توغه إيلانده Tage Erlander، زعيم الحزب ورئيس الوزراء من العام 1946 إلى العام 1969 ، أحد أطول رؤساء الحكومة المنتخبين ديمقراطياً في التاريخ.
وما هو أقل شهرة عن هذا التطور الملحوظ هو تطور الوضع الديموغرافي. ففي العام 1960 ، كان 0.06% فقط من السكان السويديين من غير البيض. وبحلول العام 1980 كانت النسبة لا تزال عند حدود 0.71% فقط. كان هذا التركيب العرقي إرثاً لتقليد سويدي طويل من التفكير العرقي، يعود تاريخه إلى الأب المؤسس للنزعة العنصرية العلمية، كارل فون لينيه Carl von Linné ،عالم النبات السويدي الشهير الذي عاش في القرن الثامن عشر . وزعم المثقفون والعلماء السويديون أنهم الأكثر نقاءً عرقياً بين جميع الأوروبيين، وأصروا على انتمائهم إلى ما يسمى بمجموعة فرعية من العرق الأبيض النوردي [الشماليٍ]، وهي مجموعة تعتبر، حسب زعمهم، الأفضل والمتفوقة من حيث الجاذبية الجمالية والقيمة الجينية. وبقيت هذه الإيديولوجية حية، دون أي مساءلة طوال القرن الماضي. وصدر، في العام 1914، أول قانون حديث للهجرة في السويد مستنداً على دوافع عنصرية واضحة، حيث عمل هذا القانون، حتى منتصف خمسينيات القرن الماضي، على الوقف الفوري، عملياً، لهجرة الغجر إلى البلاد بشتى السبل، بهدف الحفاظ على نقاء اللون الأبيض المتخيل. وتفاخرت السويد بتجانسها العرقي في معرض نيويورك العالمي في العام 1939 - الذي أقيم تحت عنوان "عالم الغد"-. وخلال الاضطرابات التي شهدتها حركة الحقوق المدنية الأمريكية، علق رئيس الوزراء إيلانده في العام 1965 قائلاً: "كم هو وضعنا في السويد أكثر حظًا وضعنا مما يحدث هناك. فنحن نعيش في بلد متجانسة، ليس عرقياً فقط، ولكن في العديد من جوانب الحياة الأخرى". ويلخص هذا الإعلان فرضية المشروع الاجتماعي الديمقراطي، أي المشروع القائم على أن تبنى "ثروة البلد" الجماعية على أساس التجانس الديمغرافي. كانت قدرة الحزب على تنفيذ إصلاحات سياسية شاملة، والحفاظ على نفوذه على البلاد لسنوات عديدة، مشروطة بهذا التركيب العرقي المتجانس.
وما إن وصلنا إلى عقد الستينيات حتى احتدم نقاش حاد، إلى درجة أن اعتبره البعض "حرباً عرقية"، حول ما إذا كانت السويد ستسمح بتبني الأطفال غير البيض من جنوب الكرة الأرضية. وحذّرت العديد من الهيئات الحكومية من هذه الخطوة، بحجة أن اختلاط الأجناس سيؤثر سلباً على الأغلبية البيضاء. كما جادل آخرون بضرورة توقف أو تعطيل مفهوم التجانس العرقي في السويد، حيث أن تدفق الأطفال المتبنين، غير البيض، قد يساعد الدولة المعزولة على تطوير "عقلية دولية". وكان النصر من نصيب أصحاب الرأي الأخير. ونتيجة لذلك، أصبح السويديون، على مستوى الأفراد، يتبنون عدداً أكبر من الأطفال غير البيض قادمين من جنوب الكرة الأرضية مقارنة بأي دولة أخرى في العالم. وفي العام 1980 ، كان ما يقرب من ثلث (عدد قليل جداً من) السكان غير البيض متبنين.
لم يتغير التكوين العرقي للسويد بشكل كبير حتى التسعينيات. وأصبحت البلاد، قياساً بحجم سكانها، أكبر مستقبل للاجئين المهاجرين من جنوب الكرة الأرضية. وبعد ثلاثة عقود من سياسات اللجوء السخية نسبياً ، أصبحت السويد الآن في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة فيما يتعلق بمسائل بالتنوع العرقي، مع وجود حوالي 20% من سكانها ممن هم من غير البيض. وهذا معدل تغير مذهل، من أقل من 1٪ إلى حوالي 20٪ خلال حوالي أربعين عاماً. ويأتي غالبية المهاجرين السويديين من الشرق الأوسط وإفريقيا، ويغرق الوصم السياسي للمهاجرين اليوم، وهو أمر أساسي في خطاب الديمقراطيين السويديين، في الإسلاموفوبيا والعنصرية ضد السود. ويواجه العديد من السويديين غير البيض المنحدرين من الشرق الأوسط وأفريقيا تهميشاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً شديداً. ويصل إلى مراكز الشرطة سنوياً آلاف البلاغات عن جرائم الكراهية العنصرية وكراهية الأجانب، كما أن هناك الكثير من الحوادث المشابهة التي لا يتم الإبلاغ عن العديد منها. لقد حدث التحول الديموغرافي المفاجئ في السويد خلال جيل واحد فقط. ولا يزال غالبية السكان البيض يتذكرون تلك الدولة التي كانت، حتى أواخر الثمانينيات، مجتمعاً متجانساً عرقياً بنسبة تصل إلى نحو 99٪. هذه هي الذاكرة الحية التي استغلها الديمقراطيون السويديون منذ أول نجاح انتخابي لهم في العام 2010. واستطاع الحزب أن يضرب على وتر حساس ينغرس عميقاً في وجدان المواطن السويدي، من خلال إطلاقه جملة وعود بإحياء الجماعة السويدية المتجانسة عبر وقف الهجرة غير الغربية وحتى إعادة الأفراد المهاجرين إلى أوطانهم. وسوف يعمل الحزب، في السنوات الأربع المقبلة، على أن يكون له تأثير أكبر على حكم الأمة أكثر من أي وقت مضى. وسوف يبذل قصارى جهده لاستحضار صورة الأمة المفقودة ، وبالتالي تقديم السلوى لأولئك المفجوعين بضياع الأمة وتشتتها. ويبدو أن العديد من السويديين البيض، هبر الطيف السياسي الأوسع، يشاركون الحزب هذا الشعور رغم ندرة التعبير العلني عن هذه المشاعر. وسوف يسعى حزب الديمقراطيون السويديون إلى زيادة منسوب تطرف الأحزاب اليمينية التقليدية الثلاثة [ المحافطين، الليبرالي، والديمقراطي المسيحي] تحت تهديد الاستمرار في الضغط على ناخبيهم. في الوقت عينه الذب سيواصلون فيه التقرب من ناخبي الطبقة العاملة البيضاء والطبقة المتوسطة الدنيا لخملهم على التخلي عن الحزب الاجتماعي الديمقراطي. فبعد انتخابات 11 أيلول/ سبتمبر الفائت، والتي غيرت قواعد اللعبة، أعلن الديمقراطيون السويديون عن هدفهم في أن يصبحوا أكبر حزب منفرد، ربما بحلول موحد الانتخابات المقبلة في العام 2026 الذي ليس ببعيد على كل حال.
ولكن، كيف يمكن تجنب سيناريو هذا الكابوس؟
لا نعثر في سويد اليوم، إلا على شظايا متناثرة هنا وهناك من نظام الرفاهية الذي كان نموذجاً فريداً من نوعه على الصعيد العالمي والتاريخي في القرن الماضي. وتمضي البلد، الآن، في طريقها لفقدان آخر بقايا التقدمية في غضون سنوات قليلة قادمة. وقد باتت برامج الرعاية الاجتماعية ذات الدعم والسوية العالية، كما وضح ذلك العديد من علماء الاجتماع، مقتصرة على المجتمعات المتجانسة عرقياً. وما زلنا عرضة بشكل مأساوي للنزعة القبلية، حيث لا يحبذ الناس فكرة منح الموارد لأشخاص لا يشبهونهم. ومن الأهمية بمكان أن يقوم مناهضو العنصرية واليساريون بصياغة واكتساب الدعم الشعبي لصالحهم، وتقديم رؤية قوية بما يكفي لمواجهة هذا الاتجاه وغيره من الاتجاهات الأساسية التي يعتبر أفراد حزب الديمقراطيون السويديون ومن يناصرهم خبراء في تأجيجها. وهناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به مع تضاؤل الدعم الذي تلقته الأحزاب اليسارية في الانتخابات الأخيرة. ويجب أن تتضمن هذه الرؤية سياسات اقتصادية يسارية حقيقية، تعرض علاج العقود الثلاثة الماضية من إلغاء القيود على السياسات والممارسات النيوليبرالية المدمرة، ونزعة اقتصاد التسويق السيئة، والخصخصة. لقد خلقت إجراءات التقشف هذه الشروط المسبقة للدعم الانتخابي الهائل من قبل الديمقراطيين السويديين. ويحتاج اليسار، في الوقت الحالي، إلى إيجاد طريقة بديلة للرد على مشاعر الخسارة المنتشرة بسبب تآكل دولة الرفاهية. وبينما يعد الديمقراطيون السويديون ناخبيه بثبات الماضي من خلال استحضار الحنين العرقي، يحتاج اليسار إلى تقديم رؤية لدولة رفاهية قوية يمكن أن تشمل جميع الأشخاص الذين يعيشون في السويد. ويكاد يكون من المؤكد أن هذا سيتطلب تقديم إحساس أكثر رحابة بما يعنيه أن تكون سويدياً.. إحساس لا يستمد معناها من العرق أو من البلد الأصلي.
.....
العنوان الأصلي: Race and Sweden’s Fascist Turn
المؤلف: Tobias Hübinette
المصدر: https://www.bostonreview.net/articles/race-and-swedens-fascist-turn/



#محمود_الصباغ (هاشتاغ)       Mahmoud_Al_Sabbagh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حدود الفصل حكاية غير مروية بين يافا وتل أبيب قبل العام 1948
- دراسة حالة: الصراع على الفضاء المكاني لمدينة عكّا
- ثلاثية الألوان: كريستوف كيشلوفسكي
- بيوغرافيا قاتل: أنا لوي ألتوسير، قتلت زوجتي التي أحب
- الصراع في وعلى القدس: صراع مساحات أم اعتراف بالآخر؟
- ملاحظات نقدية حول -الدراسات العربية الإسلامية- في البرتغال
- الاتجاهات الجديدة في الدراسات النقدية لتسمية الأماكن
- الحروب الأهلية -الجديدة- و-القديمة-
- سلمان رشدي وحروب الثقافة النيوليبرالية
- خيبة أمل أوروبا ما بعد الحقبة السوفييتية: قراءة في كتاب جون ...
- حرب أوكرانيا وانعكاساتها على التوتر العسكري الأمريكي الصيني
- (دفاعاً عن التجربة السوفييتية).السوفييت والشعوب: الاتحاد الس ...
- بوب ديلان في السويد: بين -صابرا- كيبوتس عين دور و أروقة أكاد ...
- تاريخ جديد ، أفكار قديمة
- حواري مصر: أدلة بيئية جديدة على بناء أهرامات الجيزة
- قوارب الفلاسفة : 100 عام على طرد المثقفين الروس
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات
- المؤتمر الإسلامي في القدس 1931
- الاختلال في التوازن العالمي كما يراه كيسنجر
- اختراع الأرض المقدسة: الحج البروتستانتي الأمريكي إلى فلسطين ...


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود الصباغ - العرق والدور الفاشي في السويد