أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - (مجنون يرتل)














المزيد.....

(مجنون يرتل)


كاظم حسن سعيد
اديب وصحفي


الحوار المتمدن-العدد: 7400 - 2022 / 10 / 13 - 16:11
المحور: الادب والفن
    


كنت جالسا في محل صديق لبيع وصيانة الحاسبات وقطع غيارها, المحل ضيق يتكون من طابقين , يعمل فيه شاب ساكن واخر خبير بتأهيل الحاسبات , يتحرك بحيوية , قليل الكلام, وفتاة تعهدت امام مرآتها ان تظهر اناقة متزنة , تقف لتستنسخ او تشغل نفسها بتصفيح الانترنيت, العامل الثالث وصل متاخرا, مكتنز, معتدل القامة , دائم الحزن,
الشارع من خلال البوابة الزجاجية يضج بضوء الضحى الساطع وحركة الناس السريعة القلقة..
دخل : قصير القامة , قوي السمرة , اشعث يرتدي سترة وبنطالا وسخين , عيناه تنضحان بمعان تصعب ترجمتها ,الق داكن, يبدو شعره مقنفذا , يضع ربعين من العملة الورقية على الطاولة: (انهم لا يعطون ,لا يخشون الله.. , اريد ربعا , ) قال صديقي صاحب المحل ـ وهو يتأمله مبتسما, , ضاغطا بيسراه على فخذي لانتبه ـ : (ساعطيك دينارا ـ واظهر العملة الورقية له ـ شرط ان تجوّد الآن ايات من القرآن ).
مباشرة بدأت التلاوة من عينين لا تعكسان الخشوع ولا السخرية , جادتين ( اذا الشمس كورت .....) واكمل حتى اخر السورة .
كان تجويدا مقلدا اداء القاريء المصري عبد الباسط .
فتذكرت طفولتي , كان والدي يدير احدى المقاهي في ام البروم اخر الستينيات من القرن الماضي يوم كانت المقاهي ملاذا ومستقرا للمعارضين والجائعين والعاطلين , وللوافدين من المحافظات الجنوبية , طلبا للرزق او هربا من الثأر .
الصباح هناك يبدأ بعدس, وهو رجل تركماني سمين قصير , ترك الجدري آثاره على وجهه , حتما هذا ليس اسمه الا ان الفجر يبدأ معه,عربته ليست بعيدة عن المقهى , وهو يصدح -عدددس .. عدس - ضاربا بمسه الواسع المصفر على قدر واسعة ,تتوسط العربة والناس تزدحم ,لم يتعطل يوما, الا في ذلك الفجر الصاخب , يوم علق الجواسيس في مشانق على مقربة منه بام البروم.وعلى مسافة قصيرة , تستعد قبيل الغروب الملهى فتعد الكؤوس وتتأهب الراقصات, للاستعراض. في تلك اللحظة ــ حيث يبدأن بالتشاور لوضع زينتهن واختيار الازياء ــ تصدح كل غروب حنجرة الشيخ عبد الباسط بترتيل عصي على تقليدهم حتى ينتهي بأداء يخشع له الملحدون (بأي ذنب قتلت )
وتساءلت في نفسي عندما ختم المجنون ترتيله ودس الدينار , وهو صامت , في جيب سترته الزرقاء المتسخة : (كيف يجّود مجنون , وينسى المبصرون ذكر الله !!) .



#كاظم_حسن_سعيد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخيانة وبراعم العهر قصيدتان
- صنارة وانهار (مقطع )
- قصيدتان سادية الوحدة وشاعر مجهول
- مطلقة واستعارة قصيدتان
- اضاءة من اعلى التل ج 1
- نظرة للامام مذكرات ج 16
- وجهان قصيدتان
- محطة قصيدة
- بائع الجنائز قصة
- قرب منزله قصيدة
- السيل البشري لا يبالي بالتوابيت
- الجريدة المقطوعة قصيدة
- اضاءة على زمن وحشود قصيدة
- ( خروف نذر )
- حول قصيدة النثر
- النادرون والعزلة قصيدة
- الحفر بمآزرة الصنارات قصيدة
- النحت الفاخر قصيدة
- ماء في غربال قصيدتان
- البريكان : مجهر على الاسرار وجذور الريادة ج8


المزيد.....




- أهمية الروايات والوثائق التاريخية في حفظ الموروث المقدسي
- -خطر على الفن المصري-.. أشرف زكي يجدد رفضه مشاركة المؤثرين ف ...
- هل يحب أطفالك الحيوانات؟ أفلام عائلية أبطالها الرئيسيين ليسو ...
- أحمد عايد: الشللية المخيفة باتت تحكم الوسط الثقافي المصري
- مهرجان -شدوا الرحال- رحلة معرفية للناشئة من الأردن إلى القدس ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- وصمة الدم... لا الطُهر قصة قصيرة من الأدب النسوي
- حي المِسكيّة الدمشقي عبق الورق وأوجاع الحاضر
- لا تفوت أحداث مشوقة.. موعد الحلقة 195 من قيامة عثمان الموسم ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - (مجنون يرتل)