أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - محمود الصباغ - سلمان رشدي وحروب الثقافة النيوليبرالية















المزيد.....

سلمان رشدي وحروب الثقافة النيوليبرالية


محمود الصباغ
كاتب ومترجم

(Mahmoud Al Sabbagh)


الحوار المتمدن-العدد: 7383 - 2022 / 9 / 26 - 20:32
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


ترجمة: محمود الصباغ
تمثل قضية الروائي [سلمان] رشدي مثالاً على تسويق المشاعر المسيئة، بعيدا عن الحديث عن أي معركة ميتافيزيقية بين التعصب والتسامح، وقد آثار الهجوم الوحشي عليه أثناء إلقائه محاضرة عامة في نيويورك، الشهر الماضي، فيضاً من ردود الأفعال الكاشفة من العناصر الليبرالية في الغرب. لقد كتب آدم غوبنيك في "نيويوركر" ، شاجباً التهديد "الإرهابي" الدائم لـ "الحضارة الليبرالية" في خطاب قد يكون يعود صداه لإدارة [الرئيس الأمريكي الأسبق] جورج دبليو بوش. (حتى تطبيق القانون رفض ربط الاعتداء بالإرهاب). وفي الوقت نفسه، كتب غرايم وود، في مجلة "أتلانتيك" مشبّهاً نقد النصوص بالتواطؤ في عملية الاغتيال، في حين دعا برنارد هنري ليفي إلى ما هو متوقع من خطاب ضد التعصب إلى "حملة" من أجل " تأكيد" فوز رشدي بجائزة نوبل في الأدب لهذا العام -وهو سبب انضم إليه المحرر في "نيويوركر" دافيد ريمنيك أيضاً. ولعلنا سوف نصاب بالصدمة لو علمنا أن الروائي كان قد تعرض للهجوم بعد فترة طويلة، فيجب أن نشعر بالصدمة أيضاً أن هذا التعليق يبدو مشابهاً تماماً لما كان عليه عندما تعرضت حياته للتهديد لأول مرة منذ أكثر من ثلاثين عاماً. ويبدو أن السمة المميزة لهذا النوع من السخط الليبرالي هي التنصل العقائدي من التاريخ. فبدلاً من التحليل الدقيق لظروف معينة (وبالتالي متغيرة)، فإنه يتم الاعتماد على الصورة النمطية والحكاية لتصوير صراع ميتافيزيقي بين التعصب الديني والتسامح الليبرالي – وهذا الصراع هو نفسه يتكرر دائماً في كل مكان وزمان. ويبدو لافتاً للنظر محو السياق. لذلك سوف نتحرى، هنا، عن التمييز بين الاحتجاجات الأصلية التي أعقبت نشر آيات شيطانية في أيلول/ سبتمبر 1988 ودعوة آية الله الخميني لقتل رشدي بعد أشهر قليلة، أي في شباط/ فبراير 1989. والنتيجة هي إخفاء، ربما السؤال التاريخي المركزي: كيف، بالضبط، أصبح نشر رواية رشدي ظاهرة جيوسياسية عالمية أدت إلى تهديد حياته. وسوف نبحث هنا أيضاً، ربما دون جدوى، حتى عن أبسط حالات الوعي بالتاريخ القانوني الإسلامي وثقافته، ونقل المعرفة التي لا يمكن أن تساعد في مراجعة فهم المرء لقضية رشدي. وليس من المستغرب أن يصر هؤلاء المعلقون على استخدام المصطلحات الخاطئة من خلال وصف تصريحات الخميني بأنها فتوى. كما أوضحت الواشنطن بوست قبل نحو ربع قرن، كان تصريح الخميني يمثل، في الواقع، حكماً، أي فتوى تصدر عن مرجع ديني رداً على سؤال افتراضي ولكن ليس لها قوة قانونية، بينما يعتبر حكم أو مرسوم رئيس الدولة تدخلاً حكومياً في هذه الحالة. لقد كانت الصحافة الغربية، وليست إيران، هي من أصرت على تسمية إعلان الخميني بالفتوى -وليس هذا سوى خلط جاهل بشكل واضح، ولكنه نموذجي بين السياسة والدين، وهو بالضبط ما يتهم الليبراليون المتعصبين المسلمين بفعله. كما أن الغرور الليبرالي بوجود معركة ثابتة، غير متغيرة بين التعصب والتسامح لا يلقي الضوء على الحجج الإسلامية المحددة ضد رشدي ، والتي كانت تدور حول الأذى العلماني أكثر منها حول الخطيئة. كان مهاجم رشدي الأمريكي، (المولود في كاليفورنيا والذي يعيش في نيوجيرسي)، يعتقد بلا شك أنه يدافع عن الإسلام، لكن دوافعه تشترك كثيراً مع ثقافة العنف المألوفة في بلاده. كان يركز، بجميع المقاييس، على سبب هامشي، وهو سبب لم يكن له أي اهتمام بالتشدد السني الأخير، ولا يمثل قضية حية في إيران الشيعية أيضاً. بصرف النظر عن فرحة بعض المسؤولين في طهران، وبعض الدعم المتناثر على وسائل التواصل الاجتماعي، تم تجاهل الهجوم، بشكل أو بآخر، من قبل المسلمين على مستوى العالم. باختصار، كان رشدي محقاً في اعتقاده بأنه لم يعد هناك تهديد ممنهج ضده.
ربما يكون السياق الأكثر وضوحاً والذي تم حذفه من هذه الروايات، بالنظر إلى البروباغاندة المبتذلة نيابة عن حرية التعبير، هو تهديدات حرية التعبير التي يرتبط بها هذا الخطاب المعادي للإسلام -من الانتقاص الجذري للحريات المدنية لجميع الأمريكيين (ناهيك، على سبيل المثال عن حقوق غير الأمريكيين) في دول الغرب الأمنية بعد 11 سبتمبر، والتي نفذت باسم الحرب على الإرهاب، إلى مطاردة الحكومة الأمريكية لجوليان أسانج، وإدوارد سنودن، وتشيلسي مانينغ. تمثل هذه الردود على تحدي الإسلام العالمي، الذي بدأته قضية رشدي في نهاية الحرب الباردة، تهديدات للحرية على نطاق أوسع وأكثر عمقاً مما يمكن أن يفسره التناقض السهل بين التعصب والتسامح. ولعل أول ما يجب ملاحظته بشأن قضية رشدي هو أنها قضية لا علاقة لها بالعقيدة. ففي حين أن التقاليد الإسلامية تحظر الإساءة إلى الشخصيات المقدسة، إلا أن شروطها ومناقشاتها نادراً ما ظهرت في الجدل أو منذ ذلك الحين. لقد ظهرت الاحتجاجات الأولى ضد آيات شيطانية في البداية بين المسلمين المنحدرين من أصول جنوب آسيوية في بريطانيا، ثم ارتدت إلى الهند وباكستان، ونشرت مفردات استعمارية تعود للقرن التاسع عشر تم تكريسها في قانون العقوبات الهندي للعام 1860. وهي نفسها وثيقة علمانية كان القصد من ذلك السماح للبريطانيين بحكم مجتمع متنوع دينياً، وقد أنكر القانون التجديف وعاقب على الإضرار بالمشاعر الدينية. وبخصوص قضية رشدي، فقد تم تعميم هذه المصطلحات الخاصة بجنوب آسيا حول المشاعر المؤذية للمؤمنين في جميع الأديان، وليس تعميم الإيمان الحقيقي لأيا كان. لقد ظهرت الاحتجاجات الإسلامية والعنف على إهانات [النبي] محمد لأول مرة في الهند الاستعمارية خلال منتصف القرن التاسع عشر. كان عليهم أن يفعلوا ذلك مع إنشاء سوق للنشر من خلال التداول الجماهيري عن طريق المطبعة. بدلاً من أي نزاع تقليدي بين علماء الدين، بعبارة أخرى، لم تفتقر القصص الصحفية عن [النبي] محمد إلى الأهمية اللاهوتية فحسب، بل كانت موجهة إلى جمهور مجهول. تم تبريرها على أساس حرية التعبير ، والتي تم تصميمها على غرار التجارة الحرة في اقتراح السوق كموقع ظهرت فيه القيمة الحقيقية، سواء كانت اقتصادية أو دينية، من خلال عملية غير شخصية ليد غير مرئية - أي من خلال سوق الأفكار . نظراً لعدم توفر الحريات السياسية في المجتمعات الاستعمارية، اتخذ المتظاهرون المسلمون السوق ساحة عملياتهم. وبقبولهم لطابعها غير الديني، استندوا إلى حجة حمائية، وطالبوا بالاعتراف بمشاعرهم المؤذية بنفس الطريقة التي تعاملت بها قوانين التشهير والتشهير مع أنواع أخرى من الخطاب المسيء بموجب القانون البريطاني.
كانت الفئة اللاهوتية الوحيدة في هذه المناقشات هي فكرة اليد الخفية. ويشير عنوان رواية رشدي إلى حادثة كانت موضع جدل ونزواه في حياة محمد، عندما وافق لفترة وجيزة على التسوية مع منافسيه المشركين من خلال الموافقة على قبول آلهتهم كشفعاء عند الله. غير أنه سرعان ما أعلن أن تلك الآيات التي أتى بها القرآن ليست سوى تدخل شيطاني. ويبقى السؤال اللاهوتي الحقيقي ما إذا كان الشيطان قادراً على اعتراض الوحي الإلهي، وقد استخدم رشدي هذه الحكاية ببراعة للتفكير في معنى الإبداع والتأليف الأدبي. ومن الواضح أن الاعتراض ضد رشدي لم يركز قط على هذه المرجعية اللاهوتية. كان منتقدوه المسلمون مهتمين فقط بتسلسل الأحلام حيث أعطيت النساء في بيت الدعارة أسماء زوجات النبي.
ولكن، لماذا أفسح الجدل اللاهوتي المجال فجأة في القرن التاسع عشر للتركيز على محمد باعتباره قابلاً للإهانة والتجريح؟
كان تحديث الإسلام في العصر الاستعماري يعني عقلنته، والذي تضمن تجريد النبي من العديد من الصفات الخارقة لجعله شخصية مثالية، وإن كانت شخصية فانية بالكامل. لقد أصبح يُنظر إليه على أنه الأب المثالي، والزوج المثالي، ورجل الدولة المثالي، مما سمح لأتباعه بالتعاطف معه. وفي حين أن الله ، الذي حافظ على سموه، لا يمكن تحديده أو إهانته، فإن النبي البشري بالكامل أصبح عرضة لأي إساءة متصورة. في المقابل، يمكن للمسلمين أن يهاجموا. وهذه مسألة يلعب فيها اللاهوت دوراً غير مباشر فقط، وبشكل رئيسي عن طريق المسيحية في استخدام مصطلح التجديف. يجب أن نتذكر أن أحد مطالب المحتجين المسلمين البريطانيين في العام 1988 تمثل في إدراج مقدساتهم ضمن قوانين المملكة المتحدة منذ إلغاء قوانين التجديف التي كانت تحمي حتى الآن كنيسة إنجلترا فقط. لم يقدم المتظاهرون المسلمون، آنذاك وحتى الآن، بدائل عن الليبرالية، لكنهم يطلبون فقط ما يرون أنه يشملها. وتأخذ مثل هذه المطالب شكل تدابير حمائية في سوق الأفكار على غرار قانون القذف والتشهير أو التذرع بالمفاهيم المسيحية عن التجديف. فما سوف يغذي غضبهم نفاق الليبرالية وخيانتها لفشلها في استيعابهم، وليس الليبرالية كما هي على هذا النحو، ويبدو أن غضبهم يهدف بالإضافة إلى ذلك إلى تجسيد العواقب العنيفة لسوق غير منظم. وبعبارة أخرى، فإن فقدان ضبط النفس الذي يقال أنه يحدد الغضب الإسلامي يعكس عدم وجود سيطرة في سوق الأفكار. هذه ليست المعركة الميتافيزيقية الكبرى بين التعصب والتسامح التي استحضرها المعلقون منذ العام 1989، والتي يجب فهمها على أنها صراع داخل الليبرالية نفسها. قد يوصف عنف المدافعين عن محمد، في غياب السجل اللاهوتي، بأنه فشل اللغة نفسها. حيث لم يتم استكمال هذه المفردات الليبرالية في باكستان إلا مؤخراً على يد فئات دينية إسلامية مثل الردة والاستشهاد لتبرير العنف ضد أولئك الذين يُزعم أنهم يهينون محمد -نتيجة التنافس بين الجماعات الإسلامية المتنافسة للسيطرة على السوق الذي أصبح فيه النبي سلعة. .
أصبح رشدي وروايته مشهداً عرضياً للنقاش الإسلامي بعد أن دخل الخميني في الجدل وجعله قضية جيوسياسية في شباط/فبراير 1989. وتلك السنة هامة. لقد ظهرت قضية رشدي في نهاية الحرب الباردة وتفكيك الرواية الكبرى للصراع ثنائي القطب. وظهرت قضايا الثقافة والهوية في المقدمة في أشكال جديدة من القومية والدين وفي المسابقات السياسية والثقافية المتجددة حول العرق والجنس والجندر. بعبارة أخرى، تكشفت عولمة الاحتجاجات ضد [النبي] محمد على خلفية الحروب الثقافية الناشئة في أمريكا في أواخر الثمانينيات وكذلك عودة الخصومات التي تم التعبير عنها بوضوح في مقال صموئيل هنتنغتون المؤثر في العام 1993 ، "صراع الحضارات" والذي أصبح لاحقاً الكتاب الأكثر مبيعاً. وأصبحت الحروب الثقافية، بعد أن تركت وراءها الأحزاب التي تركز على الدولة وإيديولوجيات الحرب الباردة من أجل السياسة في الحياة الاجتماعية، تبنى على محو النيوليبرالية لأي تمييز بين الدولة والمجتمع. كان إخضاع كلا المجالين لمنطق السوق أثر في تشتيت الصراع بين الأفراد والجماعات. وفي إحدى الحالات، أدى اللاهوت المستحيل إلى ظهور العنف، وفي حالة أخرى أنتجت السياسة المستحيلة أشكالاً جديدة من الانضباط الاجتماعي خارج الدولة. إن "عبادة الإساءة" التي يقاومها كتابا مثل وود Wood ليست هي بحد ذاتها من أعراض أي توجه سياسي معين، يساراً أو يميناً. بل هي من إنها نتاج النيوليبرالية. وهكذا أشارت قضية رشدي إلى تلاقي رواية ما بعد الاستعمار مع الرواية النيوليبرالية، وكلاهما يهيمن عليه التركيز على العلاقات الاجتماعية المسوقة ويؤذي المشاعر. وقد تحققت، في مفارقة مريرة، محاولة رشدي لإعطاء صوت لحياة المهاجرين وتجربتهم في "آيات شيطانية" من خلال الاحتجاجات ضدها في بريطانيا والتي قدمت لأول مرة للمسلمين منصة عامة. لقد كان بمثابة تحول من العرق والجنسية إلى الدين باعتباره تحديد هوية المهاجر. وفي هذا السياق، استغنى الخميني عن هذه الحروب الثقافية وجعل من قضية رشدي قضية سياسية لأول مرة. ويبدو أنه كان يهدف إلى ترسيخ سلطته بين المسلمين السنة في أعقاب الحرب العراقية الإيرانية من خلال الدفاع عن النبي، الذي يلعب بالنسبة للشيعة الدور الثانوي بإعلان قيمة الإمام علي. وكان آية الله قد اعتبر، في البداية، أن قضية رشدي مجرد إلهاء للمسلمين، ولذلك رفض تبني شكاوى المسلمين ضده، لكنه استبدل رأيه بمجرد مقتل عدد من المحتجين على الرواية برصاص الشرطة في باكستان، ناهيك عن عدد أكبر من المترجمين والناشرين لـ "آيات شيطانية" الذين قتلوا أو هاجمهم أعداء رشدي، والذين نادراً ما يتم ذكرهم في التعليقات الغربية. وحيث يُفترض أنهم من المتعصبين، فإن موتهم الذي لم يتبنَ أحد مسؤوليته، بمثابة أضرار جانبية في الكفاح من أجل حرية التعبير. لم يأخذ الخميني، في إصدار حكمه ضد رشدي، حالات القتل هذه على محمل الجد فحسب، بل هدد، للمرة الأولى، بالرد بالمثل على تملص الدول الغربية من العقاب بقتل المدنيين في أماكن أخرى أو التسامح معهم.
بدا أن رشدي نفسه قد غير الأماكن بشخصياته. وأصبح، شيطاناً في نظر العديد من المسلمين، مثل شخصيات روايته الذين تحولوا إلى حيوانات نتيجة تصورات عنصرية. وعلى العكس من ذلك، تحول رشدي إلى مثال للتسامح وحتى الحضارة الغربية من قبل المدافعين الليبراليين عنه - وهو دور رمزي في معركة ميتافيزيقية من المحتمل أن تعرضه لمزيد من الخطر. وسعى رشدي أيضاً، مثل شخصية ماهوند Mahound في آيات شيطانية، إلى حل وسط مع أعدائه من خلال التراجع عن كتابه لفترة وجيزة والادعاء بأنه أصبح مسلماً جيداً. وكما هو الحال مع نبي الرواية، فإن هذا لم يهز إيمان المعجبين به. وبهذه الطرق، أُجبر رشدي على أن يعيش حياة شخص متهم بإهانته. وأصبح، بعد إدانته باعتباره نبياً ليبرالياً أو شيطاناً دينياً، شخصية أكبر من الحياة معروف أكثر بمحنته من حياته الأدبية. كما دفعت محنته هذه إلى تبني بعض الآراء المؤسفة، بما في ذلك دعم الحرب الكارثية على الإرهاب. غير أن رشدي، فوق كل هذا، هو مجر د إنسان.. مثله مثل محمد تماماً.
وقد عاد منذ ذلك الحين إلى نسخة سابقة عن نفسه وبات يتحدث ضد اضطهاد الأقليات، بما في ذلك مسلمو موطنه الهند الذين كانوا أول من حظر كتابه. لا يمكن إلا الإعجاب بسخاء الروح هذا، ويجب أن نأمل أن يتعافى رشدي سريعاً -ليس أقله حتى يستمر في الوقوف كممثل عالمي لحرية الضمير والتعبير. ومع ذلك، فإن جعله ضحية معركة ميتافيزيقية بين التسامح والتعصب لا يمكن إلا أن يعيق عمله على هذه الجبهة، لأنه يستلزم قراءة خاطئة لقضية رشدي وكذلك للتاريخ الحديث لتهديدات الكلام التي يجب التفكير فيها. بشكل أكثر اتساعاً وبطرق متصلة. وفي النهاية، هناك صمة جدالان هنا: أحدهما حول الجغرافيا السياسية وسلوك الدول الليبرالية، والآخر حول الهوية الاجتماعية والنضال من أجل الاحترام الثقافي. ومن الأفضل أن نقاوم الضغط النيوليبرالي لخلطهما، كما فعل الخميني بطريقته الخاصة. وبينما يبدو كلاهما صعب الحل، يمكن القول إن كل منهما قادر على الحل إذا تم التعامل معه بشكل منفصل. لا يجب علينا الانخراط في نقاش سياسي يستحضر القيم والحضارة الغربية، التي طالما كان يُنظر إليها على أنها منافقة في العالم الخارجي، ولكن ينبغي التعامل عبر الدبلوماسية الصارمة حول القضايا الحقيقية المعنية. وتتطلب مثل هذه المشاركة الانتباه الدقيق لظروف التاريخ، بدلاً من القفز فوقها أو محوها الإيديولوجي. وبالنسبة للجدل الاجتماعي حول الإساءات ضد الهويات الدينية والعرقية والجنسية وغيرها، يجب أن نرفض الحروب الثقافية النيوليبرالية -التي يكون فيها الإسلام هو الرئيس بين العديد من الجماعات المهينة وكذلك المسيئة- من أجل رؤية اجتماعية ترتفع فوق المنافسة المسوقة للمشاعر المؤذية.
وكما نعلم جيداً من أمريكا المعاصرة، يجب إعادة بناء العلاقات الاجتماعية في الغرب الليبرالي. لكن القيام بذلك يتطلب فهم الخلافات التي تفسدهم بمصطلحات أكثر تعقيداً من تلك التي توفرها المعارضة المبتذلة وغير الدقيقة تاريخياً بين التعصب والتسامح.
....
العنوان الأصلي: Salman Rushdie and the Neoliberal Culture Wars
الكاتب: Faisal Devji
المصدر:https://bostonreview.net/articles/salman-rushdie-and-the-neoliberal-culture-wars/



#محمود_الصباغ (هاشتاغ)       Mahmoud_Al_Sabbagh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خيبة أمل أوروبا ما بعد الحقبة السوفييتية: قراءة في كتاب جون ...
- حرب أوكرانيا وانعكاساتها على التوتر العسكري الأمريكي الصيني
- (دفاعاً عن التجربة السوفييتية).السوفييت والشعوب: الاتحاد الس ...
- بوب ديلان في السويد: بين -صابرا- كيبوتس عين دور و أروقة أكاد ...
- تاريخ جديد ، أفكار قديمة
- حواري مصر: أدلة بيئية جديدة على بناء أهرامات الجيزة
- قوارب الفلاسفة : 100 عام على طرد المثقفين الروس
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات
- المؤتمر الإسلامي في القدس 1931
- الاختلال في التوازن العالمي كما يراه كيسنجر
- اختراع الأرض المقدسة: الحج البروتستانتي الأمريكي إلى فلسطين ...
- مرثية إلى شيرين أبو عاقله
- استراتيجية الصهيونية المسيحية الداعمة لإسرائيل (7)
- استراتيجية عمل الصهيونية المسيحية الداعمة لإسرائيل (6)
- استراتيجية عمل الصهيونية المسيحية الداعمة لإسرائيل (5)
- استراتيجية عمل الصهيونية المسيحية الداعمة لإسرائيل (4)
- استراتيجية عمل الصهيونية المسيحية الداعمة لإسرائيل (3)
- استراتيجيات عمل المسيحية الصهيونية الداعمة لإسرائيل (2)
- المرأة الفلسطينية العمود الفقري للمقاومة
- الحرب في أوكرانيا: الحلول والنتائج المحتملة، لقاء مع هنري كي ...


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - محمود الصباغ - سلمان رشدي وحروب الثقافة النيوليبرالية