أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شريف حتاتة - آفة الفكر الأحادى فى النقد الأدبى















المزيد.....

آفة الفكر الأحادى فى النقد الأدبى


شريف حتاتة

الحوار المتمدن-العدد: 7413 - 2022 / 10 / 26 - 18:21
المحور: الادب والفن
    


آفة الفكر الاحادي في النقد الأدبي
------------------------------------------------

يحتل الجدل حول تأثير فكر ما بعد الحداثة ، فـي الإنتاج الأدبي للروائيين والقصاصـين مـن الشـباب والشابات مكانة متزايدة في تحليلات ودراسات عدد من النقاد. ولا شك أن هذا الجدل طبيعي في مجتمع تأثرت فيه الفنون والآداب إلى درجات متفاوتة بفلسفة "ما بعد الحداثة"، ونظرتها إلى المجتمع، وإلى حياة الناس. مع ذلك أشعر أن هذا الجدل، أو الحوار كثيرا مـا يفقد معناه ، لأن المشاركين فيه يصرون علـى إقامـة الجدران بين مدارسهم المختلفة وعلى اتباع نظـرة أحادية، جامدة إلى الانتاج الأدبـي.
هم يتجـاهلون حقيقة هامة، وبديهية تتعلق بتكوين المعرفة، وبدورها في تطور الفكـر وهـي أن الفكـر حصيلة للتطـور الإنساني، وإن كان في الوقت نفسه عنصر فعال يـؤثر في اتجاه هذا التطور، يدفعه إلى الأمام، أو يجره إلـى الخلف. لذلك دائما ما نجد فيه ما هو مفيـد لحيـاة الإنسان يساعد على تقدمها، ويوسع آفاقهـا ويجعلـه أكثر قدرة على حل مشاكلها . كما نجد فيه في الوقـت نفسه ثغرات، وعيوب تؤدى إلى طمس الحقيقة، إلـى تأخير مسيرة البشر، أو الانحراف بهـا فـي مـسـالك جانبية تفقدها اتجاهها.
وفي رأيي أن الحوار الدائر حول الفكر والنقد الأدبى في بلادنا ، كثيرا ما يتجاهل أن الفكر الإنساني تراکم طويل ممتد للمعرفة، نتاج عملية تاريخية تنطق بالزمان والمكـان والحركة (السرعة) ، أي بالأبعاد الثلاثة التي صاغ منها العالم اینشتین نظريته عن النسبية .
في الانتاج الفكري يبدو لي أنه من المهم أن نضيف بعدا رابعا ، له أهمية خاصة، وهو بعد الخيال . فالخيال يقفز فوق هذه الأبعاد الثلاثة ، أو يكسر الحواجز التي تقيمها حتى وان كانت هي جزء حميم من نقطة البداية التي انطلق منها. فكل خيال لابد له من نقطة واقعية ، ترسم طبيعته وآفاقه .
الخيال يكسر، أو يخترق الأسوار التي يبنيها ويفرضها الواقع ، ليصل الإنسان إلى ما هو أبعد منه . بذلك يصبح قادرا على رؤية المستقبل، على التنبؤ بما لم يره سواه. وربما تكون هذه هي الميزة الكبرى للإبداع الأدبي والفني الأصيل.
المعرفة والفكر ظاهرتان مرتبطان بالتاريخ، أو بسريان الزمن والانتقال من مكان إلى مكان عن طريق الحركة (السرعة). كل معرفة أو فكر جديد إذن من شانه ، أن يضيف ما هو مفيد للإنسان . كما أن من شأنه أيضا أن يضيف ما هو مضر، أي أن يحيط عقله بالغيوم، ويجعله أقل قدرة على إدراك ما يدور، وعلى التقدم فوق الطريق. وهذه هي أهمية التقافة والتعليم والإعلام، وخطورتها. فهي قد تكون منابع للوعي والإدراك، وقد تكون وسائل لتشويه عقل الإنسان وتضليله.
تخطر لي هذه الأفكار البديهية كلما تابعت الحـوار الذي يدور بين النقاد المنتمين إلى المدارس المختلفة للنقد الأدب. فالنقاد من ذوي الميول الماركسية مثلا يصرون على أن مدرسة "التفكيكية" في النقد الأدبي شر مطلق يجب رفضه، ولا يمكن أن يفيد في تحليل النصوص الأدبية، ودراستها. ذلك رغـم أن مارکس نفسه لجأ إلى قدر ليس ضئيلا من أساليب المـنـهج التفكيكي، قبل أن يتطور ، ويصبح بمرور الزمن مدرسة فكريـة متكاملة هامة يمكـن اسـتخدامها فـي تحليل، ونقد النصوص الأدبية.
وإذا تطرقنا إلى الحديث عن فلسفة "ما بعد الحداثة" التـي تشكل "التفكيكية" إحدى أركانها ، فإنه مـن الغريـب أن نشـاهد الجدار الصيني الذي يقيمـه النقـاد بينهـا وبـين الفلسفة "الماركسية" رغم كل التضاد القائم بينهما. فهـؤلاء النقـاد لا يرون أن الفكر "الماركسي" يستطيع أن يساهم في النقد الأدبي بما هو مفيد. فالماركسية" أتت برؤية، وطريقة في التفكيـر كانتا، ومازالتا تلعبـان دورا فـي تـطـور مختلـف المظـاهر الاجتماعية والثقافية المتعلقة بحياة الإنسان، ومنهـا الإنتـاج الأدبي. وهذا رغم نواحي القصورالتي عانت منهـا النظريـة "الماركسية" مثل وضع المرأة وقضاياها، أو مشكلة البيئـة، أو نظرتها للتاريخ التي بُنيت على نوع مـن الحتميـة، وعلـى قوانين علمية اعتبرت صارمة تكاد لا تخطئ ، أو المكانة الثانوية التي أعطتها للفكر ، مقارنة بالوضـع الاقتصـادى "التحتـى" للمجتمع.
من الناحية الأخرى تتسم مواقف أنصار الفكر "الماركسي" من بين النقاد إزاء فلسفة "ما بعد الحداثة" بقدر كبيـر مـن الجمود. فهم يرون فيها فقط دعوة الى التشرذم، والعجز عن الفعل، أو النضال، في سبيل قضايا التحرر الكبرى، دعـوة إلى الاستسلام وإلى تحويل كل شيء إلى مجرد خطاب تستوى فيه الأمور فلا مجال للحكم، أو التقويم، أو الاختيار ، إلا بـين الصيغ الكلامية المختلفة مما يفقد الاختيار معناه. قد اتفـق معهم إلى حد كبير في هذا ، رغم أن بعضا من تيارات ما بعد الحداثـة نفسها ، قد حذرت من هذا التوجه . لكن إلى جانب هذا ، فإن فكر "ما بعد الحداثة" قد لعب دورا في التنبيه إلى مخاطر الفكر "الشمولي" الذي لا يرى التفاصيل المتعلقة بحياتنا اليومية ، والتي كثيرا ما تكـون لها دلالة هامة (فسيفساء الحياة) أو الجماعـات، والقوميـات وفصائل البشر المهمشة، والمـهـددة بالانقراض، أو أهميـة التعامل مع الفوضى، والتشكك في صرامة القـوانين والقـدرة على تكذيبها، أو العلاقات بين الجنسين، أو أهميـة اللغـة وتأثيرها. لقد أعلت من شأن الفكـر كـرد فعـل للاتجاهـات "الاقتصادية" ، وسعت إلى جعل الفكر والفن أقرب إلى اليـومي، والملموس، وأضفت عليها مرونة وتنوعا.
إن التفكير الأحادي المنتشر بين مدارس النقد في بلادنـا ، يحول دون استيعابنا لما هو جديد، وفي الوقت نفسـه يمنع دون تكوين تيار نقدی قادر على استنباط نظرية أو نظريات نقديـة ، تستفيد من مختلف المدارس الفكرية، وإن كان إلـى درجـات متفاوتة، تيار قادر على تطوير أدوات النقد عن طريق النسـج فيما بينها ب " نول " مفروش في الواقع، بخيوط أو مواد من نتاج الحياة اليومية ، قادر على تكوين مدارس مصرية تطل على العالم ، لكنها ذات جذور في تراثنا الثقافي الأصيل.
ففي مجال الفكر، والنقد الأدبي يمكننا أن نشـاهد اليـوم، وعلى سبيل المثال محاولات للتزاوج بين "الماركسية" و "فلسفة الحداثة". ". وبصرف النظر عن اتفاقنا أو اختلافنـا مـع هاتين المدرستين ، فإن الاتجاه نحو بناء نقد جديد مـن منـابع مختلفة،
يمكنه اثراء الابداع النقدى فى بلادنا ، والتخلص من الجمود الذى أصابه .
من كتاب " يوميات روائى رحَال " 2008
----------------------------------------------



#شريف_حتاتة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - مارادونا - خواطر غير كروية
- رجل مثل شجرة الجميز
- - عطر - قصة حياة قاتل
- شقة الى جوار الكنيسة
- هل انطفأت الشعلة الأدبية فى مصر ؟؟
- أحلام الطفولة
- اللورد - كرومر - يعود الى مصر
- قرصنة فى ثوب جديد
- على مقعد الحلاّق
- - ماكياج -
- لن نفترق
- عالم بلا جدران
- تأملات غير قانونية فى القانون
- رحلة فى قلب القارة السوداء
- الطيور الملونة وهرم خوفو
- عن الطفولة الموؤدة فينا
- عن الثقافة ومؤتمر المثقفين فى مصر
- بائعة مناديل الورق
- نوال السعداوى وفتح الأبواب المغلقة
- فى القطار الى المنيا


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شريف حتاتة - آفة الفكر الأحادى فى النقد الأدبى