أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - البريكان : مجهر على الاسرار وجذور الريادة ج8















المزيد.....

البريكان : مجهر على الاسرار وجذور الريادة ج8


كاظم حسن سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 7385 - 2022 / 9 / 28 - 11:32
المحور: الادب والفن
    


غياب الشاشة
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
مخزن الأمتعة
والأثاث القديم
يتنفس فيه السكون
يتساقط فيه الزمن
كغبار
هاهنا كانت الشاشة الساطعة
وسط هذا الجدار
وهنا كانت القاعة الواسعة
قاعة العرض مكتظة في الظلام
والشعاع الذي يتراقص بين الظلال
يموج عوالم للحب والسحر والخوف والانتصار
والمغامرة الرائعة
ورجال الفروسية الاولين
والنساء الجميلات، والسفن الخالدة
وبلاد الكنوز الخفية
والمدن الهائلة
والبيوت البسيطة رافلة في الدعة
والسعادة خالصة
والدموع

للمكان
روحه الصامتة
للهواء روائحه الباهتة
كرماد حريق قديم
السكون
وحده يتنفس.
الكائنات الخفية تكمن داخل أشيائها
المهود التي صدئت. الأسرة ذات النقوش
الكراسي بأذرعها الناحلة.
المناضد مكسورة بعض أطرافها.
الخزانات مغلقة.
الزهور الصناعية الشاحبة
الأواني. المعاطف. الأغطية
أطر الصور الفارغة
متعلقة بالجدار

لحظة تتصاعد وشوشة الناس في قاعة العرض
حين تشع حروف
(النهاية)
حين تضاء المصابيح ثانية...
من ترى يتذكر؟ أين الوجوه التي ائتلقت ؟
والعيون التي شاهدت كل شيء ؟
وهل غادر الناس أحلامهم وانتهوا؟
وانطوى مهرجان الحياة، كما تتلاشى الظلال
على شاشة خالية ؟
سأل معاوية مجالسيه : (من اسعد الناس ؟ ) ..اجابوا (انت يا امير المؤمنين .. قال : ..تخيل زوجة كحمامة تتحرك في المنزل زاخرة برضا روحي وصفاء ذهن.. تشع انوثة بلا تكلف تنجز مئات الاعمال عن طيب خاطر ..لم يتمكن منها الحزن رغم دموع ..ولا عقد رغم طارئات..عالمها منزل وزوج وطفولة .. زاهدة عن ضجيج الاخرين ..حين مرت القصيدة (بالبيوت البسيطة وما تضم من سعادة خالصة ..ترسخت مفردة .. ( دموع كاذبة .. حرارة الدموع كاذبة .. ما هي الا عطش وجوع )..(كانت نساء الجنود الالمانيات يجمعن الدموع في قوارير صغيرة ويرسلنها للازواج او عشاقهن .. طالت الحرب ..اصبحت بعض النساء ترسل ماء في قارورة م)... بمرور الايام تفقد الرموز دلالتها والمشاعر طزاجتها والاهتمامات قوة تاثيرها وقد تتحول المقدسات الى طقوس رتيبة .قصائده مثل ( من معقل المنسيين ,,, و احتفاء بالاشياء الزائلة )تسلط الضوء على نظرته للجو الاسري الذي يرسخ الاستقرار ويزهر الروح بالسعادة ..لكننا الان امام شاشة غائبة مسخت الى مخزن للامتعة .عليك ان تتخيل مكانة السينما في تلك المرحلة قبل الشاشة الصغيرة الملونة ..وقبل ان تنتشر طرفة شهيرة في العراق (اغلق الشاشة وضع صورة الرئيس فلن تجد فرقا )...لقد كان يحتلها لساعات ...سينمات البصرة ولا فتات دعائية للافلام يتصدرها <تومان> ـ من اصل زنجي ـ يجوب ازقة ام البروم عازفا بالفيفرة بانفه صارخا فجاة ليفزع الصبايا غير المحجبات : (هنا كاري كوبر ).. تخيل بائعي الزبيب وفستق العبيد يتصاعد منه الدخان المتنقلين ينتظرون العائدين من السينما اخر الليل ..تخيل الناعسين و المشردين والجزعين يقتلون الوقت في صالة السينما..اتذكر ايام مراهقتي قصدت احدى صالات العرض ومعي قريبي بنفس عمري وتدفقت الاضواء < رجل و99 أمراة )اظنهم هاربين من سجن .. وبرزت لقطات مثيرة .. فالتفت لقريبي رجل مبتسما (يا اخي هم يلتصقون ما ذنبي انا ؟ ) كان قريبي قد تفاعل ونسي نفسه فامسك الرجل بيديه من الاكتاف ...ما كان يجري في دور السينما يحتاج مجلدات .لكن سينمات البصرة مرت بتحولات : تغيرت اشكالها واسماؤها وانواع عروضها واماكنها وانهكها التراجع حتى انقرضت تماما .. فقد امتد بها العمر لتشهد محكمة <المحرمات>..مستسلمة بعد احتضار طويل لقوة الفناء .
قصائد البريكان تضيء بعضها مثلا < الزهور الصناعية الشاحبة)...تذكرك بقصائد تجريدية (نباتات من الاسفنج ). (مهما اختلف الشعراء المعاصرون في استخدامهم اللغة الشعرية فانهم يجتمعون على هدف واحد وهو بلوغ النظارة والمعاصرة باستعمال قاموس متحرر من تراث الاربعينيات وهم يظهرون ميلا نحو استعمال الكلمات بشكل اكثر مواربة لكنهم يتوقون دقة اكبر في معاني الالفاظ وهم يبحثون عن لغة اكثر حركية قادرة على التعبير عن الوضع الحديث للانسان في الوطن العربي ( الحركات والاتجاهات في حركة الشعر الحديث - سلمى الخضراء الجيوسي - ترجمة عبد الواحد لؤلؤة -بيروت 2007 ص734)
. نحن هنا امام لون من الشعر بسطت فيه المفردات لاقصى ما يمكن ..وهذه <اللغة الاكثر حركية > لم يعد لها مكان هنا .. يذكر التدريسي في جامعة البصرة الدكتور شهاب احمد مترجم شعر البريكان في مقابلة اجراها معه الشاعر حسين عبد اللطيف ((< وكان دقيقا جدا في توخي الدقة حتى في التشكيل الحروفي للآبيات على الصفحة ، وأذكر أنه طلب مني ألا أستخدم مفردة Mass)) كمقابل لكلمة قداس .. في ترجمة عنوان قصيدة ( قداس لشاعر على حافة العالم ) .. وقلت له انني لم استخدم هذه الكلمة وانما استخدمت كلمة أخرى تعود الذاكرة بها إلى إحدى القطع الموسيقية ، ألا وهي
()
((استطيع ان اغرقهم بالمفردات الزاخرة بالمجاز كما يرغبون> ولكني افضل الان المفردات الابسط م)).و عندما كان يحاور د شهاب احمد ابان فترة ترجمته للقصائد رايته يحثه على اختيار المفردات الاكثر دقة , البعيدة عن الايحاء المشوش.نقب في غياب شاشة <النساء الجميلات ... الخزانات مغلقة .. الزهور الصناعية... الأواني. المعاطف. الأغطية....>مفردات تقترب من اللهجة الدارجة ...... لقد توقف تيار الكلمات التي استعملت في قصائده سابقا ..والسؤال لماذا ؟في الشعر العربي ..المتنبي نموذجا ..ترى الصياغات اقل تعقيدا والمفردات اكثر بساطة لديه كلما تقدم به العمر : <يقول لي الطبيب اكلت شيئا .. وداؤك في شرابك والطعام > في البيت التالي ستكتشف قيمة البيت السابق < وَمَا في طِبّهِ أنّي جَوَادٌ.. أضَرَّ بجِسْمِهِ طُولُ الجَمَامِ >لم يكن البريكان مهتما بتلميع الجزئيات في القصيدة ولا بكم من الايحاء المحشور, انه مشغول بنهاية كارثية لكائن جميل اجهزت عليه يد الزوال .. كائن طالما شغل الناس وحلق بخيالهم بعيدا وملأ ذاكرتهم بالعجائب وطور فيهم حب الفضول وفن الاسئلة ..ان وصفا مثل (فَدَقَّتْ،وَجَلَّتْ،واسْبَكَرَّتْ،وأُكْمِلَتْ, فَلَوْ جُنَّ إنْسَانٌ من الحُسْنِ جُنَّتِ) لا يحتاج اليه هنا ..يكفيه مفردة جميلات لوصف النساء ..لا يريد ان يشغل القاريء بالتفاصيل .. وهو في عجالة ليضعه امام السؤال الخطير : (فهل غادر الناس اشياءهم وانطوى مهرجان الحياة .. كثيرا ما استبدلت شخصيا بلا وعي مفردة انطوى ب انتهى ...حين اردد البيت لكن مادة انطوى لا تعني نهاية شيء بل حركة نهايته كالفرق بين صورة ومشهد فديو لها.تفلت القصيدة من قبضة العروض الرتيب حتى لتظهر لاول وهلة غير موزونة..تتنقل ايقاعا بين البحرين المتدارك والخبب.. في قصيدته ( الى الاشغال الشاقة ) لحظت ميولا لدى البريكان الى الايقاع المتزن ..غير المرقص.. واجابني(لا اميل للايقاع السريع..م)..



#كاظم_حسن_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الملّاك .. بستان لاجل قبلة
- اياد في صفيحة الجص قصة
- رغيف الاستقراء قصيدتان
- المدرس.. لا يصمد سر قصة
- فراغهم
- المؤتمر الكروي قصيدة
- ( اللنجات والطيار) قصة
- نظرة للامام مذكرات ج15
- قصيدتان اغتيال قدري
- بسوس حول طير شارد قصة
- نظرة الى الامام مذكرات ج14
- الباص الخشبي قصيدة
- ثلاث قصائد الصيف
- الخفاجية قصة
- الجمعيات بعد السقوط قصة
- سنلتحم قصيدة
- الحي العشوائي قصة
- مقهى
- قصيدتان : طحن الارواح
- البريكان : مجهر على الاسرار وجذور الريادة ج7


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - البريكان : مجهر على الاسرار وجذور الريادة ج8