أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - عصمت منصور - بخطى طليقة - تجربة بيت ليد















المزيد.....

بخطى طليقة - تجربة بيت ليد


عصمت منصور

الحوار المتمدن-العدد: 7422 - 2022 / 11 / 4 - 20:41
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


في موقع يقع شمالي تل أبيب، وجنوبي حيفا ،على الطريق بين طولكرم ونتانيا، داخل ما سيعرف بالخط الأخضر ، في منطقة تتواجد فيها قرية فلسطينية يطلق عليها اسم بيت ليد اقام عبد الكريم قاسم في العام 1948 مقر القوات العراقية القادمة لمواجهة الحركة الصهيونية وانقاذ فلسطين من السقوط.
في هذا المكان التاريخي والذي احتضن القوات العربية المؤازرة لشعب فلسطين في مواجهة الحركة الصهيونية افتتحت اسرائيل واحدا من اكثر سجونها قمعا ووحشية هو سجن بيت ليد او (كفار يونا).
يؤرخ سجن بيت ليد لمراحل مهمة ومتعددة في تجربة الاسرى الفلسطينيين ما بين افتتاحه لأول مرة بشكل رسمي في العام 1968 واغلاقه بقرار محكمة اسرائيلية في العام 1976 ومن ثم اعادة افتتاحه في العام 1986 بحيث تتمتع كل واحدة من هذه المراحل بمزايا خاصة اضافت الكثير لتجربة الاسرى المعيشية المشتركة وكذلك النضالية وتحديدا النضال القانوني الذي توج بإغلاق السجن لرداءة شروط الحياة فيه كما وتعدد اشكال الاضراب حيث شهد اول اضراب جزئي عن الطعام اطلق عليه اسم "اضراب البسكويت".
في بداية تأسيسه كان السجن يستخدم محطة انتقالية تفصل بين مرحلة التحقيق التي يخضع لها الأسير لدى جهاز الأمن العام "الشاباك" ومرحلة الانتقال الى السجن لقضاء فترة الاعتقال التي حكم عليه بها وسط المعتقلين الاخرين.
كان الاسرى يطلقون على السجن لقب "المنفى" او "زنزانة التأديب" لرداءة الحياة بداخله وصغر زنازينه والاقتضاض الذي كان يعانيه الاسرى في ظل رطوبة شديدة واجراءات قمعية يومية وسوء تغذية.
ارتبط اسم سجن بيت ليد باسم واحد من اهم القامات النضالية داخل السجون في تلك الفترة وهو عبد العزيز شاهين "ابو علي شاهين" الذي كان من اوائل الاسرى القادة الذين تم نفيهم الى هذا السجن بعد ان تعاظم دور بعض القيادات لتصبح سياسة العزل والنفي الى السجون البعيدة والقاسية سياسة معتمدة لدى مديرية السجون التي سبق لها ان نفت عمر القاسم الى سجن الرملة وسط البلاد.
ادرك ابو علي شاهين وزملائه الاسرى ان الحياة داخل هذا السجن تكاد تكون مستحيلة وان اي تحسينات يمكن انتزاعها لن تكون كفيلة بجعله قابل للحياة، لذا وبعد ان خاضوا عدة خطوات احتجاجية، اهتدوا الى فكرة خوض نضال قانوني لأول مرة وان يكون مطلبهم الاساسي هو اغلاق السجن بشكل نهائي.
في منتصف السبعينات كان الاسرى قد اكتسبوا عدا عن الخبرة والقدرة على تنظيم انفسهم ذاتيا، الثقة بالنفس، وعدم التردد في سبر اغوار اي تجربة جديدة والاستفادة من كل ما يحيط بهم، وهذا بالذات هو ما شجعهم على الاقتداء بتجربة الاسرى الجنائيين في التوجه الى القضاء والى المحكمة العليا تحديدا والتقدم بالتماس يطالب بإغلاق السجن كونه يتنافى حتى مع المعايير التي اقرتها دولة الاحتلال لسجنائها الجنائيين، وهي تجربة اثمرت في العام 1976 عن قرار يقضي بضرورة اخلاء السجن من الاسرى واغلاقه ليسدل الستار بعد هذا القرار السابقة على فصل من فصول تجربة الحركة الاسيرة.
عززت تجربة بيت ليد دور القائد في توجيه وقيادة المجموعة خاصة عندما تجد نفسها في معزل عن محيطها وفي حالة عزلة كاملة، كما انه فتح افاق جديدة في النضال القانوني الذي لا يتصادم فيه الاسرى مع ادارة السجن بل مع المنظومة الامنية واجهزة الدولة البيروقراطية.
عودة الاسرى الى سجن عسقلان ومن ثم انتشارهم في بقية السجون التي بدأت تفتح تباعا انطلاقا من بئر السبع ومن ثم نفحة الصحراوي ليليه سجن نابلس وسجن الجنيد في الضفة المحتلة ..ألخ كان كفيلا بتحويل التجارب الشخصية الى وعي ونمط حياة جماعي ومؤسس حول الاسرى الى حركة منضبطة الايقاع والحركة والوعي.
عندما اعيد افتتاح السجن بعد عشر سنوات على اغلاقه لم تكن ظروفه قد تغيرت كثيرا، ولكن الاسرى كان قد قطعوا بونا شاسعا في عملية تنظيمهم الذاتي وتمرسوا في النضال وتحولوا الى جيش حقيقي خاض معارك كبيرة واضرابات طويلة وسجل في رصيده عشرات الانجازات التي ساهمت ليس في تحسين مستوى الحياة فحسب، بل وفي بلورتهم وتكريس قيادات لعبت دورا محوريا في هذه المعارك.
حاولت ادارة السجون عند اعادة افتتاح السجن ان تعيد الاسرى الى المربع الاول وان تفرض عليهم شروط حياة لا ترتقي الى تلك التي انتزعوها في السجون التي قدموا منها، وهذا بدأ منذ اول لحظة اذ قامت بتوزيع ملابس موحدة وباليه عليهم والزمتهم بارتدائها عند خروجهم الى ساحة السجن وتقيد حركتهم والتجهز والاستيقاظ باكرا مع تنظيف اسرتهم لاستقبال العدد الصباحي وهو ما اعاد الى اذهانهم السنوات الاولى المرة للاعتقال والثمن الذي دفع من اجل الارتقاء بها.
رد الفعل الاولي كان بإعلان الاسرى وقد كان عددهم يناهز ال200 اسيرا الاضراب عن الطعام وعدم الخروج الى ساحة السجن وقد جاءت الخطوة الثانية من اجل عدم تمرير قرار ادارة السجن بفرض الزي الموحد في الساحة.
ردة الفعل السريعة والمتشددة من قبل الاسرى واجهته ادارة السجن بعدم المبالاة وتجاهلهم، ليدرك الاسرى بعد اليوم الثالث انهم تسرعوا ولم يعدوا لهذه الخطوة بشكل جيد، وهو ما يمكن اعتباره الثمرة الايجابية من هذه الخطوة اذ دفعتهم حالة الجمود وتصلب ادارة السجن الى تشكيل لجنة وطنية عامة لقيادة خطواتهم الاحتجاجية، وهي اللجنة التي كان اولى قراراتها وقف الاضراب عن الطعام.
اوقفت اللجنة الوطنية الاضراب بمنتهى الشجاعة عندما ادركت ان الوضع فيغير صالحها وان القاعدة الاعتقالية غير مهيأة لخوض خطوة استراتيجية، وهنا، ربما من رحم هذه التجربة التي اعتبرت فاشلة، ولد تكتيك الخطوات الاحتجاجية وارجاع وجبات طعام محددة وتخويل ممثل واحد عن الاسرى اتخاذ خطوات "تكتيكية" مثل ارجاع وجبة واحدة او اغلاق ساحة السجن او اي خطوة شبيهة يراها ضرورية في تلك اللحظة.
ان المرونة والقدرة على الاستدارة والمناورة صفات تعكس حالة نضج كبيرة ومستوى عالي من الضبط والانضباط واستيعاب حقيقي ليس لواقعك وظروفك الداخلية فقط، بل ظروف وتركيبة عدوك ايضا، وهي صفات تكرست في تجربة بيت ليد التي امتدت بعد ذلك واوجدت تجربتين مهمتين اضافيتين(سنوثق لهما في الحلقتين القادمتين) وهما الاضراب المتقطع او اضراب البسكويت وايضا "غرف العار" وتجربة مواجهة العملاء واساليبهم بعد ان نظمتهم ادارة السجون واجهزة امن الاحتلال في غرف واقسام خاصة بهم ووضعتهم تحت خدمتها في مواجهة زملائهم وابناء جلدتهم الاسرى.



#عصمت_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بخطى طليقة - الأمن
- بخطى طليقة- التبادل
- بخطى طليقة- الاوائل
- بخطى طليقة - الرعيل الأول
- بخطى طليقة - المخاض
- خطى طليقة مرحلة الإنفلاش
- بخطى طليقة - إضراب
- بخطى طليقة.. أزمة التكيف.
- التنافس على ضمّ آيزنكوت في الانتخابات الإسرائيلية القادمة
- حقول الغاز الإسرائيلية اللبنانية المشتركة: فرص ومخاطر
- معايير صفقات تبادل الأسرى وفيديو هشام السيد
- محاولات قتل الشهود في قضية شيرين أبو عاقلة
- إسرائيل والتعامل مع نتائج التحقيقات في اغتيال شيرين أبو عاقل ...
- شيرين ابو عاقلة واختراق الجدار الحديدي
- وهم الفصل بين الساحات
- تهديد الطائرات المُسيّرة وأثرها على المواجهات القادمة
- قانون تجنيد المتدينين مشكلة ائتلافية أم أزمة مجتمع؟
- بعد زيارة جانتس: الأبعاد الأمنية والاستراتيجية للعلاقات المغ ...
- دور المنظمات اليمينية في تصنيف منظمات حقوقية فلسطينية على ان ...
- خطة -الاقتصاد مقابل الأمن في غزة- هل تملأ فراغ غياب الاسترات ...


المزيد.....




- رئيس البرلمان التونسي: الادعاءات بالتعامل غير الإنساني مع ال ...
- أزمة مياه الشرب تزيد محنة النازحين في القضارف السودانية
- الأمم المتحدة: غوتيريش سيوجه رسالة إلى بوتين بشأن تنصيبه
- رئيس بعثة الجامعة العربية بالأمم المتحدة: إسرائيل غير راغبة ...
- تحقيق لبي بي سي يكشف شبكة عالمية لتعذيب القرود
- -كرّمها بلينكن-.. القضاء التونسي يأذن بالاحتفاظ برئيسة جمعية ...
- الأمم المتحدة: مخزونات الغذاء بغزة تغطي الاحتياجات من يوم إل ...
- كاميرا العالم تنقل جانبا من معاناة النازحين الفلسطينيين في ر ...
- اعتقال اثنين من ضباط حرس الدولة الأوكراني.. كييف تعلن إحباط ...
- العضوية الكاملة.. آمال فلسطين معقودة على جمعية الأمم المتحدة ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - عصمت منصور - بخطى طليقة - تجربة بيت ليد