أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - نظرة للامام مذكرات ج 16














المزيد.....

نظرة للامام مذكرات ج 16


كاظم حسن سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 7394 - 2022 / 10 / 7 - 02:49
المحور: الادب والفن
    


في غرف الاعدام -الرضوانية .
لو قلت انه المكان الذ ي وجدنا راحة فيه لتصورك مستمع انك تطلق طرفة او يتهمك بالهذيان ... لكنها الحقيقة .. وضعنا في هذا المكان (قاعات المحكومين بالاعدام ) بعد ان قررت المحكمة الافراج عنا نحن مجموعة من الادباء الشباب والذين كنا ننتسب الى ملتقى الجمعة الادبي وقد قسمنا المختصون الامنيون الى (الهيئة الادارية القديمة والجديدة ) لكنهم ينادون علينا للاستفسار او غيره (اين جماعة المنتدى ).. علما انهم في اماكن امنية اخرى يطلقون رقما على المعتقل الامني ..للان لم اعرف سبب ذلك , كيف يتجرد الانسان من اية هوية او صفة ويصبح رقما ..ولعل ذلك ما اوحى للشاعر الرائد محمود البريكان ان يكتب قصيدته الرقم( 96) :
(الرجل السادس والتسعون
لا اسم لي , انا السادس والتسعون
ما انا الا رقمان لا يحددان
شيئا على قميصي الاغبر , راسخان
تنتصب الستة
كالمشنقة الصفراء
وتصلب التسعة
كرأس افعى ضخمة غريبة بشعة ... ) .
اول ما رايت على جدران تلك القاعة الواسعة المقسمة لزنزانات , ابوابها مشبكة ومشرعة, رايت على الحائط (م ... من اهالي مدينة الشعلة محكوم اعدامان وعشر سنوات ).لا شك انه اعلان .. فقصدته وروى لي انه امسك بين الحدود العراقية الايرانية ابان الحرب بعدما نفذ عتاده ..كان يقاوم القوات الامنية .. ورغم الرعب والتحذير حين افرج عني قصدت منزله القريب من بيتي واخبرت اهله بذلك ..ثم افرج عنه بعدي بسنة وتكررت بيننا اللقاءات .. كان يستقبل مجموعة من الشبان يقودهم وهم ينظرون برهبة وشغف لتوثيته- عصا صلبة من غصن شجرة تشبه المكوار - ذات يوم دعاني فرايت اكثر من سبعة اشخاص في غرفة الاستقبال منهمكين بمتابعة نصر الله على الشاشة .. وكانت الغرفة غاصة بالاسلحة الخفيفة والمتوسطة فكان اخر يوم التقي به في منزل .هناك في غرف الاعدام رايت شابا عشرينيا نحيلا مطرقا ابدا يمسك بيده علبة اسماك فارغة وهو يشتمّها بشغف ويقبل سمكة رسمت عليها .. .. كان من اهالي الاهوار ..حدثني ( يا اخي انا سعيد فسوف اعدم خلال ايام .. التقيت بالمجاهدين وعلموني تعاليم الدين وقيمة الشهادة ).. كنت اصغي مستغربا ..سعادة تتملك انسانا سيعدم فجر غد او ما بعده ؟!!.
منذ البداية .. منذ وصولنا الى معتقل الرضوانية قررت ان اضلل جماعة المنتدى لانقذهم .. وكانوا يسالوني ( كيف نجيب ونحن تحت جحيم التعذيب ) فاقول لهم .. وكنت على يقين بان تهمتنا لا علاقة لها بهذا التنظيم ... والدليل على نجاح التضليل ما جاء في قرار الحكم (انهم ينتسبون الى حزب الله ويتعاونون مع حزب الدعوة )... واعتقد ان هذا الخلل بالتوصيف تاتى من رئيس الجهاز المسؤول عن الرضوانية .. فلم تكن له خبرة امنية واسندت له مهمة كشف الشبكات المعادية .. لا يكفي التعذيب لكشف الاسرار امام صلابة بعض العراقيين ...فقد زجوا معنا ذات يوم رجل خمسيني يسمى <العقيد > لم يكن ضابطا وربما لم ينخرط عمره بالخدمة العسكرية ...اخذوه يوما لكشف الدلالة وقد حلقوا لحيته وحسنوا مظهره ليصور لهم كيف فجر شيراتون بغداد ..كان يصفع جبهته بيده ويقول <خيروني بين العراق والبرازيل فكيف اخترت العراق ...> وقال <اتمكن من ربط القنبلة اليدوية والمتفجرات وانا اقود عجلتي .. وهم تمكنوا مني واعتقلوني في المقهي في ذلك اليوم لم اكن احمل مسدسي لاول مرة >..واضاف (هناك ثلاثة عمليات لم اعترف بها )..اوعدني بان يزوجني لو نجا .. لكني لا انسى ذلك الرعب الذي خضه وصفرة الوجه وقد اتى ثلاثة حراس امنيين بوجوه شررية ونادت عليه -اين العقيد؟!!. توقع سيصفّونه ساعتها .. لكن ذلك لم يحدث انما اعدم بوقت لاحق ..
ضباط التحقيق كانوا يستأنسون بي كنت اقرأ لهم شعرا بلهجة دارجة .. وبعد جلسات التحقيق يقدمون لي الشاي وعلب سجائر الكنت .. ويقولون - نحن نعذبك تنفيذا لاوامر لكنا نحبك - وكانوا مستغربين من علاقتي بزميلتي المعتقلة معي في مكان اخر .. ويقول ضابط لاخر| ملازم فلان تعال هذا زميل فلانة |..
ذات يوم وضعوني في عجلة وانطلقوا بي لمكان مجهول في القصر الجمهوري بعد منتصف الليل ..ورايت قاعة واسعة تخلو من ادوات التعذيب ... وكانت سمات بعض الحاضرين مختلفة ويتمتعون بالاناقة .. قال كبيرهم مبتسما (اليوم اتينا بك لنتحدث فلا تعذيب ولا ضغط ) فحدقت ثانية بهم وعلمت انهم خبراء امنيون ونفسانيون .. يبحثون عن زلة لسان او تصريحات مني تكشف لهم طبيعة التنظيم ...قلت في نفسي وانا واثق < لقد فهمتكم >...بعد ساعة من الحوار وضعوني في غرفة اخرى لضباط امن : هناك توفرت الوان من صناديق الفاكهة والشاي المعد بعناية وعلب السجائر الفاخرة .. ومع رشفات الشاي ودخان السجائر التي حرمنا منها طويلا ..اشتعلت امسية الشعر ولهذا ابدا اتذكر (لو شرعوا باحراقك , ابتسم وقل انها حفلة شواء )..مبكرا تعلمت من معتقلات امنية سابقة كيف اقاوم وان لا ادلي باعتراف ... كان صدام كامل يامرهم بان يخلعوا عني عصابة العيون وحين علقت بالمروحة قال < وزنه خفيف > فعلقوه من رجليه ومرروا بجسده الكهرباء ..وهي عملية تعذيب مرعبة .. فلما رايتني اكاد انهار , قطعت شعري وقلت: <انزلوني ساعترف فانا من تنظيم اسمه -السالمي - > ولا ادري ساعتها كيف تذكرت الكويت ثم السالمية فحرفتها .. واشترطت ان يزودوني بسيكارة ..فلما ثملت بالدخان وتسلطنت قلت لهم- كنت اكذب عليكم- فاعادوني للصعق الكهربائي والتعليق.
في غرف المحكومين بالاعدام كنت اراهم وقت المغيب .. يتجمعون امام مشبك الباب الرئيس ويشهقون للسماء ... لانهم يتوقعون نهايتهم في الفجر .. فكل فجريصيح مناد على بعض الاسماء ويقودهم لرحلة العدم .اما نحن الذي تواجدنا هنا بعد الافراج فقد حجزنا معهم لكي لا نزود بعناوين لمعتقلين وقد نخبر اهلهم عنهم .



#كاظم_حسن_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجهان قصيدتان
- محطة قصيدة
- بائع الجنائز قصة
- قرب منزله قصيدة
- السيل البشري لا يبالي بالتوابيت
- الجريدة المقطوعة قصيدة
- اضاءة على زمن وحشود قصيدة
- ( خروف نذر )
- حول قصيدة النثر
- النادرون والعزلة قصيدة
- الحفر بمآزرة الصنارات قصيدة
- النحت الفاخر قصيدة
- ماء في غربال قصيدتان
- البريكان : مجهر على الاسرار وجذور الريادة ج8
- الملّاك .. بستان لاجل قبلة
- اياد في صفيحة الجص قصة
- رغيف الاستقراء قصيدتان
- المدرس.. لا يصمد سر قصة
- فراغهم
- المؤتمر الكروي قصيدة


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - نظرة للامام مذكرات ج 16